تسعة
الرئيسية » العناية الذاتية » العناية بالشعر » نمو وسقوط الشعر : كيف يتحكم الإنسان بنمو شعره وفقدانه ؟

نمو وسقوط الشعر : كيف يتحكم الإنسان بنمو شعره وفقدانه ؟

مع تقدم الطب، أصبح الأطباء أكثر فهمًا لطبيعة الشعر، وأصبح التحكم في نمو وسقوط الشعر من الأشياء السهلة نسبيًا، نتعرف معًا على كيفية فعل ذلك بالتفصيل.

نمو وسقوط الشعر

فك رموز نمو وسقوط الشعر لم يعد صعباً للغاية كما بالماضي. لأن العلم المتطور أصبح قادر على معرفة وتحديد والتحكم بالعوامل التي تؤثر على نمو وسقوط الشعر. فأصبح بإمكانه تحديد ما إذا أراد أن نمو الشعر بتلك المنطقة وبأي كثافة، وما إذا أراد أن يسقط الشعر عن المناطق الأخرى وبأي درجة وعلى أي مساحة. لم يعد هناك شيء مستعصي على العلم، والإنسان اليوم يتحكم بما يريد التحكم فيه، وفي هذا المقال سنتكلم عن كيفية التحكم في نمو وسقوط الشعر.

نمو وسقوط الشعر : كيف نتحكم فيهما بمساعدة الطب ؟

معلوماتنا عن شعر الإنسان

الإنسان كما الحيوان، يغطي جسده بالكامل الشعر. الأمر يختلف في كثافته وتوزيعه الغير عادل. بحيث يكون الحيوان يمتلك فروة في كامل جسده وبنفس الكثافة تقريباً. أما الإنسان فيختلف نمو الشعر من منطقة إلى أخرى، مثل الشعر الطويل والكثيف في الرأس والشعر القليل في الأيادي والأرجل وفي منطقة الصدر عند بعض الرجال. وهنا تختلف محبة وتفضيل الإنسان للمناطق حسب كل منطقة، فهو يعتني جداً بشعر رأسه ويصرف الكثير من الأموال في تعزيزه وتقويته، بينما يصرف أيضاً الكثير من الأموال في محاولة سقوط الباقي، خاصة النساء وفيما يختص بالمناطق الحساسية وشعر الوجه.

العلماء يحاولون مساعدة الإنسان في التحكم بنمو وسقوط الشعر كما يريد. لذلك يستخدمون معرفتهم البيولوجية في التغلب على الأمر. العدد الكلي للشعر الموجود على جسم الإنسان يصل إلى خمسة ملايين شعرة. ولكن مع ذلك فقد ينمو منها مئة ألف فقط. فنحن نمتلك بصيلات شعر كثيرة جداً، إلا إن أغلبها يبدأ في الزوال والانقراض من الإنسان الحديث، وهذا ما يميزنا في هذه القضية عن الحيوانات. كل شعرة تنشأ من كيس خاص بها وحدها موجود تحت طبقة الجلد مباشرة. هذا الكيس يحتوي على نفس المواد الدهنية والمغذية والمنشطة أو الكابحة، ولا تختلف في هذا الأمر شعرة عن الأخرى مهما اختلفت المنطقة الجلدية. إنما العامل الذي يحدد نمو وسقوط الشعر هو الهرمونات. الهرمونات هي التي تلعب الدور الأساسي في تحديد ما إذا سينمو الشعر هنا أما لا. لذلك نجد الرجال مشعرين أكثر من النساء، والإنسان الواحد قد يكون أصلع الرأس ولكن الشعر ينمو في مناطق أخرى. وبالطبع الهرمونات تأتي من عوامل وراثية بشكل أساسي، ومن ثم بيئية تابعة لطرق التغذية.

متوسط فقد الإنسان لشعره

في كل يوم يفقد الإنسان ما بين 50 إلى 100 شعرة، وهذا هو المتوسط عبر كامل الجسم، وقد يزيد لأسباب مرضية. تتحول بصيلة الشعر بعد سقوط الشعرة منها إلى فترة راحة وقد تظل هكذا عدة شهور أو أقل. إذاً لا تخاف يا عزيزي لو شاهدت شعرك يسقط بطريقة عادية متوسطة كل يوم، لأنها في الحقيقة مجرد دورة طبيعية للحياة. ولا تتوقع أن الشعرة التي تسقط تخرج واحدة بعدها مباشرة، فأنت لا تلاحظ الفرق لصغر حجم البصيلات وقربهم إلى بعض. ولكن هناك بصيلة شعر جديدة تخرج شعرة جديدة بجانب القديمة، وإن لم يحدث ذلك لأصبحنا مثل الحيوانات لدينا شعر بكامل الجسد.

بعد فترة الراحة وإعادة تهيئ بصلة الشعر لإعادة ومتابعة عملها، بتخزينها ما تحتاجها من مواد تساعدها في عملها. تبدأ مادة منشطة تسمى “LEF1” بالارتباط بمواد أخرى في كيس الشعرة، ضد أوامر مواد أخرى غير معروفة تماماً. وبعدها تبدأ في تنشيط البصيلة لتنزل عن مستواها العلوي الذي اتخذته في فترة الراحة إلى العمق تحت الجلد، وهناك تبدأ بتكوين شعره جديدة، وتنتهي فترة راحتها.

العلماء تحكموا بنمو وسقوط الشعر عند الفئران

باستخدام المادة المنشطة التي تحدثنا عنها سابقاً على فئران التجارب، تمكن العلماء من التحكم التام بنمو وسقوط الشعر في فروة الفأر. تلك المادة المنشطة لم تقف عند حد أنها جعلت بصيلات وأكياس الشعر تخرج عن فترة راحتها وتبدأ بتكوين شعر جديد وقوي. فإنها أيضاً ساعدت على خلق بصيلات شعر جديدة بدلاً عن الميتة أو المتوقفة عن العمل، عند إضافة بعض الهرمونات لمساعدتها على العمل. من المعروف أن بصيلات الشعر توجد في جسد الإنسان منذ الولادة ولا يتم تخليق غيرها من جديد، إلا إن هذه الطريقة غيرت هذا المفهوم وأصبح بالإمكان تحفيز الخلايا لخلق بصيلات جديدة. بهذه التجارب أثبت العلم قدرة على إعادة نمو الشعر المتساقط من الرجل الأصلع تماماً، حتى إن كان السبب موت بصيلات الشعر نفسها.

إذاً ما الذي يوقف العلماء ويجعلهم غير مستعدين لإخراج هذا الدواء المعجزة إلى العالم؟ لأن في الحقيقة يا عزيزي أن مخاطر تلك العملية خطيرة جداً على صحة الإنسان. في الوقت الذي تعمل فيه المواد المنشطة مع الهرمونات لصنع وتخليق بصيلات جديدة أو تنشيط عمل البصيلات الأصلية، فإنها تأمر بذلك الخلايا نفسها على الانقسام الخلوي بشكل غير طبيعي حتى يتم صنع تلك الخلايا الجديدة. وهذا الانقسام يخرج عن التحكم ويصبح سرطاناً لا يتوقف حتى ينتشر بورم كبير بكامل الجلد كله. وكل فئران التجارب التي تمت عليها العملية أصيبت بسرطان الجلد وأنواع أخرى أيضاً. حتى الآن لم يتمكن العلم من التحكم بالانقسام الخلوي بشكل جيد، وحين يخرج عن السيطرة يصبح كارثة أكبر بكثير من مجرد سقوط الشعر في المناطق التي نرغب نحن بوجود الشعر فيها.

كيف يصبح الإنسان أشيب أو أبيض الشعر؟

ما الذي يحدث عند كبار السن حتى يتحول الشعر من أسود أو أياً كان لونه إلى أبيض؟ وهل له ارتباط بقضية نمو وسقوط الشعر؟ في الحقيقة يا عزيزي يوجد بالفعل ارتباط وثيق، لأن الحدث الأساسي المسئول عن بقاء الشعر وعدم سقوطه هو نفسه من يبدأ بعملية المحافظة على لون الشعر. إلا إن الأمر قد يختلف في بعض الحالات البسيطة، فقد تجد امرأة كبيرة في السن شعرها كثيف ولكنه أبيض اللون. في العموم الفكرة كلها تعتمد على الخلايا الجذعية الموجودة في الأكياس الشعرية. فهي التي تحفز بقاء واستمرار عمل الأكياس وتجدد شبابها بمعنى أدق. وهي التي تنتج نوع من الخلايا يسمى “melanocytes” ومهمة هذه الخلايا إنتاج صبغة الشعر حسب ما هو موجود في الجين الوراثي لكل فرد. عندما تقل الخلايا الجذعية أو تموت بفعل السن وتقدم العمر، يقل إنتاج تلك الخلايا ويتوقف تجديد شباب الأكياس الشعرية. فيضعف الشعر ويقل ويتحول إلى الأبيض، وهو ما نسميه “الشيب”.

قد تحدث طفرة جينية بالخلايا عند بعض الشباب، تجعل تلك العملية تتقدم أسرع مما كان من المفترض حدوثه. فيتحول جزء من الشعر أو كله إلى اللون الأبيض، ويسقط منه أجزاء أو يصبح أصلع بالكامل. وتتعمد تلك العملية على الجينات بشكل أساسي. فتتجه شركات الأدوية إلى محاولة السيطرة على الهرمونات والمواد المنشطة الأخرى التي تنفذ تلك العملية، بسبب السوق الواسعة التي تطلب الاهتمام والعناية بالشعر مهما بلغت التكلفة. وأرجوك عزيزي القارئ لا تنخدع بالإعلانات التجارية لأنها إما مزيفة أو إنها لا تعطي النتيجة كما يقال بالضبط، أو إنها تعطي النتيجة ولكن مع مضاعفات خطيرة جداً كما ذكرنا سابقاً، فاحذر منها.

هل يمكن أو يحدث نمو وسقوط الشعر في ليلة وضحاها، أو يتحول فجأة إلى أبيض؟

عليك أن تدرك يا عزيزي أن الشهرة الواحدة تنمو بمقدار سنتيمتر واحد في الشهر كله. وهي خلايا ميتة أي لا يوجد بها أعصاب، فلا يمكنها تتحرك بأوامر من الدماغ ولا أن تتحول إلى أبيض فجأة. وما يحدث أثناء البرد من قشعريرة ووقوف لشعر الجسد، فإن ذلك ليس رد فعل من الشعر نفسه وإنما من الأعصاب الموجودة ببصيلات الشعر داخل الجلد. إذاً فكرة أن نمو وسقوط الشعر في فترة ساعات وجيزة هي فكرة مستحيلة، ولو حدثت فهي عملية غير طبيعية وعلى الإنسان التعرض للإشعاع أو مواد كيميائية حتى يتم ذلك. وذات الأمر ينطبق على ابيضاض الشعر، لأن الشعرة السوداء لن تتحول إلى بيضاء، بل تموت وتسقط ويخرج بدلاً منها واحدة أخرى بيضاء.

إذاً بماذا سنفسر الأحداث الآتية؟

يقال إن ماري أنطوانيت وهي ملكة فرنسية، قد ابيض شعرها فجأة على منصة المقصلة. توماس مور ابيض شعره بالكامل في ليلة واحدة عام 1535. قصة عن فتى في التلمود اليهودي ابيض شعره عندما علم أنه سيمسك منصب ديني. امرأة في ربيع الشباب شاهدت مقتل امرأة أخرى أمام أعينها، وعندما رجعت بيتها وجدت بعض المناطق التي تحتوي على الشعر بخلاف شعر رأسها قد تحولت إلى اللون الأبيض، وهذا بعام 1902 وهي حالة مسجلة بالمجلة الطبية البريطانية.

المشترك الأساسي بين كل تلك الحالات هو تعرضهم لحالات نفسية قاسية وضغط كبير على الأعصاب وتوتر رهيب. فلم يحدث ابيضاض للشعر أو نمو وسقوط الشعر فجأة، وإنما هي خدعة من الجهاز المناعي. في وقت الضغط الرهيب يدافع الجهاز المناعي تجاه ما يؤذيه ويحاول أن يفقد كل ما يظن أنه سيضره بما في ذلك شعر الأسود، أو بمعنى أدق ما يحتوي على صبغة. والإنسان في الأصل يمتلك مجموعة من الشعر الأسود والأبيض وعندما يسقط الأسود كلها سيتبقى الأبيض فقط. إذاً لم يتحول الأسود إلى أبيض بل سقط الأسود بأمر من الجهاز المناعي. ولأن الأمر غريب ومربك لم يلاحظ أحد في كل هذه الحوادث أن الشعر نفسه قل عن الأول. والجهاز المناعي وحده قادر على إسقاط الشعر في الحلات العصبية الشديدة بهذا الشكل في بضعة ساعات فقط. تسمى تلك الحالة مرض “alopecia areata” ويمكن أن تحدث في كامل الجسم أو في منطقة معينة فقط. لذلك أي اختلال في المنظومة المناعية أو في حالات التوتر المستمر، تؤثر سلباً على الشعر على المدى الطويل.

اختلاف نمو وسقوط الشعر عند الرجال والنساء

نمو وسقوط الشعر يختلف جداً ما إذا كان المرء رجلاً أم امرأة. وهذا بالطبع ناتج عن اختلاف الهرمونات ونسبتهم عند كل واحد. بمعنى أن هرمون التستوستيرون عند الرجال هو السبب الأساسي في تقليص فترة نمو الشعر. وبما إن النساء تمتلك منه كمية أقل فينمو شعرهن بشكل أفضل وأطول ويستمر أكثر. أما في كل الأحوال فالنساء والرجال يمتلكون نوع من أنواع الصلع ولكنه يظهر بشكل مختلف وفي فترة مختلفة. وأكثر نوع مشهور هوandrogen alopecia ويصيب كلا الطرفين، ولكنه مشهور أكثر عند الرجال وبشكل وراثي. ويصاب حوالي 50% من الرجال بهذا النوع أو بأنواع أخرى. ويبدأ سقوط الشعر عند الرجال من جانبي الجبهة ويتقدم إلى الوراء، أما النساء يبدأ عندهن سقوط الشعر من المنتصف وينتشر في كل الاتجاهات.

في الأخير يا عزيزي عليك أن تدرك أن نمو وسقوط الشعر عملية معقدة وتتداخل فيها عوامل كثيرة، خاصة فيما يخص السقوط. لذلك حاول التعرف على مشكلتك الأساسية إن كنت مما يعانون من سقوط الشعر بشكل مفرط، لتعلم كيف تعالج الأمر إن كان له علاج. والأفضل أن تستعين بمختص أو طبيب جلدية، ولا تحاول تجربة أي شيء لا تعلم مخاطره.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

17 − 1 =