تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » منوعات » كيف أثرت نظرية قلب العالم على سياسة القرن العشرين؟

كيف أثرت نظرية قلب العالم على سياسة القرن العشرين؟

نظرية قلب العالم هي نظرية سياسية صاغها العالم البريطاني هالفورد جون ماكندر في مطلع القرن العشرين، تنص النظرية على أن للعالم قلب ومن يستطيع السيطرة عليه يسيطر على العالم، فكيف أثرت هذه النظرية على السياسة في العالم؟

نظرية قلب العالم

نظرية قلب العالم هي نظرية سياسية وضعها العالم البريطاني جون ماكندر في أحد كتبه، وحملت هذه النظرية طرق للسيطرة على العالم، أوضح ماكندر في نظريتها أن للعالم قلب ومن يستطيع السيطرة على هذا القلب يمكنه من السيطرة على العالم، وفرق بين القوى الموجودة في العالم كقوى برية وقوى بحرية، وكان هدفه الأساسي من وضع هذه النظرية هو تنبيه المملكة البريطانية من حملات التوسع الروسية في منطقة الخليج العربي، وأهمية أوروبا الشرقية التي تعتبر مفتاح للسيطرة على قلب العالم، في هذا الموضوع نتحدث عن مضمون هذه النظرية التي أثرت على سياسات الدول في القرن العشرين خصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية.

نظرية ماكندر

نظرية ماكندر أو قلب العالم أو كما تعرف أيضًا بنظرية الهارت لاند، هي نظرية أسسها عالم الجغرافيا والسياسة البريطاني هالفورد جون ماكندر في عام 1904، وكان أول ظهور لهذه النظرية في كتابه المعرف المحور الجغرافي للتاريخ، في نظرية قلب العالم يعتبر ماكندر أن التاريخ الإنساني موجود في صراع مستمر منذ بداية التاريخ للسيطرة على العالم، وأن للعالم قلب من يستطيع التحكم والسيطرة عليه يستطيع التحكم في العالك أجمع، ويعتبر ماكندر الصراع المعروف بأنه صراع بين القوى البحرية والقوى البرية في العالم، وإذا تمكنت قوى من السيطرة على العالم فهي بذلك تهزم القوى المضادة.

وقد قام هالفورد بصيغة النظرية ليكشف للمملكة البريطانية خطورة التوسع الروسي الذي يحدث في منطقة الخليج العربي، وفسر تلك السيطرة الروسية في هذه المنطقة برغبة روسيا في هزيمة القوى البحرية البريطانية الموجودة في نفس المنطقة، ولهذا على الحكومة البريطانية مواجهة هذا التوسع لتجنب المخاطر التي من الممكن أن يتسبب فيها، ومن أهمها فقدان السيطرة على القوى المساحة البحرية في هذه المنطقة، وهو ما يفسر صراع القوى البرية والبحرية المذكور في النظرية.

مسلمات نظرية قلب العالم

تقوم نظرية قلب العالم على عدد من المسلمات، هذه المسلمات معظمها حقائق جغرافيا عن العالم، وتأتي هذه المسلمات كما يلي:

  • الماء على كوكب الأرض يشكل ثلاث أرباع الكوكب وتشغل اليابسة الربع الأخير.
  • القوى البحرية الموجودة في العالم لن تتمكن من مواجهة أي قوى برية بسبب سيطرة القوى البرية على أطراف اليابسة الموجودة في العالم.
  • تشكل قارات العالم القديم آسيا وإفريقيا وأوروبا كتلة واحدة ضخمة تعرف باسم أورسيا، تشغل هذه الكتلة حوالى ثلث مساحة الكوكب، ويقطنها معظم سكان العالم، ومن يستطيع التغلب على القوى الموجودة به والسيطرة عليها يمكنه السيطرة على العالم.
  • القوى البرية التي تمتلك إمكانيات قوية وموارد أكثر يمكنها السيطرة على أي جزء في العالم.
  • أي دولة تستطيع التحكم و السيطرة على قلب العالم، سوف تصبح هي القوة الحاكمة للعالم، وستكسب الأمان الكافي ضد أي هجوم، وهذا ما سوف يتيح فرص أكبر في العمل والإنتاج واستغلال جميع الموارد المتاحة، وهذا بدوره سيجعلها الدولة المتقدمة في جميع المجالات الممكنة، الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية.

ماهية قلب العالم

يذكر ماكندر في نظريتها توضيحًا عن قلب العالم ، ويقول ماكندر أن قلب العالم يمتد من جبال الهيمالايا وحتي محيط الجليد الشمالي ومن نهر الفولجا وحتى نهر اليانغتسي، ويضم قلب العالم جزء كبير من قارة آسيا وربع القارة الأوروبية، وأهم ما يميز هذه المنطقة هي كونها سهل كبير واسع يحيط به الأنهار والجبال، تستخدم هذه الجبال والأنهار كحاجز طبيعية في حال الغزو. ولهذا يعد قلب العالم هو قلعة كبيرة حصينة ضد أي غزو إلا من ناحية الغرب.

وقد أوضح ماكندر في نظرية أن القوى التي ستتمكن من السيطرة على جزيرة العالم هي قوى أكبر بكثير من قوى دولة واحدة، فبالسيطرة على جزيرة قلب العالم سوف يتحكم المسيطرون عليها في تقريبًا ثلثي مساحة الكوكب ومعظم السكان الموجودين عليه.

كيف يتم السيطرة على قلب العالم ؟

كما أوضحنا أن هالفورد لم يصدق في مقدرة قوة سياسية واحدة في السيطرة على قلب العالم وذلك كما أوضح لعدد من الأسباب، الأول، الحماية الطبيعية الموجودة حول قلب العالم، حيث أن قلب العالم محاطة بقوى بحرية تتمثل في الجليد من الشمال والجبال من الجنوب، السبب الثاني، محاولات غزو قلب العالم من ناحية الشرق أو الغرب هي محاولات فاشلة تمامًا، وهي بسبب عدم وجود وسائل النقل المناسبة من هذه الاتجاهات وهذا مل لم يضمن سرعة وصول الإمدادات والجنود.

وكما توضح النظرية أن أهم جزء في عملية السيطرة على العالم هو السيطرة على قلبه، فقد قام هالفورد بصياغة طرق للسيطرة على العالم، هذه الطرق هي:

  • الطريقة الأولي، وهي أن تقوم روسيا أو اليابان بغزو الصين والسيطرة عليها وبهذا سوف تصبح هذه المنطقة قوة بحرية كبيرة وخطيرة للغاية يمكنها التغلب على جميع القوى البحرية الأخرى الموجودة في العالم وبالتالي سوف تتمكن من السيطرة على قلب العالم.
  • الطريقة الثانية، حدوث تحالف بين كل من روسيا وألمانيا، سيكون هذا التحالف قوة قارية كبيرة تستطيع التحكم في أوروبا، وبالتالي يمكنها السيطرة على قلب العالم ومن ثم السيطرة على باقية العالم.
  • الطريقة الأخيرة، نجاح أحد الدول في السيطرة على روسيا وبالتالي التحكم في أوروبا الشرقية، تستطيع هذه الأمة بعد ذلك في التحكم في المنطقة الممتدة من شرق أوروبا وحتى أورسيا وبالتالي التحكم في قلب العالم والسيطرة على جميع القوى الموجودة في العالم بعد ذلك.

كيف أثرت نظرية قلب العالم على السياسة في القرن العشرين؟

كان نجاح روسيا أو ألمانيا في السيطرة على شرق أوروبا خطر كبير على نفوذ الحكومة البريطانية في العالم، السبب الذي وضع ماكندر من أجله هذه النظرية، لتنبيه الحكومة البريطانية من هذا الخطر وضرورة عدم الاكتفاء بالقوى البحرية فقط، وأهمية وجود قوى برية كذلك تستطيع مواجهة هذا التوسع المتوقع من روسيا أو ألمانيا.

فإذا نجحت روسيا في السيطرة على شرق أوروبا فهذا يعني سيطرة روسيا على قلب العالم وبالتالي السيطرة على العالم، وهذا سيحول بريطانيا إلى مجرد مملكة تحت سيطرة قوة أكبر تتحكم في العالم، واعتماد المملكة البريطانية على قوتها البحرية الكبيرة لعمل اتزان بين القوى في أوروبا المتمثلة في فرنسا وألمانيا ومنع سيطرة إحداهما على القارة الأوروبية بسط نفوذها بشكل واضح، ولكن مع ظهور نظرية قلب العالم ظهر خطر أكبر متمثل في روسيا ورغبتها الكبيرة في التوسع والسيطرة على شرق أوروبا.

وقد حاول هالفورد ماكندر بعد حضوره مؤتمر الصلح في باريس عام 1919، أن ينبه القوى الأوروبية على أهمية أوروبا الشرقية الكبري التي بالسيطرة عليها يمكن السيطرة على قلب العالم ومن ثم السيطرة على جزيرة العالم وفي النهاية السيطرة على العالم كله، ونبه أيضًا بضرورة وضع حد فاصل بين روسيا وألمانيا وهذا لمنع وصول الثورة الروسية البلشفية إلى أوروبا، ومع ذلك لم تنجح مساعي ماكندر حيث كانت بداية الحرب العالمية الثانية في عام 1939، وبعد انتهاء هذه الحرب، استندت الحكومة الأمريكية إلى نظرية قلب العالم أثناء الحرب الباردة مع روسيا.

حسام سعيد

طالب بكلية الهندسة، أحب القراءة بمختلف أنواعها، وكذلك الكتابة الأدبية والعلمية.

أضف تعليق

ستة عشر − 6 =