تسعة
الرئيسية » دين » كيف حدث نزول آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض؟

كيف حدث نزول آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض؟

نعرف جميعًا عن سيدنا آدم –عليه السلام- أنه أول بشري خلقه الله –عز وجل- حتى يعمر الأرض، وعن طريقه توالت الأجيال حتى يومنا هذا، ولكن قبل نزول آدم إلى الأرض حدثت الكثير من الأمور، وفي هذا المقال سنتعرف على سبب نزول آدم إلى الأرض.

نزول آدم

إن نزول آدم –عليه السلام- إلى الأرض كان بداية كل شيء بالنسبة لنا، ربما نتمنى جميعًا أن آدم لو لم يُنزله الله –عز وجل- إلى الأرض لكنا جميعًا في الجنة الآن، ولكن عند النظر في قصة سيدنا آدم –عليه السلام- ونزوله إلى الأرض سنعرف جميعًا أن أمر وجودنا على الأرض كان مقدرًا أصلًا، كما أن كل شيء في الكون صغيرًا، أو كبيرًا، أحطنا به علمًا أو لم نحط، قد خلقه الله –عز وجل- بقدر، وأن سيدنا آدم –عليه السلام- يعكس طبيعة النفس البشرية التي أرادنا الله أن نتعرف عليها في طريقنا نحو التعرف إلى أنفسنا، كما أن قصة نزول آدم –عليه السلام- من الجنة إلى الأرض تدفعنا للتفكير في قضية هل نحن مخيرون أو مسيرون؟. وفي هذا المقال سنحاول التعرف على قصة نزول آدم من الجنة إلى الأرض، والتطرق إلى ما حول ذلك من قضايا.

من هو آدم –عليه السلام-؟

هو نبي الله آدم –عليه السلام-، أبو البشر، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له، وعلمه أسماء الأشياء، وأسكنه الجنة، وزوجه من حواء، ولكن الذنب الذي ارتكبه آدم وحواء وخالفا به أوامر الله –عز وجل- كان سببًا في تركهما للجنة، ونزولهما إلى الأرض، وبدء حياتهما عليها، وتعميرها. وفي الأسطر القادمة سنتعرف على قصة نزول آدم وحواء من الجنة إلى الأرض ببعضٍ من التفصيل.

لماذا خلق الله آدم –عليه السلام-؟

إن قصة نزول آدم –عليه السلام- جاءت مفصلة في القرآن الكريم في الكثير من السور القرآنية، ويجب علينا كبشر أن ندرك أن لا شيء يفعله الله، أو يأمرنا به، أو ينهانا عنه، إلا وله سبب ما، علمنا به، أو لم نعلم، وأن التعمق في تلك الأمور قد يتسبب في وصول المرء إلى عواقب وخيمة، ولأن الإيمان في الإسلام معناه الإذعان والاستسلام لله، ولقضائه وقدره؛ فليس مطلوبًا منا أن نعرف أكثر مما عرَّفنا عليه الله –عز وجل-، وهذا ينافي بالطبع أصحاب المناهج العقلية.

الرد الإلهي على هذا السؤال

وبالنظر إلى ما جاء في آيات كتاب الله –عز وجل- سنجد أن الله أخبر الملائكة بأنه سيجعل في الأرض خليفة، وكان إخبار الله –عز وجل- للملائكة على سبيل التنوية، كالإخبار بالأمر العظيم قبل أن يحدث، فسألته الملائكة على سبيل الاستعلام عن الحكمة من هذا الأمر، وليس على وجه الاعتراض على ما يقوله الله كما يزعم البعض، كما أنهم أقرنوا استفهامهم بأن من سيسكن الأرض سيفسدها، وهذا الأمر فيه الكثير من الأقاويل، فكيف عرف الملائكة أن من سيسكن الأرض سوف يفسدها ويسفك فيها الدماء؟ فقيل أن استنتاجهم هذا بسبب ما رأوه ممن سكن الأرض من قبل. أو قد يكون بسبب معرفتهم أن الأرض قد خلقها الله –عز وجل- في الأصل ليحدث فيها مثل هذا الأمر، أو لا يسكن فيها إلا من كان بهذه الصفات -وهذا ليس محل حديثنا-، ولكن الله أجابهم أنه يعلم وهم لا يعلمون: أي يعلم المصلحة التي من أجلها خلق من يسكن في الأرض، وتلك ليست إجابة للملائكة فقط، بل لنا أيضًا، وتعد إجابة على الكثير من التساؤلات التي لا نجد لها إجابة واضحة، أن الله يعلم ونحن لا نعلم، فخلقنا، و نزول آدم –عليه السلام- للأرض كان لحكمة لا يعلمها إلا الله.

كيف خلق الله –عز وجل- آدم –عليه السلام-؟

قد جاء القرآن الكريم، والسنة النبوية لتوضحان كيف خلق الله آدم –عليه السلام-، ومن بعده البشر، ولكن خلق آدم وحواء جاء مختلفًا عما جاء به سائر البشر، فقد خلق الله –عز وجل- آدم –عليه السلام- بيده الكريمة، من تراب، ثم صيره طينًا، ونفخ فيه من روحه، وهذا من التشريفات التي شرف الله –عز وجل- بها آدم عن سائر الخلق، وقد قيل أنه سمي آدم لأنه خُلق من أديم الأرض الذي هو التراب، وهناك الأحاديث التي توضح أن الله قبض قبضة من جميع الأرض، وهذا يفسر مجيء البشر على أصناف منهم الأبيض والأسود والأحمر، وغير ذلك، وخلقه الله بيده، وكان عبارة عن جسدٍ من طين لمدة أربعين سنة، فلما جاء الحين الذي أراد الله أن ينفخ فيه الروح، فدخلت الروح في رأسه فعطس، وعندما جاءت الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، وعندما جاءت في جوفه، اشتهاها، فذهب إليها قبل أن تبلغ الروح قدمه، وهذا يفسر ما جاء به القرآن أن الإنسان خلق من عجل.

كيف خلق الله –عز وجل- حواء؟

أما خلق حواء فهناك اختلاف إذا ما كان قد خلقها الله قبل دخول آدم الجنة، أو بعد دخوله الجنة، وهذا ليس موضوع حديثنا، ولكن ورد عن قول بعض الصحابة أن آدم شعر بوحشة عندما كان وحيدًا في الجنة، ونام مرة، وعندما استيقظ وجد امرأة خلقها الله من ضلعه، فعندما سألها من تكون، قالت أنها امرأة، وعندما سألها عن سبب خلقها، قالت حتى يسكن آدم إليها، وحينها سألته الملائكة عن اسمها، حتى يختبرون ما يصل إليه علمه من الأسماء، فقال: حواء، وعندما سألوه عن السبب، قال لأنها خلقت من شيء حي، ولا أدري حقيقةً أهذا الكلام صحيح أو لا، لأن هذا الكلام قد ورد عن صحابة، وليس عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ولكن الذي نصت عليه الآيات والأحاديث، أن الله خلقنا جميعًا من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، أي خلق حواء من آدم، وخلقها حتى يسكن آدم إليها، وفي الأحاديث، فقد خلقت حواء من ضلع أعوج.

كيف شرَّف الله آدم -عليه السلام- عن سائر المخلوقات؟

هناك أربع تشريفات شرف الله بها آدم –عليه السلام- عن سائر المخلوقات، حيث خلقه بيده الكريمة، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له، وعلَّمه أسماء كل شي.

سجود الملائكة لآدم –عليه السلام-، ولعنة إبليس

عندما خلق الله –عز وجل- آدم –عليه السلام- أمر الملائكة بالسجود له، وكانت هذه من التشريفات التي شرف الله بها آدم عليها السلام –كما ذكرنا من قبل-، إلا أن إبليس خرج عن طاعة الله عمدًا، وعنادًا، واستكبارًا، وقيل لأنه مخلوق من النار، فلم يكن إبليس من الملائكة، وهناك كثير من الأقاويل والاجتهادات في هذا الأمر، فقيل أن إبليس كان كان من الجن الذين أفسدوا الأرض، فبعث الله جندًا من الملائكة حتى يقتلوهم، ويأسروهم، وكان إبليس ممن أُسروا، وقيل أن إبليس كان رئيس الملائكة في السماء الدنيا، وقيل أنه قد مسخه الله شيطانًا رجيمًا حين عصى أمره، وكلها أقاويل لا أعرف مدى صحتها حقيقةً، ولكن الوارد عندنا في القرآن الكريم والسنة النبوية أن إبليس مخلوق من النار، وقد رفض أن يسجد لآدم، ظانًّا منه أنه خير منه، فلعنه الله –عز وجل- وأخرجه من الجنة، إلا أن إبليس توعد لبني آدم أن يغويهم، وأن يقعد لهم بالمرصاد، إلى أن يأتي يوم القيامة، ويأتي بهم جميعًا إلى النار، إلا من يتمسك بما أمر الله من عباده.

آدم وحواء يسكنان الجنة

وقد أمر الله -عز وجل- آدم وحواء أن يسكنان الجنة، ولكن هناك خلاف جاءت به الآية التي قال فيها الله لآدم وزوجه أن يسكنان الجنة، وهذا الخلاف حول وقت خلق آدم، فالآية يستدل بها أن خلق حواء قبل أن يدخل آدم الجنة، حيث أن مخاطبة الله –عز وجل- لآدم وحواء حين أمرهما بدخولها، والرأي الآخر يقول أنها خلقت منه في الجنة، وهذا خلاف لا دخل لنا به هنا، ولكن الأصل فيما نقول أن الله أدخلهما الجنة، يتمتعان فيها بما يشاءان، ولكنه نهاهما عن الأكل من شجرة معينة، ولكن الشيطان وسوس لهما، وأخذ يزين لهما تلك الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، وقد نجح الشيطان في إغوائهما، حيث أكل آدم وحواء من الشجرة، ولا أعرف حقيقة القول الذي يقول بأن حواء هي من حرضت آدم على الأكل من الشجرة، وأنها السبب في نزول آدم من الجنة، وهذا كان سبب نزول آدم وحواء من الجنة، حيث أمرهما الله أن يهبطوا من الجنة إلى الأرض.

نزول آدم وحواء الأرض

قد عصى آدم وحواء أمر الله، ولهذا فقد كان عقابهما النزول إلى الأرض، ولكن قبل نزولهما الأرض قد استغفروا الله لذنبهم، وغفر الله لهم، وهو الغفور الرحيم، وهكذا فقد بدأت حياة البشر على الأرض منذ نزول آدم حتى يأذن الله.

نزول آدم في الهند

هناك الكثير من الآراء في نزول آدم للأرض، في أي مكانٍ كان النزول؟، فقيل أن نزول آدم كان في “دحنا” وهو مكان بين مكة والطائف، وقيل قد كان نزوله في الهند، وكان نزول حواء في جدة، ونزول إبليس في دستميان في البصرة، وقيل أن نزول آدم كان في الهند، ونزل معه الحجر الأسود، وقيل أن نزوله كان في الصفا، وحواء بالمروة، وغيرها من الآراء في أمر نزول آدم من الجنة إلى الأرض

احتجاج آدم وموسى –عليهما السلام-

ربما قد أتى في عقلك يومًا أن آدم كان سببًا في خروجنا جميعًا من الجنة، وجعلنا نعاني ما نعانيه في الأرض، وهذا بالفعل ما جاء في عقل نبي الله –موسى عليه السلام- حينما جاء في حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن موسى قال لآدم أنه كان سببًا في إخراج الناس من الجنة، وكان سببًا في شقائهم، ولكن آدم –عليه السلام- كان له الرد الذي حاج به موسى –عليه السلام-، إذ قال له كيف تلومني على أمر قد كتبه الله عليه قبل أن يخلقه؟، وهذا يرجع بنا في الأصل إلى الآيات التي أخبر الله فيها ملائكته أنه سيجعل في الأرض خليفة له، وكان هذا قبل خلق آدم، أي أن نزول آدم من الجنة إلى الأرض كان أمر حتمي.

هل نحن مخيرون أو مسيرون؟

إن أمر نزول آدم من الجنة وحتميته السابقة قبل خلقه يجعلنا نفكر في نقطة هل نحن مسيرون أو مخيرون؟ فإن كنا مخيرين في الأصل فكيف هذا وأن الله من حدد أقدارنا وكتبها؟ كما حدد مصير آدم وكتبه من قبل، إلا أن هذا الموضوع شائك جدًا، ويحتاج الخوض فيه إلى قدر من العلم كبير، ولكن يجب أن نوقن دائمًا أن الله –عز وجل- هو الحق العدل، الذي يلا يظلم عباده أبدًا، وأنه كما قال في كتابه، فإن ما نفعله من خير فمن الله، وما نفعله من شر فمن أنفسنا، وأن الله قد رزقنا عقلًا نفكر فيه، ونحدد الخير والشر، ونختار الطريق الذي نريد أن نسلكها.

عمر نبي الله آدم –عليه السلام-

ورد في حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن الله-عز وجل- عندما خلق آدم –عليه السلام- ونفخ فيه الروح، وبسط له ذريته، وكان كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه، إلا أن آدم لاحظ أن أضوءهم كان عمره ستين عامًا فقط، وكان هذا نبي الله داوود –عليه السلام-، فطلب آدم من الله أن يزده في عمره، فأخبره الله أن هذا ما كتب له، أو أخبره أن تلك الزيادة ستكون من عمره، فأراد آدم أن يزده من عمره أربعين عامًا، ليتم المئة، وحينها كتب الله ذلك على آدم، وأشهد عليه الملائكة، وكان العمر الأصلي لآدم ألف سنة. وحينما احتضر آدم، وأتته الملائكة كي تقبض روحه قال إن له أربعون عامًا باقية، فقالت له الملائكة أنه قد وهبها لداوود، ولكن آدم قال لم يفعل، وكان بذلك أول من جحد، وقد أتمها الله –عز وجل- لداوود مئة، ولآدم ألف.

وفاة نبي الله آدم –عليه السلام-

قد أختلف في الموضع الذي دفن فيه آدم، فقيل دفن عند الجبل الذي أهبط فيه في الهند، وقيل دفن بجبل أبي قبيس في مكة، وغيرها من الأقوال في هذا الأمر، والله أعلم بصحتها، وقيل أنه لما مات بكت عليه الخلائق سبعة أيام.

ما الذي نستفيد منه من قصة نزول آدم ؟

توجد العديد من الأمور التي نستفيد منها من قصة خلق ونزول آدم وحواء من الجنة، ففي البداية يجب أن نوقن أن الرد على أغلب الأسئلة التي لا نجد لها ردًا، أنها لحكمة لا يعلمها إلا الله، ولسنا مطالبين بمعرفتها، أو إعمال العقل فيها، هكذا خلق الله –عز وجل- الإنسان وأنزله الأرض:

  1. أن كل شيء يحدث لنا قد كتبه الله، ويعلمه، ومع هذا فنحن مخيرون في أقدارنا.
  2. أن الشيطان يقعد للإنسان في كل مرصد، وهذا ما وعد به الله أن يحاول أن يُدخل بني آدم النار، وستظل محاولاته قائمة إلى يوم يبعث الله فيه عباده، وسيظل عدونا إلى يوم القيامة.
  3. أن الخطأ من طبيعة الإنسان، وأن تلك الخطيئة التي فعلها آدم وحواء، والتي كانت سببًا في نزولهما من الجنة، ما هي إلا تبيان أن الإنسان قد يخطئ،، فهو أمرٌ وارد، بل إن الإنسان كثير الخطأ، فهذا آدم كان في حضرة الله، ورأى جنته، ومع ذلك فقد عصى ربه، فما بالك بنا نحن؟
  4. على الرغم من عصيان الإنسان، وكثرة أخطائه، إلا أن الله يقبل توبة عباده، ويعفو عنهم، مهما عظم الخطأ، ومهما تكرر، فرحمة الله وسعت كل شيء، الحمد لله.
  5. إن الدنيا دار بلاء، وليست مكانًا يمكن للإنسان أن يعيشه دون كدر، أو كبد، إلا أن الله قد بين لنا منهاجًا قويمًا إن سلكناه نجونا من عقابٍ في الآخرة، وهذا هو دين الإسلام، الذي قد وضح الله فيه كيفية التعامل مع كل شيء في هذه الحياة، قد رسم لنا طريقة التعامل مع أدق التفاصيل، والتي مهما تقدمت بنا الحياة، سنجد في دين الإسلام حلًا، فهو ليس دين لزمان معين، فهو لكل وقت وحين، ومن عرف الله، فقد فاز. نسأل الله لنا ولكم السلامة، وأن يتقبلنا في الصالحين. آمين.

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

ثمانية عشر − خمسة عشر =