تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » كيف يحدث مرض البارانويا أو جنون الارتياب وهل له علاج؟

كيف يحدث مرض البارانويا أو جنون الارتياب وهل له علاج؟

كثيرُ ما نسمع عن الأمراض النفسية، بل يوجد البعض بيننا يعانون منها ونحن لا ندرك، فهناك مرض البارانويا ، أو ما يسمى بجنون الارتياب، فهو جنون نعم، لكن ليس بالمعنى الحرفي، فمرض البارانويا مرض نفسي، وذو انعكاس سلبي على حامله.

مرض البارانويا

مرض البارانويا نوع من أنواع الجنون، فنحن نسمع عن ما يسمى بجنون العظمة، وهذا النوع يُصاب به الكثير من الأفراد على مستوى العالم، كما توجد أنواع أخرى للبارانويا، ولكل نوع سماته الخاصة، كما تختلف الأعراض من شخص لآخر، من حيث قوة وضعف المرض، ومن حيث نفسية المريض، وما يتعرّض له، كما الأسباب أيضًا، والتي أدت إلى تمكن هذا المرض الصعب من عقله، فالأمراض النفسية عمومًا، لها تأثير قوي بالسلب، وإن شُفِي منها المريض، يبق له أثر سيء منها، فلا يتحتم الشفاء التام له، فيجب محاولة إدراك هذه الحقيقة، كما بالضرورة يتم التعامل معها بشكل صحيح، وبطرق متقدمة، ولا سيما انتشار هذا النوع من المرض، على مستوى عالمي، ويُصاب به المشاهير قبل الأناس العاديين، فهناك الكثير من سمعنا عنهم بعد ذلك، من أصحاب هذا المرض، لذلك يجدر بنا التعرف على مرض البارانويا ، وأسبابه، وهل له علاج يمكن إنهائه، وكيفية التعامل مع المريض.

مرض البارانويا النفسي

مرض البارانويا مرض البارانويا النفسي

مرض البارانويا، مرض نفسي معقّد، وكما يسمى بجنون الارتياب، أيضًا يسمى بجنون الهذاء، لأنه عبارة عن إصابة في منطقة الوهم والاعتقاد، بمعنى يعاني المريض بالاعتقاد أنه مميز وعبقريّ، لذا فهو مضطهد كونه كذلك، ويقتنع اقتناعًا تامًا بذلك، ومن ثَم، تتمركز الأفكار الجنونية في عقله، والأوهام العقائدية، مع الهذيان والمعتقدات الخاطئة عن نفسه، والتي يترجمها من وحي خياله المريض، ثم بالضرورة ينعكس ذلك على الآخرين، لأنه يبدو كشخص طبيعي ومنطقي، وأثناء حديثه مع الآخرين، تجده منتظم في أفكاره وكلامه، لكن مع اعتقاده أنه شخص عبقري ومهم، وأنهم يغارون منه، ويقومون باضطهاده. فالتطور النفسي لهذا المرض، يتشكّل ويتطور ببطء، وبعد ذلك يصبح المريض أكثر تعقيدًا، إذ يبني معتقداته الخاطئة بعد ذلك على أسس منطقية، ولا يعترف أبدًا أنه كذلك، كما أنّ المريض غير مُلاحَظ مرضه، فلا يعرف بحقيقة مرضه إلا المقربون فقط، بالإضافة إلى عند مواجهته إياه به، يستنكر بل وتزداد حالته سوء بعد المواجهة، فسوف نوضح بعد ذلك كيفية التعامل معه.

أعراض مرض البارانويا

مريض البارانويا شخص مبالِغ في ردود فعله، وإن أظهر أنه طبيعي، فتجده دائم الشك ويشعر بالريبة، وكثير العناد، غير أنه في نفسه معتقدًا باضطهاده من قبلك، فهو دائم الاعتقاد بخداع الآخرين له، وأنهم سيوقعون به، ويكيدون المصائب له، بالإضافة إلى حبه لذاته، وشعوره بالعظمة بطريقة مبَالغ فيها، كما تلاحظه دائم الخوف، من حيث أنه لا يعطيك الأمان أبدًا، بل يحتاط منك، فلا يعطيك معلومات شخصية عنه، اعتقادًا منه أنك سوف تستخدمها ضده بعد ذلك، كما أنه شخص سيء النية بشكل واضح، وفي إحساس مستمر بالاضطهاد من ناحيتك، فتراه دائم الشك فيما تقدمه إليه، وقد يتطور الأمر إلى هلوسة سمعية أو بصرية، فيعني ذلك، أنّ المريض يرى كل من أمامه يتآمرون ضده، ويفسر رد فعلهم أنه ضده، بالرغم أنّ ذلك غير صحيح، فيتطور معه الأمر إلى كونه يرى أشياء لا تحدث، أو كأنه يسمع كذلك ما يفسره خياله فقط، ويؤكده له الوهم الاعتقادي، كما يتطور مع بعضهم أنّ ما يُعرَض في التلفاز، يخاطبهم لشخصهم.

أسباب حدوث مرض البارانويا

هناك بالطبع ما جعل مثل هذا المرض، أن يتمكن في البعض، فنرى أن الشخص المصاب بالبارانويا، قد تعرّض للعديد من مآسي الحياة، وكثير من الضغط الشديد، أو العنف القوي من قبل المحيطين به، خاصة في مرحلة الطفولة، فيساعد في ذلك، البيئة الخارجية والداخلية المحيطة به، مما يؤدي ذلك إلى العزلة والانطواء، وتجنب الناس، ومن ضمن الأسباب، الاكتئاب والقلق الشديد، فيبدأ المريض بتفسير نوايا الآخرين بشكل سيء، بالإضافة إلى وجود اضطراب في الشخصية نفسها، مما أثر على نموها بشكل غير طبيعي، فعند الكبر، يظهر ويتمكّن من الشخص، وهناك دافع الشعور بالصراع الداخلي النفسي، والذي يؤدي إلى الارتياب والارتباك الشديد جهة نفسه، ما بين حب ما يفعله، وما بين ما يجب عليه فعله، فيولد ذلك الشك والرهبة والخوف، ومن عوامل ظهور المرض، النوم السيئ، والأرق الشديد، فيحفّز ذلك الإحساس بعدم الأمان والاستقرار، كما الشعور بالتعب الشديد والضغط العصبي، وهناك أشخاص لديهم مشاكل جسدية، مما يزيد الإصابة بالبارانويا، لانعدام الثقة بالنفس، والعيش بطريقة مؤلمة، فكل ما سبق يصيب الشخص بجنون العظمة وحب الذات، والشعور بالاضطهاد.

أنواع مرض البارانويا

تختلف أنواع المرض من حيث الشخص، فلا تجتمع جميع الأنواع في شخص واحد كما الأعراض، فهناك بارانويا العظمة، وأكثر المصابين بها من المشاهير، فهم أناس تعرضوا لكثير من الأذى في حياتهم، أو سخر منهم البعض، فبالتالي يصابون بجنون العظمة، ويفتخرون بعد ذلك بحب ذاتهم، وهناك نوع آخر، وهو بارانويا الاضطهاد، فترى الشخص يقتنع أنه مضطهد من قبل الآخرين، وهناك نوع يسمى بارانويا التوهم، وهو نوع يتخيل فيه الشخص بأنه مريض، وقد يصل به الحال، وينتهي بالوفاة، وذلك لأن فكرة المرض تمكنت منه، وتلازمت معه، فتارة يتوهم بأنه يشعر بالألم في جهة معينة من جسمه، أو أنه مصاب بمرض خطير، وتارة يتخيل نفسه في المشفى، وحالته خطيرة جدًا، فيتسبب في النهاية بوفاته، بالرغم من أنه سليم وخالي من المرض، وآخر نوع يسمى البارانويا السوداوية، وهي عبارة عن شعور دائم ومستمر بالذنب، وعقدة معينة قد كبُرت مع ذلك الشخص، فيعتقد بأنه السبب في حدوث الكوارث والمصائب، والتي تصيب المقربين إليه، بل وهو المسؤول عن نتائجها بعد ذلك.

تطور مرض البارانويا

كيف يتطور مرض البارانويا ؟ قد لا يقف المريض عند حد الاعتقاد الوهمي فقط، بل يتطور به الأمر للتخيلات والتصورات الكاذبة، والأفكار السيئة التي تراوده بين أنٍ وآخر، فيودي به إلى عدة أشياء: بناء أسس ومعتقدات على أساس منطقي، ويقتنع بها تمامًا، كما يُصاب بهلوسات سمعية وبصرية، وكل ذلك له علاقة بحياة الشخص نفسه، وعوامل بيئته الداخلية والخارجية، كما ينتج بعد ذلك اضطرابات نفسية مزمنة، كالاكتئاب، وانفصام في الشخصية.. إلخ. هل يتطور المرض فينتهي بإيذاء النفس؟؛ قد يقود مرض البارانويا صاحبه إلى الهلاك، فيستسلم لمعتقداته وخياله المريض، فيصير شخص لا يقبل النقد، يحب ذاته فقط، لا يتقبل الآخرين، ويرى كل من حوله على خطأ وهو على صواب، كما لا يقبل التعرض للهزيمة، وكل ذلك يزيد في عظمته وجنونه، ولا يحق لمن حوله النجاح، أو التفوق عليه، وإن حدث ذلك تكون النهاية، وهي إيذاء النفس. ومع ذلك نقول، أنّ الأشخاص المحيطين بالمريض، لهم تأثير مهم، فقد يظل المريض كما هو دون تطور، ويعيش بشكل ظاهره طبيعي.

هل يشفى مريض البارانويا؟

مرض البارانويا هل يشفى مريض البارانويا؟

الأمراض النفسية خاصة، تكون مثل البصمة، فعند تمكنها من شخص ما، لا تتركه بسهولة، وإن تخلص منها الشخص، لا تتركه دون وضع علامة عليه، وهذه العلامة بوصفها معنويًا، فلا يرجع كما سبق، فالتخلص من هذا المرض ليس حتمي، ولا بطريقة نهائية، نستطيع القول من خلالها أنه أصبح شخص سليم، لذا، يجب على من يهمهم أمر المريض، الاهتمام به، وتوفير وسائل علاجية مناسبة، والأهم من العلاج، طريقة التعامل مع المريض وأولها: لا تواجه مريض البارانويا بحقيقته، لأنه سيزيد من عناده، ويعتقد أنك تتآمر عليه، وأيضًا لا تسخر منه، وسايره حتى تضح له الأمور، كما يتحتم عليك الاستماع الجيد للمريض، ومحاولة فهم ما يشعر به، ويمكنك تقريب المسافة بينه وبين الناس، وتغيير نظرته الخاطئة اتجاههم، ويجب على من حول المريض، إشعاره بأنه مهم بينهم، وبالحب والاهتمام يلين، فيتم التعامل معه بشكل عادي، مع تجنب العطف الشديد، والذي يجعله يشعر بالنقص، كل ما سبق قد يساعد في شفاء مريض البارانويا، طبعًا مع العلاج المناسب الذي يحدده الطبيب.

هل مرض البارانويا وراثي؟

مرض البارانويا مرض نفسي، ولا يتعلّق بالخلل الوظيفي أو العضوي في الجسم، فمثلًا لا توجد هرمونات معينة متسببة فيه، أو نقص في وظائف بعض الغدد، أو مشاكل تتعلق بتركيب المخ، بل بالعكس، فخلايا المخ سليمة، فهو غير ناتج عن حادث سيارة كبير، ولا نتيجة وجود ورم سابق في المخ.. إلخ. وهناك بعض الحالات تصاب بالمرض نتيجة عامل وراثي، فقد يحمل أحد الأبوين المرض، فيُحتمل إصابة الابن بنسبة 5% فقط، لكن إن كان كلا الوالدين، فالاحتمالية تصل إلى 15%، ولا تظهر الإصابة إلا بظهور الأعراض، والتي تشير بالمرض. لكن من الواضح أن العامل الأساسي في الإصابة بالمرض، هي الاستعداد النفسي، والاضطرابات النفسية الصعبة، وحب العزلة، وبغض الناس والبعد عنهم، وذلك لأن المريض مرّ بتجارب سيئة، أودت بهلاكه، خاصة في نوع جنون العظمة، والمنتشر في العالم، فنضرب مثالًا بأخوين في نفس المنزل، كلاهما تعرّض للعنف المنزلي، مما أشعرهما بالاكتئاب الشديد، والخوف والقلق، لكن أحدهما استطاع التغلب على مصاعب الحياة، بينما الآخر أصابته البارانويا..، وذلك لاستعداده النفسي، بعدم تحمله للضغط.

علاج البارانويا بالأعشاب

مرض البارانويا علاج البارانويا بالأعشاب

علاج مرض البارانويا، كأسلم طريقة بالعلاج النفسي، بينما الدواء يساعد فقط في تخفيف أعراض المرض، فقد يساعد في النوم وتقليل الشعور بالأرق، أو نسبة الاضطراب النفسي الموجود، لكن العلاج النفسي يكون طريقة جيدة وسليمة، فيبدأ المختص بالعلاج السلوكي، والذي يساعد في تقليل الهذاء والوهم، ونشير إلى أن إقامة حوار ومناقشة منطقية مع المريض، مضيعة للوقت، وذلك لأنه مقتنع مسبقًا بمعتقداته الوهمية، لكن يمكن البدء في تغيير سلوكه إلى الأفضل، وتغيير أفكاره نحو الناس، ومحاولة تجنبه التكبر والعناد، وذلك عن طريق تعريف المريض ببعض الأشياء، والتي تساعده في تغيير أفكاره الخاطئة، وخاصة أمام التلفاز ووسائل الإعلام، لأنه دائم الشك فيهم، ويعتقد أنهم أيضًا يقومون بمخاطبته. أما بالنسبة إلى علاج البارانويا بالأعشاب، فلا نستطيع القول بالاستجابة الفعلية لها -إن وُجدت-، لكن هناك أعشاب معروفة أنها تحد من التوتر والقلق، وتهدئ الأعصاب، فيمكن تناولها كمشروب ساخن ومفيد. فعلاج البارانويا يبدأ من جلسات العلاج النفسي، ومن خلال طريقة العلاج السلوكي، والذي يقوم على محاولة تغيير أفكار ومعتقدات خاطئة لدي المريض.

وكذلك شاهدنا أنّ مرض البارانويا خطير، وللأسف يُبتلى به كثير من الناس على مستوى العالم، بالإضافة إلى أن نسبة الشفاء منه قليلة، وخاصة النوع المنتشر المسمى بجنون العظمة، لكن مع ذلك يوجد بعض العلاج يخفف من أعراض المرض، فلا يوجد شيء صعب على الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يشفي ويمنع المرض.

ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.

الكاتب: آلاء لؤي

إبراهيم جعفر

أضف تعليق

ثمانية عشر − ثلاثة عشر =