تسعة
الرئيسية » الغذاء والتغذية » لبن الناقة : كيف نستفيد منه في علاج الأمراض المختلفة ؟

لبن الناقة : كيف نستفيد منه في علاج الأمراض المختلفة ؟

يعتبر لبن الناقة بدون أدنى شك أحد أكثر الألبان فائدة للجسم، في هذه السطور نتعرف على طرق استخدام لبن الناقة في علاج الكثير من الأمراض.

لبن الناقة

لقد كان لبن الناقة أو حليب الإبل هو الغذاء الرئيسي لسكان آسيا الوسطى لفترة طويلة من الزمن، وما زال يعتمد عليه كثير من سكان قبائل البدو والفلاحين العرب كغذاء رئيسي ووجبة متكاملة، ويتميز حليب الإبل بأنه لا يتحول إلى زبدة بالطريقة التقليدية بل يحتاج إلى إضافة عوامل أخرى، كما يجب خضه في درجة حرارة 24 أو 25 درجة مئوية، كما أن الزبدة المأخوذة من لبن النوق لونها أخضر خافت، وقد اكتشف العرب قديما الفوائد الجمة في ألبان وأبوال الإبل؛ لذلك استخدموها في علاج كثير من الأمراض، ثم جاء الأطباء والباحثون بعد ذلك فأثبتوا أن ألبان الإبل تعتبر كنزا يغفل عنه كثير من الناس لما لها من فوائد عظيمة وقدرات علاجية عجيبة، ويتناول هذا المقال مكونات لبن الناقة وأهم فوائد هذا اللبن في علاج الأمراض.

استخدام لبن الناقة في علاج الأمراض

مكونات لبن الناقة أو الإبل

يتميز حليب الإبل بأنه أبيض اللون ويختلف مذاقه ما بين الحلو والحاد والمالح حسب عمر الناقة ومرحلة الإنتاج ونوع الغذاء وطبيعة الماء الذي تشرب منه، وهو مصدر غني بالفيتامينات والبروتينات وكميات عالية من البوتاسيوم والمغنسيوم والحديد والمنغنيز والنحاس والصوديوم والزنك، ومن أهم مميزاته أنه يحتوي على نسبة أقل من الكوليسترول عن باقي أنواع الألبان، كما أن نسبة فيتامين سي تعادل ما في حليب البقر ثلاث مرات، وكذلك نسبة الحديد تزيد عما في حليب البقر أكثر من عشر مرات، ومن مميزاته أيضا أنه يحتوي على نسبة منخفضة من الأحماض الدهنية غير المشبعة إذا قورن بحليب الأبقار، ونسبة الكازين من البروتينات في لبن الناقة تصل إلى 70% مما يجعله سهل الهضم والامتصاص، كما يتميز حليب الإبل بأنه يحتوي على مواد توقف نشاط البكتريا المخمرة لسكر اللاكتوز؛ لذلك فهو يحتفظ بقوامه لمدة 12 يوما عند درجة حرارة 4 مئوية، ويظل 48 ساعة في درجة حرارة الغرفة، وعلى العكس من ذلك يفسد حليب الإبل بعد 36 ساعة في درجة حرارة 4 مئوية، ويفسد بعد 12 ساعة في درجة حرارة الغرفة، وبالتالي فإن لبن الناقة يتميز بأنه لا يتجبن بسهولة ولا تصيبه الحموضة إلا بعد مدة طويلة بخلاف باقي أنواع الألبان.

فوائد لبن الناقة أو حليب الإبل في علاج الأمراض

ليس غريبا أن نجد العربي القديم يستخدم ألبان الإبل في علاج العديد من الأمراض مثل: أوجاع البطن والأمعاء والاستسقاء وأمراض الكبد والربو والسكري وغير ذلك من الأمراض الكثيرة، وحديثا بعد العديد من الدراسات والأبحاث التي قام بها العلماء أثبتت النتائج أن لبن الناقة له فوائد عجيبة ومبهرة في علاج الكثير من الأمراض، وفيما يلي أهم الأمراض التي يمكن علاجها من خلال لبن الناقة:

1- علاج مرض السكر: لقد ثبت من خلال الدراسات العلمية أن لبن الناقة مفيد جدا في علاج مرض السكري، حيث لوحظ أن نسبة السكري لدى المربين للإبل في الهند 0% في حين وصلت إلى 5.5% عند باقي الأفراد، كما أثبت العلماء أن تناول لبن الناقة يقلل من حاجة مرضى السكر للأنسولين بنسبة تصل إلى حوالي 35%؛ وذلك بسبب احتوائه على الأنسولين والبروتينات الشبيهة به وبعض العناصر المضادة للالتهابات، وقد لاحظ العلماء أن الأنسولين الموجود في لبن الإبل يختلف عن باقي أنواع الأنسولين؛ لأنه محاط بالمذيلات التي تقلل من نسبة هضمه بالجزء العلوي من الجهاز الهضمي حيث يسهل امتصاصه ومروره إلى الدم.

2- علاج السرطان: رغم أن هناك الكثير من الوصفات الشعبية التي تعتمد في علاج مرض السرطان على حليب الإبل إلا أن هناك الكثير من الدراسات التي أثبتت أن لبن الناقة له تأثير كبير في منع تكون الأوعية الدموية الجديدة الناتجة عن الالتهابات وكذلك قدرته على قتل الخلايا السرطانية في الكبد عن طريق منع التعبير الجيني لأحد الإنزيمات اللازمة لتنشيط المركبات السرطانية، كما ثبت أن بروتين اللاكتوفيرين له نتائج جيدة في في مقاومة وعلاج مرض السرطان بالإضافة إلى العلاج الكيماوي، ومن النتائج الجيدة أيضا قدرة حليب الناقة على تثبيط نمو سرطان القولون والمستقيم بسبب تأثيره السام على تلك الخلايا مع منعها من النمو والتكاثر، وجدير بالذكر أن هناك الكثير من الفوائد والخواص للبن الناقة في علاج مرض السرطان ولكنها تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة لتأكيد مثل هذه الفوائد.

3- علاج أمراض الكبد: لقد أثبتت بعض الدراسات أن لبن الناقة له تأثيرات مضادة للفيروسات، كما أن له قدرة كبيرة على تحسين الوظائف البيوكيميائية والفيزيائية لدى مرضى الكبد الوبائي المزمن النشط، كما أثبت العلماء أن بروتين اللاكتوفيرين الموجود في حليب الإبل له تأثير مضاد لفيروس سي الكبدي الوبائي، كما أنه يمنع دخوله إلى خلايا الجسم بصورة كبيرة؛ وبذلك فهو يعتبر مضاد لفيروس سي، وقد أثبتت دراسة أخرى أن حليب الإبل يحتوي على نسبة أقل من سكر اللاكتوز لذلك فهو نافع للأشخاص الذين لا يتحملون سكر اللاكتوز، ومما أثبته العلماء أيضا قدرة حليب الإبل على علاج مرضى الاستسقاء والكبد بعد إجراء عدة تجارب على حوالي 15 مريضا كانوا يشربون ألبان الإبل وتم شفاؤهم تماما.

4- علاج الإسهال: ذكرت إحدى الدراسات أن حليب الناقة المخمر يحتوي على كميات كبيرة من الصوديوم والبوتاسيوم المفيدة في إيقاف الإسهال كما ثبت مع فئران التجارب.

5- علاج الحساسية: أجريت العديد من الدراسات على الأطفال الذين يعانون من مرض الحساسية لحليب الأبقار وأثبتت تلك الدراسات أن لبن الناقة لا يسبب التفاعلات المناعية التي يسببها حليب الأبقار؛ وبالتالي فإن حليب الإبل يعد أكثر ملاءمة لتصنيع لبن الأطفال الرضع الذين يعانون من الحساسية، وقد توصل الباحثون إلى أن اختلاف البروتين الموجود في لبن الإبل عن البروتين الموجود في لبن البقر هو المسئول عن قدرة الأطفال على تحمل وهضم حليب الناقة الذي ثبتت فاعليته أكثر من حليب الماعز أيضا، كما أثبت العلماء قدرة حليب الإبل الفائقة على علاج حساسية الأطفال ضد الأغذية والأطعمة المختلفة بسبب تواجد كمية عالية من البروتينات المفيدة في شفاء وعلاج الحساسية بشكل تام عند الأطفال.

6- علاج مرض التوحد: لقد نشرت دراسة في عام 2005م أثبتت أن تناول طفل في سن أربع سنوات لحليب الإبل لمدة أربعين يوما وآخر عمره 15 سنة لمدة ثلاثين يوما وثالث عمره 21 سنة لمدة أسبوعين قد عالجهم من مرض التوحد، وأشارت دراسة أخرى إلى حدوث تحسن كبير في العديد من أعراض مرض التوحد لدى الأطفال بعد تناول لبن الناقة مثل: النوم بصورة أفضل، إدراك المكان، التواصل البصري واللغوي، تحسن أعراض الجهاز الهضمي، وقد ثبت أيضا تحسن كبير في حالة طفل مصاب بالتوحد في عمر 9 سنوات استمر في تناول حليب الإبل لمدة ست سنوات، كما لوحظ تراجع في الأعراض عند التوقف عن إعطائه حليب الإبل ثم العودة إلى التحسن عند تناوله مرة أخرى.

7- علاج أمراض القلب والأوعية الدموية: أثبت العلماء أن حليب الناقة له تأثير كبير مضاد لتخثر الدم، كما أنه يقلل من مستوى الفيبرينوجين في الدم لدى فئران التجارب المصابة بالسكري؛ وذلك يدل على تأثير لبن الناقة على علاج أمراض القلب والأوعية الدموية بالإضافة إلى قدرة هذا اللبن على الوقاية من مضاعفات السكري التي تصيب القلب، كما أن حليب الناقة له تأثير كبير في علاج الجلطة الدموية وضيق التنفس؛ وذلك لأن تكوينه يشبه هرمون الأنسولين البشري المفيد في توسيع الأوعية الدموية وتنشيط الدورة الدموية ومنع التجلط.

8- تقوية المناعة: يعتبر حليب الإبل من الأغذية ذات القدرة العالية في تحسين الوظائف الدفاعية الطبيعية للجسم وتقوية مناعته لمقاومة العديد من الأمراض والبكتريا والفيروسات، كما أن بروتين اللاكتوفيرين المستخلص من حليب الإبل له تأثير مضاد للطفيليات في فئران التجارب المصابة بالعدوى الطفيلية.

9- علاج الضعف الجنسي: من الموروث لدى بعض القبائل العربية استخدام لبن الإبل لمعالجة الضعف في العلاقة الحميمية؛ حيث كان الشخص يتناوله عدة مرات قبل الزواج للمساعدة في تقوية وتنشيط الدورة الدموية وتحسين القدرة على القيام بالعلاقة الحميمية بين الزوجين على أكمل وجه.

10- علاج تساقط الشعر: من الخصائص العلاجية الموجودة في لبن الناقة أنه يمنع تساقط الشعر ويعمل على تطويله ونعومته بشكل جميل وانسيابي، كما ثبت أنه يعالج مرض القراع وقشرة الرأس بسبب الفيتامينات والأملاح التي تتوافر فيه بكثرة.

11- علاج البواسير: لقد استخدم لبن الإبل في علاج الكثير من الأمراض منها أمراض السل واليرقان والبواسير؛ حيث أنشئت عيادات خاصة للعلاج بألبان الإبل.

12- تقوية الأسنان: ثبت علميا أن لبن الناقة مفيد جدا في تقوية الأسنان وحماية اللثة وتكوين العظام عند الأطفال؛ وذلك لما يحتويه من فيتامين (ج)، وكذلك قدرته على تجديد الخلايا؛ لأن نوعية البروتين الموجودة فيه تعمل على تنشيط خلايا الجسم المختلفة، كما ثبت أيضا أنه آمن لكل الأعمار سواء من الأطفال أو الكبار أو الحوامل دون ملاحظة أية آثار جانبية له على الذين يواظبون على تناوله.

13- الحيوية والنشاط: لاحظ العلماء أن الأشخاص الذين يواظبون على تناول لبن الناقة منذ الصغر يتميزون بصحة أفضل من غيرهم مع طول فترة الشباب والقدرة على العمل بحيوية ونشاط، وذلك بسبب احتواء حليب الإبل على الكثير من الفوائد الصحية والعلاجية والفيتامينات والكالسيوم ونسبة كبيرة من الأجسام المناعية المقاومة للأمراض التي أهلته ليكون غذاءً صحيا متوازنا متكاملا.

14- تقليل الوزن: أوضحت بعض البحوث أن ألبان الإبل لها فوائد عديدة وخصائص تعمل على تخفيف الوزن؛ وذلك لقلة نسبة الكوليسترول والدهون به.

لقد تناول المقال العديد من قدرات لبن الناقة الشفائية والعلاجية المعروفة، ولكن لدى العلماء الكثير من الأبحاث التي يجب عليهم القيام بها في هذا المجال لإثبات الكثير من الفوائد والمنافع التي يمكن أن يحصل عليها الإنسان من ألبان الإبل؛ حيث ثبت أنه لا يعطي القوة والصحة فقط لمن يحرص على تناوله، ولكنه يحتوي على العديد من المزايا والقدرات العلاجية الفريدة، كما ينصح العلماء بضرورة شربه يوميا بأي طريقة وفي أي وقت، كما يفضل البعض شربه صباحا على الريق أو بعد وجبة الإفطار الخفيفة أو قبل النوم مع ملعقة من العسل الأبيض ليمنح صاحبه نوما هادئا وصحة جيدة، كما يمكن شرب لبن الناقة مع بضع قطرات من بولها، وعند الإصابة بأحد الأمراض والمشاكل الصحية فينصح بتناول لبن الإبل قبل الإفطار بمدة من الوقت، كما تجب الراحة التامة بعد شربه، ويفضل أن يكون طازجا حارا لتنظيف الجهاز الهضمي، ومن هنا يعتبر لبن أو حليب الناقة ثروة وقيمة غذائية ودوائية فريدة يجب أن يهتم بها العلماء والباحثون لمعرفة الكنوز العلاجية الفريدة الكامنة فيه.

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.