تسعة
الرئيسية » العلاقات » قوة العلاقة : كيف تختبر قوة العلاقة بينك وبين شريكك ؟

قوة العلاقة : كيف تختبر قوة العلاقة بينك وبين شريكك ؟

تحتاج من وقت لآخر إلى اختبار قوة العلاقة بينك وبين شريكك، وذلك من أجل تقييم المرحلة التي تمر بها معه، لدينا هنا بضعة إرشادات هامة لاختبار قوة العلاقة.

قوة العلاقة

قوة العلاقة من الأمور الواجب توافرها في أي علاقة، حيث أن بعض العلاقات التي نحظى بها قد تكون قوية وبعضها قد يكون غير ذلك، فأحيانًا قد يتوهم أحدنا انه في علاقة قوية تستطيع الاستمرار حتى نهاية العمر ولا يستطيع شخص أو شيء إنهائها ولكن عند أول موقف حقيقي يواجهها يجدها تنتهي وتنهار، لذلك هناك بعض الدلائل والإشارات التي تدل على قوة العلاقة من عدمه، ومن الممكن أن تمر العلاقة بإحدى هذه الدلائل أو ببعض منها فتتأثر أو لا، وبناءً على مدى التأثر بهذه الأمور تتوقف قوة العلاقة ويسهل بذلك تقييمها واختبار قوتها.. وإليك أبرز هذه الأشياء التي تختبر قوة العلاقة وتبرز لك هل أنت في علاقة قوية تستحق النضال من أجلها ومن أجل استمرارية هذه العلاقة والحفاظ عليها والاحتفاظ بها والتمسك بشريكك في هذه العلاقة، أم أنها علاقة ضعيفة لا تستحق كل هذا، ولا تستلزم التمسك بها أو الحرص عليها.

طريقة اختبار قوة العلاقة بينك وبين شريكك

التأزم المادي وأثره على العلاقة

أكبر مختبر لقوة العلاقة يكمن في الأوضاع المادية وإلقاء ظلالها على العلاقة، فكل شخصٍ يريد من شريكه أن يكون ميسور الحال ماديًا حتى لا يضطر معه أن يعيش أوضاع مادية سيئة وبالتالي ينعكس هذا على مدى قوة العلاقة وقدرتها على مواجهة هذه التحديات والتمسك بهذه العلاقة من أجل العبور بها إلى بر الأمان وتخطي كل العقبات المادية وتحمل الأوقات التي بها ضيق مادي من أجل الوقوف بجوار الطرف الآخر وعدم التخلي عنه في وقتٍ مثل هذا أما إذا كانت العلاقة ضعيفة فإنها سرعان ما تنتهي عند أول أزمة مالية، فدائمًا يسعى الناس سواء كانوا أغنياء أو فقراء إلى مصادقة أشخاص ذوي سعة مادية، لأن الغني يود أن يرافق من في نفس مستواه حتى يستطيع التفاهم معه والتعامل مع شخص يتفهم مفردات طبقته وثقافته وطبيعة مصروفاته، والفقير يريد أن يصادق الغني من أجل أن ينعم في صحبته بشيءٍ من البذخ الذي يعيش به الغني، فما بالك بعلاقة عاطفية؟ لابد أن يبحث كل شخصٍ في شريكه عن أمان مادي، ليس شخص ينفق عليه بالطبع ولكن على الأقل شخص يكون لديه أمان مادي مناسب يستطيع الاستناد عليه إذا تعثر.

أما إذا ارتبط أحدهم بشخص غير مستقر ماديًا أو حالته المادية غير ذات أهمية فإنه إن كان هذا الحب عظيمًا بما يعني أنهما يستطيعان اجتياز هذه الأزمات المالية فإن العلاقة تكون أقوى ما يمكن، أما إن كانت العلاقة غير ذلك فإنها تنهار عند أول أزمة.. لذلك يعد المال هو المختبر الحقيقي لقوة العلاقة.

التسامح بين أطراف العلاقة

يعد التسامح هو أهم عناصر العلاقة العاطفية وبناءً عليه فإنه يختبر قوة العلاقة وبيان إن كانت هذه العلاقة تستطيع المضي قدمًا أم أنها ستنتهي إن عاجلاً أو آجلاً.. بالطبع كلنا نخطئ ونصيب، ليس هناك شخص على صواب دائم وليس هناك شخص لا يتعرض للخطأ أو للإخفاق في أمرٍ معين، أو يتصرف تصرفات سيئة، يجب أن نعي هذا جيدًا بأن سمة البشر هي الخطأ وليس هناك أحد معصوم من الخطأ لذلك أول ما نبادر إليه عند التصرف بشكلٍ خاطئ أو ارتكاب فعل خاطئ، هو الاعتراف بالخطأ ومن ثم تصحيحه أو محاولة معالجته قدر الإمكان أما قوة العلاقة الحقيقية وقدرتها على تجاوز هذه الأمر ينبع من قدرتها على إفراز التسامح بين أطرافها لمغفرة الأخطاء وغض النظر عن العيوب وعدم توجيه اللوم أو إلقاء الاتهامات أو إلقاء المسئولية على كاهل طرف واحد أو اتخاذ إجراء ضده بإيقاع عقاب عليه ولو حتى معنوي فمن المعروف أن العقاب في العلاقات العاطفية قد لا يكون محسوس أو ظاهر دائمًا أو مصرح به بشكلٍ مباشر، فربما عبوس الوجه عقاب، الردود المقتضبة عقاب، الحديث بطريقة معينة أو بأسلوب معين أو باستخدام مفردات وألفاظ معينة معلوم سلفًا لدى طرفي العلاقة أنها تقال عند الغضب ربما تكون أسلوب من أساليب العقاب، لذلك قوة العلاقة الحقيقية تكمن في المغفرة والتسامح وتجاوز الأخطاء والعيوب وترك اللوم والعتاب وتعمد إشعار الطرف الآخر بالذنب أو غيرها من الأمور التي لا تنم أبدًا عن عاطفة أو حنان خصوصًا وأن الحب هو طاقة عطاء بلا حدود وبلا انتظار مقابل وبلا شعور بالفضل في ذلك، لأن هذه طاقة المحبة كالخزائن التي لا تنفذ ويظل الشخص يغدق من عاطفته وحنانه على الطرف الآخر دون أن يسأله أو يطلب منه مقابل.

تحمل الآخر عند الحزن

لا ريب وأن من مظاهر قوة العلاقة بين الطرفين هو إفراز السعادة والشعور بالفرح والاستقرار النفسي والذهني والقدرة على الإنجاز والتركيز والشعور بوجود الأمل في الغد والإقبال على الحياة، ولكن بالطبع تنتاب الإنسان أحيانًا موجة من الكآبة والحزن أحيانًا بسبب معلوم وظاهر وأحيانًا بغير سبب، ربما تكون ترسبات أو تراكمات صغيرة على مدار الفترة الماضية كان يتم كبتها وقمعها ومحاولة تجاوزها وكتمها إلا أنها لم تبرد تمامًا وظلت تتقد نارًا تحت الرماد وفي لحظة معينة ظلت تغلي وتغلي حتى وصلت لدرجة الانفجار مما نتج عنه هذه الحالة العارضة الغير مبررة من الحزن أو الاكتئاب أو المزاج السيئ وفي مثل هذه الأحوال يأتي دور الشريك في العلاقة ليتبنى موقفًا داعمًا وذلك ما يدلل به على قوة العلاقة وقدرة هذه العلاقة على إعطاء الحد الأكبر من الحنان والاحتواء والعاطفة الجارفة الفياضة وإظهار الأحاسيس الجياشة لديه وهذه أكبر ما يمكن اختبار قوة العلاقة عنده، أما إن قام الطرف الآخر بالتخلي عن شريكه في العلاقة وإدارة ظهره له أو التسفيه من حزنه وألمه أو الاستخفاف بهذه الحالة التي لديه من الاكتئاب أو المزاج الحاد أو النفسية المعكرة، فإن هذا يجعلنا دائمًا نحكم على هذه العلاقة بالهشاشة وبأن الرابطة العاطفية التي تجمعهما ضعيفة متهالكة لا تستحق إلا موقف كهذا للتداعي تمامًا والانهيار ولا يمكن أن تستمر هذه العلاقة بأي حال ولا يمكن أن نصفها أبدًا بالقوة ونتنبأ لها بأنها ستنتهي بأسرع مما يتخيل أطرافها بسبب عدم قدرة بعضهما على التفهم والتواصل والاحتواء في أسوأ أحوالهما.

الابتعاد يصقل العلاقات القوية ويوهن العلاقات الضعيفة

قوة العلاقة لا تكمن في التصاق كل طرف بالآخر، لأن هذا لا يؤدي إلى اختبار قوة العلاقة إطلاقًا طالما لم يتعرض طرفي العلاقة للابتعاد عن بعضهما البعض واختبار قوة علاقتهما على أثر ذلك، ولذلك مشاعر الاشتياق الظاهرة تبرز في العلاقات القوية عند وجود مسافة بين كلا الطرفين، وبناءً عليه تكون قوة العلاقة فإن وجدا أنهما مشتاقين إلى بعضهما بقوة فإن علاقتهما قوية جدًا أما إن وجدا أن غياب كلاهما عن الآخر لا يحدث فارقًا كبيرًا في حياة كلاً منهما فإن هذا يعني أن هذه العلاقة ضعيفة ولا تستحق الحديث حولها، ولذلك قالوا قديمًا أن الغياب يصقل العلاقات القوية ويزيدها قوة ويزيد العاطفة فيها تأججًا واشتعالاً بينما في حالة العلاقات الضعيفة الهشة فإنه ينهيها ويكشف مدى هشاشتها وعدم قدرتها على الاستمرارية، وبالتالي فإن قوة العلاقة ممكن أن تختبر بالغياب ووجود المسافات بين طرفي العلاقة كي يتأكدا من قوة علاقتهم وقدرتها على الاستمرار وعلى صدق مشاعرهم وأحاسيسهم وحقيقة عواطفهم ورغبتهم في استكمال حياتهما سويًا بعد ما رأوه من قوة العلاقة بينهما.

الثقة عند كلا الطرفين

بالطبع، هذه هي الخصلة الأعظم في العلاقات العاطفية والتي تستطيع اختبار قوة العلاقة ، ذلك وأن الثقة في العلاقة لا نمنحها إلا لمن نضمن مشاعرهم ونضمن حقيقة مشاعرهم تجاهنا ونوقن تمامًا من صدق عواطفهم وأحاسيسهم التي يحملوها لنا، لذلك فإنه كلما زاد معدل الثقة التي يمنحها كل طرفٍ للآخر كلما كانت هذه العلاقة قوية بما يكفي لاستمرارها وقدرتها على تجاوز الأزمات وعلى سيرها بشكلٍ سليم وعلى قدرة أطرافها إكمال حياتهم بطريقة صحيحة وبأقل قدر ممكن من المشكلات والمصاعب وبأكبر قدر من التفهم والتفاهم والقدرة الأكبر على التواصل فيما بينهما وحل مشكلاتهما، وليس الثقة هنا معناها أن لا يذهب أحد منهما بمشاعره أو بعواطفه أو برغباته تجاه شخصٍ آخر فحسب.. أو أن يثق الإنسان في شريكه بحيث أنه لا يشك في تصرفاته أو في سلوكه، بل إنه يثق في أنه يستطيع الحفاظ عليه وعلى مشاعره وعلى صيانة علاقتهما وحرصه على استقرارها وثباتها وتحديها لكل الأزمات العارضة والعقبات، بل إنه يثق في حرصه على احترامه أمام الناس سواء في غيابه وحضوره وحفظ صورته وسيرته وثقته في الطرف الآخر بحيث أنه يستطيع إدارة علاقاته بطريقة لا تأتي على تماسك علاقتهما واستقرارها ولا تعتدي على حرمة علاقتهما ولا على احترام كل طرفٍ منهما للآخر، والثقة أيضًا في رجاحة عقل الطرف الآخر وعلى نفاذ بصيرته وعمق رؤيته بالشكل الذي يجعله قادرًا على حل المشكلات، والثقة في نضجه وتحمله للمسئولية بحيث أنه سيجده بجانبه في أي موقف مهما كان هذا الموقف ضاغطًا أو حزينًا ولن يتخلى عنه أبدًا، هذه هي الثقة بمفهومها الجامع الشامل وليس الثقة بمعنى عدم الشك في سلوك الطرف الآخر، ولذلك كلما زادت هذه الثقة كلما كان الطرفان قادران على إدارة علاقتهما بالشكل السليم الصحيح وكانت قوة العلاقة قد بلغت الحد الأقصى والأزمات والمشكلات والخلافات بينهما قد تناقصت للحد الأدنى، أما مع زوال الثقة من العلاقة، فإن هذه العلاقة لن تكمل أي شيء حتى تنهار وتتهاوى ولن تستمر أبدًا لأنها كبنيان تم إنشاؤه بدون أساسات لذلك فهو معرض للانهيار في أي لحظة وأساسات العلاقة كما أشرنا هي الثقة فإن انهارت الثقة لم تفلح العاطفة في تعويض دورها مهما كانت قوية أو حقيقية.. لذلك توجب علينا القول أنه كلما كانت معدلات الثقة في زيادة، كانت قوة العلاقة أيضًا أكبر ما يمكن، والعكس إن تناقصت معدلات الثقة كانت قوة العلاقة أقل ما يمكن.

خاتمة

بالطبع العلاقات العاطفية هي أكثر ما يجب النضال من أجله لاسيما وأنها دائمًا تحاط بالمصاعب والعقبات من أجل إتمامها ولذلك لابد أن يكونا طرفي العلاقة على ثقة تامة في قوة علاقتهما وصدق عاطفتهما وحقيقة مشاعرهما تجاه بعضهما البعض، لأنه لو كان غير ذلك، ما استحقت العلاقات النضال أو تحمل المصاعب من أجلها ومن أجل اجتياز العقبات والوقوف في وجه التيار من أجل إنجاحها وذلك الذي ينبع من تمسك كل منهما بالآخر أما إن كانت هذه العلاقة هشة ضعيفة فلن تستحق النضال من أجلها لأنها بالأساس ستنهار وتتداعى عند أول عقبة وستنتهي عند أول مواجهة ولن تستطيع الصمود أو القدرة على الثبات أمام ما سيواجهها.

محمد رشوان

أضف تعليق

خمسة × 3 =