تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » قراءة وكتابة » ظلال من جدران الموت : كتاب مرعب يجلب الموت لمن يقرأه!

ظلال من جدران الموت : كتاب مرعب يجلب الموت لمن يقرأه!

لسنا هنا بصدد لعبة فيديو من القرن الحادي والعشرين، ولا نتحدث عن طلاسم نقشها الفراعنة منذ عصور لحماية كنوز مقابرهم، إننا نتحدث عن كتيب ظلال من جدران الموت .

ظلال من جدران الموت

لسنا هنا بصدد لعبة فيديو من القرن الحادي والعشرين، تروج لها الشركة المصنعة بأنها تتسبب في موت اللاعب بموته داخل اللعبة، ولا نتحدث عن طلاسم نقشها الفراعنة منذ عصور لحماية كنوز مقابرهم، إننا نتحدث عن كتيب لا تزيد عدد صفحاته عن 87 صفحة، تم تأليفه في أواخر القرن التاسع عشر من قبل كيميائي متخصص، ولا يوجد منه سوى نسختين في العالم وهو كتاب “ظلال من جدران الموت”. وبعد تطور الأساليب العلمية الحديثة، تم التوصل لسر الكتاب، وكيفية تسببه بالموت لمن يقرأه، ولكن يا ترى، لماذا فعل المؤلف ما فعله في كتابه، أو بالأصح في قراء كتابه، وماذا كان الهدف من وراء ذلك، وهل كان هذا السبب مبرراً للقتل؟

ما هو كتاب ظلال من جدران الموت ؟ أنه أعجوبة القرن التاسع عشر!

ظلال من جدران الموت

ظلال من جدران الموت أو Shadows from the walls of death، هو كتاب باللغة الإنجليزية يدور في إطار فلسفي من تأليف الكاتب والكيميائي الأمريكي روبرت سي كيدزي، والذي ألفه عام 1863. ورغم ما يدور حول الكتاب من هالة خيالية ساحرة قد توحي للمستمع أنه بصدد كتاب مليء بالطلاسم والسحر والدجل، إلا أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. وبصرف النظر عن مضمونه الفلسفي فإن الكتب كان يهدف من وراءه إلى شيء مختلف تماماً، وهو محاولة إنجاحه لدعوة كان قد أطلقها قبل سنوات من تأليفه هذا الكتاب، للتوقف عن إنتاج ورق الحائط الذي كان في بداية انتشاره بالولايات المتحدة، لما يحتويه من سموم تؤثر بشكل سلبي على صحة الإنسان وتؤدي إلى إصابته بالكثير من الأمراض والتي قد تؤدي في النهاية إلى الوفاة. وربما يكون هذا هو السبب في تسمية الكتاب الظلال من “جدران الموت” في إشارة إلى الجدران التي تكتسي بأوراق جميلة رائعة الألوان تحمل بين ثناياها ظلال الموت المحتم للإنسان.

وعلى خلاف عادة كيدزي في كتبه التي سبق وألفها، فإن كتاب ظلال من جدران الموت الذي تصل صفحاته إلى 86 صفحة، لا يحتوي على أي نص بعد الصفحة الأولى والمقدمة، نعم، الكتاب عبارة عن صفحة أولى مدون عليها العنوان ثم المقدمة، وبعد ذلك لا يحتوي الكتاب إلا على 84 صفحة من ورق الحائط، جمعها كيدزي من أوراق الحائط المنتشرة آنذاك في الولايات المتحدة الأمريكية. وجميع هذه الصفحات مشبعة بالزرنيخ وبنسب قاتلة، يكفي استنشاقها لقتل الشخص فوراً دون أن يكون هناك أي أعراض أو إنذار.

ما سر الموت في الكتاب؟

حسب ما توصل إليه الباحثون فإن سبب موت من يقرأ كتاب ظلال من جدران الموت هو أن مؤلفه، كيدزي قد قام بوضع كمية كبيرة من مادة الزرنيخ السامة على غلاف الكتاب وصفحاته الداخلية، والتي تؤدي إلى الموت المباشر لمن يلمسها أو يستنشقها. ويعتبر الزرنيخ من المواد السامة التي كان يكثر استخدامها في القتل أو الانتحار في القرن التاسع عشر وما قبلها، وخاصة بين المشاهير والأثرياء. وربما كان هذا الاكتشاف سبيلاً لقراءة كتاب ظلال من جدران الموت، حيث يمكن قراءاته بأمان بعد ارتداء قفازات وأقنعة واقية مما يتيح للقارئ مطالعته بأمان. كان كينزي قد طبع 100 نسخة من الكتاب وقام بوضع السم بها، ولكن لم يتبقى من هذه النسخ إلا اثنتين، داخل الولايات المتحدة الأمريكية، إحداهما في جامعة ميتشجان الأمريكية، ويسمح باستعارتهما داخل مكتبة الجامعة وقراءتهما بعد ارتداء الملابس الواقية.

صانع ظلال الموت

قام بتأليف الكتاب الكاتب والمؤلف الأمريكي روبرت سي كيدزي، والذي ولد عام 1823 وتوفي عام 1902. يحمل كيدزي شهادة الكيمياء والطب وعمل طبيباً لإحدى عشر عاماً، وعمل جراحاً أثناء الحرب الأهلية الأمريكية، وعند وصوله لسن الأربعين أصبح أستاذ لمادة الكيمياء بكلية الزراعة في ولاية ميتشجان الأمريكية. أسهم كيدزي بالعديد من الإنجازات في مجال تخصصه، ويسمى أبو صناعة سكر البنجر في ولاية ميتشجان.

الهدف من وراء الكتاب

كعالم كيمياء وطبيب، كان لكيدزي اهتمامات بالبيئة وبتأثير الملوثات السامة على صحة الإنسان، وكان من بين الدراسات التي قام بها دراسة توضح بشكل قاطع خطورة استخدام ورق الحائط الملون لتزيين جدران المنازل، والذي بدأ استخدامه في الولايات المتحدة عام 1739. ومن خلال أبحاثه العلمية أثبت كيدزي أن ورق الحائط، آنذاك، يحتوي على معدلات كبيرة من مادة الزرنيخ السامة، والتي تستخدم لصباغة أوراق الحائط، وأن ذرات الزرنيخ تنتقل عبر الهواء والذي يستنشقه الإنسان مما يتسبب في حدوث التهابات الشعب الهوائية والإصابة بالصداع وتناقص الوزن ويؤدي في نهاية الأمر إلى الوفاة.

وبدأ كيدزي بالدعوة إلى التوقف عن صناعة ورق الحائط، لما يشكله من خطر على صحة الإنسان، إلا أن دعواته لم تجد مستمع، وبدأ يفكر في طريقة أخرى لإيصال صوته وتسليط الضوء على فكرته. قام كديزي بجمع عينات من أوراق الحائط، والتي تحتوي على نسب عالية من الزرنيخ، وقام بوضعها في طيات 100 نسخة من كتاب أطلق عليه ظلال من جدران الموت، ثم وزعها على المكتبات داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

الزرنيخ السم القاتل

الزرنيخ أو كما يسمى بسم المشاهير، هو واحد من أكثر المواد سمية والذي قضى على حياة كثير من الشخصيات الشهيرة عبر التاريخ. وترجع سميته إلى كونه مادة لا لون لها ولو طعم ولا رائحة، مما يجعله أداة يكثر استخدامها من قبل القاتلين الراغبين في دس السم للتخلص من ضحاياهم. ويعتقد أن الزرنيخ هو القاتل الذي تسبب في وفاة نابليون بونابرت وبيتهوفن وغيرهم. ورغم ذلك، فإن هذا العنصر يتواجد في جسم الإنسان بطريقة طبيعية وبنسبة ما يقارب 10 مليجرام، ويعمل على تحفيز إنتاج الهيموجلوبين في الدم. وعرفه قدماء المصريين حيث استخدموه في تحنيط موتاهم، وبعدما اكتشفت سميته، بدأ استخدامه للقضاء على القوارض. عند التسمم بالزرنيخ تبدأ أعراضه في الظهور ببطئ بعدما يكون قد تخلل لدم الضحية، مما يصعب عملية إسعافه، أما عند تناوله بكميات كبيرة فإنه يؤدي إلى الوفاة الفورية للمصاب. يذكر أن الزرنيخ مادة كيميائية توجد في الطبيعة، تم فصلها واستخدامها في الكثير من المجالات ومنها المجال الطبي، وتوجد بعض الأدوية لعلاج الروماتيزم والتهابات المفاصل يدخل الزرنيخ فيها بنسب معينة لا تضر بصحة الإنسان.

خاتمة

في النهاية، لا يمكن أن ندعي بالقول بأن كتاب ظلال من جدران الموت، هو أحد الأسلحة القاتلة، أو مثلما يروج له على شبكة الإنترنت بأنه الكتاب الذي يقتل كل من يقرأه. فالكتاب ببساطة عبارة عن صفحات سامة يمكن تصفحها بعد ارتداء القفازات وقناع مخصوص للوجه لحماية الجلد والجهاز التنفسي من الزرنيخ. وبذلك لا يمكننا تصنيف كتاب ظلال من جدران الموت بأنه كتاب سحري يعتمد على طلاسم تودي بحياة قارئها، ولا يمكننا أيضاً أن ننظر إليه على أنه فكرة انتقامية، فالدافع الذي حرك مؤلفه على تنفيذ فكرته القاتلة هذه ليس إلا رغبته الشديدة وحرصه على تحذير العالم من خطر استخدام المواد المشبعة بالسموم والتي تزين بيوتنا ويكمن فيها الموت القاتل أو كما يقول كيدزي “ظلال من جدران الموت”. يذكر أنه تم التخلص من جميع نسخ الكتاب عدا نسختين، والذي يمكن للعامة تصفحهما داخل مكتبة جامعة ميتشجان. كذلك لنا أن نعرف أن المواد الملونة الحديثة التي تدخل في صناعة أوراق الحائط، قد شهدت تطوراً كبيراً في القرن العشرين والحادي والعشرين، ومعظم الأنواع الجيدة المتواجدة بالأسواق، قد تم تلافي ما كان في سابقتها من مواد مسرطنة وسامة.

نادية صالح

كاتبة مقالات ومدونة، عملت في عدة مواقع عربية، الكتابة هوايتي ومتنفسي.

أضف تعليق

عشرة + أربعة عشر =