تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » كيف تتجنب ضرر المضادات الحيوية وتستخدمها بشكل سليم؟

كيف تتجنب ضرر المضادات الحيوية وتستخدمها بشكل سليم؟

لم نكن نسمع من قبل عن ضرر المضادات الحيوية، حيث أننا كنا نتعامل معها كعلاج للأمراض وليس سبب في الإصابة بها. وفي وقتنا الحالي أصبح من المهم التركيز على ضرر المضادات الحيوية على صحة الإنسان، حتى لا يزداد حجم هذا الضرر أكثر من ذلك.

ضرر المضادات الحيوية

بعد سنوات عدة من استخدامها، تبين أن ضرر المضادات الحيوية من الممكن أن يصل بالإنسان إلى نقطة الصفر، وتجعله غير قادر على استخدامها في أي شيء، بدءا من الجروح البسيطة وحتى العمليات الجراحية الكبرى، والتي تعتمد اعتمادا كبيرا عليها. وتساعد المضادات الحيوية على قتل البكتيريا الضارة، والتي تتسبب في الكثير من الأمراض التي قد تفتك بالإنسان. ولكن سوء استخدامها أدى إلى ظهور بعض المشاكل الصحية التي لم نكن نعرف عنها شيئا من قبل. ومن المتوقع أن تظهر بعض الأمراض التي كانت قد اختفت مجددا، مثل الجزام والطاعون والسل الرئوي؛ وذلك بسبب الإسراف في تناول المضادات الحيوية وأخذها بسبب وبدون سبب. تعرفوا معنا من خلال سطور هذا المقال على ضرر المضادات الحيوية الناتج عن سوء استخدامها وعدم الإشراف الطبي عند اللجوء إليها.

ضرر المضادات الحيوية على الجسم

ضرر المضادات الحيوية ضرر المضادات الحيوية على الجسم

  • أظهرت بعض الدراسات التي أجريت في عام 2016 أن عدد خلايا الميكروبات داخل جسم الإنسان تساوي 1.3/1 من خلايا جسم الإنسان كلها. ومن هنا نستشف أننا عبارة عن كتل متحركة من الميكروبات. وتعتبر البكتيريا هي أحد أنواع الميكروبات، التي هي في الأصل كائنات بسيطة لا ترى بالعين المجردة، وتعيش في كل مكان على وجه الأرض، في التربة والماء والطعام الذي نتناوله وجلد الإنسان وداخل جسمه. وبعض هذه البكتيريا يكون نافعا، كما أن البعض الآخر يكون ضارا، بحيث أنه من الممكن أن يسبب أمراض خطيرة لكل ما على وجه الأرض، كالإنسان والحيوان والتربة والأشجار، وهكذا.
  • وفي عام 1945 نجح ألكسندر فليمينج في اكتشاف الدواء الذي يمكننا من مقاومة البكتيريا الضارة، وهو المضادات الحيوية. وفي نفس العام الذي تم اكتشاف المضادات الحيوية وحصل فيه ألكسندر فليمينج على جائزة نوبل تكريما له على هذا الاكتشاف العظيم قال جملته الشهيرة “من الآن سيبدأ الناس في استخدام المضادات الحيوية بشكل خاطئ، وسيبدأ عصر أضرار الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية.” وحدث بالفعل أن كان الناس يستخدمون المضادات الحيوية بشكل متهور غير سليم، وأصبحت تباع في الصيدليات كما تباع أدوية الصداع والبرد، ودون أي نشرات طبية.
  • وفي وقتنا الحالي ثبت أن نصف الحالات التي تستخدم المضادات الحيوية لا تكون لديها أي أمراض بكتيرية، ولا يناسبها المضادات الحيوية للعلاج. وعلى سبيل المثال، يتبين من خلال الدراسات أن المواطن الأمريكي يستخدم سنويا في المتوسط 22 وحدة من المضاد الحيوي، سواء على شكل حقن أو كبسولات أو شراب أو غير ذلك. ومع زيادة تعاطي الإنسان للمضادات الحيوية بدأت الحرب بينه وبين البكتيريا التي كانت تصارع من أجل البقاء، ومع التعامل المتهور للإنسان كانت البكتيريا منظمة في حربها للغاية.
  • وفي البكتيريا ظهرت بعض الطفرات التي تجعلها أكثر قدرة على مقاومة ضرر المضادات الحيوية التي يقوم الإنسان باختراعها، بل إنها قد بدأت في نقل هذه الطفرات للأجيال التي تليها. وهنا أصبحت هناك أجيال من البكتيريا التي تولد ولديها المناعة الكافية التي تساعدها على مقاومة المضادات الحيوية. ويسمى هذا النوع الجديد من البكتيريا بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. وكما أن البكتيريا العادية متواجدة في كل مكان، فإن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية تنتشر في كل مكان بشكل لا يمكننا تخيله، حيث تتواجد داخل أجسامنا وأجسام الحيوانات التي نتغذى عليها. وفي دراسة أمريكية حديثة ثبت أن نصف اللحوم التي نتناولها تحتوي على 3 أنواع من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، على الأقل.
  • ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبحت البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية تتواجد وتتكاثر بشكل مهول داخل المستشفيات التي يتم علاج الإنسان فيها من الأمراض البكتيرية. وأصبحت المشكلة تتفاقم بشكل كبير، حيث أنه في عام 1974 كانت نسبة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية لا يتعدى 2% من إجمالي البكتيريا الموجودة داخل المستشفيات. وفي عام 2002 زادت هذه النسبة حتى وصلت إلى 57%. والمضادات الحيوية الموجودة لا يمكنها التعامل سوى مع البكتيريا العادية، وأما تلك المقاومة للمضادات الحيوية فلا يمكنها التخلص منها، وهي قادرة على البقاء والانتشار بكثرة. ونتيجة لذلك، أصبح هناك 2 مليون مواطن أمريكي يصاب بعدوى بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية كل عام. وتسبب هذه البكتيريا الوفاة لنحو 90,000 منهم. وهناك نوع واحد من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية يتسبب في قتل نسبة من البشر تفوق تلك التي تتسبب في قتلها أمراض الإيدز والشلل الرعاش وانتفاخ الرئة.

ضرر المضادات الحيويـة للحامل

إن ضرر المضادات الحيوية على الحامل يفوق ضررها على من سواها. وتكون الحامل أكثر عرضة للإصابة بأنواع من العدوى البكتيرية والفيروسية بسبب تأثر جهازها المناعي، حيث أنه لو عمل بأعلى طاقة له لتعامل مع الجنين على أنه جسم دخيل وسيقوم بطرده. وهنا يكون لابد لها من استخدام أنواع من العقاقير التي يدخل ضمنها المضادات الحيوية لمقاومة مثل هذه الأمراض. وهناك بعض المضادات الحيوية الآمنة خلال وقت الحمل، كما أنه هناك أنواع أخرى لا يمكن تعاطيها خلال هذه الفترة؛ حيث أنه يتم تصنيفها إلى أربعة أقسام، تبعا لدرجة الأمان، وهي أ، ب، ج، د. وبالنسبة للمضادات الحيوية الآمنة خلال فترة الحمل فإنها تقع في القسمين أ و ب.

ومن أكثر الأمراض التي تصيب الحامل وتستدعي تعاطي المضادات الحيوية وجود التهابات بالفم أو المجرى البولي أو الجلد أو الجهاز التنفسي- العلوي أو السفلي- أو الجهاز الهضمي. وهناك بعض القواعد التي تضبط تعاطي الحامل للمضادات الحيوية؛ منها عدم اللجوء إليها إلا إذا لم يكن هناك علاج آخر سواها والبعد عنها تماما في الأشهر الثلاث الأولى من الحمل وعدم الاقتراب من المضادات الحيوية المصنفة ضمن تلك غير الآمنة على الحامل، وهي الموجودة في القسمين ج و د، والتقليل من جرعات المضاد الحيوي بقدر الإمكان وعدم تناول أي أدوية أخرى معه دون استشارة الطبيب المتابع للحمل. وهناك بعض المضاعفات والمشكلات التي يمكن تعرض الحامل لها في حال لم تلتزم بالضوابط والقواعد الموضوعة لتناول المضاد الحيوي خلال فترة الحمل، والتي يأتي على رأسها التعرض للإجهاض، خاصة لو كان ذلك في الثلث الأول من الحمل، أو التأثير على نمو الجنين بالسلب أو الولادة المبكرة أو وفاة الجنين في بطن الأم.

ضرر المضادات الحيوية على الكبد

ضرر المضادات الحيوية ضرر المضادات الحيوية على الكبد

لم يسلم الكبد من ضرر المضادات الحيوية الذي لم يكن بسيطا على الإطلاق. والكبد هو أحد أهم الأعضاء الحيوية بالجسم، والذي يقوم ببعض المهام التي تشمل تحويل الغذاء إلى مواد يستطيع الجسم الاستفادة منها وتحويل السموم إلى مواد غير ضارة وتخليص الجسم من المواد الضارة. ووجود أي مشكلة بالكبد يؤثر على نشاط الجسم وحياة الإنسان ككل، حيث أن عمليات الأيض داخل جسم الإنسان لا تعمل باتساق إلا إذا قام الكبد بجميع وظائفه. وتؤثر بعض الأدوية بالسلب على نشاط الكبد، ويأتي على رأسها المضادات الحيوية، التي من الممكن أن تحدث اضطرابا في النظام الذي يسير عليه، وهو ما يؤثر على عمليات الأيض في الجسم ككل.

وتختلف استجابة جسم كل مريض للمضادات الحيوية، بمعنى أنه ليس بالضرورة أن يتأثر الكبد بالسلب جراء تناول المضادات الحيوية. وهنا لابد من عدم تناول أي مضاد حيوي إلا تحت إشراف طبيب مختص حتى لا تكون هناك مشكلة لا يمكن معها تناول المضادات الحيوية. وأشهر الأدوية التي قد تصيب الكبد بالضرر في حال تم استعمالها بكثرة هي تلك التي تشتمل على الباراسيتامول الذي يتواجد في الكثير من أدوية البرد والإنفلونزا والمسكنات؛ هذا إلى جانب بعض المضادات الحيوية ومضادات الالتهاب التي تعتبر مدمرة للكبد، بحيث من الممكن أن تصيبه بالتهاب يشبه الالتهاب الكبدي الفيروسي كما أنها ترفع من أنزيمات الكبد، مما قد يصيبه بالالتهاب أو تدمير خلاياه. ولعل أكثر الأشخاص الذي يصابون بالأمراض الكبدية الناتجة عن تعاطي الأدوية هم كبار السن، حيث أنهم يأخذون الأدوية بشكل مستمر ويكثرون منها.

أضرار المضادات الحيويـة على الكلى

على الرغم من أن المضادات الحيوية تعتبر من الأدوية التي لا يمكن للإنسان الاستغناء عنها، إلا أنه يجب الأخذ في الاعتبار المشاكل الصحية التي تنجم عن الإكثار من تناولها أو عدم تناولها بالشكل الصحيح. ومن ضمن الأعضاء الحيوية التي تتأثر بتعاطي المضادات الحيوية هي الكلى التي تقوم بتنقية جسم الإنسان من بعض السموم والأملاح وطردها خارجه. وتؤثر المضادات الحيوية على نشاط الكلى بشكل جزئي أو كلي، على حسب الكميات التي يتناولها الإنسان منه ومدى قدرة جسمه على مقاومة الأعراض الجانبية الناتجة عن تعاطيها. إن ضرر المضادات الحيوية على الكلى يشمل العديد من المشكلات، التي منها إصابتها بالحصوات أو حتى الفشل الكلوي، حيث أن هناك بعض المواد التي تدخل في تركيب المضادات الحيوية تتسبب في تلف والتهاب خلايا الكلى، مما يوقفها عن العمل تماما ويصيبها بالفشل.

ولأنه لابد من أخذ بعض المضادات الحيوية في بعض الفترات، فإنه يمكن مساعدة الكلى على مقاومة أعراضها الجانبية والحفاظ على خلاياها من خلال شرب كميات كافية من الماء حتى تتمكن من طرد المواد السامة عبر البول. كذلك يساعد تناول التوت البري يوميا خلال فترة تعاطي المضادات الحيوية، حيث أنه يساعد على طرد المواد السامة من الكلى ويمنع نمو البكتيريا في المسالك البولية، حيث أنها تزيد من خطر الإصابة بمشاكل الكلى. كذلك لابد من تقليل تناول بعض الأطعمة عند أخذ المضادات الحيوية، والتي منها الملح والكافيين والكحول، وهي مواد تجعل من الصعب على الكلى القيام بوظائفه في ظل تعاطي مضادات حيوية. وللوقاية من الفشل الكلوي على الإنسان متابعة ضغط الدم لديه، حيث أن ارتفاعه يسبب تلف خلايا الكلى وحدوث الفشل الكلوي.

ضرر المضادات الحيوية على المعدة

ضرر المضادات الحيوية ضرر المضادات الحيوية على المعدة

بالطبع هناك بعض التأثيرات السيئة للمضادات الحيوية على المعدة، إذ أنها تتسبب في قتل البكتيريا النافعة التي لها دور كبير في عملية الهضم. وفي حال قتل البكتيريا النافعة فإن هناك اضطراب يحدث بالمعدة والجهاز الهضمي ككل؛ الأمر الذي يسبب الألم الشديد في البطن الذي غالبا ما يصحبه كثرة التبرز، الذي قد يصل إلى أربعة مرات يوميا، وخروج بعض قطرات من الدم مع البراز. ويمكن الحد من ضرر المضادات الحيوية على المعدة من خلال تناول كوب إلى كوبين من الحليب خلال فترة العلاج، فهذا يساعد على جلب البكتيريا النافعة ويعيد التوازن للجهاز الهضمي.

وفي النهاية، أحب التنويه على أنه في حال ظل الإنسان يتعامل مع المضادات الحيوية بنفس الاستهتار الذي نراه الآن، فإنه ليس من المستبعد أن يقف الطب عاجزا في وقت ما في علاج الجروح البسيطة التي نستخدم لها مضاد حيوي. وهناك دور يقع على عاتق كل إنسان على وجه الأرض للحد من ضرر المضادات الحيوية المستفحل، وهو عدم استخدامها بكثرة، حتى لا تصبح نكبة على البشر، بعد أن كانت علاجا للكثير من المشاكل الصحية.

ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.

سارة الدالي

مترجمة وكاتبة، تخرجت في كلية اللغات والترجمة الفورية بجامعة الأزهر الشريف. محبة للقراءة والكتابة في جميع المجالات، وخاصة مجال الرواية.

أضف تعليق

اثنان × 2 =