تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » قراءة وكتابة » كيف تحولت رواية هيبتا إلى الرواية العربية الأولى للشباب؟

كيف تحولت رواية هيبتا إلى الرواية العربية الأولى للشباب؟

رواية هيبتا رواية مصرية صدرت عام 2014 للكاتب الشاب محمد صادق، ودون أي مُقدمات تحولت هذه الرواية إلى واحدة من أشهر روايات الوطن العربي ودخلت قوائم الأكثر مبيعًا بسرعة البرق، فكيف تمكنت يا تُرى من اقتناص هذه المكانة؟

رواية هيبتا

ليس هناك خلاف طبعًا على كون رواية هيبتا واحدة من أهم الروايات في الوطن العربي بأكمله خلال السنوات العشر الأخيرة وأكثرها انتشارًا في نفس التوقيت، إذ أنه لا يوجد قارئ مصري أو عربي لم يسمع من قبل بالرواية، هذا سواء قام بقراءتها بالفعل أم اكتفى فقط بالسماع، لكن في النهاية تبقى الرواية أشهر من النار على العالم، وربما زاد من تلك الشهرة أنها قد تحولت قبل عامين إلى فيلم سينمائي، هذا يعني ببساطة أننا نتحدث عن اسم بلغ الذروة في الانتشار، ومع اعترافنا بذلك الأمر نجد أنه في نفس الوقت مدعاة للتعجب والسؤال عنه، إذ أنه بالتأكيد ثمة الكثير ممن يرغبون في التعرف على كيفية تحول هذه الرواية إلى تلك المكانة الهامة بين الروايات العربية، فهل تُريدون معرفة الإجابة؟ حسنًا، السطور القادمة تُجيب.

رواية هيبتا

رواية هيبتا رواية هيبتا

في البداية دعونا نستعرض بعض التفاصيل الهامة المُتعلقة بهذه الرواية الفارقة في تاريخ الأدب العربي الحديث، حتى ولو كان ذلك عن طريق النجاح التجاري، ففي النهاية أصبحت الرواية جزء لا يتجزأ من الحياة الأدبية الرائجة، على العموم، الرواية خرجت في عام 2014 وكانت من تأليف الكاتب الشاب محمد صادق كمحاولة ثانية له في مجال كتابة الروايات، فقد كتب من قبل رواية بضع ساعات في يوم ما، ثم بعد ذلك جاءت رواية أخرى للكاتب مثل رواية أنستا الحياة ورواية أنت، لكن كما هو معروف طبعًا لم تُحقق أي رواية للكاتب نفس القدر من النجاح الخاص برائعة هيبتا، والجدير بالذكر أن الرواية جاءت مع دار الرواق للنشر، وهي دار كانت تحظى بشهرة متوسطة ثم انفجرت بعد نشر هذه الرواية، أما معنى الاسم فهو يُقصد به ترجمة للرقم سبعة، وذلك بعد نقله من اليونانية، لكن ماذا عن الملخص يا تُرى؟

ملخص رواية هيبتا

رواية هيبتا ملخص رواية هيبتا

تتحدث رواية هيبتا عن قصة تبدو غريبة بعض الشيء، فهناك الدكتور أسامة المُحاضر الشاب الذي يدخل ليُلقي بمحاضرة عن مراحل الحب مُستعينًا في ذلك بمجموعة من النماذج التي تُمثل كل مرحلة، ولكل مرحلة اسم، كما أنه ثمة أبطال يحملون أسماء الحروف الأبجدية، كذلك ثمة شكل من أشكال الغموض في كل حكاية من الحكايات حتى تأتي المفاجأة في نهاية المطاف بكون المراحل، أو القصص التي ذُكرت من أجل إفراز تلك المراحل، هي في النهاية قصة شخص واحد فقط، لكن هذا ليس كل شيء يتعلق بهذه الرواية الناجحة، بل ثمة الكثير بانتظاركم عندما تشرعون في قراءتها.

عدد صفحات رواية هيبتا

بعض الناس قد لا يُقدمون على قراءة رواية من الروايات على الرغم من جودتها فقط لأنهم لا يقتنعون بعدد صفحاتها، وهذا في الحقيقة أمر يتفاوت بين قارئ وآخر، فالبعض قد يُريد الرواية ذات العدد القليل من الصفحات الذي يجعلها تنتهي في جلسة واحدة والبعض الآخر قد يُريد الحصول على وجبة دسمة وكبيرة فيطلب أن يكون عدد الصفحات كبير أيضًا، على العموم، عدد صفحات رواية هيبتا هو 248 صفحة، وهو بالتأكيد عدد متوسط، فلا هو كبير جدًا ولا هو صغير جدًا، عدد متوسط لكنه في نفس الوقت ليس العدد الذي يضمن أن تُحقق الرواية ذلك القدر الكبير الذي حققته من نجاح.

كيف حصلت هيبتا على مكانتها؟

رواية هيبتا كيف حصلت هيبتا على مكانتها؟

الآن نحن مُتفقين تمامًا على أن رواية هيبتا تحظى بمكانة مختلفة تمامًا عن أي رواية مصرية أخرى، على الأقل تلك التي صدرت في السنوات العشر الأخيرة، أما ما لا نزال بحاجة لمعرفته بالطبع أسباب ذلك النجاح وكيفية حدوثه، وذلك الأمر يأتي من خلال الكثير من الأسباب أهمها الاعتماد على فكرة مُدهشة ومجنونة.

الاعتماد على فكرة مُدهشة ومجنونة

إذا ما كنت قارئ غير منغمس في عملية القراءة أو حتى لا تقرأ من الأساس فإنك عندما تستمتع لفكرة رواية هيبتا للمرة الأولى فبكل تأكيد سوف تتعلق بها وتُدرك أنها واحدة من الأفكار المدهشة والمجنونة التي يُمكنك من أجلها قراءة أي رواية مهما كان عدد الصفحات الخاص بها، فالناس بالأساس ينجذبون للأفكار المجنونة، الأفكار الطبيعية المنطقية بالنسبة لهم تبدو منطقية وعادية، ولذلك فإن تلك الرواية التي نتحدث عنها الآن قد وجدت الأرضية مُمهدة لها من خلال هذه الفكرة واتجهت لقراءة الرواية بشغف كبير مما ترتب عليها في النهاية حصول هيبتا على تلك المكانة.

اللغة البسيطة والأسلوب العذب

إذا ما كنت تبحث عن البساطة والأسلوب العذب السلس فبكل تأكيد رواية هيبتا هي الخيار الأنسب بالنسبة لك، فالكاتب لم ينجح فقط في القيام بهذا الأمر، وإنما في الحقيقة نجح نجاحًا ساحقًا للدرجة التي تجعلك لا تتوقف عن القراءة وتشعر أنها عملية انسيابية بحتة تتم دون جهد منك، وهذه طبعًا ليست بالكيفية السهلة التي يُمكن لأي شخص القيام بها، وإنما نحن نتحدث عن قدرة ومهارة خاصة من الكاتب، فالروايات البسيطة في الوقت الحالي توصف بأنها روايات سطحية، وهذا الأمر كان مأخذ أو نقد شديد طال رواية هيبتا في فترة من الفترات لكن تبين أنه ليس صحيحًا، فعندما تقرأ الرواية لن تشعر أبدًا أنها سطحية، بل ثمة فكرة، وفكرة عميقة، لكن لغة وطريقة الكاتب أوصلتها بكل سهولة.

قدرة دار النشر على تسويق رواية هيبتا

طبعًا هذا النجاح الكبير لم يأتي فقط لمجرد كون الكاتب متميز أو لأنه يمتلك موهبة جعلته يُخرج رواية مميزة، فهذا الأمر يحدث بسهولة لأي شخص موهوب، لكن ما يجعل رواية هيبتا مميزة هنا أنها قد حظيت بدار نشر مميزة مثل دار الرواق، وقد سخرت هذه الدار كل شيء يُمكن تسخيره من أجل الخروج في نهاية المطاف برواية تتربع على عرش الأكثر مبيعًا لسنوات وتُحقق كل هذا القدر من النجاح، هذا مع الوضع في الاعتبار أن الرواق في ذلك التوقيت كانت لا تزال في بداية طريقها، لكن ذلك لم يمنعها من جذب كل الأنظار إلى الرواية، وخصوصًا أنظار القارئ الذي تهافت على هيبتا في المكتبات.

تعطش السوق للروايات الرومانسية

من أكثر الروايات التي يُحب الناس تواجدها والقراءة فيها باستمرار هي تلك الروايات ذات النوعية الرومانسية، فالقراء يبحثون عن دغدغة المشاعر ومداعبة الأحاسيس، لكن في الآونة الأخيرة، وفيما يتعلق بالسوق العربي المصري على وجه التحديد، بدأت تلك النوعية من الروايات تختفي ويحل بدلًا منها الروايات الشعبية، ولذلك عندما ظهرت رواية هيبتا الرومانسية بامتياز بدا جليًا أن السوق كان مُتعطشًا لها، والجميل هنا أن الرواية لم تأتي رومانسية بالشكل النمطي المُتعارف عليه، وإنما بدت وكأنها لون جديد من ألوان الرومانسية، وعلى الرغم من صدور الرواية قبل سنوات خمس أو أكثر فإنه حتى وقتنا الحالي لم تظهر رواية رومانسية في نفس المستوى!

مناسبة الرواية لفئة الشباب

أكثر من يُمكن التعويل عليهم في عملية القراءة هم الشباب، فأولئك الذين بمقدورهم إنجاح رواية أو إفشالها، الأمر لا يتوقف عند إعجابهم بالشيء وإنما إقدامهم عليه وشعورهم أنه مُناسب لهم، وهذا بالضبط ما حدث فيما يتعلق بتلك الرواية التي نتحدث عنها الآن، فقد جاءت مناسبة لهم تمامًا ومتوافقة معهم كل التوافق، وبالتالي كان النجاح من نصيبها، فقد أثبتت إحصائية عربية أن نسبة 84 بالمئة من قراء الوطن العربي هم بالأصل شباب دون سن الثلاثين، ولو لاحظتم فإن أغلب شخصيات الرواية كانت عبارة عن شباب في هذا السن، وهذه عملية التناسب التي نتحدث عنها.

الابتعاد عن النوعية الدرِجة من الروايات

في فترة ظهور رواية هيبتا كانت هناك نوعية درجة أو شائعة من الروايات كانت تُعرف باسم الروايات الشائعة، إذ أن هذه النوعية كانت مُنتشرة بسرعة البرق وكان لون مثل الرعب والإثارة والغموض هو الأكثر جذبًا للقارئ، ولذلك فإن رواية هيبتا عندما ظهرت وبدا جليًا أنها بعيدة كل الابتعاد عن هذه النوعية، وأنها تُخاطب أحاسيس ومشاعر الجمهور قبل أي شيء آخر، كان النجاح الساحق من نصيبها، وبشكل عام فإن أي شخص، وفي أي عمل، يلجأ إلى الاختلاف وما هو ليس بشائع فبنسبة كبيرة سوف يُحقق درجة عالية من النجاح، وكل النماذج السابقة تؤكد ذلك.

ترشيح الكثير من الكتاب لها

من هو الشخص الأهم الذي يُمكنك أن تثق فيه عندما يُرشح لك رواية وتكون على يقين بأنها رواية ناجحة ومميزة؟ دعنا نسهل الأمر الأكثر، من هو مصدر الثقة الأكبر والأهم بالنسبة لك، الكاتب أم القارئ؟ الكاتب بالتأكيد، لكن لنضع في اعتبارنا أننا نتحدث عن ذلك الكاتب الذي لم يكتب الرواية، بمعنى أن أي كاتب آخر خاض تجربة الكتابة وله الكثير من الروايات المنشورة المميزة فبكل تأكيد سوف يكون الأكثر دراية بعملية الكتابة والتقييم بشكل عام ولن تكون هناك فئة أكثر خبرة منه في ذلك ولا حتى القراء، وهذا بالضبط المُنطلق الذي انطلقت منه الرواية وتمكنت باستغلاله من تحقيق كل هذا النجاح، إذ أن الكثير من كتاب الجيل قد رشحوها لجمهورهم، وبالتالي جمهور هؤلاء الكتاب أصبح جمهور للرواية بشكل تلقائي.

استخدام أغلفة مميزة ومُلفتة في رواية هيبتا

الغلاف هو عنوان الرواية الناجحة وأحد أهم النقاط الهامة بها، فإذا كنا على اتفاق بأن الجمهور يشتري الرواية دون أن يعرف أي معلومات عنها أو الكاتب الخاص بها فبكل تأكيد ثمة سبب سوف يجعل الأمر يسير على النحو السلس ويؤدي إلى إقدام القراء على شراء الرواية وإنجاحها، هذا العامل سيكون الغلاف المميز، فالغلاف هو أول مُثير للعين، والعين تهتم باتخاذ الكثير من القرارات الهامة، على العموم، ظهرت رواية هيبتا بغلاف مكون من ورقة لعبة تحمل الرقم سبعة، ثم بعد ذلك، وبعد وصول الرواية إلى أكثر من سبعين طبعة ووجود الكثير من النسخ المزورة لها التي تفوق أعداد تلك الطبعات بدأ ظهور غلاف آخر يحمل بعض نجوم السينما، وهذا ما تزامن أساسًا مع تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي، بمعنى أن أفيش هذا الفيلم قد تم وضعه في صورة غلاف، وقد ساهم ذلك في تنشيط حركة البيع مرة أخرى، في النهاية كان غلاف هيبتا طوال الوقت شيء أساسي ورئيسي في نجاحها، أو جزء من هويتها على الأقل.

وجود حالة من الديناميكية في الشخصيات

من عناصر الإبهار الهامة جدًا في رواية هيبتا والتي كانت في النهاية سببًا في نجاحها وانتشارها أن الشخصيات الموجودة بها كانت شخصيات ديناميكية بامتياز، ديناميكية يعني أنها متحركة طوال الوقت وتتفاعل معها وتتفاعل معك، ثم مع الوقت ربما تكتشف أنك قد أصبحت واحدة من هذه الشخصيات أو مشابه لها تمامًا فيما تفعله، وفي الواقع تعدد الشخصيات سمح بتعدد فئات الجمهور التي يُمكن أن تتوافق معها تلك الشخصيات وهذا ما جعلنا في نهاية المطاف أمام قطعة خالصة من المشاعر التي يُمكن أن يشعر بها أي شخص يقرأ الرواية، وكل هذا طبعًا يصب في مصلحة الانتشار والتعلق أكثر بالرواية من قِبل جمهور القراء الذي بدأ في تناقل العمل بشكل موسع داخله.

تحويل الرواية إلى فيلم ناجح

عام 2016 شهد تحول رواية هيبتا إلى فيلم لم يقل في النجاح عن الرواية، والحقيقة أن تحويل الرواية إلى فيلم أمر لم يكن التفكير به سهلًا أو تنفيذه سهلًا، إذ أن قبل ذلك الفيلم كانت الروايات نادرًا ما يتم تحويلها إلى أفلام، حيث لم تلقى هذه الصناعة رواجًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، لكن على الرغم من ذلك جاء فيلم هيبتا بعد ضغط شديد من المشاهدين، أو القراء الذين أعجبتهم الرواية وكان يطمحون في رؤية هؤلاء الأبطال الذين عشقوهم وهم يتحركون أمامهم على الشاشة، على العموم، نجح الفيلم بالفعل، بل وحقق نجاحًا ساحقًا بالمقارنة مع الموسم الذي عُرض به، فقد عُرض في موسم الربيع، وقد كان الفيلم من بطولة ماجد الكدواني وعمرو يوسف وكندة علوش وهاني عادل ونيلي كريم وأحمد داوود ودينا الشربيني والكثير من النجوم غيرهم، أما عملية تحويل الرواية إلى سيناريو فيلم فقد أشرف عليها المؤلف وائل أحمد والإخراج من نصيب هادي الباجوري.

نقد رواية هيبتا

رواية هيبتا نقد رواية هيبتا

مثلما هو الحال مع أي عمل حقق ذلك القدر من الشهرة حصلت رواية هيبتا على نقد كبير منذ ظهورها وبداية نجاحها لدرجة أن البعض قد ذبحها ذبحًا ولم يكتفي بمجرد النقد، لكن ذلك النقد في الحقيقة لا يُمكن اعتباره سوى جزء كبير من النجاح، فالناس في الأساس لا ينقدون الروايات السيئة، إنهم أساسًا لا يشرعون في عملية القراءة لها، هم فقط يتوقفون عند الروايات الجيدة ذائعة الصيت والانتشار ثم ينقدونها، على العموم، أغلب النقد الذي وُجه لهذه الرواية كان يتركز على أسلوب الكاتب السطحي بعض الشيء، والسطحية هنا في اللغة وليست المصطلحات، حيث أنهم يعتقدون كل الاعتقاد أنه عندما كانت الرواية هي الثانية فقط للكاتب وأنه لم يكن على قدر عالٍ من الخبرة جاءت الرواية بهذا الشكل البسيط.

بعيدًا عن بساطة الرواية ولغتها فإن البعض أيضًا عاب الفكرة واعتبرها فكرة هندية، بمعنى أنها مُبالغ فيها ولا يُمكن تصديقها، وقد برروا ذلك بأن الحديث ليس مجاله رواية خيالية، وإنما رواية رومانسية، لذا فإن المنطق يُحتم أن تكون الرواية على قدر ليس بالقليل من الواقعية، أيضًا النقاد لا يُحبذون ميل الرواية إلى بعض الأوصاف الخليعة والألفاظ الغير درجة على اللسان العربي، وفي الواقع، ومع احترام النقاد، إلا أن الجميع يعرف بأن الشيء الناجح يجب أن يكون محل نقد وأنه لن يمر هكذا مرور الكرام، وإلا فلماذا يتواجد النُقاد أساسًا؟

ختامًا عزيزي القارئ، كما هو واضح من السطور الماضية فإننا قد راعينا ذكر كل ما قيل أو يمكن قوله عن رواية هيبتا ، فقد تعرضنا لأسباب النجاح وفي نفس الوقت ذكرنا النقد الذي تعرضت له، ثم يبقى قرار الإقدام على قراءتها بيدك وحدك عزيزي القارئ، وإن كنت بالتأكيد لن تفوت عمل حقق كل هذه الضجة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

1 × 5 =