تسعة
الرئيسية » سفر » رحلة إلى المريخ : كيف يخطط العلماء لسفر البشر إلى المريخ ؟

رحلة إلى المريخ : كيف يخطط العلماء لسفر البشر إلى المريخ ؟

عمل رحلة إلى المريخ هو حلم لعلماء ناسا وغيرها من وكالات الفضاء الحكومية والخاصة حول العالم، فهيا نتعرف كيف أوشك العلماء على تحقيق هذا الحلم الهام.

رحلة إلى المريخ

القيام بعمل رحلة إلى المريخ سيكون أحد الانتصارات العلمية الهامة جدًا إذا ما تم، هل ستستمر الأرض في احتكار الوجود البشري الموجود في الكون كله لها وحدها؟ ربما في السابق لكن الآن بدا على البشر التمرد ومحاولة التملص من سجن الاحتكار، كان الإنسان ينظر إلى السماء فيرى النجوم ويعجب لجمالها وبريقها ويدرس حركتها ويفرق بينها وبين الكواكب والشهب والمذنبات وكفاه ذلك سعادةً وهناء، لكنه اليوم صار أكثر تململًا بعد أن أصبح قادرًا على الاقتراب بأجهزته المختلفة من تلك الأشياء فلم تعد بعيدةً جدًا كما كانت، أصبح أكثر فضولًا وإصرارًا بل إنه كاد يصبح متطلعًا إلى السماء أكثر مما ينظر للأرض التي يمشي عليها من تحته، لم تعد الصور والدراسات عن بعدٍ تحقق له رغبته وتسقي شغفه وتخمد فضوله بل تشعله أكثر فأكثر وتجعله يريد أكثر، يريد أن يصل إلى هناك أن يقف على تلك الأراضي لا يرى صورها في حسب، أن يذهب بنفسه فيأخذ عينةً أو حتى صورةً بيديه ويعود بدلًا من الأجهزة والآلات، بل إنه صار يفكر في الذهاب والعيش وأصبح يحلم بالغزو لكواكب أغرته مساحتها الشاسعة الخالية الصامتة منذ بدء الخليقة تنتظر الإعمار، نظر من حوله فغزا القمر ولكن القمر جزءٌ منا وتابعٌ لأرضنا فلم يقنعه ذلك فنظر أبعد، وكان أمامه مباشرةً الكوكب الأحمر بأبهته وجلاله ينتظر، وجد المريخ.

تطور السعي لعمل رحلة إلى المريخ

الكوكب الأحمر

كوكبٌ أحمرٌ لأنه أحمر! يملأ أرضه وجوّه غبار أكسيد الحديد الثلاثي أحمر اللون والمسئول عن هذا اللون المميز، يوجد المريخ بجوار الأرض من الجهة الخارجية ويعتبر الرابع في المجموعة الشمسية وثاني أصغر كواكبها بعد كوكب عطارد، يبلغ حجمه تقريبًا ربع حجم الأرض ما يجعل العلماء يعتبرونه كوكبًا صغيرًا لم تسمح له الفرصة بأن يتم نموه، له قمران يدوران في فلكه لكن من الواضح أننا لا نشعر بمشاعر رقيقة لهذين القمرين فتم إطلاق اسمي ديموس وفوبوس عليهما وهما يعنيان الرعب والخوف، ضغطه الجوي منخفضٌ جدًا بالنسبة لضغط الأرض الجوي فيعادل 0.75% منه وجاذبيته ثلث جاذبية الأرض فحسب، تصل درجة حرارته العظمى إلى 27 درجة مئوية بينما تكون أقل درجة حرارة 133 درجة مئوية تحت الصفر.

برغم ذلك وبرغم كون المريخ مهجورًا بشكلٍ واضح إلا أن الكثير من العلماء يصرون على وجود وجهٍ من أوجه الحياة على المريخ ثم اختفى منذ ملايين السنوات، وأن مصادر المياه موجودةٌ في المريخ لكنها مخبأة وأن المريخ كوكبٌ صالحٌ للحياة مع بعض التغيرات، فالجليد يغطي جزءًا من الكوكب خاصةً القطبين الشمالي والجنوبي حيث تتكدس عليهما جبال الجليد، وأثبتت الدراسات اكتشاف أنهارٍ جافة وأخرى مجمدة وجليدًا نقيًا على سطح المريخ، ما يجعل العلماء متيقنين من إمكانية إيجاد المياه السائلة أسفل الجليد أو إمكانية الحصول على المياه من الجليد بشكلٍ ما، لكن نظرةً واحدةً إلى غلافه الجوي الذي يتكون من 95% من ثاني أكسيد الكربون ونسب شديدة الضآلة من الأكسجين والماء يجعل قولًا كهذا صعب التصديق والإثبات كذلك.

أول ما عرفنا المريخ

رُصد المريخ من على سطح الأرض منذ زمنٍ بعيدٍ جدًا وكان الفراعنة المصريون من أوائل من رصد ذلك الكوكب الجار وبدؤوا في معرفة مساره وحركته ودورانه ومنذ عهدهم حتى عهدنا و المريخ واحدٌ من أكثر الأجرام السماوية التي جذبت الأنظار وحركت الفضول، بدأت الوكالات الفضائية خاصةً وكالة ناسا الأمريكية بإرسال المسبارات والمركبات الفضائية إلى المريخ لمحاولة اكتشافه والتعرف عليه عن قرب ومعرفة معلومات أكثر دقة عنه، فشلت العديد من تلك الرحلات في البداية وقارب عددها خمسين رحلة إلى المريخ أطلقتها وكالاتٌ فضائية من بلادٍ مختلفة فكانت إما تفشل على الأرض أو في المسافة بين الأرض والمريخ أو عند الهبوط على المريخ نفسه، ومن الواجب أخذه في الاعتبار أن رحلة إلى المريخ تستغرق عامين تقريبًا ولا تكون تلك المدة الزمنية ثابتة بل هي أقل مدةٍ زمنيةٍ لرحلةٍ بين الكوكبين، فكلٌ من الأرض والمريخ يدوران في مدارٍ إهليلجي أي مدارٍ غير دائري بشكلٍ تامٍ حول الشمس، فيبتعدان عن بعضهما أثناء الدوران ويقتربان فيما يعرف باقتران الأرض والمريخ وهو حدثٌ يحدث تقريبًا كل 17 عامًا، نجحت العديد من المركبات في الوصول إلى سطح المريخ والهبوط عليه ودراسته وتصويره وأخذ عيناتٍ منه وإمدادنا بالكثير من المعلومات عنه والعديد من الحقائق عن سطحه وطبيعته وجوه وجليده وساعدت في تكوين تصورٍ لدى العلماء عن ماضيه وعن إمكانية استخدامه وجعله مأهولًا في المستقبل، وكانت واحدةٌ من الأشياء التي أسعدت العلماء الذين كانوا يرجحون وجود المياه على المريخ والمياه الجوفية هو وجود قطراتٍ من الماء على أجسام المركبات رغم فقر الغلاف الجوي هناك من بخار الماء.

مستقبلٌ ينظر إلى المريخ

بعد أن تم اكتشاف المريخ ودراسته بدأت وكالة ناسا بوضع تحدٍ جديدٍ للبشرية بأكملها وليس لها فحسب بعمل خطةٍ تهدف إلى البدء بإرسال البشر إلى المريخ للحياة، تذكرة ذهابٍ فقط بلا عودة، يراها البعض تذكرة انتحارٍ مؤكدة بينهما يراها الآخرون فتح بابٍ جديدٍ للأمل أمام البشرية، يطلق على الرحلة اسم “المريخ 1” أو “Mars 1” بدأ تنفيذها من عام 2013 عندما طلبت ناسا متطوعين للذهاب إلى المريخ والحياة عليه والذين يتم إعدادهم وتدريبهم والتمهيد لرحلتهم وتجهيز المعدات التي سيحيون بها، وكما ذكرت من قبل ففعلًا تهدف ناسا لإرسال الحياة معبئةً في هيئة أجهزة مع هؤلاء الرواد ليتمكنوا من بنائها على سطح الكوكب المهجور، مخططٌ أنه سيتم في عام 2023 إرسال دفعةٍ من أول أربعةٍ من رواد الفضاء وبعد ذلك بعامين سيتم إرسال دفعةٍ جديدة ومن المخطط أن يصل عام 2033 عدد الذين يعيشون حياةً يوميةً مريخيةً طبيعية إلى 20 شخصًا! فهل يتحقق ذلك الحلم فعلًا أم أن هناك عقبةً ستقف في طريق خطةٍ تستغرق عشر سنواتٍ كاملةٍ لترى أول حصادٍ لها عام 2023؟

لماذا رحلة إلى المريخ ؟

إن أردنا التفكير من ناحيةٍ فلسفيةٍ قليلة فمن حقنا أن نسأل أنفسنا لماذا نملك كل ذلك الشغف والتطلع إلى المريخ؟ هل للمريخ نفسه؟ لخصائص فيه هو بحد ذاته؟ أم لأسبابٍ أخرى، فلو كان بجوارنا كوكبٌ آخرٌ غير المريخ هل كانت رغبتنا لتقل؟ وهل كان شغفنا لينضب من نبعه؟ لا أظن! فالفضول البشري فطرةٌ فينا، بحثنا كل ما في الأرض وعرفناه فتوجهنا بأنظارنا للسماء نبحث في ألغازها ونتساءل عما تحمله لنا من أسرار، لماذا المريخ؟! لأننا نستطيع! درسناه وبحثنا عنه لأننا استطعنا أن نقوم بذلك، نريد أن نذهب إليه وننشئ الحياة على أرضه لأننا نستطيع، ولو عجزنا لبحثنا عن ألف وسيلةٍ ووسيلةٍ نصبح قادرين من خلالها على تحقيق ذلك، الحلم والأمل شيءٌ إنسانيٌ بحتٌ لن نجده في أي كائنٍ حيٍّ آخر، رغبتنا في نشر وجودنا البشري والإنساني في أنحاء الكوكب ما دمنا قادرين لا حصر لها، إن اكتشاف شيءٍ كهذا وتحقيق إنجازٍ كهذا الإنجاز لهو أمرٌ يستحق المخاطرة بحد ذاته من البداية، نحن ببساطةٍ لا نقل شيئًا عن أولئك الذين عبروا المحيط قديمًا ليكتشفوا ما وراءه وكانوا موقنين بأنها رحلة ذهابٍ نحو المجهول بلا عودة، كالذين اتجهوا جنوبًا للقارة القطبية لم يُثنهم عن ذلك احتمال موتهم في قلب المجهول، كذلك نحن اتجهنا للأعلى مدفوعين بنفس الدافع ونفس الفضول، لكن يبقى السؤال هل سننجح؟ وهل ستكون مستعدًا في يومٍ من الأيام لترك أرضك وكوكبك والهجرة لكوكبٍ آخر جديد؟

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

ستة عشر + 11 =