تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » ثقب الأوزون : كيف تكون التهديد الأكبر للحياة اليوم ؟

ثقب الأوزون : كيف تكون التهديد الأكبر للحياة اليوم ؟

مشكلة ثقب الأوزون هي مشكلة خطيرة تعرف عليها العلماء في السنوات الأخيرة فقط، هنا نستعرض كيف تكون ثقب الأوزون ، وكيف يحاول العلماء التغلب على تأثيراته.

ثقب الأوزون

بالتأكيد لقد سمعت يومًا عن ثقب الأوزون ، أو عن الأضرار التي يسببها، أو ربما سمعت عن التحذيرات العديدة التي تسمعها والتي تحذر من استخدام العديد من الأجهزة، أو استهلاك بعض الغازات التي تؤثر سلبًا على طبقة الأوزون، واتساع ثقب الأوزون بها، دون أن يكون لديك العلم الكافي بما يعنيه ثقب الأوزون ، أو طبقة الأوزون، إذ أصبح ثقب الأوزون من الكوارث التي تهدد البيئة، وكعادة البشر لا يستخدمون شيئًا إلا ويصبح سلاحًا ذو حدين، فكما يفيد من ناحية، فإنه يضر من ناحيةٍ أخرى، ولكن عندما يتسرب الضرر إلى البيئة المحيطة فإنه في هذه الحالة يُصبح الضرر أعظم وأوسع انتشارًا، لذا في هذه السطور سنتعرف معًا على تلك القضية بإسهابٍ أكثر.

ثقب الأوزون : كيف تكون وكيف يشكل خطورة على كوكب الأرض ؟

ما هي طبقة الأوزون؟

تعد طبقة الأوزون جزء من طبقات الغلاف الجوي، حيث يحتوي الغلاف الجوي على ست طبقات، وهي “التروبوسفير”، و”الستراتوسفير”، و”الميزوسفير”، و”الثيرموسفير”، و”الإنزوسفير”، و”الإكزوسفير”، وتوجد طبقة الأوزون  متمركزة في الأجزاء السفلية من “الستراتوسفير” والتي يكثر به غاز الأوزون بشكلٍ ملحوظ، وبسبب كثافته في هذا الغلاف تكونت طبقة الأوزون المعروفة، وغاز الأوزون هو غاز أرزق اللون يتكون من ثلاث جزيئات من الأكسجين مرتبطة مع بعضها. ولقد تم اكتشاف طبقة الأوزون العالم “شارل فابري”، والعالم “هنري بويسون” في عام 1913م، وقام العالم “غوردون دوبسون” بالكشف عن تفاصيل تلك الطبقة، حيث استطاع في عام 1928م تطوير جهاز يستطيع قياس الأوزون الموجود في طبقة الستراتوسفير، وقام العالم “دوبسون” بإنشاء شبكة عالمية لمراقبة طبقة الأوزون، وهذا في عام 1958م، وهي موجودة حتى وقتنا الحاضر.

أهمية طبقة الأوزون؟

لطبقة الأوزون أهمية كبيرة في حماية سطح الأرض من الأشعة الفوق بنفسجية المنبعثة من الشمس، وذلك يحدث عندما تحاول أشعة الشمس الفوق بنفسجية الدخول، فتمتصها جزيئات الأوزون، وعندما تمتصها تنقسم جزيئات الأوزون إلى جزأين، ثم تعود لتتحد مجددًا لتمتص الأشعة الأخرى التي تحاول الدخول، في دائرة مستمرة، لتتسرب إلى سطح الأرض أشعة غير ضارة، عوضًا عن تلك الضارة، وغاز الأوزون يمتص حوالي 99% من تلك الأشعة.

أضرار ثقب الأوزون

 الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس، والتي يسمح ثقب الأوزون بنفاذها، لها تأثيرات ضارة جدًا على الكائنات الحية، فتلك الأشعة عندما تلامس الجلد فإنها تسبب احمرار على سطحه قد يصل إلى الاحتراق، وعندما يتعرض الجلد لهذه الأشعة بطريقة كبيرة فإنها تستطيع أن تسبب سرطانات الجلد، كما تتسبب في أمراض العيون، وتؤثر سلبًا على جهاز المناعة، وأيضًا التأثير على النباتات الخضراء، حيث أنه يؤثر على إنتاج الكلوروفيل فيها، وبهذا يستطيع أن يقلل من إنتاجيتها، وتهديد المساحات الخضراء، والأمن الغذائي على الأرض، كما أن تلك الأشعة تؤثر أيضًا على الحيوانات، لأن بإمكانها التسبب في حدوث طفرات جينية بها، وإصابة تلك الحيوانات بأمراض مختلفة، وليس هذا فقط، بل وحدوث تقلبات واختلال في المناخ، بسبب تواجد الغازات الدفيئة الناتجة من الاحتباس الحراري المرتبط ارتباطًا وثيقًا بظاهرة ثقب الأوزون ، وانتشار تلك الغازات قد يؤدي إلى حدوث الكوارث مثل السيول والفيضانات، وغيرها، وعندما تتواجد الأشعة الضارة بشكلٍ كبير في الهواء فإنها قد تسبب الكثير من الاضطرابات التي تحدث للجهاز التنفسي، والجهاز العصبي، مثل حالات ضيق التنفس، وحالات الصداع والإرهاق.

ما هو ثقب الأوزون ؟

ثقب الأوزون الذي هو عبارة عن أحد الظواهر الكارثية التي تحدث في البيئة، والذي حدث بسبب إهمال الإنسان، وهو مصطلح لا يعني ثقبًا بالمعنى الحرفي، إنما يعني تآكلًا يحدث في طبقة الأوزون التي تحمي الأرض من الأشعة الفوق بنفسجية الضارة المنبعثة من الشمس، ويؤدي هذا إلى اتساع الفجوة، وإحداث فراغ في تلك الطبقة، يمكِّن تلك الأشعة الضارة من النفاذ إلى سطح الأرض. وهو كل جزء يكون فيه عمود الأوزون أقل من 220 وحدة، وقد تم اكتشاف هذا الثقب لأول مرة في عام 1980م، والذي يقع فوق القارة القطبية الجنوبية، ويتسع في شهور فصل الخريف خاصةً، ثم يبدأ في الانكماش حتى يختفي تمامًا في شهر نوفمبر. وفي الوقت الذي يتسع فيه ثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية يكون هناك انخفاض ملحوظ في مستويات الأوزون بحوالي 60% عن نسبتها الطبيعية.

كيف تكون ثقب الأوزون ؟

في البداية عندما لاحظ العلماء انخفاض مطرد في مستويات الأوزون نشأ عن ذلك العديد من النظريات التي تحاول الوصول إلى السبب الفعلي لهذا الأمر، فمنهم من اعتقد أن التغير في ظروف الرياح في القطب الجنوبي كان السبب في انخفاض مستويات الأوزون في طبقة الستراتوسفير، ولكنها في النهاية كانت نظرية خاطئة، وهناك نظرية أخرى تقول بأن انخفاض نسبة الأوزون يكون بسبب التفاعلات التي تتم بينه وبين الغازات الأخرى النادرة، وكانت هذه النظرية الأكثر صحة، وفي الأصل تمتص جزيئات الأوزون الأشعة فوق البنفسجية، ونتيجة لهذا الامتصاص ينقسم الأوزون إلى جزأين، ومن ثم يعود ليتحد مرة أخرى ليكمل عمله في امتصاص الأشعة، ولكن عندما تتسرب بعض الغازات إلى داخل طبقات الغلاف الجوي مثل الكلور، أو ثاني أكسيد الكبريت، أو ثاني أكسيد الآزوت، يجعل من الصعب اتحاد جزيئات الأوزون بعد انقسامها بسبب عملية امتصاص جزيئات الأشعة الضارة، وبهذا لا تستطيع جزيئات الأوزون أن تقوم بوظيفتها في امتصاص الأشعة الضارة، ليحدث انخفاض في معدل الأوزون، والذي يزيد مع زيادة الغازات الضارة في الطبقة، وعندما يتركز ارتفاع الغازات الضارة في منطقة محددة في الغلاف يحدث عن ذلك ترقق لطبقة الأوزون التي تتلاشى شيئًا فشيئًا في تلك المنطقة، ومن ثم تحدث الظاهرة المعروفة بثقب الأوزون ، وتبدأ الأشعة فوق البنفسجية الضارة الصادرة من الشمس في التسرب إلى الأرض، وفي التسبب في الكثير من الأضرار الجسمية لجميع الكائنات الحية، وليس فقط الإنسان.

من أسباب اتساع ثقب الأوزون

لقد ذكرنا أنا تسرب بعض الغازات إلى داخل طبقات الغلاف الجوي تتسبب في تعطيل عملية امتصاص الأوزون للأشعة الفوق بنفسجية المنبعثة من الشمس، وبالتالي عملية رجوع ذرات الأوزون مرة أخرى بعد انقسامها، مما يؤدي إلى نقص الأوزون في تلك الطبقة، وحدوث ثقب الأوزون، ولكن ما هي الأسباب التي تؤدي إلى اتساعه؟!

مركبات الكلوروفوركربون

هذه المركبات تعد من أكبر المسببات في حدوث تلك الظاهرة، وعلى الرغم من محاولة بعض الحكومات الحد منها إلا أن استخدامها الكثير في كثير من الصناعات يجعل من الصعب الاستغناء عنها، خاصةً لأنها رخيصة، فمن الصعب استبدالها ببدائل أرخص، ولكن للأسف هذه المركبات تحتاج 20-120 سنة حتى تكسر، لذا فإنها تستقر في الغلاف الجوي لفترات طويلة جدًا، كما أنها لا تدمر بمركباتٍ أخرى، ولا تسقط مع الأمطار، ولكن يتم كسرها بالأشعة الفوق بنفسجية، ليؤدي هذا إلى أن يصبح الكلور حر والذي بدوره يتفاعل مع الأكسجين فيمنعه من أن يصبح أوزون مرة أخرى، وبهذا تضمر نسبة الأوزون في الغلاف الجوي، أو حدوث ظاهرة ثقب الأوزون ، وهذه المركبات تستخدم عادةً في عمليات التبريد، وأيضًا تستعمل في مواد إبادة الحشرات، وآفات المحاصيل، وفي مكافحة الحرائق, كما تستخدم في مستحضرات التجميل، مثل عبوات التصفيف، وإزالة العرق، وتثبيت الشعر وغيرها، وجميع هذه المواد ضارة بالطبع بطبقة الأوزون.

أكاسيد النيتروجين

هذه المركبات تستطيع أن تتفاعل مع أشعة الشمس الفوق بنفسجية، فتتغير خواصها، وتتحول إلى مجموعة من مركبات الفورم ألدهايد والتي لها تأثير ضار أيضًا على طبقة الأوزون. ومن المؤسف أن نسبة أكاسيد النيتروجين في الغلاف قد تعدت حدود النسبة الآمنة التي يمكن أن يتواجد فيها، وهو في تزايد مستمر.

التجارب النووية

من المعروف أن الأسلحة النووية من أكبر مسببات الدمار في العالم، ولكن دمارها يصل إلى طبقة الأوزون أيضًا، فقد تم التوصل إلى أن التجارب النووية العسكرية من أكبر الأسباب خطرًا على طبقة الأوزون في الغلاف الجوي، بل أن بعض الدراسات توصلت إلى أنها الأخطر من بين جميع مسببات ثقب الأوزون .

عوامل طبيعية

على الرغم من أن انفجار البراكين عملية طبيعية، لا دخل للإنسان بها، إلا أن لها تأثيرًا على طبقة الأوزون أيضًا، فعندما ينشط البركان فإنه يستطيع إرسال حوالي 6 ملايين طن من كبريتيد الهيدروجين سنويًا، وأيضًا حوالي 10 أطنان من كلوريد الهيدروجين، وعندما تصل هذه المركبات إلى طبقة الأوزون يتفاعل كل من الكبريت والكلور مع الأكسجين، فيعملان على تقليل حجم الأوزون في الطبقة، وحدوث تلك المشكلة. وأيضًا من العوامل الطبيعية العوامل الجيوفيزيائية، مثل الأعاصير، وهبوب العواصف، خاصةً على تلك المناطق الواقعة في القطب الشمالي، كما أن النشاط الشمسي له تأثيره أيضًا على طبقة الأوزون.

علاقة الاحتباس الحراري بثقب الأوزون

توجد علاقة مستمرة أشبه بالدائرة بين الاحتباس الحراري، وثقب الأوزون، حيث أن الاحتباس الحراري يزيد من ثقب الأوزون ، والذي بدوره يعمل على تسريب أشعة الشمس الضارة إلى سطح الأرض فيساعد هذا على حدوث احتباس حراري. والاحتباس الحراري هو ارتفاع درجة الحرارة في الطبقات السفلى للغلاف الجوي للأرض، بسبب ارتفاع نسبة الغازات الدفيئة في الأرض، مثل غاز الميثان، وثاني أكسيد الكربون، وبخار الماء، وأكسيد النيروز، والكلوفوروكربون.

كيف يمكن السيطرة على ظاهرة ثقب الأوزون ؟

ربما من الأسهل لحل أي مشكلة معرفة أسبابها، ومحاولة إصلاحها، ومن ثم تفاديها، وكما قلنا أن استخدام بعض المركبات له النصيب الأكبر في اتساع ثقب الأوزون ، مثل مركبات الكلوروفوروكربونات، والبروموفلوروكربونات، ولهذا فقد حاولت العديد من الدول الحد من استخدام تلك المركبات لما لها من أثر سلبي كبير على البيئة، وأيضًا ظهرت فكرة زراعة الأشجار، وذلك لأن زيادة الرقعة الخضراء يعمل على تقليل نسبة الكربون من الهواء الجوي، وزيادة نسبة الأكسجين الذي يخرجها النبات في عملية البناء الضوئي، ومن المحاولات أيضًا التي وضعت للحد من نسبة اتساع ثقب الأوزون ، هو الحد من المشكلات البيئية التي ترتبت عليه، مثل الاحتباس الحراري، والأمطار الحمضية، والضباب الدخاني، -ولقد ذكرنا- أن الاحتباس الحراري يزيد من ثقب الأوزون ، لما يحتويه على غازات دفيئة مثل الكلور، والفلور، والكربون، والبروم، وعندما يتم حل تلك المشكلات البيئية سيتم تقليل حجم ظاهرة ثقب الأوزون بالتأكيد.

لقد خلق الله –تعالى- لنا كوكبًا جميلًا مثاليًا للعيش، بيد أن الإنسان لا يُقدر الكثير من الأشياء التي بين يديه حتى يلاحظ أنها على وشك الانهيار، كما أنه لا يتدخل في شيءٍ ليصيب منه نفعًا إلا وأصاب منه ضررًا أيضًا، فهو ضليع جدًا في صناعة الأشياء التي يكون لها وجهان، نأمل أن لا تسوء الأمور على هذا الكوكب أكثر من هذا، وأن يحفظ الله علينا السلامة، الصحة، والعافية.

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

4 × أربعة =