تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » كيف تستطيع تنمية التواصل البصري والجسدي لمريض التوحد؟

كيف تستطيع تنمية التواصل البصري والجسدي لمريض التوحد؟

خلق الله الإنسان لعبادته ولتعمير الأرض، ووضع في النفس البشرية حب التواصل والنفور من الوحدة، ويمكن للإنسان الذي لا يحسن التعامل مع الآخرين تعلم تنمية التواصل بينه وبين أفراد المجتمع حتى يستطيع أن يحيا بسلام وهدوء بين الآخرين دون مشاكل.

تنمية التواصل

تنمية التواصل لدى مريض التوحد من الأمور التي اهتم بها الأطباء في الأعوام الماضية، لما له من أهمية قصوى بجانب العقاقير الطبية في تحسين حالة المريض، كما أن هناك بعض الأشخاص الأصحاء لكن ليس لديهم القدرة الكافية على التواصل والاندماج بين المجتمع والمحيطين بهم، وقد يتسبب ذلك في ردود فعل من جانبهم قد تكون غير مستحبة أو مقبولة من الآخرين، مما قد يشعرهم بالخوف من التعامل والانخراط في المجتمع، وقد تصيبهم حالة من الحزن قد تصل إلى حد الاكتئاب وتجنب الناس. لكن علماء التواصل استطاعوا أن يجدوا العديد من السبل والمحفزات التي تساعد هؤلاء الأشخاص على الحياة وسط المجتمع بصورة طبيعية وسوية.

مرض التوحد

تنمية التواصل مرض التوحد

هو مرض يظهر على الطفل في السنوات المبكرة من عمره، ويظهر من خلال ملاحظة أن التطور للطفل لا يحدث في إطاره الطبيعي، ويؤثر ذلك على تواصله السلوكي مع المحيطين به، وعلى قدرته على التواصل اللفظي أيضا مع الآخرين. واكتشف الأطباء أن هذا المرض له العديد من الأسباب بعضها يتعلق بعوامل وراثية وبعضها يرجع إلى عوامل تحدث أثناء الولادة، وهناك أيضا أسباب بيولوجية، والعديد من الأسباب الأخرى.

العوامل البيولوجية

أثبتت الدراسات الطبية أن نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بمرض التوحد يشتكون من التخلف العقلي، كما أن بعضهم يصابون بالصرع الكبير بنسبة تتراوح ما بين 4% و32% مما يجعل من قضية تنمية التواصل لديهم قضية حيوية جدًا.

العوامل الوراثية

أثبتت الدراسات الطبية أن أشقاء الطفل المصاب بالتوحد أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بهذا المرض، وحتى إذا لم يصابوا بمرض التوحد فإنهم يكونون عرضة بدرجة لكبيرة للإصابة بأي مرض آخر يؤثر على تواصلهم مع المجتمع بصورة طبيعية، ونلاحظ أيضا من خلال هذه الدراسات أن التوائم المتماثلين تزداد احتمالية الإصابة لديهم في حال إصابة أحدهم أكثر من التوائم الغير متماثلين.

أعراض الإصابة بالتوحد

  • من أولى الأعراض وأهمها ميل الطفل للعب بمفرده بعيدا عن أقرانه من الأطفال الآخرين.
  • وهذا يتنافى مع الطبيعة التي خلق عليها الأطفال، يحدث هذا غالبا في سن عامين إلى ثلاث أعوام.
  • عدم قدرة الطفل على التواصل الكلامي مع المحيطين بصورة تتناسب مع سنه والتطور الطبيعي، مع ملاحظة أن لا يكون هناك سبب عضوي متسببا في هذا التأخر.
  • قد لا يستطيع الطفل المريض معرفة والديه إذا ما تواجد وسط مجموعة كبيرة من الناس.
  • عدم القدرة على اكتساب صداقات.
  • ليس لديه المقدرة على التعامل مع المحيطين بنفس الصورة للأطفال الطبيعيين.
  • عدم حب الطفل التواجد وسط التجمعات حتى العائلية منها بل يميل دائما إلى العزلة والانفراد.
  • قد نلاحظ بعض التشوهات الخلقية البسيطة.

تنمية التواصل البصري

يعد التواصل البصري من أولى وسائل التواصل التي نستطيع أن نعرف بها ما إذا كان الطفل طبيعيا أم لا حتى وهو لا يزال في مرحلة الرضاعة، وتزداد أهميتها مع التقدم في العمر حيث يستطيع الطفل أن يتواصل مع الآخرين بعينيه حتى قبل مرحلة الكلام. ليس بالأمر الحتمي أن نرجع عدم رغبة الطفل في الاتصال بالعينين إلى إصابته بمرض التوحد، بل هناك بعض الأطفال يتجنبون التواصل البصري في حالة الغضب، كما يرتبط ذلك أيضا بعادات المجتمع الذي ينشأ فيه الطفل مثل المجتمع الياباني ومجتمعات أمريكا اللاتينية التي تربط احترام الكبير وتوقيره بعدم النظر المباشر في عينيه. كما أن الطفل يكتسب عادة سلوكياته من الوالدين، لذا ينبغي على الوالدين النظر إلى الطفل عندما يتحدث إليهم حتى يكتسب الطفل هذا السلوك. وفي حالة عدم رغبة الطفل في التواصل البصري مع المحيطين ينبغي عدم تعنيفه وعدم إجباره على التواصل، بل ينبغي توعيته باللين والرفق ومحاولة تنمية التواصل البصري لديه حتى يستجيب ولا تحدث نتيجة عكسية للمشكلة.

تنمية التواصل اللغوي

أثبتت الدراسات الطبية أن الأطفال المصابون بمرض التوحد يتجنبون الحديث مع الآخرين وذلك لعدم قدرتهم على التواصل اللفظي معهم، فهم لا يجيدون الكلام وتكوين الجمل المتكاملة كل بحسب مرحلته العمرية، لذا نجد الأطباء يحرصون على تنمية التواصل اللفظي لدى هؤلاء الأطفال عن طريق تجاذب أطراف الحديث معهم من خلال اللعب بالألعاب التي يفضلونها. كذلك يمكن تحفيز التواصل اللغوي عن طريق تحفيز الطفل لقراءة الكتب المصورة والشيقة التي تجذب انتباه الطفل ثم مناقشته فيما قرأ. كذلك لا ننصح الأبوين بتوبيخ الطفل إذا ما أخطأ بالكلمات أو تصحيحها بطريقة مباشرة، بل من الأفضل تكرار تلك الكلمات أمامه بالطريقة الصحيحة حتى يكتسبها بتلقائية، كما يفضل إبعاد الأطفال الذين لديهم تأخر في الكلام عن مشاهدة التلفاز لفترة طويلة و التعامل مع الهواتف المحمولة وألعاب الإنترنت في أضيق الحدود. كذلك ينبغي على الوالدين التأكد من حالة السمع لدى طفلهم أن تكون طبيعية لأن السمع هو المصدر الأساسي لتكرار الكلمات ومحاولة تنمية التواصل اللفظي مع الآخرين.

تنمية التواصل الجسدي

يمكننا القول بأن التواصل الجسدي يعد من أهم أنواع التواصل ومن بينها التواصل اللغوي، فأنت يمكنك قول نفس الكلمات لكن بعدة لفتات وإيماءات جسدية تجعل كل منها مختلفا تماما في المعنى عن الآخر، لذا أصبح تنمية التواصل الجسدي في مقدمة اهتمامات الباحثين المهتمين بمجالات التواصل المجتمعي. الجدير بالذكر أن وضعية جسد الإنسان تعكس الكثير أمام الآخرين عن شخصيته، لذا ينبغي أن تهتم بمعرفة معاني الأوضاع والإشارات الجسدية لتسلك السلوك الذي يتناسب مع الظروف والأشخاص المحيطون بك. فبالطبع وجودك بين أصدقائك يختلف كلية عن وجودك مع زملائك في العمل ويختلف أيضا في حالة حضور اجتماع هام مع رئيسك في العمل، فلكل ظرف من تلك الظروف ما يتناسب معها وقد لا يتناسب مع غيرها.

ونجد كذلك أن الحركات الجسدية اللاإرادية تعكس بعضا من الجوانب الشخصية، فنجد مثلا الشخص الهادئ الواثق بنفسه يتحدث بهدوء وبطريقة مرتبة، عكس الشخص المتوتر أو الذي ليس لديه ثقة بنفسه نجده يتكلم بأفكار غير منظمة كما يصدر منه الكثير من الحركات أثناء الكلام. ونلاحظ أيضا أن تعبيرات الوجه لها دور مهم في تنمية التواصل الجسدي، حيث يمكن للشخص الذي أمامك أن يفهم ما يدور بخلدك دون أن تتكلم عن طريق تعبيرات الوجه، فمثلا فتح العينين بقوة يدل على الدهشة وتقطيب الحاجبين يدل على الانزعاج أما الابتسامة العريضة تدل على السرور والفرحة.

كيفية تنمية التواصل الجسدي

من السهل واليسير تنمية التواصل الجسدي بينك وبين الآخرين وذلك من خلال تدريب نفسك على بعض السلوكيات مثل إظهار الاهتمام بالحديث مع الآخرين من خلال النظر المباشر في عين من تتحدث له، عدم إصدار حركات كثير ومتلاحقة أثناء التحدث مع الآخرين، حاول ترتيب أفكارك قبل البدء في الكلام حتى يبدو الكلام منظما واستخدام اليدين أثناء الكلام بطريقة غير مبالغ فيها، الكلام بأسلوب واضح وفهم للمحيطين واستخدام نبرة الصوت المناسبة لمجال الحديث، حيث يدل على ذلك على مدى الثقة بالنفس.

تنمية التواصل الاجتماعي عند الأطفال

تنمية التواصل تنمية التواصل الاجتماعي عند الأطفال

من الدلائل التي تجعلنا نشعر أن الطفل في نمو طبيعي قدرته على الحركة والتواصل الاجتماعي مع المحيطين به بشكل يتناسب مع مرحلته العمرية. قد يفرح الأبوين بطفلهم الهادئ الذي يلعب دائما بمفرده ولا يمثل لهم أي مشاكل أو ضوضاء، لكن ينبغي توعية الأبوين بأن الأمر إذا زاد عن حده فهو نذير بأن هناك خلل ما ينبغي مواجهته حتى لا تتفاقم المشكلة. محاولة تنمية التواصل الاجتماعي لدى الأطفال من جانب الأبوين يجعلهم يكتسبون مهارة التعامل مع المحيطين سواء الأقارب أو الزملاء، ويمكن أن يبدأ ذلك منذ اللحظات الأولى في حياة الطفل عن طريق ملامسة يديه واحتضانه لجعله يشعر بالطمأنينة والحنان، فكل ذلك يساعده مع الوقت على اكتساب الثقة بالنفس وتتكون لديه مقدرة جيدة على التعامل مع الآخرين.

تنمية التواصل بأشكاله المختلفة من الأمور الهامة لدى الإنسان، واهتم بها كذلك الباحثون حيث أن الإنسان لا يستطيع أبدا العيش بمفرده وفي عزلة عن المجتمع المحيط به، فإن النفس البشرية تحتاج إلى التعامل مع الآخرين ومحاولة فهمهم والتعايش بينهم منذ بدء الخليقة، ويتجلى ذلك بوضوح حينما خلق الله تعالى حواء لتؤنس سيدنا آدم ويتعايشا معا.

ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.

أسماء أحمد

القراءة والكتابة هوايتي منذ الصغر، أجد فيهما متعة كبيرة.

أضف تعليق

13 + 3 =