تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » تنفيس الغضب : كيف تنفس عن غضبك بدون التسبب بضرر للآخرين؟

تنفيس الغضب : كيف تنفس عن غضبك بدون التسبب بضرر للآخرين؟

جميعنا يصاب بنوبات من الغضب بين الحين والآخر، و تنفيس الغضب مهاة يجب تعلمها من أجل التخفيف من الغضب بدون التسبب بالأذى، في السطور التالية نتعلم تنفيس الغضب .

تنفيس الغضب

تنفيس الغضب في العصر الحالي أصبح ضرورة يجب علينا تعلمها حتى لا نلحق الضرر بالآخرين وبأنفسنا، كما أننا لا نفكر جيدا وقتها فنتخذ الكثير من القرارات الخاطئة والتي سرعان ما نهدأ ونأسف لما فعلناه، لذلك علينا تعلمها كمهارة مطلوبة وخاصة وأننا أصبحنا محاطون بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية مثيرة للأعصاب وخانقة للحياة، مما يجعل الشعور بالغضب شائع ومنتشر لعدم وجود قدرة على التحمل، وتكون النتيجة تفاقم سوء الوضع في العلاقات والتي ربما تؤدي بنا إلى الانفصال عن الأطراف الأخرى لافتقاد كلا الجانبين لوسائل تنفيس الغضب والتحكم فيه.

أفضل أساليب تنفيس الغضب بدون التسبب بالضرر

الغضب

حينا نغضب نشعر بطاقة سلبية كبيرة ونكون خارج وعينا الصحيح وخارج منطقة التفكير المنطقي. وربما هذا ما يبرر لنا هذا أسباب الندم بعد التنفيس عن الغضب بشكل غير مناسب، فنندم على ما فعلنا. الغضب طاقة يجب أن تخرج، ولكي تخرجها بشكل سليم هناك مجموعة من الخطوات يجب أن تتبعها، لذلك سوف نحاول خلال المقال توضيح الطرق الصحيحة التي تمكننا من التنفيس عن غضبنا بشكل مفيد، كما أننا يجب أن نعلم أن طرقنا المعتادة للتعبير عن شعورنا بالغضب هي في الواقع تزيد الأمر اشتعالا وتعقيدا، كتكسير الأشياء المحيطة بنا أو تقطيع الأوراق بعنف أو إلقاء ما تقع عليه أعيننا أرضا، كلها وسائل نلجأ إليها أثناء شعورنا بالغضب ونعتقد أنها من وسائل تنفيس الغضب، ولكن الحقيقة أن الكثير منها يقوم بالعكس تماما ولا يؤدي إلى شيء إلا زيادة التوتر والشعور بالغضب أكثر.

الوسائل الصحيحة للتنفيس عن الغضب

بالطبع علينا أن ندرك في البداية أننا لسنا آلات تدار ولا روبوتات مصنعة، إنما نحن بشر ولدينا مشاعر وعاطفة ونصدر تصرفات غير محسوبة في أوقات كثيرة، وهذه ليست عيوبا وإنما هي الطبيعة البشرية، ومن المهم أن نفهم هذا الكلام جيدا حتى لا نلوم أنفسنا بأكثر مما يجب، فالكثير منا يلجأ إلى جلد الذات ويلوم نفسه بأنه شخص غير سوي لأنه يغضب ومن ثم يتحول الأمر إلى عقد نفسية مصدرها الضمير وسوء إدارته. ومعرفتنا ببعض طرق تنفيس الغضب لا يعنى شيء سوى أننا سوف نحاول من خلالها أن نقلل الأضرار فقط لا غير، وهي كالتالي:

الهدوء والاسترخاء

للاسترخاء فوائد كبيرة في تنفيس الغضب وتقوية النفس على التحمل، ويمكنك أن تحصل عليه بعدة طرق، كممارسة تمارين اليوجا والتأمل والتنفس بعمق وبشكل سليم. أيضا من خلال أخذ حمام دافئ والاستماع إلى الموسيقى الهادئة، كذلك التدليك والمساج يريح لبعض الوقت، الذهاب إلى مكان هادي كأن تجلس أمام البحر لتتأمل أمواجه أو حتى المناظر الطبيعية والتنفس بعمق وسط المساحات الخضراء كلها تريح النفس وتهدئها، ومن ثم تستطيع إعادة التفكير في موضوع غضبك وإدارته بشكل جيد.

الضحك

الضحك بصوت عال والضحك المتواصل يقلل كثيرا من المعاناة ويساعد الجسم على التخلص من الضغوط والشعور بالإجهاد. ويوجد الآن في الدول المتقدمة مستشفيات تقوم فكرة العلاج بها على الضحك، حيث أن إدخال المريض في جو من الفكاهة والضحك يحسن من حالته ويرفع من نسبة احتمال تعافيه. ويمكنك الضحك من خلال سماع حاكي النكات أو بعض برامج التلفزيون المضحكة أو حتى الذهاب إلى السينما لمشاهدة فيلم مضحك أو المسرح لمشاهدة مسرحية كوميدية أو حتى مقابلة الأصدقاء وتبادل النكات.

الكلمات المهدئة

أن تقوم بترديد بعض الكلمات والجمل المهدئة لنفسك يحسن من حالتك، وقد كنت شاهدت فيلم هندي يشرح فيه البطل كيف أن قلوبنا جبانة وتحتاج إلى من يطمئنها، وكان ينصح المشاهدين أنه في حالة تعرضك لمصيبة ما لا عليك سوى أن تطبطب بيدك على قلبك وتردد بصوت مسموع ” كل شيء على ما يرام” وحينها سوف يستمع إليك قلبك ويهدأ ومن ثم تستطيع التفكير بشكل جيد، فشعورك بالخوف والقلق والرعب يحول بينك وبين التفكير بشكل سليم.

دلل حيوانك الأليف

إن كان لديك قطة أوكلب أو أي حيوان أليف آخر قم بالتنزه معه خارج المنزل وحاول الجلوس بهدوء وتحسس فراءه، وقد وضحت الدراسات أن الأشخاص الذين يقومون بهذه الأفعال يكونون أكثر هدوءا وأقل انفعالا.

غذاء صحي

في فترات توترك وغضبك يلعب غذاءك دورا كبيرا في الأمر إما تهدئته وإما زيادة الأمر اشتعالا، لذلك عليك باتباع نظام صحي حتى يقلل من توترك ويهدئك، فمثلا ليس جيدا أن تتناول طعام حار أو مسبك وصعب الهضم وأنت في مزاج عصبي؛ فسوف يزيد الأمر تعقيدا، على حين تناولك لوجبة خفيفة أو شوربة أو سلطة خضراء أو سلطة فواكه سوف تنعكس عليك أفضل.

تجنب المنبهات

في أوقات التوتر والشعور بالقلق يتجه الكثير منا إلى الشاي والقهوة والكحول كوسائل للتنفيس عن الغضب، وفي الواقع هي تزيد توترنا حيث إنه يحرم الجسم من الشعور بالاسترخاء والتمتع بالهدوء في وقت هو في أمس الحاجة إليه.

طرق غير مناسبة

كبح المشاعر

يعتقد البعض أن كظم الغضب بداخلنا أقل ضررا من تنفيسه بشكل ربما ليس جيدا فيكون الأفضل الصمت، ولكن الحقيقة أن كظم الغضب ومحاولة تركه داخلنا تكون آثاره على الصحة النفسية مدمرة، ويجعلك مثل قنبلة موقوتة في انتظار حادثة غضب أخرى لتنفجر.

لوم النفس

لا تلم نفسك عن شعورك بالغضب أو سوء التعامل معه لأنه أيضا لن يحل المشكلة بل سوف يساعد في تفاقم الأمر والكبت والمشكلات النفسية المتعددة، وعليك أن تعلم أنك سوف تتعرض لمثل هذا الأمر من حين لآخر، فمن الأفضل تعلم تنفيس الغضب بشكل ملائم.

تجارب في الدول المتقدمة للمساعدة في تنفيس الغضب

وعن أهمية تنفيس الغضب وخاصة في مجال العمل نجد الكثير من الشركات في الدول المتقدمة مدركة جيدا لهذا الأمر فتساعد موظفيها على تنفيس غضبهم وتوفر لهم الوسائل أيضا، فمثلا يقومون بتخصيص غرفة يوضع بها عرائس مصنعوه على شكل مديرين الأقسام لديها ويسمحون للموظفين بالدخول وتنفيس الغضب في العروسة حتى ترتاح أعصابهم، وبالطبع تكون النتيجة جيدة للطرفين بالنسبة للفرد فقد نفس عن غضبه وسوف يعود إلى منزله ويواصل حياته، وبالنسبة لصاحب العمل فسوف يجد موظفيه يعملون بحماسة الأمر الذي يعود على زيادة الإنتاج. ولكن علينا أن نضع في اعتبارنا أن هناك العديد من وسائل تنفيس الغضب والتي ينصح بها المتخصصون، ولكن لكل منا وسيلته المفضلة أو الأكثر ملاءمة له، وعلينا اكتشافها واستخدامها جيدا.

بالطبع النصائح السابقة هي مجرد خطوط بسيطة ربما تساعدك، ولكن عليك أن تعلم أن الأمر يقع على كاهلك وأنك أنت الوحيد الذي يستطيع مساعدتك. وربما النصائح التي تأتي بثمار مع البعض لا تأتي معك بذات الثمار؛ وذلك ببساطة لأننا مختلفون ولكل منا نظامه الخاص به، ولكن فكر مليا فيما سوف تخسره إذا قمت بتنفيس الغضب بشكل غير مناسب.. سوف تخسر الكثير وسوف تندم على ما قمت بفعله وليس هناك دائما طرق متوفرة لمعالجة الأمر. في حالة عدم قدرتك على التعامل مع الأمر رغم كل مع سبق فيتبقى لك الذهاب إلى المختصين كالمعالج النفسي ربما أو حتى تسجيل الحضور في الدورات التي يتم عقدها في فن إدارة الغضب حيث يقومون بتدريبك على المواجهة والتعامل مع الأمر بحكمة، كما يعلمانك الصبر حيث أن العلاج ليس بسيطا وسريعا وإنما ينبغي التحلي بالصبر لتحقيق ما تريد. وربما يوضح لنا ذلك أن كونك في مجموعة دعم تعاني مما تعاني أنت، فسوف يساعدك هذا كثيرًا.

ليزا سعيد

باحثة أكاديمية بجامعة القاهرة، تخصص فلسفة، التخصص الدقيق دراسات المرأة والنوع.

أضف تعليق

ستة + ستة عشر =