تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الحمل والانجاب » كيف يتنفس الجنين داخل الرحم وما هي آلية تنفس الجنين المعجزة؟

كيف يتنفس الجنين داخل الرحم وما هي آلية تنفس الجنين المعجزة؟

تنفس الجنين من الأسئلة الوجودية التي تراود البعض، أو قد يتم طرحها أمامك، وإن لم يكن لديك معلومات فلن تستطيع أن تجيب، في المقال نشرح العملية بالتفصيل.

تنفس الجنين

لا شك أن عملية الحمل والولادة من أكثر العمليات التي توضح تجلي عظمة الله –تعالي-، وقدرته في خلقه، فإخراج روحٍ من روح لا شك من أعقد العمليات التي حاول الإنسان الوصول إلى فهمٍ صحيح لها، بل إنها من أكثر الأمور سحرًا، وجمالًا، فسبحان الله! ومن العمليات التي تثير تساؤل الكثيرين في مراحل نمو الجنين: “عملية تنفس الجنين ” فهي وحدها واحدة من أكثر العمليات الشائكة، والمبهمة والتي تحتاج إلى توضيحٍ أكثر، فكيف يُمكن للجنين أن يتنفس في بطن أمه؟ كيف يمكنه أن يبقى على قيد الحياة على الرغم من عدم وجود هواء! بل من الأفضل أن نتساءل عن كيف له أن ينجو دون أن يغرق مثلًا!  جميعها تساؤلاتٍ تحتاج لإجابات، والكثير من التأمل، ومن البديع أن التأمل في مخلوقات الله والتفكر في قدرته –تعالى- عبادة عظيمة، فسبحان الذي جعل لنا في مجرد التأمل عبادة، وفي العبادة قرب منه –تعالى-!

الجنين لغة، واصطلاحًا

الجنين في اللغة: هي كل مستور، فيُقال: جنَّ الليل: بمعنى أظلم، ويُقال أيضًا: أجنَّ فلان الشيء في صدره: بمعنى ستره، وأخفاه، وأكنَّه، وأيضًا الجنين منه المجنون، لاستتار عقله، ومنها الجان: لاستتاره عن أعين الناس، والجنين يُجمع على: أجِنَّة، وهو ما يتكون في الرحم، وهو المولود في بطن أمه، فإذا خرج من بطن أمه حيًا، أُطلق عليه “ولد”، وإن خرج ميتًا، أُطلق عليه “سقط”، فالجنين هو ما يحدث نتيجة اندماج كل من النطفة الذكرية، والأنثوية معًا، لتتكون حينها بويضة مُخصبة، مرورًا بالانقسامات المُتتالية، والتي تصل بالنهاية إلى تكوين الجنين، والذي يمر بالعديد من المراحل أيضًا، حتى يخرج بسلامٍ إلى هذا العالم.

كيف يتنفس الشخص العادي؟

قبل أن نتطرق إلى عملية تنفس الجنين ، علينا أولًا أن ندرك عملية التنفس الطبيعية التي يقوم بها الإنسان، وربما معرفة كيف يتنفس المرء ليس أمرًا صعبًا، أو عبارة عن لغز ما بعكس عملية تنفس الجنين، فأنت لم تكن لتدرك هذا الأمر بالطبع، خلاف الحال الآن، فعملية تنفس الإنسان تقوم في الأصل على تبادل الغازات، فمن المعروف أننا نتنفس أو نستنشق غاز الأوكسجين، والذي يعتبر عصب الحياة لجميع الكائنات الحية على وجه الأرض، ومن دونه لن يستطيع المرء أن يبقى على قيد الحياة، وهو أيضًا الذي يمد الكائنات بالطاقة اللازمة للقيام بأنشطتها المختلفة، ومن الأسباب التي تجعل كوكب الأرض الكوكب الوحيد الذي يصلح للحياة، فهذا لأنه يحتوي في غلافه الجوي على عنصر الأوكسجين بنسبة تقارب حوالي 21%، على عكس الكواكب الأخرى، فقد تصل نسبته في كوكب الزهرة مثلًا إلى حوالي 0.003%. ولكن عندما يتعلق الأمر بعملية تنفس الجنين ، فهل يوجد في بطن الأم الأكسجين الكافي كي يتنفسه الجنين؟ وكيف يتنفسه الجنين أصلًا؟ هذا ما سنحاول معرفته معًا.

عملية تنفس الإنسان

كما ذكرنا فإن عملية تنفس المرء هي عبارة عن عملية تبادل للغازات، والتي تتم بين الهواء الجوي، والدم، عن طريق عمليتي الشهيق، والزفير، فإن الإنسان يُدخل الهواء الذي يحتوي على غاز الأوكجسين إلى الجهاز التنفسي، وهذا الهواء يحتاج إليه الجسم للقيام بأنشطته المختلفة، وإمداده بالطاقة، وهذا يتم عن طريق عملية الشهيق، وتأتي عملية الزفير، والتي يقوم فيها الجسم بإخراج الهواء والذي يكون عبارة عن غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو الناتج عن عملية التنفس الداخلي في جسم الإنسان، وهذا التنفس الداخلي، أو التنفس الخلوي يتم فيه تبادل الغازات بين الدم، وخلايا الجسم المختلفة، حيث يستمد الجسم طاقته من عملية التنفس الخلوي الهوائي، والذي يتم فيها تكسير السكريات لتحويلها إلى طاقة، وماء، وغاز ثاني أكسيد الكربون، والذي يخرج في عملية الزفير، وهناك أيضًا عملية أخرى من عمليات التنفس الخلوي، ولكنها تتم في غياب الأكسجين، لذا فهي عملية تنفس خلوي لا هوائي، ويتم فيها تحويل المواد السكرية إلى طاقة، ومركبات وكحول إيثيل، وثاني أكسيد الكربون، ولكن الطاقة الناتجة من هذه العملية أقل من الطاقة الناتجة من عملية التنفس الهوائي.

 جهاز تنفس الإنسان

نعرف جميعًا أن الإنسان يتنفس عن طريق جهازه التنفسي، الذي يتكون من الأنف، وهو بداية الجهاز التنفسي، وهو الجزء الخارجي منه، والذي يدخل عن طريقه الهواء إلى جسم الإنسان، كما أنه يحتوي على شعيرات صغيرة حتى تمنع الغبار، والأجسام الغريبة من الدخول إلى جسم الإنسان، وأيضًا يحتوي على غشاء مخاطي حتى يساعد على ترطيب الهواء الداخل إلى جسم الإنسان، وأيضًا من يتكون الجهاز التنفسي من البلعوم، وهو الأنبوب العضلي الذي يصل الأنف بالحنجرة، لذا فإن الحنجرة هي العنصر الثالث من عناصر الجهاز التنفسي، وهي التي تمنع دخول الطعام والشراب إلى الرئتين، حيث تفتح وتغلق عن طريق لسان المزمار، وهو عبارة عن نسيج غضروفي، وأيضًا لدينا القصبة الهوائية، وهي عبارة عن الأنبوبة التي يتفرع منها قصبتان، تحمل كل واحدة منهما رئة، لينتهي الجهاز التنفسي بالرئتين، وهما الجزء الأساسي في عملية التنفس، وتكونان محميتان بالقفص الصدري، وأثناء عملية التنفس، فإن الرئتان تمتلئا بالهواء أثناء عملية الشهيق، وحينها ينزل ما يسمى بالحجاب الحاجز إلى أسفل، وعندما تحدث عملية الزفير، فإنهما يتقلصان ليخرج ما بهما من هواء، ويرتفع الحجاب الحاجز إلى أعلى.

تنفس الجنين

كي يتنفس الإنسان يجب أن يمتلك رئتين، وأيضًا هواءً صالحًا للتنفس، ولكن بالنسبة إلى تنفس الجنين ، يجب علينا أن نوضح البيئة التي يعيش فيها الجنين فترة وجوده في بطن أمه، وكيف يتنفس على الرغم من عدم اكتمال نموه؟

إن البيئة التي يعيش فيها الجنين في بطن أمه عبارة عن سائل، ويقضي فيه الجنين مدة وجوده في بطن أمه سابحًا في هذا السائل، ولأنه لا يمتلك جهازًا تنفسيًا مكتملًا فإن تنفس الجنين يكون عن طريق الأم، ولكن تبدأ مرحلة تكوين الجهاز التنفسي خاصة الرئة لدى الجنين في الأربعة أسابيع الأولى، ولكن لا يتنفس بمفرده قبل أن تتم الولادة إلا عن طريق الأم. فالحبل السري الذي يربط الجنين بالأم هو من أهم الوسائل التي تساعد الجنين على التنفس، وتبقيه على قيد الحياة، ولأن الطفل مثلنا يحتاج إلى الأوكسجين فإنه يصل إليه عن طريق الأم، فعندما ينتقل دم الأم عبر المشيمة إلى الجنين فإنه يحمل معه ما يحتاج إليه الجنين كي يبقى على قيد الحياة، من مواد غذائية، وأوكسجين، كما أن الفضلات التي يطردها الجنين مثل ثاني أوكسيد الكربون تخرج عن طريق الحبل السري، والمشيمة، حتى تخرجه الأم.

بعض النصائح كي تحافظي على صحتك، وسلامة الجنين

صحة الجنين من صحة المرأة، فالمُحافظة على سلامتك أمر أساسي وهام كي تحافظي على صحة جنينك، فإن كنتِ في الطبيعي لا تهتمين بصحتك، أو لا تكترثين لغذائك، فإنك عندما تكونين أمًا ستكونين مسئولة أكثر ليس عن نفسك فقط، بل عن جنينك أكثر، لذا فإن المسئولية في هذه الحالة تقتضي الحفاظ على نفسك، ومن المهم جدًا متابعة الطبيب، ومتابعة نصائحه، بعيدًا عن نصائح صديقاتك، أو والدتك، على الرغم من أن بعض النصائح مفيدة، ولكن البعض الآخر قد يكون ضارًا، كما أن ما يحدث لسيدة، قد لا يحدث لأخرى، أو قد تختلف الظروف. ولكن هناك بعض النصائح التي من الجيد أن تعرفينها، ليست فقط هامة للمحافظة على تنفس الجنين ، بل على صحتك وصحته أيضًا!  فمن الأمور الهامة جدًا؛ اتباع نظام غذائي صحي، وجيد، فلا يصح أبدًا إهمال الوجبات، ومن المهم أن تحرصي على تناول الأطعمة الغنية بأوميجا 3، مثل زيت السمك، حيث أنه عنصر هام في عملية بناء الخلايا العصبية، كما أن السمك يحتوي على عنصر اليود، وهو مهم جدًا في زيادة قدرة الأجنة، مثل القدرة العقلية، والقدرة الذهنية، ومن ثم فإنه يساعد على تقوية قدرتهم على القراءة بشكلٍ سليم فيما بعد. أيضًا الأطعمة التي تحتوي عل حمض الفوليك، والأطعمة الغنية بالكالسيوم والفوسفور، والموجودة في مشتقات الألبان، والحليب فمن المعروف أن تلك العناصر هامة في بناء العظام، لذا فإنه يجب عليكِ تناول الحليب بانتظام، أو أحد مشتقات الألبان. كما أن الأطعمة الغنية بالفيتامينات، مثل تناول الخضراوات، والفواكه الصفراء، والأطعمة الغنية بالحديد، فالحديد هام جدًا في عملية إمداد الجنين بالدم اللازم، ومن الأطعمة الغنية بالحديد: البقوليات، ومن المهم أن تحرصي على تناول الدهون حوالي 30% منها بشكلٍ يومي، وأيضًا نسبة من الملح الذي يوجد عن طريق المخللات، فهذا يساعد على تقليل الإصابة بارتفاع ضغط الدم.

من النصائح أيضًا

من الأمور الهامة جدًا والتي يجب على المرأة الحامل أن تتجنبها من بينها التدخين، وأيضًا الحرص على استشارة الطبيب في أنواع العقاقير والأدوية التي تعتاد المرأة على أخذها. كما أن الضغط النفسي من الأمور التي تؤثر سلبًا على صحة الأم والجنين، لذا يجب على الأم أن تبتعد عن الضغوطات، والقلق والتوتر، كما أنه يجب على الأسرة، والبيئة المحيطة مساعدتها للحصول على هذا المحيط المناسب، خاصةً الزوج، فيجب عليه أيضًا مراعاة تقلبات زوجته المزاجية في هذا الفترة، واحتوائها، ومحاولة استيعاب ما تمر به في هذه الفترة، خاصةً أنها تتحمل ما تتحمله وحدها، ليكون أبًا في النهاية. من المهم أيضًا أنه يجب على المرأة أن تتجنب ارتداء الملابس الضيقة، والتي يمكن أن تضغط على البطن، فتسبب ضغطًا على تنفس الجنين ، أو على الجنين عمومًا، كما ستسبب الضيق للأم نفسها، كما أن أخذ القسط الكافي من النوم من الأمور الهامة، من الطريف أن البعض يشير إلى أهمية نوم الأم قبل الولادة، خاصةً لأنها لن تحصل على القدر الكافي من النوم بعد الولادة، وهذا صحيح جدًا للأسف، كان الله في عون الأمهات، وجزاهنَّ خيرًا كثيرًا. ولكن بعيدًا عن هذا الأمر، فالنوم بشكلٍ كافٍ هام جدًا، فيجب على المرأة أن تنام ما يقرب الثماني ساعات، أو ما يزيد عنها, لتحصل على الراحة الكافية. كما أن القيام بالرياضيات المناسبة للحامل وبالطبع يجب أن يكون تحت استشارة أحد المختصين، لأن الجهل بالأمور قد يعرض الأم للخطر، خاصة إن لم تكن على دراية التمارين المناسبة، ولكن من الجيد أن تعلمي أن أعمال المنزل نوع من أنواع الرياضة، وأيضًا الحرص على المشي من الأمور الجيدة.

التنفس هو مفتاح الحياة، فما أن تشعري بنبضٍ في داخلك يتنفس، فإن الأمر كأنكِ تتنفسي للمرة الأولى، أو تشعري بنبض قلبكِ للمرة الأولى، فإن تنفس الجنين داخلكِ نعمة، يجب أن تحمدي الله عليها، وتحرصي على صحتك من أجله، من أجل أن يأتي صحيحًا بإذن الله، ومن جميل شكر الله على نعمة أن تفعلي ذلك.

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.