تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » موت وفجيعة » تقديم العزاء : كيف تقدم العزاء بطريقة ملائمة ؟

تقديم العزاء : كيف تقدم العزاء بطريقة ملائمة ؟

فن تقديم العزاء من الفنون التي يجب على كل شخص أن يجيدها إذا ما وضع في موضع يحتاج فيه إلى أن يعزي أحدهم، في السطور المقبلة نعرفك على أسلوب تقديم العزاء .

تقديم العزاء

إن من أصعب وأحرج المواقف التي يتعرض لها الإنسان هو تقديم العزاء ؛ وذلك لأنه يشعر بالحرج الشديد والعجز عن تخفيف آلام الشخص المصاب بفقد عزيز عليه، وكثيرا ما تجد نفسك في موقف المعزي لصديق أو قريب أو جارٍ لك لفقده شخصا عزيزا عليه يحزن لأجله أشد الحزن، وكما نعلم جميعا أن أصعب شيء في هذه الحياة هو فراق الأهل والأحباء أو الأصدقاء خصوصا إذا كان هذا الفراق فراقا أبديا؛ تعقبه مشاعر الحزن والفجيعة والحرمان، وعندها يشعر الإنسان بالاكتئاب والحزن يكون أشد حاجة للآخرين أكثر من أي وقت مضى للعزاء والمواساة من الأصدقاء والمقربين والجيران للوقوف بجانبه ومساعدته في شدته بالأفعال والأقوال أو حتى مشاركته المشاعر والأحاسيس، وغالبا ما يشعر الناس بالحيرة والعجز عن إيجاد طريقة مناسبة لتقديم العزاء أو للتعبير عن التعاطف والمواساة وتوفير الراحة للشخص الذي فقد أحد أفراد أسرته، وفي هذا المقال نتناول أهمية تقديم واجب العزاء، وكذلك أهم الطرق التي يتم تقديم العزاء بها، ثم مجموعة من النصائح المفيدة لتقديم العزاء بطريقة ملائمة.

كل ما يجب عليك معرفته عن تقديم العزاء

أهمية تقديم واجب العزاء

إن العزاء أو التعزية هي التسلية وحث الشخص المفقود له عزيزٌ عليه على الصبر والسلوان والرضا بقضاء الله وقدره ووعده بالأجر العظيم من الله وكذلك الدعاء للميت، وللعزاء دور مهم في تخفيف المصاب وإزالة همه وغمه وتسليته وتهوين المصيبة عليه، وكما نعرف أن الموت حقيقة لا مفر منها وهو قضاء الله (تعالى) على جميع المخلوقات والبشر من جميع الديانات، وعند رحيل الإنسان عن هذه الدنيا إلى العالم الآخر يترك فراغا كبيرا عند أهله وأصدقائه والمقربين منه، وقد اعتاد الناس على تقديم العزاء والمواساة لبعضهم البعض في تلك المناسبات، وقد اعتبرتها الأديان من السنن الواجبة؛ لأنها تحقق مبدأ التكافل الاجتماعي والتعاون بين الناس في وقت الشدائد والمصائب، و تقديم العزاء من العادات والأمور التي حث عليها الأنبياء في جميع الديانات.

الطرق التي يتم تقديم العزاء بها

يكون تقديم العزاء لأهل الفقيد أو المتوفى بعدة طرق وأساليب متنوعة منها ما يلي:

1- الحضور إليهم ومواساتهم بعبارات مناسبة تدعوهم من خلالها إلى التصبر واحتساب الأجر عند الله، وكذلك الدعاء للميت، ولم يحدد الدين صيغا معينة لتقديم العزاء.
2- تكون المواساة أيضا بمساعدة أهل الفقيد أو المتوفى في قضاء أمور حياتهم من إعداد للطعام أو تجهيز المشروبات وغسل الملابس وتنظيف وتنظيم المنزل وغير ذلك من الأمور التي يحتاجونها.
3- ومن أهم وسائل وطرق تقديم العزاء أيضا رعاية أهل المتوفى خصوصا الأطفال الصغار من خلال العطف عليهم وتقبيلهم لتخفيف آلامهم والترويح عنهم وتعويضهم عن فقدهم ومصابهم.
4- الاستماع لحديث أهل المتوفى عن فقيدهم للتعبير عن مكانته بالنسبة لهم ومشاركتهم في ذلك.
5- ومن أجمل طرق تقديم العزاء التي يسعد بها المتوفى وأهله هي عمل تذكار خيري من كتيب نافع أو التبرع لجمعية خيرية أو مشروع خيري باسم الفقيد حتى ولو كان بثمن الورد الذي كنت ستحضره لهم.
6- إذا لم تتمكن من الحضور والمشاركة في تقديم التعزية فلا تتأخر في إرسال برقية عزاء معتذرا عن الحضور بأسلوب رقيق، ومن أجمل العبارات المناسبة للتعزية ما يلي:

  • أنا شديد الحزن لمصابكم، البقاء لله وحده.
  • أقدم خالص التعازي لك وللعائلة.
  • المتوفى دائما في قلوبنا ولن ننساه.
  • تقبلوا تعازينا في فقدان أغلى شخص.
  • أصدق التعازي والمواساة الخالصة في مصابكم.
  • أدرك مصابكم وشعوري لا يقل عن شعوركم.

نصائح لتقديم العزاء بطريقة ملائمة

إن تقديم العزاء لشخص قريب أو صديق فقد عزيزا عليه ليس أمرا سهلا كما يعتقد البعض؛ فقد تكبد جارك أو صديقك أو قريبك خسارة فادحة بفقد عزيز أو غالٍ عليه؛ لذلك يجب عليك تقديم العزاء بطريقة تتناسب مع عظم المصيبة وقوة النازلة، وفيما يلي أتناول بعض النصائح التي تنفع في تقديم العزاء بطريقة ملائمة:

لغة الجسد

إن العزاء والمواساة لا يكون بالكلام فقط؛ فقد يعبر الجسد عن الحزن والمواساة أكثر من اللسان، ولابد أن تظهر لأهل المتوفى أنك تهتم لمصابهم، وأقل ما يمكنك فعله هو أن تجعل عينك متصلة بصورة مباشرة معه، وأن يكون جسمك مواجها لجسمه، وكذلك تعطي الحديث معهم أولوية كاملة، واحذر أن تضع زراعيك على صدرك أو أن تبقى بعيدا عنه؛ فيشعر بعدم الارتياح وأنك تنتظر المغادرة، وكذلك لا تنشغل عنه بالهاتف أو ميدالية المفاتيح أو النظر في أنحاء المكان عندما يتحدث إليك؛ فيشعر منك باللامبالاة.

صدق المشاعر

يجب أن تتحلى بالمشاعر الصادقة عند تقديم العزاء ، ولا تجعل الشخص يشعر بأنك تخدعه أو توهمه بالحزن؛ لذلك تحدث معه ببطء معبرا عن حزنك على الفقيد، وإذا كانت تربطك بالفقيد علاقة ومعرفة فيمكنك مشاركته قصة سريعة أو حكاية طريفة تظهر مدى حبك للفقيد أو حبه لك.

لا تتجاوز الحدود

لا تظهر البكاء والتأثر الشديد إلا إذا كانت تربطك بالفقيد معرفة شخصية أو عملية؛ حتى لا يشعر الشخص الذي تواسيه بعدم الارتياح لك ولمشاعرك المزيفة.

المواساة في الاستماع

إذا كان الشخص يريد التحدث إليك فاتركه حتى ينتهي من حديثه حتى ولو كان لديك الكثير مما تريد قوله إليه، وتذكر دائما أن الشخص الحزين ربما لا يحتاج سوى التحدث إلى شخص ما؛ ليشعر بالراحة، ولا تحاول تقديم المشورة أو النصائح، وعليك أن تكتفي بالإيماء والحفاظ على اتصال العين به والحفاظ على لمس يده أو جزء من جسده لتمنحه الراحة والاطمئنان عند تقديم العزاء .

تجنب الأحاديث الجانبية

حاول أن تتجنب الأحاديث الجانبية التي تخرجكم من موضوع العزاء والمواساة والدعاء للمتوفى وذكر مآثره ومناقبه؛ لأنك إذا فعلت ذلك وأثرت الحوارات والأحاديث الجانبية سيشعر الشخص بكذب مشاعرك وأنك لا تهتم لحزنه أو مصابه، وكان من المفروض أن يجد منك صدق النوايا والمشاعر.

لا تتحدث عن نفسك

تجنب الحديث عن نفسك كثيرا حتى ولو كانت لك تجربة مع الموت في فقد عزيزٍ أو غالٍ عليك؛ حتى تبدو أكثر تعاطفا ومشاركة له في مصابه، وإياك أن تقارن خبراتك مع موت عزيز عليك معه؛ فأنت جئت من أجل تقديم العزاء وليس مشاركة الخبرات والحديث عن الذات.

ملامسة الاطمئنان

إذا كانت تربطك بالشخص علاقة قوية فمن الواجب معانقته ووضع زراعيك حوله؛ ليشعر بالاطمئنان والراحة وصدق مشاعرك في مواساته، ولكن عليك فقط التأكد من رغبته في المعانقة، فإذا شعرت أنه يصافحك ويحاول عدم الاقتراب فلا داعي للمعانقة؛ لأن هناك الكثير من الناس لا يريد الشعور بالضعف بل يحاول التماسك والشعور بالقوة.

تقديم المساعدة

بعد تقديم العزاء للشخص اعرض عليه تقديم المساعدة بصدق وإخلاص في أي شيء يمكنك القيام به من المهام والأمور التي يحتاجها أهل المتوفى، وقد لا تكون المساعدة في وقت طلبها، وعليك أن تكرر عرض المساعدة عند شعورك وملاحظتك أنه يحتاج لذلك.

لا للعويل والبكاء

لا يحسن إظهار الرحمة بالميت من خلال العويل والبكاء، والتزم الهدوء والسكينة؛ حتى يستمدوا منك التصبر والسلوان، وكذلك في المقابل لا يجب على النساء إظهار الزينة والتبرج؛ فالعزاء ليس وليمة أو احتفال.

لقد علّمنا الدين أن نقدم العزاء لإخواننا وجيراننا حتى ولو كانوا على غير ديننا؛ حتى نشارك الآخرين مشاعرهم وآلامهم وتخفيفها عنها بطريقة أو بأخرى، ولا يجب أن ننسى أن الذي خلق السم خلق له العلاج، وأن الذي أوجد الفيروس جعل له ترياقا، وأن الذي جعل الموت هو الذي خلق الحياة، وكما خلق الحزن فلديه القدرة على جعله سرا لسعادة الناس؛ فلا تبخل على الآخرين أثناء تقديم العزاء باتباع تلك النصائح التي ذكرت سابقا حتى تكون تعزيتك ملائمة ومناسبة لعظم المصاب، وقد تكون سببا لإدخال السرور والسعادة إلى نفوسهم.

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.

أضف تعليق

خمسة × 2 =