تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » كيف أثر تفكك الاتحاد السوفيتي على خريطة توازنات القوى؟

كيف أثر تفكك الاتحاد السوفيتي على خريطة توازنات القوى؟

في السادس والعشرين من ديسمبر عام 1991 تفكك الاتحاد السوفيتي الذي قد دام لفترة تصل إلى سبعين عام تقريبًا، فكيف يا ترى قد حدث هذا التفكك الرهيب وما هي الأسباب التي أدت إلى حدوثه، هذا ما سنتعرف عليه في سطور مقالنا هذا، فتابعوا معنا.

تفكك الاتحاد السوفيتي

قبل أن نتعرف على كيفية تفكك الاتحاد السوفيتي يتوجب علينا أن نعرف كيف نشأ هذا الاتحاد، بداية قد نشأ الاتحاد السوفيتي في العام الثاني والعشرين من القرن العشرين على يد فلاديمير لينين الملقب بأبو الدولة السوفيتية، ومن الجدير بالذكر أن هذا الاتحاد لم ينشأ فجأة بين يوم وليلة بل ظل فلاديمير يعمل على تأسيسه بكل هذا الشكل لمدة خمسة أعوام تقريبًا، فقد سقطت الإمبراطورية الروسية عام 1917 ونشأت بعدها حكومة انتقالية استمرت ستة أشهر فقط، حيث أطاح بها فلاديمير لينين الذي كان على رأس البلاشفة في تلك الفترة، فأحدثوا ثورة بلشفية وصل من خلالها لينين إلى سدة الحكم وأسس الدولة الروسية الشيوعية الاشتراكية، وفي عام 1922 عقد اجتماع كبير لرؤساء المنطقة وقرروا فيه تأسيس الاتحاد السوفيتي، وهو الأمر الذي صدقت عليه بريطانيا العظمى في عام 1924، عامة نشأ الاتحاد السوفيتي واستمر في تقدم وتطور وهيمنة كبيرة حتى جاء الوقت الذي اضطربت فيه منطقة الاتحاد بأكملها وحدث ما عرف بتفكك الاتحاد السوفيتي .

أسباب تفكك الاتحاد السوفيتي

تفكك الاتحاد السوفيتي أسباب تفكك الاتحاد السوفيتي

تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 وذلك بعد فترة تواجد له قد دامت حوالي سبعين عام تقريبًا، ويرجع هذا التفكك الخطير إلى بعض الأسباب المتنوعة التي طالت جميع جوانب الاتحاد الكبير، فلم تسلم هيئة ومنظومة من الفشل والانهيار، فقد فشل الاقتصاد، وفشل النظام السياسي، وفشلت الحكومة، وفشل الرئيس والحاكم، الجميع فشل في إدارة الاتحاد السوفيتي الكبير ولذلك كان مصيره الانهيار لا محالة، وسوف نتناول أسباب هذا الانهيار بشكل مفصل وسنبدأ بفشل الرئيس ميخائيل غورباتشوف.

فشل الرئيس السوفيتي في حكم البلاد

أولى الأسباب التي أدت إلى تفكك الاتحاد السوفيتي وانهياره هو فشل الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف في تلك الفترة من إدارة وحكم البلاد الكبيرة بشكل جيد، حيث كان غورباتشوف يسعى لإصلاح البلاد وإدخال الكثير من التغييرات فيها، لكونه يرى أنها الأصلح والأنسب للبلاد وسوف تجعل دول الاتحاد في أحسن حال كما يريد الشعب، ولكن للأسف لم تجدي تلك التغييرات أي نفع مع شعوب الاتحاد السوفيتي، فقد اعتاد الشعب السوفيتي على بعض القوانين والأنظمة التي كان يسير عليها منذ فترة كبيرة تتجاوز الخمسين عام، وعملية تغيير تلك الأنظمة والقوانين لم تعجب الشعب بتاتًا، زد على ذلك أن هذه التغييرات والإصلاحات قد أثرت في الخط السياسي والاقتصادي.

فرأ الشعب أن اتحاده قد ضعف ودب الوهن به ويقوم بالكثير من الأشياء الخاطئة في الوقت الحالي، وذلك ما أدى إلى تسريع تفكك الاتحاد السوفيتي وانهياره في عام 1991، فقرارات الرئيس الجديد لم تناسب شعب الاتحاد السوفيتي الكبير والمتعدد في ثقافاته ولغته، ولذا حدث انقلاب على الرئيس في شهر أغسطس من عام التفكك، وبالرغم من كونه قد فشل وتمكن الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف من إجهاض هذا الانقلاب، ولكنه للأسف سرع من عملية التفكيك وأحدث انقسامات كثيرة لدى الشعب والجيش.

الحرب الباردة وانتصار الولايات المتحدة

نعلم جميعًا أن هناك حرب باردة قد حدثت بين الولايات المتحدة الأمريكية وخصمها الاتحاد السوفيتي، وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تقريبًا، فكان هناك تسارع وتخاصم بين الدولتين وسعت كل دولة منهما إلى تطوير نفسها وزيادة قوتها بشكل عام والقوة العسكرية بشكل خاص، حتى تتمكن من الانتصار والتفوق على العدو الأخر، ومن ضمن خطط وسبل الاتحاد السوفيتي في مواجهة العدو هي نشر الشيوعية في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم طورت من خطتها حتى سعت لتصدير الشيوعية لكافة دول العالم، فقام رونالد ريغان بدخول البيت الأبيض والتحدث عن فساد الاتحاد السوفيتي ووصفه بالإمبراطورية الشريرة، ومن ثم شجع الولايات المتحدة على تطوير وزيادة قوتها العسكرية، فدعم وأيد مبادرة سدي للدفاع الأمريكي والتي تمكنت من تدمير صواريخ الاتحاد السوفيتي وبذلك قضت على قوة السوفيتيين النووية.

ثم قام رونالد ريغان بعد ذلك باللعب على الجانب الاقتصادي للدولة السوفيتية فسعى للقضاء عليها من تلك الناحية، فقام بتخفيض سعر النفط بدرجة كبيرة جدًا، ثم جعل الاقتصاد العالمي يسير من دون الاتحاد السوفيتي بل وعزله أساسًا عن العالم، فأدى ذلك إلى حدوث شلل في الاقتصاد السوفيتي ودب الفقر بين الشعب وازدادت معدلات البطالة، فقام الرئيس وحكومته بوعد الشعب بسرعة تخفيف وتهدئة الأوضاع مع الأمريكيين، ولكن هذا لم يحدث أيضًا واستمرت الأوضاع المتردية كما هي فكان لزامًا أن يسقط الاتحاد السوفيتي، ولا ننسى أيضًا أنه من ضمن الاستعدادات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الاتحاد السوفيتي إنشاءها للثالوث الاستراتيجي، وهو عبارة عن منظومة أسلحة قتالية انتقامية تشمل صواريخ أرضية وقاذفات قنابل من النوع بعيد المدى وغواصات حربية، وهذه المنظومة كانت سببًا في خلق سباق تسلح نووي بين الدولتين استطاعت فيه الولايات المتحدة تحقيق النصر على الاتحاد السوفيتي فانهار وتفكك بشكل تام.

تدهور النظام الاقتصادي السوفيتي من أسباب تفكك الاتحاد السوفيتي

نأتي هنا للحديث عن سبب أخر من أسباب تفكك الاتحاد السوفيتي وانهياره ألا وهو تدهور النظام الاقتصادي للاتحاد السوفيتي، فقد تدهور الاقتصاد لدى الاتحاد بدرجة كبيرة للغاية حتى ظهر أثره على الشعب من فقر وبطالة، فلم تسعى الحكومة لتطوير نظامها الاقتصادي مثلما كانت تفعل الدول العظمى حينها، فلم تهتم بالجانب التكنولوجي المتعلق بالتصنيع والاقتصاد، ولم تقم بإجراء أي إصلاح في هذا الجانب بشكل عام، فقد كان جل اهتمام الحكومة بالجانب العسكري وتطويره والإنفاق عليه حتى صارت من أكثر الدولة قوة في هذا الجانب، ولكنها ما زالت في ركاب الدول المتوسطة اقتصاديًا وصناعيًا، أيضًا كانت الدولة تستنزف أموالها في العمل العسكري فتقلصت موارد الدول الاقتصادية، ولجأت للاستيراد من الخارج بل واعتمدت على هذا الاستيراد حتى صارت أغلب المنتجات تأتي من الخارج، وهذا ما نتج عنه حدوث إهمال كبير في التصنيع الداخلي المطلوب من جميع الدول.

ولا ننسى أيضًا الأحوال المعيشية المتدنية للأفراد والتي نتجت عن كل هذا، فمستويات الدخل كانت قليلة جدًا لشعوب الاتحاد السوفيتي الكبير، وللأسف لم تنمو الدولة اقتصاديًا وتنمويًا أبدًا وهذا عكس خط سير العالم في تلك الفترة، بل وارتفعت أسعار المنتجات بشكل كبير جدًا دخل الدولة السوفيتية، ولا يمكن أن نغفل دور بوريس يلتسين الذي يقام بمجموعة من السياسات الغير سليمة، فاهتزت أوضاع الاتحاد السوفيتي وانهار الوضع الاقتصادي وكان ذلك سبب في تفكك الاتحاد السوفيتي وانهياره تمامًا.

تدهور النظام السياسي السوفيتي

تفكك الاتحاد السوفيتي تدهور النظام السياسي السوفيتي

كان يوجد في الاتحاد السوفيتي مكتب سياسي يسمى بالبوليتبورو وهو مسئول عن كل شيء سياسي بالاتحاد، وقد بدأ هذا المكتب عمله في الربع الأول من القرن العشرين على يد مجموعة من الرجال البارزين والمحنكين في الاتحاد السوفيتي، وهم ليون تروسكي، وفلاديمير لينين، وجوزيف ستالين، وكان لدى هؤلاء نقاء أيديولوجي مشترك مع الماركسية الشهيرة، وبالرغم من مشاكلهم وعيوبهم التي ظهرت فترة حكمهم إلا أنهم كانوا محبوبين من قبل الشعب السوفيتي، وتمكنوا من إدارة البلاد بشكل حق فصارت لهم الأمور لينة وسهلة، واستمر هذا الوضع كما هو عليه حتى جاء عام 1963 ففيه بدأ المكتب السياسي يحيد وينحرف عن الطريق السياسي الذي وضعه فلاديمير لينين منذ نشأة المكتب، وبدأت ملامح فساد قادة المكتب السياسي من الظهور بشكل جلي فرأى الشعب السوفيتي الفقير والذي يعاني من البطالة حينها مظاهر الترف والبذخ على القادة.

فكانوا يأكلون أشهى وألذ الطعام الفرنسي، ويركبون السيارات الألمانية الرفيعة، ويلبسون الملابس الإيطالية الثمينة، فلم يعجب الشعب هذا الحال وقرروا الثورة على ذلك النظام وإسقاطه، ولكن هذا المكتب السياسي لم يكن بمفرده المسئول ع تدهور الحالة السياسية في البلاد، فقد دخل الاتحاد السوفيتي في العديد من المشاكل التي أضعفته كثيرًا وسرعت من تفككه وانهياره، منها على سبيل المثال حرب أفغانستان التي دخلها السوفيتيين وخسروا فيها الكثير من الجنود والأموال والعتاد، أيضًا حل الحزب الشيوعي الذي كان يحكم البلاد منذ فترة طويلة، فتدهورت الأوضاع السياسية ولم يتمكن رؤساء الدولة وقادتها من الحفاظ على نظام الاتحاد واستمراره.

أزمة الهوية القومية

هناك سبب أخر قوي أدى إلى تفكك الاتحاد السوفيتي وانهياره وهو أزمة الهوية القومية التي نشبت بين جميع أعراق الاتحاد، فكما نعلم كان يتشكل الاتحاد السوفيتي من مجموعة كبيرة من الدول تصل إلى خمسة عشر دولة، وهذا ما يعني أن هناك اختلاف كبير في الثقافات واللغات والأعراق وما إلى ذلك، وبالطبع سيكون هناك تفاوت في تلك الأشياء فنسبة الروس ستكون كبيرة جدًا بالمقارنة مع نسبة البيلاروسيين والليتونيين والأوكرانيين والجورجيين وهكذا قياسًا على باقي العرقيات، وهنا نشأت الأقليات العرقية وبدأت المشاكل والصراعات تنهش في جسد الاتحاد السوفيتي الكبير، فذهبت بعض الدول تسعى لاستقلالها وهذا ما تم لها بالفعل، حتى تناقصت أعداد جمهوريات الاتحاد السوفيتي وأصبح من المستحيل أن يستمر في كونه اتحاد كبير.

فعلى سبيل المثال انتشرت الحركات القومية في يوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا، ونمت بشكل كبير للغاية حتى استقلت تلك الدول عن الاتحاد السوفيتي، ثم ظهرت على إثر ذلك انقسامات وحركات قومية أخرى في بعض البلدان الأخرى المدرجة تحت تاج الاتحاد، في بيلاروس وأوكرانيا على سبيل المثال، فالجميع قد سعى للاستقلال والخروج من تحت الحكم السوفيتي نظرًا لكونهم أقلية عرقية لا تتعامل مثل معاملة الروس الحاكمين للاتحاد، وبذلك بدأت الأربعة عشر دولة في التفكك والانسحاب واحدة تلو الأخرى حتى ضعف الاتحاد السوفيتي وضعفت قوته المركزية وصار لزامًا عليهم أن يتفكك ذلك الاتحاد بشكل تام، وهذا ما حدث بالفعل في العام الواحد والتسعين من القرن العشرين.

كم عدد الدول قبل تفكك الاتحاد السوفيتي ؟

تفكك الاتحاد السوفيتي كم عدد الدول قبل تفكك الاتحاد السوفيتي ؟

قبل أن يحدث ما عرف باسم تفكك الاتحاد السوفيتي كان ذلك الاتحاد يحتوي على مجموعة من الدول التي بلغت خمسة عشر دولة، كل بضعة دول منهم مندرجين تحت عرقيات معينة وعلى رأسهم جمهوريات السلاف التي كانت أساس الحكم في البلاد والأكثر تأثير في الاتحاد بأكمله، وقد كانت جمهوريات السلاف تتكون من روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء، بعد ذلك لدينا جمهوريات الأتراك وهي مكونة من تركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان، بعدها تأتي جمهوريات البلطيق وهي تتكون من لاتفيا وإستونيا وليتوانيا، ثم جمهوريات القوقاز ويندرج تحتها دول جورجيا وأرمينا وأذربيجان، وهناك جمهوريتين أخيرتين وهما طاجيكستان ومولدوفا وهما لا يصنفوا تحت عرق معين مثل باقي الجمهوريات التي ذكرناها في البداية.

أحمد حمد

اهوى القراءة والمطالعة عن كل جديد. الإنترنيت اتصفحه لزيادة المعرفة. اكتب في مواضيع عدة وخاصة تلك التي تقدم أرشادات وتعليمات لمساعدة الأخرين

أضف تعليق

14 − ثلاثة =