تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » كيف يسهم تحليل الأورام السرطانية في زيادة فرصة الشفاء؟

كيف يسهم تحليل الأورام السرطانية في زيادة فرصة الشفاء؟

تحليل الأورام هو واحد من أهم التحاليل المعملية التي يجب متابعة نتائجها كل فترة، حيث يسهم بشكل كبير في كشف الأمراض المبكرة وسرعة علاجها.

تحليل الأورام

أهمية تحليل الأورام السرطانية في الشفاء من مرض السرطان تعتبر أهمية قصوى. فجزء كبير من علاج مرض السرطان يعتمد على الاكتشاف المبكر للمرض. كلما كان معدل انتشار الخلايا السرطانية بطيء ومحدود في البداية، كلما كان العلاج الكيميائي والإشعاعي ذو فائدة كبيرة للمريض. وقد تصل نسبة الشفاء من هذا المرض اللعين إلى 70%. لذلك جميع الإرشادات الطبية عن مرض السرطان، تفيد بعمل فحص دوري لأي إنسان، سنوي أو نصف سنوي. ومن أهم هذه الفحوصات هو تحليل الأورام الذي من خلاله وعن طريق الاكتشاف السريع، ستكون هناك فرصة كبيرة للنجاة من مرض السرطان.

هل الأورام تظهر في تحليل الدم؟

ربما يكون سؤال غير مباشر ولكنه سؤال مهم جدًا. والإجابة هي “لا”. الأورام نفسها لا تظهر في الدم، فالدم لا يتضخم ولا الأوردة تتسع. ولكن ما يظهر في الدم هي دلالات على وجود الورم في الجسم البشري. وتوضيحًا لهذه الإجابة سنقوم بشرح ماهية مرض السرطان نفسه.

ما هو مرض السرطان

قبل أن تعرف تحليل الأورام المناسب، يجب أن تعلم ما هو الورم أو السرطان. فهناك أكثر من 250 نوع مختلف من أنواع الأورام السرطانية. وأشهر هذه الأنواع هو سرطان الرئة وسببه الأساسي هو التدخين والتعرض للغازات الكيميائية. وسرطان البروستاتا عند الرجال، وسرطان الثدي عند النساء. سرطان المخ، سرطان الدم، سرطان القولون، سرطان المعدة، وسرطان الكبد الذي يأتي غالبًا في المراحل الأخيرة من التعرض لفيروسي B أو C.

السبب الأساسي في حدوث الأورام السرطانية، هو التعرض المستمر للملوثات الكيميائية والإشعاعية. وميكانيكية نمو الورم السرطاني تحدث عن طريق انقسام الخلايا بطريقة عشوائية وغوغائية وبدون سيطرة. مما ينتج خلل وظيفي في العضو المصاب بالورم. ولو انتشر الورم في الأعضاء الأخرى سيحدث خلل وظيفي للجسد كله، وسيموت الجسم بعد وقت قليل جدًا. ويمكن أن تكتشف قابلية الجسم للإصابة بالسرطان عن طريق الكشف عن الأجسام المضادة لجين يدعى P53. وهو الجين الذي يعطي التوزان للانقسام الخلوي داخل الجسم. ولو أظهر تحليل الأورام إلى وجود هذا الجسم المضاد في جسم الإنسان، فهذا يدل على أن هذا الجين معطل وهناك احتمالية كبيرة لوجود سرطان في هذا الجسم.

ما هو تحليل دلالات الأورام؟

تحليل دلالات الأورام يظهر المخلفات الناتجة من عمليات الانقسام السريعة لخلايا الورم. وهي تكون ناتجة من الانقسامات أو مصاحبة لها. وهذا يعني أن هذه الدلالات قد تكون دليل لأكثر من نوع ورم، وليست دليل على نوع واحد. بمعنى أخر أن هناك أكثر من ورم تصحبه هذه المواد الناتجة عن عمليات الانقسام الخلوي للأورام. وهناك معلومة مؤكدة أخرى، أن دلالات الأورام قد تكون ناتجة من أمراض أخرى غير السرطان. ومكان وجود هذه الدلالات يكون إما في البول أو في الدم، أو أي سائل يخرج من الجسم. أحيانًا تظهر على السطح لجدار الخلية نفسها. وطريقة القياس تعتمد على تركيز هذه السوائل ويكون عن طريق المسح الإشعاعي. وهي نفس الطريقة المعملية التي يُقاس بها نسبة تركيز الهرمونات.

وبالنسبة لدلالات الأورام التي تظهر على الجدار الخارجي للخلية السرطانية فيكون الاختبار الباثولوجي هو الحل. عن طريق أخذ جزء من الخلايا نفسها بمسحة من النسيج من خلال إبرة. أو عن طريق جراحة بسيطة، أو عن طريق جزء مستأصل.

جودة تحليل دلالات الأورام

دلالات الأورام ليست جيدة في حالات تحليل الأورام المبكرة، إلا في حالات معينة مثل سرطان البروستاتا. وهو يأتي بنسبة كبيرة عند الرجال الطاعنين في السن. أيضًا هناك مشكلة أخرى وهي أن دلالات الأورام قد تعطي أكثر من تشخيص، لأنها تدل على وجود أكثر من نوع سرطان بل وأكثر من مرض، وجميعها تنتج نفس الدلالات. ولذلك الأمر يكون محير قليلًا.

ومن هذه المعلومات نصل إلى أن استخدام دلالات الأورام الأكثر شيوعًا هو للحالات المعروفة بوجود ورم سرطاني. وتستخدم هذه الدلالات لمعرفة هل حدث تحسن أم لا بعد العلاج الكيميائي.

أهمية تحليل الأورام في الدم والأنسجة

أولًا: اكتشاف وجود ورم سرطاني في مرحلة مبكرة. وذلك يحدث عن طريق عمل التحاليل والفحوصات بطريقة دورية على مدار نصف سنوي.

ثانيًا: التفريق بين الورم السرطاني الخبيث والورم السرطاني الحميد. ومن ضمن أكبر الأمثلة على ذلك هو سرطان الكبد. وتكون فكرة التفرقة مبنية على كمية إفرازات الهرمونات الإنزيمات الناتجة من العضو، والتي قد تؤكد وجود الورم الخبيث. بعكس الورم الحميد فهو لا يؤثر على مستوى إفرازات الأعضاء في الدم.

ثالثًا: المتابعة لمريض السرطان أثناء العلاج، أو بعد استئصال الورم. فيحدث مثلًا في حالات سرطان الأمعاء، أن يُقطع الجزء المتضرر من الورم. ولكن ليس فقط الجزء المتضرر بل قطعة صغيرة من الأجزاء السليمة لضمان عدم وجود أي خلايا سرطانية عشوائية على المدى القريب. ومن ثم تُؤخذ عينة من الأمعاء لمتابعة النتيجة. وهنا يأتي دور تحليل الأورام في الدم، فلا يضطروا إلى فتح أمعاء المريض مرة أخرى. بل عن طريق دلالات الأورام يتعرفوا على نتيجة التحسن في العضو.

رابعًا: تحديد نوعية العلاج. وهذا يحدث في حالة مثل سرطان الثدي، فهناك نوع من الأدوية بإعطاء المريضة مضادات للهرمونات، وتحليل الأورام يتابع تحسن الحالة أو عدم تحسنها. وفي حالة حدوث تحسن يكون الطبيب قد حدد نوعية العلاج الفعال للورم.

أنواع العينات لتحليل الأورام السرطانية

أولًا: سحب العينات عن طريق الإبر الدقيقة. وفي هذه الحالة يحدث سحب لخلايا الورم نفسها عن طريق استخدام إبر دقيقة جدًا بشكل مباشر في المنطقة التي يحدث فيها الورم. هذه الطريقة مفيدة جدًا للأورام الخارجية المحسوسة مثل سرطان الثدي، وسرطان الغدة الدرقية وسرطان الغدد الليمفاوية.

ثانيًا: سوائل الجسم. مثل البول والمخاط والبصاق والإفرازات الجلدية وسائل الاستسقاء وسوائل الرحم. كل هذه الخلايا يتم فحصها عن طريق الفحص الخلوي المباشر دون أي احتياج لسحب عينة خلوية من العضو نفسه، حيث توجد بها دلالات الأورام. ولكن مشكلة هذه الطريقة أنها غير مؤكدة.

ثالثًا: عينات الأنسجة. وفي هذا النوع من العينات يتم اللجوء أحيانًا إلى الجراحة، وأحيانًا أخرى يتم عن طريق الإبر الدقيقة وتؤخذ العينات من الورم السرطاني نفسه. ومن ثم تنتقل إلى تحاليل الباثولوجي، وهو عبارة عن تحليل يتم فيه عمل شريحة دقيقة جدًا من الخلايا وفحصها من خلال الميكروسكوب، بطريقة تعتمد على عين الإنسان. وفي أغلب الأحيان يتم كشف الورم السرطاني بنسبة 90% من خلال هذه الطريقة. ولكن لصعوبتها يتبقى تقريبًا 10% نسبة فشل في تشخيص الورم. لأن الطبيب الذي يستخدم السونار والمنظار لأخذ العينة قد يأخذ عينة سليمة بدل من العينة المصابة. الأمر دقيق جدًا فهذه العينة لا تتعدى المليمتر.

تحليل دلالات الأورام للكبد

يعد الكبد أكبر غدة في جسم الإنسان على الإطلاق. وله العديد من الوظائف أهمها هي تصفية الجسم من السموم والمواد الضارة، وإفراز الإنزيمات التي تعمل على جعل الجسم متوازن. وهذه العملية تتم عن طريق الدورة الدموية البابية، من خلال تصفية الدم القادم من الوريد البابي. وبعد التصفية من السموم يرجع الدم إلى القلب نظيفًا فيعيد ضخه إلى جميع خلايا الجسم مهيئ وصالح للحياة.

أهم سببان يجعلان الكبد يصاب بالتليف ومن ثم الورم السرطاني، هما فيروسي سي وبي. وقديمًا كانت البلهارسيا، والتي أدت إلى سرطان الكبد مع المغني المصري الشهير عبد الحليم حافظ. مما أودى هذا المرض اللعين بحياته صغيرًا في العمر.

تحليل الأورام للكبد يعتمد على عدة طرق. أولها الطريقة التي تحدثنا عنها وهي دلالات الأورام. والدليل هنا يدعي ألفافيتوبروتين وهو عبارة عن مادة سكرية تزداد بنسبة ملحوظة جدًا في حالة وجود تضخم أو ورم في الكبد. هناك أيضًا أنزيمات الكبد الأساسية مثل أنزيم ال إس جي بي تي، وال إس بي أو تي. وقياس نسبة الصفراء في الدم المباشرة والغير مباشرة. وتدي التوتال بلوروبين، والديركت والإن دايركت بلوروبين، ونسبة البروتين وبقية الإنزيمات والمعاملات التي يفرزها الكبد. فلو كانت في زيادة بصورة كبيرة جدًا فهذا يعطي شك بوجود ورم سرطاني في الكبد.

وهنا ينتهي دور تحليل الأورام للكبد وينتقل المريض لمرحلة أخرى عن طريق الإشاعات المقطعية على البطن التي توضح حجم الكبد. فلو كان الكبد أكبر من الطبيعي، فهذا معناه أن هناك تضخم وورم سرطاني وقد يكون هناك استسقاء أيضًا. والنصيحة هي الرجوع مرة أخرى لتحليل الأورام بعد التأكد من عمل تحليل دلالات أورام على البنكرياس والقولون، لأنهم الأقرب إلى الكبد. فلو كانت الدلالات تعطي عرض إيجابي للورم، إذًا هناك ورم وقد انتشر.

سعر تحليل دلالات الأورام

أسعار تحليل الأورام ليست ثابتة، وتختلف من معمل تحاليل إلى أخر. وتختلف بين كل دولة والأخرى، وعلى حسب نوع التحليل. فهناك تحليل باثولوجي “أنسجة”، وهناك تحليل دم، وكلًا من هذه التحاليل له قيمته على حسب البلد. ولكن المتعارف عليه في كل البلاد أن هذه التحاليل في قيمة تتراوح بين 200 إلى 300 من قيمة العملة الخاصة بالدولة.

النسب الطبيعية لدلالات الأورام

  • أولًا: مؤشر الCEA، وهو يشير إلى وجود إصابة بورم في العديد من الأعضاء في الجسم. ومن أهمها، سرطان القولون والأمعاء والكبد. ويكون المؤشر عند الزيادة عن هذه المقاييس الطبيعية عند الذكور المدخنين من 0 – 6.2 نانو غرام/ ملم. وعند السيدات المدخنات من 0 – 4.9 نانو غرام/ملم. وعند الغير مدخنين من 0–3 نانو غرام/ملم.
  • ثانيًا: مؤشر ال CA-125 وهو يشير إلى وجود إصابة بسرطان الرحم والمبيض. وتكون ارتفاع النسبة هي الإشارة على وجود الورم. والنسبة الطبيعية لهذا الدليل هي 35 وحدة/مل.
  • ثالثًا: مؤشر الCA-199 وهو يشير إلى سرطان البنكرياس. إذا ارتفع المعدل عن 35 وحدة/مل فهذا يعد نسبة غير طبيعية.
  • رابعًا: مؤشر الCa-153 وهو يشير إلى وجود إصابة بسرطان الثدي، ويحدث بنسبة كبيرة عند الإناث. والنسبة الطبيعية له هي 31 وحدة/مل، وإذا زادت النسبة عن تلك فهذا يعد مؤشر على وجود ورم في الثدي.
  • خامسًا: مؤشر “PSA Total and Free” وهو من أهم دلائل الأورام بالنسبة للرجال وخصوصًا الكبار في السن، لأنه مسئول عن غدة البروستاتا. وتكون قيمته الطبيعية في التحليل هي بين 0-4 نانو غرام/مل.

ختام

تحليل الأورام يعد واحد من أهم الأسباب التي تنقذ الإنسان في الوقت الحالي. ولذلك لابد من البحث عنها والتثقف والتسلح بها ضمن روتين حياتك. حتى تتجنب وجود الأورام السرطانية بصورة مفاجئة في جسدك.

أيمن سليمان

كاتب وروائي، يعشق منهج التجريب في الكتابة الروائية، فاز ببعض الجوائز المحلية في القصة القصيرة، له ثلاث كتب منشورة، هُم "ألم النبي (رواية)، وإنها أنثى ولا تقتل (رواية)، والكلاب لا تموت (مجموعة قصص)".

أضف تعليق

1 × ثلاثة =