تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » تأثير الألوان : كيف تؤثر الألوان على الحالة النفسية لك؟

تأثير الألوان : كيف تؤثر الألوان على الحالة النفسية لك؟

الألوان قد تجعلك تشعر بالسعادة، وتجعلك في حالٍ أفضل، وقد تصيبك بالاكتئاب، فبمجرد رؤية العين للألوان تجعلنا نتأثر لا إراديًا بها، فما هو تأثير الألوان ؟

تأثير الألوان

من المعروف أن الألوان من أكثر الأشياء بهجة في الحياة، بالطبع كل منا يختلف تأثير الألوان عليه، كما أنه قد يعشق بعض الألوان فيما قد يبغض الأخرى، فنحن لا نستطيع أن ننكر أبدًا أن للألوان أثر بالغ على النفس، فإنها قد تجعل المكان يبدو مبهجًا، أو قد تجعله يبدو أكثر كآبةً وعتمة، كما أنه قد تتعرف على شخصية أحدهم من ميوله نحو لونٍ معين، ومن الغريب ما يستطيع لون واحد أن يحمله من الصفات، والمميزات، ومن الغريب أيضًا ما نراه من تأثير الألوان على النفس! فكيف تستطيع الألوان أن تؤثر على مزاج الفرد إلى هذه الدرجة؟!

ما هي دلالات الألوان وما هو تأثير الألوان النفسي على العين البشرية؟

الألوان

اللون هو الصفة التي يحملها جسم ما، وتستطيع العين التمييز بينه وبين غيره عن طريق تلك الصفة، فاللون هو الفارق بينه وبين غيره، و هو ما تستطيع شبكية العين أن تراه عندما ينعكس الضوء على مادة ملونة أو صبغية. وهو عبارة عن حزمة من الأمواج الكهرومغناطيسية، كما أنه التأثير الفسيولوجي الذي يحدث على شبكية العين، وعند ذكر تأثير الألوان على نفسية الإنسان فإن ذلك يحدث لأن لكل لون مدلول خاص به، أو مفهوم معين، وهو ما سنتحدث عنه بشيء من التفصيل.

كيف يمكن للعين أن ترى الألوان؟

هذا ما يسمى بـ”علم اللون” أو “اللونيات”، وهو عبارة عن الإدراك أو إحساس العين باللون، وتدرك العين لون معين عندما يكون هذا اللون الذي تريد أن تراه ضمن طول موجي، وتردد معين، بالتحديد فإن العين لا تستطيع أن تدرك اللون إلا إذا كان إشعاع هذا اللون ضمن الطيف المرئي والذي يتراوح طوله الموجي من 400 نانو متر إلى 740 نانو متر، حيث أن الضوء عبارة عن العديد من الألوان، والتي يكون لكل منها طول موجي وتردد ومعين، أو أطوال موجية مختلفة، يجب أن تتعرف عليها العين، فإن كان اللون ضمن طول موجي معين؛ فإن شبكية العين تستطيع امتصاصه وإرساله إلى الدماغ، والتي تقوم بتحليله بدورها، حيث تقوم شبكية العين بتحويله إلى إشارات كهربية، والتي تعبر المخ عن طريق العصب البصري، والذي يقوم بتحديد اللون. وشبكية العين تحتوي على نوعين من المستقبلات: وهما “العصيات”، وهي المسئولة عن الأسود والأبيض، والنوع الثاني هو “الأقماع”، وهي المسئولة عن الألوان، فمثلًا لو افترضنا وجود جسم لونه أحمر، فإن الجسم يقوم بامتصاص الضوء المنعكس عليه، والذي يحتوي على جميع الألوان، ويعكس فقط اللون الأحمر، والذي تراه العين، ولكن في حالة اللون الأبيض فإنه يقوم بعكس كل الألوان، فيما يقوم اللون الأسود بامتصاصها جميعًا.

كيف تكتسب المواد ألوانها؟

تكتسب الأجسام الألوان الخاصة بها عن طريق تفاعل ذرات وإلكترونات تلك الأجسام مع الضوء، إما عن طريق أن تعكس هذا الضوء، أو تمتصه، أو تترك هذا الضوء يعبر خلالها، أو تكسر هذا الضوء، فمثلًا اللون الأسود يمتص الضوء الساقط عليه.

علم النفس اللوني

أو ما يعرف بـ”الرمزية اللونية”، وهو مصطلح يوجد في الفن، وعلم النفس، وهو عبارة عن تأثير الألوان على السلوك البشري، والمشاعر، وتختلف معايير الرمزية اللونية، أو تأثير الألوان باختلاف المكان، والزمان، وثقافة الشعب، فمثلًا قد يشير اللون الواحد إلى العديد من الرموز في مكانٍ واحد، فمثلًا لدينا اللون الأحمر، الذي قد يشير إلى الخطر، أو التوقف، أو الدم، وفي آن آخر قد يشير إلى الحب، وأيضًا لدينا اللون الأبيض الذي قد يشير إلى النقاء، أو إلى لون زفاف، وفي نفس الوقت قد يشير إلى الموت، حيث كان في حقبة تاريخية معينة لون يرتديه البعض في الجنازات، وهكذا فإن تأثير الألوان يأتي من رمزيتها، والتي قد تختلف باختلاف المكان والزمان.

تحديد شخصية الفرد من لونه المفضل

يمتد تأثير الألوان ليصل إلى أن يتم تحديد شخصية أحدهم، أو توقعها، أو يكشف طبيعتها، فعندما يميل أحدهم إلى لون معين، فإنه يظهر بعض سمات شخصيته، فعلى سبيل المثال؛ وجد أن الشخصية التي تحب اللون الأبيض قد تكون بسيطة، وصعبة الإرضاء، أو تعاني من مشاكل الثقة في النفس، أو تميل إلى الطفولة والبراءة، وأيضًا الشخصية التي تحب اللون الأحمر، فهي شخصية متجددة دائمًا، ومزاجية، وصعبة الإرضاء، أو لطيفة، ودائمة الشكوى، وصاحب اللون الأسمر يكون ذو ذوق رفيع، وكئيب، وغيرها من الأمثلة، مما يعني أن تأثير الألوان ينعكس على شخصية الفرد، وهذا بسبب وجود رمزية الألوان –كما ذكرنا- والتي تجعل لكل لون شخصيته المستقلة، والتي ما إن مال إليها أحد فإنه يُصبغ بها تمامًا!

تأثير اللون على سلوك، ومزاج الفرد

عندما نتحدث عن عملية  تأثير الألوان على مزاج الفرد فإننا نتحدث عن عملية لا إرادية، فعندما ينعكس اللون على العين فإنه يؤثر على الجهاز العصبي، وهذا الأمر يرتبط كثيرًا بمعرفة شخصيات الأفراد بألوانهم المفضلة، ولكن في نفس الوقت يأتي الأمر معكوسًا عندما تتحكم الألوان ورمزيتها بنفسية الشخص ومزاجه، وهو ما يعرف بـ”التأثير السيكولوجي”، ولكن تأثير الألوان على النفس يكون بدرجات مختلفة، حيث يتغير التأثير تبعًا للشخص نفسه، والانطباعات المتولدة لديه نتيجة تجارب سابقة، فمثلًا عند رؤية اللون الأحمر أو البرتقالي أو الأصفر يتولد لدى المرء إحساس بالسخونة، والحرارة، والعكس يأتي عندما يرى الفرد لونًا أزرق، أو أخضر، فإن الإحساس المتولد لديه يكون باردًا، كما أن الإحساس بالحزن يتولد عند رؤية الألوان الغامقة عمومًا، فيما تبعث الألوان الفاتحة الشعور بالبهجة والمرح، كما أن تأثير الألوان على النفس قد يأتي بصورة غير مباشرة، فمثلًا الألوان الباردة أو الفاتحة تعطي إيحاءً باتساع المكان، وهناك بعض الدراسات التي تقول أن تلك الألوان تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، وتعمل على تحسين سلوك الطفل الحركي، وتساعد على التخلص من القلق، والتوتر،  مما يجعل المرء يشعر بالارتياح أكثر، بعكس المكان الضيق، ويرجع تأثير الألوان لأن لكل لون شخصيته، ورمزيته، والتي تعكس حضوره في المكان.

صفات بعض الألوان

“اللون الأحمر” فإن هذا اللون يحمل تأثيرًا ناريًا، ويعبر عن الدم، وهذا اللون له القدرة على زيادة الانفعال الثوري، وهو لون الحيوية والحركة، وله تأثير في ضغط الدم ، حيث يسبب ارتفاعه، وله تأثير قوي على طباع ومزاج الإنسان. بينما “اللون البرتقالي” هو اللون الذي يشعر بالدفء، ولكن تأثيره يختلف من شخص لآخره، فالبعض يعتبره مهدئًا فيما يصيب البعض الآخر بالتوتر، وهذا ما نعنيه أن عادات الإنسان وتجاربه تتحكم في تأثير الألوان عليه، كما أنه يسهل في حركة الهضم، ويأتي “اللون الأصفر” بمثابة علاج لبعض الأمراض العصبية، حيث يعتبره البعض قادرًا على تهدئة بعض الحالات العصبية، كما أنه منشط لخلايا الفكر، وبعض درجات اللون الأصفر تساعد في تهدئة بعض الحالات العصبية، ومن الألوان التي لها تأثير الهدوء والراحة أيضًا “اللون الأخضر” حيث يبعث هذا اللون الشعور بالسكينة، ويوحي بالراحة، ويستخدم في حالات الأرق والتعب، كما أن له تأثير المسكن، بينما يوحي “اللون الأزرق” بالخفة، كما أنه قادر على خلق أجواء خيالية، لذا فإنه يستخدم في تخفيض ضغط الدم، وتهدئة نبضات القلب، وفي حالات التنفس السريع.

تأثير الألوان على الإنسان ربما يسهل علينا الكثير عندما يتعلق الأمر بمزاج الفرد، فأنت تعلم كيف تجعل الأمور تبدو أكثر هدوءًا وراحة، كما أنه يساعدك في تحليل الكثير من الأمور، والشخصيات أيضًا بمجرد معرفة صفات الألوان وما تشير إليه، برأيي أن هذا الأمر رائع!

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

ستة عشر + 1 =