تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » التعليم والاهل » انفصال الأطفال : كيف تفصل الطفل عن أمه عند دخول المدرسة ؟

انفصال الأطفال : كيف تفصل الطفل عن أمه عند دخول المدرسة ؟

لحظة انفصال الأطفال عن أمهاتهم واحدة من اللحظات الصعبة جدًا في حياة أي أسرة، في هذه السطور نتعلم معًا الأسلوب الصحيح من أجل انفصال الأطفال بسلاسة.

انفصال الأطفال

انفصال الأطفال عن الوالدين وخاصة عن أمه من الأمور الصعبة التي يواجها الأهل في الأوقات التي من المفترض أن يبدأ الطفل فيها الاعتماد على نفسه مثل دخول المدرسة كأول مرحلة يبتعد فيها الطفل عن البيت لساعات يومياً بعيداً عن الأهل والأخوة، لذلك ينصح أن يتم الأمر قبل تلك لخطوة بفترة حتى لا ينصدم الطفل فجأة بالموضوع، ومقالي هذا سيساعدك لتفهم نفسية الطفل بذلك الوقت وأيضاً تقديم بعض الحلول التي يجب أن تأخذها في اعتبارك عن طريقة انفصال الأطفال بهدوء وسلاسة.

دليلك إلى انفصال الأطفال بسلاسة

أسباب صعوبة انفصال الأطفال

تسمى تلك الصعوبة بمرض قلق الأطفال وهو مرض نفسي طبيعي واجهه كل طفل عند بداية الاعتماد على نفسه، وعليك التعامل معه على أنه مرض مثل كل الأمراض له أسباب وأعراض وعلاج ولنبدأ أولاً بالأسباب:

مشاكل نفسية تعرض لها الطفل

من أهم الأسباب لصعوبة انفصال الأطفال هي تعرضهم لصدمات نفسية سابقة عندما كانوا بعدين عن الأهل، قد تكون الصدمة النفسية مجرد الشعور بالخوف أو حادثة ما أو مشاهدة مشهد تلفزيوني يحذر الأطفال من الابتعاد عن الأهل ولكن بطريقة صعبة، أما في حالة الصدمات الكبيرة مثل محاولة الخطف أو إيذاء الطفل عن طريق غريب أو تعرضه لكونه تائهاً في مكان عام ورجع لأهله بعد فترة وصعوبة، كل هذه الأحداث تجعل الطفل أشد ارتباطاً بالأب والأم لهم مصدر الأمان. والطفل نفسيته هشة جداً فيلتصق تلك الأحداث بمخيلته وتجعله دائماً يرى أن الأمر سيتكرر ولن يعيش بأمان سوى بجانب عائلته، ويلاحظ هذا الأمر كلما كبر الطفل أكثر بكونه لا يستطيع الابتعاد، والانفصال بالنسبة له أمر كارثي.

عدم الاعتماد على النفس

وهذا قد نسميه “الطفل المدلل” الذي لا يفعل شيء أبداً بمفرده ويعتمد على الأم في كل كبيرة وصغيرة، وفجأة أنت تأتي وتطلب منه البقاء بمفرده لمدة ساعات باليوم مع معلم واحد وأكثر من طفل، فهل تتوقع أن يكون قادر على الانفصال والاعتماد على النفس ويكون له وجود بين فصله الدراسي؟ هذا مستحيل.

عدم الراحة بالمكان الجديد

وهذا سبب وارد جداً في صعوبة انفصال الأطفال، وهذا الأمر يلاحظ من ثاني وثالث مرة يذهب فيها الطفل إلى المدرسة، فيشاغبه الأولاد أو لا يجد الاهتمام المناسب من المعلم، فينفر من المدرسة ويلتصق بأمه من توفر له الاهتمام الذي يحتاجه في يومه. وهو الطفل المدلل مع قلة من الأخوة أو لا توجد أصلاً، فيصبح ذلك هو المكان المفضل ولا أخر غيره.

العامل الوراثي في انفصال الأطفال

توجد أبحاث تثبت أن الطفل لأبويين يفضلون العزلة والأماكن غير الاجتماعية، يكبر هو الأخر مثلهم، قد يكون الأمر وراثياً أو بيئياً لرؤية الأبويين وتقليد الطفل لهم. قد يصبح الطفل مكتئباً وعزولاً ويحب الجلوس بالبيت مع العائلة، وكلما زاد ارتباط الأبويين بالأجداد وبيت العائلة زاد حب الأطفال لنفس البيت وعدم تركه.

الأعراض لمرض صعوبة انفصال الأطفال

  • أولاً قلق وبكاء شديد وتوتر وتشنج يحدث للطفل عند فهم أن الأم أو الأب سيبتعد عنه وأنه سيترك بهذا المكان وحيداً.
  • ثانياً قد تحدث أعراض عضوية وليست نفسية فقط مثل القيء والاستفراغ وألم بالبطن والجسم، وقد يقول الأبوان أن الطفل يتوهم ويمثل حتى يتراجعوا ولكن الطفل بالحقيقة يشعر بتلك الأعراض، قد يكون السبب ورائها نفسي ولكنها بالأخير حقيقة ومؤلمة.
  • ثالثاً تصاحب الأطفال العديد من الكوابيس والأحلام المزعجة تتمثل في أفكاره عن صدمات وحوادث ومشاهد نفسية صعبة قديمة وترتبط تماماً بمدى كرهه للموضوع.
  • رابعاً التوهم الدائم بالخطر سواء على نفسه أو على أبويه أنه سوف يترك ولن يجد لأهله طريق بعد الآن، أو أن الأهل هم من سيحدث لهم حادثة وستحرمه منهم إلى الأبد أو حتى التخيل بأن أبويه لم يعودوا يحبوه ولا يريده بعد الآن ويريدون أن يذهب ولا يرجع. أفكار كثيرة تأتي وتذهب في عقله الصغير تكون مؤلمة وتزيد حدة التوتر في نفسيته.

علاج لسهولة انفصال الأطفال

أولاً يجب أن تتفهم الأسرة والمدرسة صعوبة الأمر على الطفل ويجب أن تعي أن الأمر ليس اعتباطياً أو مجرد خوف بسيط، وتتعامل الأسرة كلها في حل الأمر، كما تتفهم المدرسة وتعطي للطفل اهتمام أكثر ورعاية وحنان حتى يطمئن لمكانه الجديد.

ثانياً العلاج دائماً يأتي بالتدريج أي يجب أن تبدأ الأم والأب في تدريب الطفل على البقاء بعيداً عنهم قبل بداية دخوله المدرسة بفترة معقولة، في هذه النقطة أحب أن أقترح طريقتين: أولهم أن يترك الأبوين الطفل عند أحد الأقارب الموثوق بهم لفترة تتعدى الساعتين كل أسبوع، ويجب أن يفهم أنه سيجلس مع هؤلاء الأقارب ليلعب مع باقي الأطفال لأن أبويه لديهم عمل ما ثم سيأتون ليأخذوه في الميعاد المحدد بينهم، بهذه الطريقة سيطمئن الطفل أن والداه صادقان ويبدأ يخرج من قوقعة البيت إلى مكان أخر. الطريقة الأخرى هي ذهاب الأب أو الأم معه إلى المدرسة أو المكان الجديد أول أسبوع كل يوم ويجلسوا بعيداً عنه وإنما فقط هو يراهم من بعيد فيطمئن لوجودهم ويلعب مع باقي الأطفال، ثم تقل مدة جلوس الأم تدريجياً إلى أن يصل الأمر أنه يذهب بمفرده.

ثالثاً انفتح على عقل طفلك، أغلب مشاكل انفصال الأطفال تأتي بسبب عدم تفهم الأبوين لمشاكل أبنائهم الحقيقة، فيجب الجلوس مع الطفل ومحاورته عن ماذا يخشى، لأنه من الممكن أن تسمعه منه أنت كلام يجعلك تدرك أنك لم تختار له المدرسة الصحيحة لأي سبب وبالتالي يكون الخطأ فيك وليس بالطفل، أو حتى يمكن للحوار أن يفتح مجال لتفهم طفلك وتفهم مخاوفه وعندها فقط يمكنك أن تحل الموضوع من الجذور.

رابعاً كن ثابت في مواعيدك مع طفلك، لا تجعل طفلك يفقد الثقة فيك بل كن دائماً ثابت على مواعيدك لأنك لو تأخرت فترة طويلة عن الميعاد الخروج المحدد قد يشك أنك لا تريده أو تلعب بعقله المشاهد المخيفة، وصولك بالميعاد يجعله مطمئن لكونك معه بجانبه ولن تتركه، ولا تكتفي بالأفعال بل قول لطفلك دائماً أنك بجانبه واجعله يشعر بالأمان، وأن مهما حصل ستأتي له مثل البطل في أفلام الكارتون لتنقذه، تعامل مع عقله كما يحب هو.

خامساً الطبيب النفسي قد يكون حلك الأخير إن فشلت كل المحاولات، لأن نفسية الطفل قد تكون متشابكة أكثر مما تستطيع أنت التعامل معها، فلا تخجل عرض طفلك على طبيب مختص، وقد تستعجب النتائج.

سادساً لا تستعجل النجاح، ككل علاج لأي مرض قد لا تأتي النتيجة سريعة فلا تستعجل ولا تيأس الأمر يحتاج للصبر لأنك لا تتعامل مع جماد أنت تتعامل مع طفل له مشاعره وأحاسيسه المعقدة، جرب الأمر مرة واثنين وكن قريب عند الأزمة لتدخل.

سابعاً العلاج بالأدوية، وهذا الأمر أنت لا تقترحه بنفسك لأن أدوية عدم التوتر خاصة على الأطفال قد يكون لها نتائج وخيمة إن لم تتم تحت إشراف طبي، بالإضافة إلى الأدوية النفسية قد يكون السبب الحقيقي هو خجل الطفل من شيء معين، على سبيل المثال قد يكون الطفل لا يتحكم جيداً بدخوله إلى الحمام وهذا ما يجعله ينفر عن الأماكن العامة، فيجب وقتها مساعدته ببعض الأدوية. ولكن لا تتدخل أنت واعرض الأمر على طبيب إن رأيت أن الأمر يستدعي الأدوية.

أخيراً عزيزي القارئ انفصال الأطفال يجب أن يتم بهدوء وتدريج وتوفير مناخ مستقر نفسياً للطفل حتى يستطيع أن ينمو ويخرج من قوقعة الأبوين.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

واحد + 15 =