تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » انعدام التركيز : كيف تجعل تركيزك في أوجه عن طريق حيل بسيطة؟

انعدام التركيز : كيف تجعل تركيزك في أوجه عن طريق حيل بسيطة؟

صرنانعاني من مشكلةٍ منتشرةٍ تعكر علينا حياتنا وتمنعنا من ممارسة أنشطتنا بشكلٍ طبيعيٍ وهي انعدام التركيز ، لربما أنت بحاجةٍ للتعرف على هذه المشكلة.

انعدام التركيز

إن كنت تبحث عن حلٍ لانعدام التركيز فوقع هذا المقال تحت يدك إذًا لربما نستطيع معًا أن نجد حلًا يساعدك على تجاوز مشكلتك والعودة بذهنٍ أكثر صفاءً لعملك أو مذاكرتك، وإن وجدت هذا المقال بالصدفة وأنت تتنقل على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بلا هدى لأنك لا تجد شيئًا آخر تفعله أو لأن لديك العديد من الأشياء لتفعلها لكنك لا تدري بالفعل لماذا تضيع وقتك على قراءة هذا المقال دعنا نحاول جعلك تتوقف عن إضاعة الوقت أكثر من ذلك لأنك حتمًا تعاني من انعدام التركيز بدورك.

دائمًا ما احتلت هذه المشكلة جزءًا كبيرًا من حياتنا وقضت على مئات الخطط التي دأبنا على وضعها ورسمها منذ الطفولة ربما، جميعنا بلا استثناءٍ مررنا بأيام العطلة التي نقرر أن نستغلها أفضل استغلال خاصةً أننا لسنا بحاجةٍ للخروج من البيت في هذا اليوم وإهدار طاقتنا المحفوظة لخططنا لكن يأتي الليل والنتيجة المتوقعة أننا لم ننجز شيئًا على الإطلاق في هذا اليوم، الأيام السابقة للاختبارات كذلك نحن بحاجةٍ ماسةٍ للمذاكرة والاختبار على الأبواب لكن مرةً أخرى لا شيء، كأن عقولنا تناقض أنفسها فهي تثير هلعنا بقرب الاختبار لكنها عاجزةٌ عن التركيز في الكتاب لخمس دقائق كاملة! فما المشكلة؟

لماذا تفقد التركيز؟ وما هو حل مشكلة انعدام التركيز ؟

بداية القائمة أنت مشتت!

السبب الأول والأوحد في بعض الأحيان لمشكلة انعدام التركيز هو التشتت والدليل على ذلك أنه على مر الأزمان فجيلنا مقارنةً بالأجيال التي سبقته يعاني من أعلى درجة فقدان التركيز لا لشيءٍ إلا لأن كمية المشتتات من حوله صارت أكبر وأكثر تنوعًا وأصعب في المقاومة، صار الواحد منّا جالسًا على كرسيه لكن عقله وقلبه في مليون اتجاه يفكر بملايين الأشياء التي تصل إليه وهو على كرسيه دون جهد ويضيع من ناحيةٍ أخرى بين ملايين الأحلام والطموحات والمتطلبات المعقدة التي صار هذا العصر يتطلّبها من معاصريه والتي إن نظرنا لها بعين العقل للحظة سنجد من المستحيل أن يتمكن إنسانٌ واحدٌ من تحقيقها كلها.

خطوتك الأولى للقضاء على انعدام التركيز الذي يؤرقك هو القضاء على تشتتك، عليك أن تعرف موقعك من هذا العالم وتحدد أولوياتك وتضع خطة مسيرتك في هذه الحياة متأثرًا فقط بأحلامك ومراعيًا لقدراتك دون الخضوع لأي مؤثراتٍ أخرى خارجية، عليك أن تتعلم أن تكون صلبًا وثابتًا أمام المؤثرات الخارجية ولا تبدي أي رد فعلٍ داخليٍ أو خارجي إلا بما تريده أنت وتوافق عليه، إن نجحت في هذا الخطوة فقد تجاوزت منتصف الطريق نحو هدفك.

لربما تعتقد أن هذا الكلام فلسفيٌ لا أكثر فما العلاقة بين هدفي الكبير في الحياة وبين انعدام التركيز الذي أعاني منه أثناء المذاكرة الآن مثلًا؟ العلاقة بينهما قد تكون خفية لكنها ليست غير موجودة لأن هدف الحياة هو الصورة الكبرى التي تتكون من صورٍ صغيرةٍ متراصة بجوار بعضها حتى تتكون، وقدرتك على التركيز في هذه اللحظة واحدةٌ من تلك الصور الصغيرة، إن كنت مهتمًا بدراستك تبني هدفك المستقبلي الكبير عليها إذًا تجاوز كل مشتتاتك وركز جهدك على المذاكرة وإن لم يكن هدفك قائمًا عليها إذًا تجاوزها وركز طاقتك في الطريق الذي تريد السير فيه، لا تدع الحياة تقودك على هواها وسيطر على زمامها بنفسك.

السوشيال ميديا جنتنا ولعنتنا

دعنا الآن نستعرض معًا بعضًا من المشتتات الموجودة حولنا والتي يظهر كأن لا حول لنا ولا قوة أمامها وتدفعنا نحو هوة انعدام التركيز دون أن نشعر، احتلت السوشيال ميديا المركز الأول في قائمتنا بلا منازع تقريبًا فبعد تطورها الرهيب في السنوات الأخيرة وتحقيقها العديد من المعجزات التواصلية بين الناس وتحويلهم من كوكبٍ متباعدٍ تفصل بينه أسفارٌ ومحيطات إلى ضغطات أزرارٍ تصلنا ببعضنا في ثوانٍ معدودة.

وكعادة الإنسان في تحويله النعم إلى نقم أسرف في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي حتى تغيرت من وسيلةٍ لتصبح غايةً في حد ذاتها يقضي عليها العديد من الساعات دون أن يدري الهدف من ذلك وفي كثيرٍ من الأحيان دون أن يخرج بفائدةٍ واحدةٍ على الأقل من 5 أو 6 ساعاتٍ من التصفح!

إن كنت تبحث عن التركيز فقاوم إدمانك لتلك العادة وغير فكرتك عن مواقع التواصل وطريقة استخدامك لها واجعلها وسيلةً تتواصل بها في الوقت الذي تريده وتحدده أنت، بعد ذلك أغلق كل التطبيقات المفتوحة باستمرارٍ على هاتفك الذكي ولا تنفك ترسل لك إشعاراتٍ لا حصر لها طوال اليوم بأشياء صدقني لا تحتاج لمعرفتها وتجد نفسك كلما حاولت التركيز قاطعك صوت إشعارٍ مفاجئ، لا تغلق الصوت بل أغلق التطبيق بأكمله حتى لا تظل الإشعارات نداءً صامتًا لك يحرك فضولك لفتحها ومعرفة ماهيتها.

الهدوء عملتك الرابحة

قد لا يعترف كثيرون بأهمية الهدوء قائلين أنهم يستطيعون العمل في أي مكانٍ وبأي درجةٍ من الضوضاء، بل إني شخصيًا أعرف أناسًا يخبرونني بقدرتهم على النوم في الضوضاء بدون أي مشكلة! الواقع أنك مهما جاهدت لإظهار ذلك فالأمر غير صحيح لأنك يا من تتفاخر بقدرتك على العمل في الضوضاء نفس الشخص الذي يقرأ هذا المقال بحثًا عن حلٍ لأجل انعدام التركيز.

الفكرة في الهدوء ليست راحتك الشخصية وحسب وإنما حجب كل المشتتات المرئية والأصوات الخارجية عنك ليتمكن عقلك من وضع كل طاقته في المهمة التي تقوم بها دون مقاطعة، في الضوضاء يضيع جزءٌ من طاقة عقلك في سماع الأصوات المحيطة بك دون وعيٍ منك، وجزءٌ آخر في رؤية الحركة الموجودة في مجال بصرك، وجزءٌ في الرد على شخصٍ وجه لك الكلام أو السؤال ولن تنتهي الأجزاء كما لن تنتهي مهمتك، مهما حسبت نفسك قادرًا على مقاومة الضوضاء فأعطِ لنفسك حقها من الهدوء أثناء تنفيذ أي مهمة.

أصحاب المهام المتعددة، هذا ليس يومكم

لا يستطيع أحدٌ أن ينكر موهبة بعض الأشخاص في القيام بعدة مهامٍ في وقتٍ واحدٍ دون أن يفقدوا تركيزهم أو يفسدوا ما يقومون به لكن هل لهذه الموهبة حدود؟ انعدام التركيز وضع نفسه كحدٍ من حدود هؤلاء الخارقين وبحسب الدراسات فعقول النساء متعددة المهام أكثر من عقول الرجال لكن القاعدة ليست ساريةً وبلا شواذ وحتى النساء لهن كبوةٌ في هذه الموهبة.

عندما تستعرض عضلاتك العقلية في تعدد المهام فكن حذرًا في نوع المهام التي تود أن تتعدد فيها كأن تشاهد التلفاز وتحادث صديقك وتنتبه لطفلٍ يلعب بجوارك كي لا يسقط وتساعد ابنك في واجبه المدرسي وتنتبه لرائحة احتراق الطعام التي تفوح من المطبخ وتتصفح الفيس بوك في نفس الدقيقة دون أن تفقد تركيزك لأيٍ من تلك المهام هو أمرٌ رائعٌ يستحق الإعجاب.

لكن لا تجرب وسط كل ذلك أن تكتب تقريرًا مهمًا يحتاجه مديرك خلال ساعتين على الأكثر بتفاصيل صفقةٍ مهمة تحدد مستقبل الشركة أو تستذكر منهجًا دراسيًا كاملًا لأن اختبارك في الصباح التالي وتأتي بعد ذلك تشكو انعدام التركيز وفشلك في تحقيق مهمتك تلك بنجاحٍ كامل! يستطيع عقلك تعديد المهام البسيطة التي تستهلك جزءًا صغيرًا منه ومن طاقته وتترك أجزاء أخرى متاحة لمهامٍ جديدة، لكن التقرير والمذاكرة يحتاجان لكامل تركيزك وطاقتك فلا تعدد معهما أي مهامٍ أخرى إن أردت أن تنجح، أما إن كنت قادرًا على تعديد المهام والقيام بكل ذلك وكتابة تقريرٍ ناجحٍ 100% فأرجو أن تكتب لنا مقالًا عن تلك القدرة.

الملل

أظن أن هذا السبب يعرف نفسه بنفسه في حياتنا جميعًا لذلك هو غنيٌ عن التعريف هنا، نريد إنجاز المهمة التي بين أيدينا ونملك الهدف والدافع ونجلس في مكانٍ هادئ منعزلين عن بقية العالم لكننا ما زلنا نحدق في سقف الغرفة ونخترع مشتتاتٍ ذهنية لأنفسنا لأننا نشعر بالملل.

إن شعرت بالملل من مهمةٍ تريد القيام بها وتبني عليها جزءًا مهمًا من مستقبلك أو حياتك فتأكد من أنك تقوم بها بشكلٍ خاطئ، أنت لا تفتقد الدافع وإنما طريقة الإنجاز لذلك غير من طريقتك في إنجاز تلك المهمة واجعلها أكثر إثارةً لاهتمامك وجذبًا لعقلك ولا وعيك، إن لم تستطع القيام بذلك إذًا الجأ للتقسيم الزمني ومكافأة نفسك أي أنك إن قضيت ساعةً ونصفًا متواصلةً في المذاكرة ستكافئ نفسك بشيءٍ تحبه أو بفترة راحةٍ قصيرة تفعل فيها شيئًا ممتعًا.

رتب أولوياتك

واحدٌ من أكبر أسباب انعدام التركيز هو الترتيب الخاطئ للأولويات يعني أن لديك مهمةً عاجلةً وأخرى تحتمل التأخر من الطبيعي أن تختار المهمة العاجلة أولًا حتى لو كانت أتفه من التي تحتمل التأجيل لأنك لو اخترتها ستعجز عن التركيز فيها بينما عقلك مشغولٌ بالمهمة العاجلة وعواقب التأخر في تنفيذها، يعني مثلًا لديك تقريرٌ تستطيع كتابته حتى منتصف الليل وابنتك من ناحيةٍ أخرى تريد منك أن تقلّها بالسيارة لبيت صديقتها كما وعدتها، لو قامت الدنيا ولم تقعد فصدقني لن تستطيع التركيز في تقريرك بينما هي تريد الذهاب حالًا ولن تتركك في حالك! انته من تلك المهمة الصغيرة في نصف ساعة ثم عد ببالٍ رائقٍ لتنهي تقريرك ستجد أنك تركز بشكلٍ أسهل وأسرع.

توقف عن محاصرة نفسك في الدقائق الأخيرة

لا تتوقع أن تؤجل كل أعمالك للحظة الأخيرة دائمًا ثم تجد متسعًا من الوقت وبالًا رائقًا وتركيزًا كاملًا للقيام بها في اللحظة الأخيرة كأن شيئًا لم يكن، مجرد الضغط الذي تولد فكرة الحصار واقتراب انتهاء الوقت يستنزف نصف طاقتك المقدر لك تجنيدها لاستجماع تركيزك، رتب وقتك بشكلٍ مناسب لتستطيع توزيع جهدك على كل المهام التي تود إنجازها بحيث تأخذ كل مهمةٍ وقتها وحظها من التركيز، انعدام التركيز في الوقت الضيق سيزيد من وقت إنجاز المهمة وهو أمرٌ لن يساعدك على الإطلاق.

جسدك يرسل لك رسالة

إن كنت تقوم بالسابق كله لكنك ما زلت تعاني من انعدام التركيز إذًا لربما جسدك يحاول مخاطبتك برسالةٍ محتواها أنك مرهق أو جائع أو لا تملك طاقةً على الإطلاق يستطيع عقلك استخدامها للتركيز، بالطبع ذلك لا أوجه كلامي للأشخاص الذين ينامون طوال اليوم أو يتناولون الطعام طوال الوقت من باب الملل فهؤلاء يفقدون تركيزهم من التخمة والكسل.

لجسدك حقٌ عليك وهو بحاجةٍ للرعاية والاهتمام وإعادة شحن طاقته التي تبذلها أنت في المهام طوال الوقت فإن لم تكن تعطيه حقه فلا تندهش عندما يتوقف عن العمل وعن إعطائك ما تطلبه في وقتٍ من الأوقات، أعطه قسطًا من الراحة والنوم العميق مع غذاءٍ صحيٍ متكامل بعدها يكون حديثنا.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة