تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » انتقال الأمراض إلى الفئران : كيف نقل الإنسان العدوى للفئران ؟

انتقال الأمراض إلى الفئران : كيف نقل الإنسان العدوى للفئران ؟

بالرغم من سمعتها السيئة في نقل الكثير من الأمراض للإنسان، إلا أن الإنسان أيضًا بشكل ما قد نقل أمراضًا للفئران، اعرف كيفية انتقال الأمراض إلى الفئران .

انتقال الأمراض إلى الفئران

ينسب إلى الفئران سبب انتشار الكثير من الأمراض أهمهم الطاعون (الموت الأسود)، أما مقالي هذا يتحدث عن العكس تماماً، أي كيف تم انتقال الأمراض إلى الفئران من الإنسان وما هي هذه الأمراض، لقرب الفئران فسيولوجياً من الإنسان يتم استخدامه في إجراء التجارب الدوائية عليهم وحقنهم بمختلف الأدوية الغير مرخصة كتجارب لتأكيد فعاليتها، ومع ذلك قد يضطر العلماء لإضافة بعض الهرمونات والمحاليل لتقريب الفوارق بين الإنسان والفئران حتى يحصلوا على نتائج أقرب إلى الواقع. وستندهش عزيزي القارئ من هذا المقال وسترى بنفسك أن الجنس البشري لا يعاني من الفئران كما تعاني الفئران من الجنس البشري.

كيفية انتقال الأمراض إلى الفئران

مرض السيلان

مرض السيلان من أخطر الأمراض الجنسية، وحتى يتمكن العلماء من دراسته واختراع علاج له كان لابد من انتقال المرض إلى الفئران لتعمل كتجارب، وقد وجدوا أن مهبل الفئران لا يصلح لنمو البكتيريا النيسرية التي تسبب السيلان، بمعنى أخر الفئران قبلنا كانت لا تعاني أبداً من احتمالية الإصابة بمرض السيلان، ولكن العلماء بحثوا وأعطوا الفئران الستيرويد وهرمون الإستروجين، ضامنين بذلك قدرة الفئران على الإصابة بالسيلان. وكما البشر كذلك الفئران في فكرة أن الإصابة الأولى بالمرض والشفاء منه لا تعني أنه تم الشفاء منه للأبد ويمكن له أن يرجع على مدار الحياة بنوبات أشد خطورة.

مرض الزهايمر

مرض الزهايمر هو مرض يسيب العقل ينتج عنه فقدان في الذاكرة بأشكال عديدة ويبدأ في سن الخمسين أو الستين من العمر أو أكثر، وهو مرض جيني، وقد وجد العلماء طريقهم لانتقال الأمراض إلى الفئران مثل مرض الزهايمر، الذي يحقنون فيه أدمغة الفئران ببروتينات أُخذت من عائليتين سويديتين يشتهر بهما مرض الزهايمر، وقد يخطر ببالك سؤال مهم كيف عرف العلماء أنهم بالفعل أصابوا الفئران بالزهايمر؟ ببساطة عزيزي القارئ توجد طريقتين: الأولى تسمى “متاهة مورس المائية” وفيها يجب على الفأر أن يتعرف على مكان شيء معين بنفس الطريق في المتاهة مرتين متتاليتين بعد أن يدربوه على الوصول له. أما الطريقة الأخرى والأبسط تسمى “رواية التعرف على الأشياء” وهي بتقديم شيئاً للفأر ليتعرف عليه ومن ثم تقديم نفس الشيء مع أخر مختلف، الفأر العادي سيذهب لاستكشاف الجديد، أما الفأر المصاب بالزهايمر لن يعرف الفرق.

الحصبة

مرض الحصبة يسببه فيروس، هذا الفيروس يتمكن من إصابة الإنسان فقط بسبب وجود مستقبلات في خلاياه، أما الفئران فلم تعاني أبداً منه. ولكن الإنسان لا يرحم واستخدم تقنياته الجنية لزرع هذه المستقبلات في جينات الفئران. في الحصبة العادية للإنسان تسبب بعض الحمة والبثور الجلدية وحالات نادرة جداً يحدث بها تلف في الدماغ أو الموت، وإنما بسبب انتقال المرض إلى الفئران بهذه الطريقة الغير طبيعية عانت الفئران من الموت السريع وقبلها فقدان التام للحركة ونوبات مستمرة وكانت المشكلة متفاقمة أكبر عند الفئران حديثة الولادة.

الإيدز أو الـ HIV

مرض الإيدز هو مرض يهاجم مناعة الإنسان وتسبب في قتل أكثر من 39 مليون شخص حول العالم حتى الآن، والكثيرين يصابوا به، ولكي يسيب الفيروس خلايا الإنسان يجب عليه الارتباط بمستقبلات معينة على الخلايا، لا توجد تلك المستقبلات في الفئران، ورغم أنه توجد في الشمبانزي، إلا إن الفئران تجارب معملية أوفر، فيتم زرع خلايا أدمية في الفئران مأخوذة من ثلاث أماكن مختلفة: نخاع العظام، الغدة الصعترية، والكبد، في عملية جراحية تسمى “أنسنة”، ومن اسمها تعني تحويل الفئران إلى ما يقرب جنس البشر فسيولوجياً. وهو ما أمكن العلماء من نقل مرض الإيدز إلى الفئران. وهذه كارثة أخرى من كوارث انتقال الأمراض إلى الفئران.

حَب الشباب

حب الشباب هو نتيجة معركة دائمة بين الجلد وبكتريا بروبيونيباكتيريوم، في معظم الوقت هذه البكتريا غير مؤذية وإنما عند قلة نسبة الأكسجين في الجلد تهاجم هذه البكتريا ويعمل الجهاز المناعي لمحاربة الهجوم، فتظهر دفاعاته على هيئة تلك البثور بالوجه والظهر. الفكرة هنا أن حب الشباب تصيب البشر، لا الفئران ولا حتى الشمبانزي، ولا يرضى العلماء بتلك نتيجة، وإنما يزرعون خلايا بشرية على الفئران ويحقنون البكتريا ويفروا الظروف المناسبة فيظهر على الفئران حب شباب تماماً كالبشر على الوجه والأذن، لن ولم كانت لتوجد لولا طرق الإنسان في انتقال الأمراض إلى الفئران.

الوسواس القهري

قد تضحك عليا الآن يا عزيزي القارئ وتقول إنه بالتأكيد لا يمكن معرفة الوسواس القهري لدى الفئران، فالإنسان مثلاً الذي يعاني منه يغسل يده عدد مرات أكثر بكثير من الإنسان الطبيعي فتقول عليه موسوس من النظافة، ولكن الفئران لا تغسل يدها؟ بالطبع معك حق وإنما الفئران تفعل شيء أخر ألا وهو “الاستمالة” بفرك أنفسهم بأيديهم. لاحظ العلماء ارتباط الوسواس القهري بزيادة في نشاط القشرة الأمامية المدارية في دماغ المريض، فعملوا بمحاولة إثارتها بتعريض الفئران لومضات ضوئية متكررة يومياً، مما أصاب الفئران فعلياً بالوسواس القهري وجعلهم يفركون أنفسهم كثيراً جداً حد أنهم يسقطون فروتهم ويتجرحون ويشوهون أنفسهم. إنه فقط مثال أخر على انتقال الأمراض إلى الفئران عن طريق الإنسان.

السُكْر (شرب الكحول الزائد)

قد لا يكون الإنسان له حقاً يداً كبيرة في هذا الأمر، وإنما الإنسان كان بالفعل سبب البداية في جعل الفئران يأخذون عن البشر تلك العادة الأخلاقية السيئة. وجد العلماء أن كثرة شرب الكحول يكون في بعض الأحيان جيني ومتوارث في العائلية البشرية، وتماماً الفئران فالبعض منهم يفضل شرب الكحول عن الماء والأخر ينفر منه ويذهب إلى الماء (فأر عنده مبادئ)، بالتالي استعمل العلماء تلك الملاحظة وجلبوا فأر يحب الكحول جداً وجعلوه بالغصب أولاً شرب الكثير من الكحول، والجدير بالذكر أن الفئران عندها عملية أيض للكحول أسرع من البشر ولذلك ثمل الفأر بشكل أسرع حد أنه تخبط في الحائط وترنح حول نفسه وكان حتى أشد عداوة ناحية باقي الفئران تماماً كالبشر. ومن هنا تركوا الفأر ليختار ما يريد أن يشرب بين الماء والكحول فاختار دائماً الكحول، وفضل دائماً أن يكون سكران، وبهذا حقق الإنسان ما يريده وهو انتقال الأمراض إلى الفئران حتى مرض فرط الكحول وكأنه ينتقم منهم لسبب ما.

مرض هنتنغتون

هذا المرض يوجد في جينات البشر فقط، وهو مرض عصبي ويسبب فقدان القدرة على التحكم بالعضلات والتفكير بوضوح، وبمرور الوقت الموت ويموت الشخص المريض في سن صغير. مرضى هنتنغتون لديهم هذا الجين على DNA بتكرار واحد فقط، أما العلماء يعطون الفئران جينات بشرية معدلة أو مخلفة تحتوي على 35 حتى 72 تكرار لجين المرض، مما يجعل الفئران تظهر أعراض سريعة ومتطورة من المرض وبعد التشريح يظهر أن الدماغ تدهور جداً وأصبح غير فعال في أداء مهامه.

التوحد

انتقال الأمراض إلى الفئران لم يتوقف حتى أمام التوحد، ذلك المرض الذي تكون أعراضه عبارة عن عدم التفاعل مع المجتمع وعدم دراية المريض به ككل مع بعض الأعراض الأخرى مثل التصفيق المستمر وغيرها. مرض التوحد تسببه جينات عدة وعندما أدخلت واحدة من تلك الجينات إلى الفئران أظهرت أعرض مثل البشر تماماً مثل: عدم اكتمال نمو الدماغ كالمفترض له، أقل في التفاعل مع الفئران الأخرى، حيث تم إعطاء الفأر أنبوبتين واحدة فارغة والأخرى بها فئران فكان يختار في الأغلب الأنبوبة الفارغة مفضلاً كونه وحيداً وهذا عكس ما حدث مع الفئران السليمة، كما أنهم أخذوا في فرك أنفسهم بطريقة هستيرية حد جرح أنفسهم.

أخيراً عزيزي القارئ بعدما عرفت أن الإنسان قادر على عملية انتقال الأمراض إلى الفئران وكان له اليد الكبرى في إصابتهم بالكثير من الأمراض التي لم يكن من المفترض أن يصابوا بها طبيعياً، وحتى الأمراض العقلية مثل الفصام وغيرها لم تنجو منها الفئران، هل ترى إن ما يفعله البشر بهذا التلاعب أمر غير أخلاقي، أم أن هذا من الأفضل حتى يسمح لهم دراسة الأمراض وإيجاد علاج؟! ماذا إذا قلت لك لو أن أحد تلك الفئران خرجت عن السيطرة في المعمل وتمكنت من الخروج إلى العالم البشري بدون وقاية، ألن يتسبب هذا في مصيبة ليست في جنس الفئران فقط بل أيضاً بالنسبة للبشر ونقلت لهم العدوى رداً لغضب الطبيعة؟! الأجوبة تتفاوت والكل له مبررات في إجاباته.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

4 × 4 =