تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » المشروبات الكحولية : كيف يتم صناعتها من الألف للياء ؟

المشروبات الكحولية : كيف يتم صناعتها من الألف للياء ؟

تعتبر صناعة المشروبات الكحولية صناعة ضخمة حول العالم، وبغض النظر عن الأضرار الكثيرة للمشروبات الكحولية، فإننا سوف نتعرف على طرق تصنيعها من باب العلم بالشيء.

المشروبات الكحولية

المشروبات الكحولية أو كما يُطلق عليها “المشروبات الرُوحية” هي من أقدم الصناعات التي تواترت لنا عبر الزمان. فقد شاعت صناعتها منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا. وكان استخدامها عند مختلف الشعوب داخلًا في الطعام والدواء والتنظيف، وكانت تستخدم أيضًا كعلاجٍ مهدئ للأعصاب. واستُخدمت بعد ذلك كرموزٍ دينية، وفي طقوسٍ إغريقية؛ حيث وُجد في الدولة الإغريقية الإله ديونيسوس إله النبيذ، وكانت تقامُ لهُ احتفالات النبيذ من أجل إسعاده!، وتحكي الأساطير عن أن الإله أوزوريس عند المصريين هو أول من منهَج وعلّم صناعة المشروبات الكحولية على الإطلاق، كان ذلك لمجرد تخفيف حمول الإنسان من الدنيا ومنغصاتها، وكان الإله باخوس هو من تولى هذا الدور عند الرومان. وقد استخدمت الخمور في الطقوس المسيحية، القداس الإلهي، وفي الشابات واحتفالات الصفح اليهودية وغيرها.

أما في الإسلام فقد حُرّمت الخمور بأنواعها جميعًا، وغُلظ التحريم قلت كميتها أو عظُمت، فكل مسكِر كثيره فقليله حرام. وأتى التحريم متدرجًا لأن الخمر كان ثقافةً عامة اعتادها العرب ولم يألفوا عدم وجودها، فنزل الوحي أولًا موضّحًا أن للخمر فائدة مثلما له مضرة، وأن أضراره أكثر من نفعه. ثم نهى الوحي بعد ذلك عن الصلاة تحت تأثير الخمور، حتى انتهى إلى تحريم الخمر نهائيًا، وأقيمت الحدود بالجلد على شاربيه. وذلك لما في تأثير الخمور من مفسدةٍ للنفوسِ والأجساد، ومن الضرر الواقع على المجتمع.

تعرف على كل ما يخص تصنيع المشروبات الكحولية

كيفية صناعة المشروبات الكحولية ومكوناتها الرئيسة

الكحول بصفة عامة هي أي مركب عضوي تكون المجموعة الوظيفية (OH) هي مكونه الأساس، والتي ترتبط بذرة كربون منتجةً مركبات تختلف طبيعتها باختلاف الظروف التي وقع بها التفاعل. أما المشروبات الكحولية فهي نِتاج الصناعات التخميرية (الميكروبيولوجية)، وفي تصنيعها تُخمّر الكربوهيدرات (أيض) بواسطة أنواع من الخمائر إذا ما لم يوجد أكسجين، وتحوّل إلى كحول وثاني أكسيد الكربون. ومن اسم المشروبات الكحولية ، فهي تحتوي على نسبة معينة من الكحول، والمركّب الرئيس فيها هو الكحول الإيثيلي (C2H5OH)، أو كحول الإيثانول CH3CH2OH))، والأخير سائل أقل كثافةً من الماء، متطاير عند درجة الحرارة العادية.

المشروبات الكحولية على أنواع، أهمها “المخمّرة” ومنها ينتج “البيرة” و”النبيذ” بأنواعهما. و”المقطرة” وتُنتج ما يسمى بـ “الويسكي” و “العرق” و “الشمبانيا” و “الفودكا”.

مصادرها

أساسُ صناعة المشروبات الكحولية هو الكربوهيدرات، سواء أكانت من السكريات من الفواكه كالتمر وقصب السكر والعنب، والأخير هو المصدر الرئيس لصناعة المشروبات الكحولية، أم من سكر العسل، أم كانت من النشويات كالبطاطس وكل ما يحتوي على عنصر النشا كأحد مكوناته الرئيسة، أم كانت من الحبوب كالحنطة والشعير.

وتصنّع الخمور بترك الخمائر في أي من مصادر صناعة الخمر وإضافة الماء، ومن ثم الاحتفاظ بها في ظروفٍ معينة ودرجة حرارة منخفضة حتى تتعفن وتتكون البكتيريا الأساس في إعطاء نكهة الكحوليات. وكلما زادت درجة تعفنها وطول زمان تخزينها كلما زادت جودة المنتَج!.

تأثير المشروبات الكحولية على الصحة العامة

الجهاز العصبي

الجهاز العصبي هو المسؤول عن تواصل الإنسان مع الآخرين ومسؤول أيضًا عن وعيه بما يحدث حوله وإدراكه بما تقدمه يداه، فإذا ما دخل على أحد أجزائه (الدماغ- النخاع الشوكي- الشبكات العصبية) عناصر غريبة، فقد يسبب ذلك خللًا في وظائف الجهاز العصبي من الإحساس والإدراك. ومن أعظم العناصر التي تخل بوظيفة الجهاز العصبي هي المشروبات الكحولية لا سيّما وإن كانت مفرَطة، فهي تدخل على الفص الجبهيّ المسؤول عن الشعور والإدراك، ولذلك يفقد الإنسان الواقع تحت تأثير الخمر القدرةَ على التصرف الصائب واتخاذ القرارات السليمة، وقد يتحول سلوكه إلى قبيحٍ وهو غير ذي أهلٍ له.

وفي المخيخ، الفضلة الموجودة خلف المخ، فإذا ما وصل تأثير المشروبات الكحولية إليه، سبب اختلال توازن الجسم كله، حيث إن المخيخ هو الجزء المسؤول عن توازن الجسم والحركة والعضلات، ولذلك يختل توازن الجسم ويتلعثم اللسان لوجود خلل في عضلاته، وممكن أن يصل تأثيره إلى حدِ الإغماء. كما تتأثر المعدة من الكحول؛ حيث إن الأخيرة تُضعفُ من أعصاب المعِدة مما قد يسبب قيئًا متتابعًا إلى أن يُطرد تأثير الكحول من الجسم.

وتسبب المشروبات الكحولية أيضًا عِلةً في الألياف العصبية التي تسمى “الجسم النفثي”، وهذه الألياف تغطي المخ بأجزائه وتغطي أيضًا قناة النخاع الشوكي، وهي مسؤولة جذريًا عن ربط نصفي المخ الأيمن والأيسر ببعضيهما. وذلك يجعل من النيل من هذه الألياف تأثيرًا عقيمًا على وظائفِ المخ.

الجهاز الهضمي

يؤدي تناول المشروبات الكحولية إلى نقص امتصاص فيتامين (B) مما يسبب ظهور حساسية اللسان الناتجة عن تلف أنسجته، فيصاب الشارب بصعوبة حركة اللسان وفقد الشهية وسوء تغذية عامة. وتعمل الكحوليات على زيادة تنبيه غدد المعدة، مما يجعلها تفرز سائل المعدة الحمضي بإفراطٍ والذي يسبب قرحة المعدة (Gastric Ulcer) أو قرحة الإثنى عشر ( Peptic Ulcer).

الكبد

الكبد هو أكبر مركز للعمليات الكيميائية الحيوية في جسم الإنسان، مثل إنتاج سائل المرارة، ومعالجة المواد الغذائية التي امتصها الجسم من الطعام، وإنتاج العناصر التي تتفاعل في عملية تخثر الدم بعد الإصابة بالجروح، ومعالجة المواد غير الغذائية والكيميائية التي تدخل عارضةً على جسم الإنسان، وتعتبر المشروبات الكحولية هي من أخطر هذه المواد، ولذلك فهي أعلى الأعضاء من حيث درجة الحرارة. والكبد هو أكثر الأعضاء التي لديها قدرة على ترميم وإعادة هيكلة أنسجتها ببراعة فائقة، إلا أن تكرار إتلاف أنسجتها وإعادة تكوينها يسبب على المدى الطويل إتلافًا في الكبد ذاته، مما يؤدي بدوره إلى فشلٍ في الكبد لا يمكنُ إصلاحه، ولا برأ للإنسان من أضراره له إلا بزرع آخر.

عندما تدخل الكحول في أنسجة الكبد، يحاول الكبد التخلص منها وذل عن طريق تحويل المركب العضوي الإيثانول Ethanol) ) الموجود في المشروبات الكحولية إلى مركبٍ الأسيتالدهايد ((Acetaldehyde، وهذا المركب يسبب تفاعلات في الكبد تسبب بدورها تلفًا في خلاياه، حيث تتكون جروح وفجوات في أنسجة الكبد، وهذا يعمل على تدخل أجهزة المناعة لحمايةِ الكبد من هذه الجروح، والتي تعمل على تكوين أنسجة أخرى بدلًا من الأنسجة التالفة في الكبد، وهذه الأنسجة تكون غريبةً عنه مما يؤدي إلى دماره وتلفه بما يسمى تشمع الكبد أو تليفه ((Cirrhosis.

القلب والأوعية الدموية

دخول المشروبات الكحولية إلى جسم الإنسان يؤدي إلى زيادة ضربات القلب ( Palpitation)، وضعف عضلته ( Cardiomyopathy)، وتقلص شرايينه، مما يسبب بصفةٍ رئيسة الموت الفجأة. وتوسيع الأوعية الدموية الجلدية مما يسبب تدفق غزير للدم على غير المعتاد، وهذا يفسر تحول جلد السكيرِ إلى أحمر قاتم. وفي المقابل، تتقلص الأوعية الدموية لباقي الأعضاء وتضمر، وذلك يحُد من وصول الدم إلى الأوعية الضامرة مما يسبب فشلًا في أداء وظائف هذه الأعضاء.

التأثير النفسي

المشروبات الكحولية هي من المسببات الرئيسة في أمراض الاكتئاب والقلق والتوتر العصبي، وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع نسبة المنتحرين بين مدمني الخمور عن غيرهم. وتسبب الكحول مرض الخرَف الكحولي ( Dementia)، وفيه يلازم المريضَ الهلوسة السمعية البصرية، حيث يتخيل وجود وسماع أشياء ليست موجودة.

هذا، وتتجلى الحكمة الإلهية من تحريم الخمر في تأثيره السيئ على الحياة الشخصية والعامة، وعلاقات الفرد بغيره من الناس، وعلاقته وتصالحه مع نفسه قبل كل ذلك. ويظل إدمان الكحول لدى الغربيين وأفراد كثيرة من الشرق هو من أعظم المشاكل التي تُزعزع أمن الإنسان نفسه ومن ثم أمن المجتمع.

سارة إبراهيم

طبيبة وكاتبة ومترجمة من مصر

أضف تعليق

خمسة عشر − 9 =