تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » كيف نستفيد من الكيمياء العضوية في حياتنا اليومية؟

كيف نستفيد من الكيمياء العضوية في حياتنا اليومية؟

تعد الكيمياء العضوية من أهم الركائز التي يقوم عليها علم الكيمياء، وقد شهدت مؤخرا تطورا كبيرا، وانتشارا واسعا في مختلف المركبات والأدوات التي نستعملها في حياتنا اليومية، وذلك لما فيها من فوائد عديدة سوف نعرضها في هذا المقال.

الكيمياء العضوية

بدأت تسمية الكيمياء العضوية في الظهور على يد العالم (برزيليوس)، حيث تمكن من تقسيم المركبات الكيميائية إلى مركبات عضوية وغير عضوية، وكان ذلك على أساس المصدر الذي تستخلص منه هذه المركبات، وبعد هذا التقسيم قدم (برزيليوس) ورقة بحثية يقول فيها: إن هناك قوى خفية داخل الكائنات الحية هي التي تكون المركبات العضوية وأطلق عليها نظرية (القوى الحيوية)، لكن هذه النظرية لم تدم طويلا، وذلك لتمكن العالم الألماني (فوهلر) من تحضير اليوريا (البولينا) في مختبره، ويعد هذا المركب الأول الذي تم تحضيره في المركبات العضوية، ومنذ هذا الوقت، تشهد الكيمياء العضوية تطورا سريعا.

تعريف الكيمياء العضوية

يتم تعريف مركبات الكيمياء العضوية الآن على أساس تركيبها الكيميائي وليس على أساس مصدرها، وذلك لأن معظم المركبات العضوية يتم تحضيرها الآن في المعامل وليس داخل الكائنات الحية، ووصلت عدد المركبات العضوية التي نستطيع تحضيرها في المعامل اليوم إلى 10 مليون مركب، ويرجع هذا العدد الكبير إلى قدرة ذرة الكربون على الارتباط بروابط أحادية وثنائية وثلاثية ورباعية. وتعرف الكيمياء العضوية علميا باسم (كيمياء الكربون) وذلك لأن الكربون عنصر أساسي في جميع مركباتها، ولا يشترط أن يكون كل مركب يحتوي على كربون مركب عضوي، وتختلف معظم خصائص المركبات العضوية عن باقي المركبات الكيميائية، وذلك لأن المركبات العضوية تذوب في المذيبات العضوية ويصعب ذوبانها في الماء، كما تنخفض درجة ذوبانها وغليانها عن المركبات العادية، ويصعب توصيل الكهرباء بمحاليل هذه المركبات وذلك لوجود الروابط التساهمية بين جزيئات المركب. تعد الهيدروكربونات من أهم فروع الكيمياء العضوية ، وتنقسم الهيدروكربونات إلى مركبات أليفاتية، أروماتية، وتنقسم المركبات الأليفاتية إلى بارافينات و الأوليفينات و الأستيلينات، أما المركبات الأروماتية فتضم المركبات الحلقية غير المشبعة. وتختلف هذه المركبات وتقسيمها حسب درجة تشبعها، حيث تعد المركبات أحادية الروابط مركبات مشبعة، وما غير ذلك مركبات غير مشبعة، و سنتعرف على هذه الفروع في الأسطر القادمة.

أهمية الكيمياء العضوية

تعد كثرة عدد المركبات العضوية هي السبب الأول الذي جعلها تنتشر بهذا الشكل في حياتنا اليومية، فعند النظر للبارافينات نجدها تحتوي على البروبان والبيوتان واللذان يستعملان كوقود في أسطوانة البوتاجاز، كما تدخل العديد من مركبات البارافينات مع الجازولين كوقود، ونجد فوائد هذه المركبات تمتد لتشمل نواحي أخرى في حياتنا، حيث تكون البارافينات خيارا جيدا إذا أردنا تغطية الفلزات لحمايتها من الصدأ وذلك لأنها لا تذوب في الماء. وتوجد استخدامات أخرى عديدة في حياتنا، حيث نجد مركب الهالوثان من أهم المخدرات التي يتم استعمالها في العمليات الطبية، ومركب الثلاثي كلورو إيثان يستخدم في التنظيف الجاف، وعلاوة على ذلك نجد أن الفريونات من مشتقات البارافينات وتتميز الفريونات بقدرتها على دفع السوائل والروائح من المكيفات والثلاجات، كما نجد العديد من الاستعمالات لمركب أسود الكربون حيث يدخل في صناعة إطارات السيارات والحبر الأسود، و ورنيش الأحذية والأنواع المختلفة من الطلاء.

أهمية الأوليفينات في حياتنا

تنتمي الأوليفينات إلى الهيدروكربونات الغير مشبعة، ويعد الإيثين المركب الأول في الأوليفينات وذلك حيث يحتوي على ذرتي كربون بينهم رابطة مزدوجة، ويصبح المركب مشبع بكسر الروابط بذرات هيدروجين، وعند النظر إلى الأوليفينات لا نجدها أقل أهمية من البارافينات، بل تتميز عنها بقدرتها الكبيرة على تكوين بوليمرات وتساعد هذه البوليمرات في صنع العديد من الأشياء، ومن هذه البوليمرات البولي إيثيلين حيث يدخل في صناعة الأكياس وزجاجات البلاستيك، والبولي بروبلين الذي يدخل في صناعة السجاد والمفارش والستائر والمعلبات، كما نجد مركب التفلون يستخدم في تبطين أواني الطهي وعمل الخيوط الجراحية وذلك لقدرته على تحمل الحرارة وعدم التصاقه بالأشياء، وإضافة إليهم نجد القوة والصلابة التي يمتلكها بوليمر البولي فينيل كلوريد تساعده في عمل أنابيب (مواسير) الصرف الصحي، وعوازل الكهرباء والأرضيات وبعض أنواع الأحذية وعبوات الزيوت المعدنية، والأوليفينات هي واحدة من أهم مناحي دراسة الكيمياء العضوية .

الأهمية الافتصادية للكحولات العضوية

يطلق اسم الكحول على المركب العضوي الذي يحتوي على مجموعة هيدروكسيل، ويوجد كحولات أحادية وثنائية وما يزيد عن ذلك ويتحدد هذا الرقم بناء على عدد مجموعة الهيدروكسيل في المركب، وعند النظر للكحولات الأولية نجد لها أهمية اقتصادية كبيرة وذلك لمنافعها العديدة حيث تعمل كمذيبات عضوية، وتستخدم في محاليل تعقيم الفم والأسنان عن طريق المضمضة وذلك لقدرتها على قتل الميكروبات، كما تستخدم في الروائح العطرية والمشروبات الكحولية، ويكثر استخدامه في البرازيل كوقود للسيارات بعد خلطه بالجازولين، كما نجد أن الكحول الإيثيلي الأولي له خصائص مميزة مثل تجمده عند 110 تحت الصفر مما يجعله ترمومتر ملائم لقياس درجات الحرارة المنخفضة. أما الكحولات الثنائية فتستخدم في مبردات السيارات كمادة مانعة لتجمد الماء، ونجد أن بعض مركبات هذه الكحولات كالإيثيلين جليكول له لزوجة شديدة لذلك يستخدم في سوائل الفرامل الهيدروليكية وأحبار الأقلام الجافة والطباعة، كما يدخل الإيثيلين جليكول في تحضير بوليمر الإيثيلين جليكول الذي يدخل في صناعة في تحضير ألياف الداكرون وأفلام التصوير وشرائط التسجيل. أما الكحولات ثلاثية الهيدروكسيل فتعمل على ترطيب الجلد وتدخل في مستحضرات التجميل، كما تدخل في صناعة النسيج وذلك لقدرته على إكساب النسيج المرونة والنعومة، كما نجد مركب النيتروجلسرين الذي ينتمي لهذه الكحولات يدخل في عمل المفرقعات كما يساهم في المجال الطبي لقدرته على توزيع شرايين القلب مما يجعله معالجا جيدا لمعظم الأزمات القلبية.

أهمية الأحماض العضوية في حياتنا

نجد للأحماض العضوية الكثير من الفوائد في حياتنا خصوصا على المستوى البيولوجي، وذلك حيث نجد حمض اللاكتيك الذي يوجد في اللبن بفعل إنزيمات تفرزها بعض البكتيريا على سكر اللاكتوز يعمل على تقلص العضلات نتيجة للمجهود الشاق الذي بذله الإنسان، كما نجد حمض الستريك الذي يوجد في الموالح يمنع نمو البكتيريا على الطعام وذلك لقدرته على تقليل الرقم الهيدروجيني كما يضاف للفاكهة المجمدة عند حفظها وذلك لأنه يحافظ على لونها وطعمها، ونجد أيضا حمض الأسكوربيك أو كما يعرف طبيا (فيتامين ج) الذي يوجد في الفاكهة والخضروات يحتاجه الجسم بكميات قليلة ورغم هذا فإن نقصانه يؤدي إلى مرض الإسقربوط، وبالإضافة لهذه الفوائد البيولوجية نجد الأحماض العضوية تتفرع في الكثير من الأمور الأخرى في حياتنا اليومية، فمثلا حمض الفورميك يدخل في صناعة العطور والبلاستيك والعقاقير الطبية كما يدخل في صناعة المبيدات الحشرية بالرغم من أنه يستخرج من النمل الأحمر، كما نجد حمض الأستيك يدخل في صناعة الأصباغ والحرير كما أنه عن تركيز 4 بالمئة يتم استخدامه في المنازل في ما يعرف بمركب الخل ولهذا السبب يطلق على هذا الحمض (حمض الخليك الثلجي). ونجد أيضا أن الأحماض الأمينية تدخل في بناء بروتين الجسم.

لا تقف فوائد الكيمياء العضوية على هذه الفوائد المذكورة في المقال وحسب، بل نجدها تتعدد في مناحي أخرى وتحت مسميات كثيرة مثل: الإسترات، والفينولات، والألدهيدات وغيرهم الكثير، ويعد السبب الرئيسي الذي فتح الباب لظهور كل هذه المركبات هو التطور المستمر في العلم والتشكيك في ما توصل إليه بمنطق علمي بحت، فلو كان العلماء توقفوا عند نظرية القوى الحيوية لبرزيليوس لما تمكنا من التقدم خصوصا مع مرور الوقت الذي سيزيد من قوة ترسخ النظرية في عقولنا.

محمد جاد الله

احب المطالعة واكتشاف كل جديد. لكتابة بالنسبة لي هي قوة ودافع للاستمرار.

أضف تعليق

10 − ثلاثة =