تسعة
الرئيسية » العلاقات » عزوبية » كيف يُمكن القضاء على العنوسة في المجتمعات العربية؟

كيف يُمكن القضاء على العنوسة في المجتمعات العربية؟

القضاء على العنوسة حلم يراود المجتمعات العربية، فإذا كنا سنعتبر الزواج سنة الحياة للعالم عمومًا فإنه بالنسبة للعرب والمسلمين بشكل خاص حياة، فما هي الطريقة؟

القضاء على العنوسة

مما لا شك فيه أن القضاء على العنوسة واحدة من أهم المشاكل المُتصدرة في الوطن العربي بأكمله، فتقريبًا في كل خمسة فتيات ثمة ثلاثة منهن عانسات، بالرغم من أن تعليمهن جيد وكذلك يتمتعن بقدر كبير جدًا من الجمال، لكن الموضوع أنه ثمة بعض المشاكل التي تعصف بالوطن العربي وتؤدي إلى تفويت القطار على بعض الفتيات، هذا بالرغم من أن الشريعة الإسلامية قد وضعت بعض الحلول الجذرية لهذه المشكلة وطبعًا أهمها تعدد الزوجات حتى الرابعة، لكن عادات وتقاليد المجتمعات تُنكر هذا الأمر المُحلل وتعتبرها نوع من أنواع خيانة الزوجة وإهانة المرأة بشكل عام، لذلك، دعونا في السطور القادمة نسلط الضوء أكثر على مشكلة العنوسة في المجتمعات العربية ونعرف أسبابها وطرق القضاء عليها.

ما هي العنوسة؟

قبل أن نبدأ رحلتنا في القضاء على العنوسة علينا أولًا التعرف على ما تعنيه تلك الكلمة، فالعانس بالمصطلح العربي يُقصد بها الفتاة التي لم تتزوج وفاتها قطار الزواج كما يصفونها، وهذا القطار عادةً ما يفوت بعد تجاوز الثلاثين، أي أن الفتاة قبل إتمام عقدها الثلاثين تظل فتاة عادية بانتظار الجواز، بعد هذا العمر يُنادونها بالعانس، لكن عمومًا العنوسة في المطلق اسم للانتظار، شيء عانس أي منتظر، فتاة عانسة أي منتظرة، لكنها قد أصبحت علم على انتظار الزواج.

الرجل الذي لا يتزوج حتى سن الثلاثين لا يُطلق عليه عانس على الأغلب، بل إنما يُسمى عازب، وعمومًا فإنه لا يوجد رجل يتصف بهذه الصفات لأن المرأة هي التي تخضع لوطأة الانتظار ويتم تحديد مصيرها كردة فعل وليس كفعل، وهذا بخلاف الرجل الذي يُمكنه الزواج في أي وقت يريده واختيار أي فتاة يريدها أيضًا، أي أن القرار بيده، وهو فعل كذلك.

مشكلة العنوسة أسبابها وعلاجها

هل العنوسة مشكلة؟ بالتأكيد نعم، هذا سؤال مفروغ منه، وخاصةً بالنسبة للمجتمعات العربية التي تنظر إلى الأشياء بنظرات مختلفة عن الغربية، لا نقول أقل جهلًا لكنها فقط مختلفة، ففي المجتمع الغربي أمر عادي أن تظل المرآة حتى سن الأربعين عانس، ولا يفكر الناس حتى في الالتفات لها أو التحدث عنها، وذلك لأنها ببساطة لم ترتكب جريمة، لكن العكس تمامًا تجده في المجتمع العربي، فالفتاة التي يفوتها قطار الزواج وتتجاوز حتى سن العشرين تبدأ نظرات الناس لها تتغير ويعتبرونها للغرابة الشديدة مُذنبة، لكننا سنرضى بالأمر الواقع ونعترف أن الفتاة إذا لم تتزوج حتى سن معين فهي تعاني من مشكلة حقيقية، وإذا كنا أمام مشكلة فمن المؤكد أن تلك المشكلة لها أسباب، وأهم أسباب انتشار العنوسة بكل تأكيد ارتفاع تكاليف الزواج.

ارتفاع تكاليف الزواج

من المشاكل الرئيسية التي تُعتبر من أهم أسباب عدم القضاء على العنوسة بل وسبب مباشر في انتشارها هي تلك التي تتعلق بارتفاع تكاليف الزواج، فالشاب الآن كي يحظى بهذه الفرصة في المجتمع العربي يحتاج إلى بعض التكاليف التي قد تفوق قدرة عمله لخمسة عشر عامًا، أي أنه كي يتزوج يحتاج للعمل خمسة عشر عامًا على الأقل، وهذا بالطبع أمر مستحيل، لذلك فإن كافة العمليات المتعلقة بالزواج لا تتم، الشباب أنفسهم يُحجمون عليه بصورة كبيرة، فينتج لنا في النهاية مجتمع به نسبة كبيرة من العنوسة، هذا على خلاف المجتمعات الغربية التي تجعل من الأمر سهل جدًا.

القلق على المستقبل

من أهم أسباب العنوسة أيضًا أن يقلق أحد طرفي الزواج على المستقبل المُحتمل بعد الزواج، فلا يُقدمان على الخطوة برمتها، والحقيقة أن المجتمعات الإسلامية بالذات ما كان ينبغي لها أن تكون بهذا القدر من الخوف على المستقبل لأنه معروف أن الأقدار والأرزاق بيد الله وأن كل فرد يأخذ في النهاية ما هو من نصيبه، وأنه ليس علينا سوى السعي فقط، لكن ما يحدث، ولا يُسهم أبدًا في القضاء على العنوسة، المبالغة في القلق على المستقبل إلى حد الأحجام عن الزواج.

المبالغة في المواصفات

نوع آخر من المبالغة يطل علينا ويتسبب أيضًا في زيادة نسبة العنوسة في المجتمعات العربية، وذلك الشيء هو الذي يتعلق بالمبالغة في المواصفات التي يطلبها كل شخص فيمن يُريد الزواج منه مستقبلًا، فهناك شبه قاعدة في مجتمعاتنا تقول إن الطبيب مثلًا لا يتزوج إلا الطبيبة والمهندس لا يتزوج إلا المهندسة، والصحفي لا يتزوج إلا الصحفية، وبهذا نرى أنه ثمة نوع من أنواع الترصد في الزواج قد يُعيق إتمامه، وكذلك ثمة مبالغة كبيرة في الأوصاف الجسدية التي تُطلب.

بعض المشاكل الجسدية والنفسية

بغض النظر عن كل ما مضى من أسباب يكون فيها المجتمع والعادات والتقاليد مُتهمين رئيسيين فإنه ثمة كذلك أسباب للعنوسة تتعلق بالناحية النفسية والجسدية لأحد طرفي الزواج، أما الأسباب النفسية فهي تلك التي تتعلق بالعقد والمشاكل النفسية مع الزواج كمشروع كامل، فهناك ذكور تكره الإناث لمجرد الكره، والعكس صحيح، وهناك أيضًا الخوف من كشف المشاكل الجسدية الموجودة في كل طرف من طرفي الزواج، مما يُعيق في النهاية عملية القضاء على العنوسة.

طرق القضاء على العنوسة

بعد أن تحدثنا عن العنوسة وأهم أسبابها نحن في حاجة الآن إلى ذكر ما هو أهم من ذلك، وهو الجانب المُتعلق بالطرق التي يمكن من خلالها القضاء على العنوسة أو على الأقل تقليل نسبتها، والحقيقة أن المجتمع الواعي يعرف جيدًا أن تلك الطرق كثيرة، لكن يصعب تحقيق بعضها بسبب الأعراف والجهل، عمومًا، على رأس تلك الطرق تخفيض المهور أو ربما وصول الأمر إلى حد إلغائها.

تخفيض المهور أو إلغائها

إذا كان لا يُمكننا إلغاء المهور عند الزوج من أجل القضاء على العنوسة فبالتأكيد يُمكننا التقليل منها قدر الإمكان، وقد ذكرنا من قبل أن تلك المهور في الأساس هي السبب الرئيسي للمشكلة التي نتحدث عنها، والحقيقة أن الأهل إذا نظروا للأمر جيدًا فسيجدون أن تلك المهور لن تغني في شيء في حالة إذا ما كان المتقدم للخطبة سوف يُعذب ابنتهم فيما بعد أو يُذيقها الأمرين، الأهم هو التوفيق والستر في العلاقة.

عدم المغالاة في الطلبات

لا نقصد هنا بالطلبات تلك التي تتعلق بالأموال والمهر والأثاث، وإنما نعني بالطلبات التي يُمكن أن نُسميها مواصفات، فتلك الطلبات هي التي تقصم ظهر الزواج، ونقول إنها تأتي من الطرفين وليس من طرف واحد، مثال ذلك طلب الرجل بأن تكون الفتاة بالغة الجمال، هذه حقه بكل تأكيد، لكن، ماذا إذا لم تكن هناك فتاة متوفرة بهذه المواصفات!

فتح المجال أمام خطبة الرجال

هناك من يقول إن القضاء على مشكلة العنوسة سوف يتم عندما نفتح المجال أمام الفتيات من أجل القيام بالخطبة، وقد فعلت السيدة خديجة ذلك الأمر بالفعل عندما خطبت النبي عليه السلام، لكن طبعًا يجب أن يمر الأمر بعدة ضوابط تحكمه كيلا يكون خارجًا عن مساحة الحياء التي يجب أن تتمتع بها الفتاة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

أربعة عشر − ثلاثة =