تسعة
الرئيسية » العمل » وظائف » الطريق العملي : كيف تبدأ طريقك العملي من بدايته ؟

الطريق العملي : كيف تبدأ طريقك العملي من بدايته ؟

في يوم من الأيام سوف تجد نفسك في مواجهة الطريق العملي لك، وقد تحتاج إلى النصائح التي نوردها لك هنا من أجل بداية الطريق العملي لك بداية صحيحة وفعالة.

الطريق العملي

جميعنا عشنا مرحلة الطفولة الرغيدة بلا التزاماتٍ أو مسئولياتٍ حقيقيةٍ واجهتنا بخلاف دراستنا المدرسية أو الجامعية، وحصلنا على تلك الفترة غير القصيرة من العمر التي تكفل فيها أبوانا بتحمل مسئولياتنا كلها والعمل وجني المال عوضًا عنّا واكتفينا نحن بدور المستهلك السعيد حيث نصرف الأموال بدون علمٍ بالجهد الذي يدفع مقابل ذلك المال، لكننا عند نقطةٍ معينةٍ سنحتاج إلى التغير، سيحتاج داخلنا إلى التغير وتحمل المسئولية وبداية الطريق العملي ، قد يبدو ذلك جنونيًا فمن سيرغب في المسئولية طالما كان قادرًا على العيش بغيرها وبدون قيودٍ والتزامات! لكن هذه هي حاجتنا الفعلية الخفية، حاجتنا لنصبح من البشر ونقدم شيئًا، لنجد في المسئوليات ما يهذب ذواتنا ويعطينا أشياء نلتزم بها ونفعلها، ما يحولنا من مجرد مستهلكين إلى منتجين، ومن آخذين دائمًا إلى معطين حينًا وآخذين حينًا آخر، وذلك ما نجده في العمل. من مر ومن لم يمر بعد فهناك حتمًا تلك المرحلة التي ستصل فيها إلى تلك النقطة، أن تصبح مسئولًا بعد التفرغ وتصبح معينًا بعد أن كنت عالة، أقل ما يمكن أن تفعله هو أن تكف عن كونك عالةً على أحدٍ آخر وتتكفل بمسئوليتك وحاجاتك المادية.

الطريق العملي : الأسلوب الصحيح لبدايته

العمل ليس وقتًا ضائعًا

الطريق العملي ليس وقتًا ضائعًا أو مصدرًا للمال فحسب وإنما هو سلوكٌ كامل وتغييرٌ في مسار النفس وصد هواها وترويضها في ساحة الالتزام والمسئولية. واعلم أنك لن تصبح شيئًا ما دمت غير قادرٍ على حمل تلك المسئولية وإعالة نفسك، أنك ستظل دومًا محتاجًا للغير غير قائمٍ بأمر نفسك، العمل رغم قيده يعطيك الحرية والاستقلالية ويعلمك الاعتماد على نفسك، يعلمك تقدير المجهود وأهمية المال ويعفيك من التبذير لأنك تعبت في جمعه، وتحمل المسئولية يرقى بك إلى درجةٍ أعلى من تقدير الوقت والحياة واستغلال سنوات عمرك بالأنفع لك.

قصة حول العمل والتبذير

كان أحد الأشخاص يحكي أن له أخًا مراهقًا على أعتاب الشباب لكنه كسيماء أغلب من في عمره كان والداه يشتكيان دائمًا من تبذيره فيما لا ينفع أو يهم ومن خواء حياته عدميتها وخلوها من القيمة والأهمية، فما كان منه إلا أن جالس أخاه وحادثه فسأله إن كان يحب الاستقلالية؟ فأجاب بنعم، وإن كان يتمنى أن يمتلك ماله الخاص وتعب من الطلب من والديه وتذمرهما فتحمس الشاب، عندها أخبره أن طريقه لذلك هو الطريق العملي . إن أراد التبذير فليأت بالمال بنفسه ويبذره كيفما شاء بغير حسابٍ من أحد، ولكن النتيجة كانت أنه مع الوقت ومع جهده وتعبه في العمل اعتزل التبذير ونضج وصار أكثر تنظيمًا ومسئولية وتصاعدت وارتقت أولوياته واهتماماته، وتوسعت نظرته للحياة من حيز المتعة الضيق بين الاستهلاك والمرح.

الاهتمام بالتربية الصحيحة للطفل

ومثال كهذا يدفعنا إلى الاهتمام بالتربية الصحيحة للطفل منذ صغره وإعطائه المسؤوليات التي تليق بسنه وتساعده بعد ذلك في الطريق العملي له، فمن الصعب أن يأتي الأب إلى ابنه في إحدى المراحل العمرية ويخبره أنه سيتوقف عن إعالته وأنه بحاجةٍ إلى شق طريقه بنفسه وحتى لو كان ذلك يحدث فأنا أرى أنه من أصعب المواقف على الطرفين ويتجنبها الأب بالتربية السليمة لابنه.

حاجة الطفل إلى تقديم ما لديه

يحتاج الطفل إلى أن يقدم شيئًا ويفعل شيئًا ويكون له دورٌ هامٌ وفعالٌ في أسرته ومجتمعه الصغير ليشعر بالرغبة في الانضمام لكيانٍ أكبر ويكون له دورٌ فيه عندما يكبر ويبدأ الطريق العملي له، وأن يتعلم الاستقلالية وعزة النفس وتحمل مسئولية نفسه وأفعاله وأخطائه فالآباء المسرفون في حماية أبنائهم وتدليلهم لا يخرج من أصلابهم إلا المتواكلون على غيرهم وغير المستعدين للالتزام بأي دورٍ أو القيام بأي مجهود، ويصبح الزج بأمثالهم في مجالات العمل كارثةً أحيانًا لهم ولمن حولهم لعجزهم عن القيام بأي شيءٍ بأنفسهم.

التعود منذ الصغر على العمل

وإن من شب على شيءٍ شاب عليه، عند هذه النقطة يبدو كل شيءٍ جميلًا ويبدو الكلام سهلًا وبسيطًا لكننا نصطدم بالسؤال الدائم: أنا أريد بداية الطريق العملي ولكن ماذا سأعمل؟ وخاصةً أولئك الذين لم يتخرجوا من جامعاتهم بعد ولم يحصلوا على شهاداتٍ تؤهلهم لسوق العمل حسب رأيهم فإنهم يسقطون ضحايا هذا السؤال حتى أنهم أحيانًا يعتزلون الفكرة كلها بانتظار التخرج حتى يشرعوا في العمل. لكن ألا تبدو هذه الفكرة تقليديةً وكلاسيكيةً وقديمةً قليلًا؟ فكرة العمل بالشهادات الجامعية فقط ونحن في القرن الواحد وعشرين! إذًا ماذا عن هؤلاء الذين تخرجوا من كلياتهم ولم يجدوا عملًا بشهاداتهم؟ أو الذين تخرجوا في مجالٍ لا يحبونه ولا يرغبون بالعمل فيه؟ أو الذين لم يكملوا تعليمهم الجامعي! أعرف العديد من العظماء الذين لم يتموا تعليمهم لكنهم وصلوا إلى أعلى المراتب والعروش وحققوا الإنجازات، أواثقٌ أنك لا تعرف أحدًا مثلهم؟ أو ماذا عن الطلبة الجامعيين؟ إن تلك الفكرة القديمة تحكم على كل هؤلاء بالعجز التام ولكن ذلك لا يمت للواقع المعاصر بصلة، إذا أردت أن تبدأ البحث عن عمل فابحث عن شيءٍ تحبه وتبرع فيه، إن الحب والشغف من أكبر دوافعك لتقديم الأفضل في الطريق العملي لك، ابحث عما تجد نفسك وشغفك وموهبتك فيه.

لا تقدم شيئًا مجانًا

وإذا كنت تبرع في شيءٍ وتجيده فلا تقدمه مجانًا يا صديقي، ما يعني أن هناك دائمًا مجالٌ تستطيع أن تسخر براعتك كاملةً فيه، هواياتك قد تجيد إحداها حد الاحتراف فالعمل بها، انظر من حولك لتجد أمثلةً على كل ذلك، كل شيءٌ يمكن أن يصبح عملًا حتى الوقت الذي تقضيه على الإنترنت! ذلك العالم الواسع الذي أصبح يحتوي حياتنا كلها، اليوم تستطيع البحث عن العمل عبره دون الخروج من بيتك، أيًا كان ذلك الطريق العملي وأشهره التسويق الإلكتروني أو التصميم والكثير من الأعمال التي تحتاج إلى أن تمنح نفسك فرصة التعرف عليها، راقب من حولك واختلط مع مجتمع العاملين ذلك، كون شبكةً كبيرةً من المعارف من بينهم، جد طريقك واختيارك.

العمل موجود على الدوام

وإن لم تشأ ذلك فالعمل موجودٍ في كل مكانٍ حولك فاليوم يحتاجون إلى أي شخصٍ ليفعل أي شيءٍ وكل شيء، وأول قاعدةٍ هي تواضع، لا تتكبر على الطريق العملي طالما كان شريفًا ولا تستحقر وترفض العائد المادي مهما صغر فبداية الألف ميل خطوة، لا تتوقع أن تحصل على الملايين في بداية حياتك المهنية وكذلك المناصب فالناس يتدرجون من الأقل للأعلى ولا يولدون بمناصبهم، ما إن تجد مجالك فتشبث به وطور من نفسك دائمًا، العالم يتغير كل ثانية ويتقدم خطوةً كل غمضة عينٍ فلا تظل كما أنت بلا تطويرٍ في نفسك وتتوقع أن تتقدم معه.

لا تقدم عملاً ناقصًا

طالما اعتزمت مجالًا فلا تعطي نصف نتيجة أو تدع عملًا ناقصًا يخرج من تحت يديك، كن منظمًا متقدمًا مثاليًا وكاملًا في عملك، من الطبيعي أن تجد التنافس شديدًا من حولك فهذا طبيعة الطريق العملي اليوم البعض يسقطون والآخرون يتسلقونهم مستغلين سقوطهم ولكلٍ دوره في السقوط، ليس العيب في أن تسقط ولكن العيب في أن تظل مكانك بهيئة سقوطك ولا تنهض لتلحق بالسباق.

الوظائف تتبدل وتتغير وتأتي وتضيع لذا تسامح مع ذلك وتقبله واجعله دومًا في صالحك فلو فقدت وظيفةً احصل على الأفضل منها، تقدم في مجالك فحسب ولا تلتفت للوراء، أقول ذلك لأصحاب الحلم والطموح ولمن أرادوا التقدم والإنتاج وسئموا الاستهلاك واللا مسئولية، ولا أخص منهم منعدمي الحلم أو أصحاب الوظائف الخامدة وشغل الخانات التي تأتي لهم فيقبلون بها ويتلخص الطريق العملي في إمضاء الحضور وسحب المال، فما خلق العمل لذلك.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

3 + 8 =