تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » الشخص الدرامي : كيف تتعامل مع الشخصية التي تكثر من الدراما؟

الشخص الدرامي : كيف تتعامل مع الشخصية التي تكثر من الدراما؟

الشخص الدرامي هو شخص يحول كل شئ حوله إلى دراما، ويضخم من حجم المشاكل التي يتعرض لها، اعتقادًا منه أن هذا هو أسلوب حلها، إليك دليل التعامل مع الشخص الدرامي .

الشخص الدرامي

الشخص الدرامي شخصية حساسة جداً. يجب عندما تتعامل معها أن تكون حذر جدًا، لأسباب كثيرة أهمهم أنك لن تعرف ردة فعله غالباً لأنه غير متوقع. لأنه لا يفكر بالمنطق بل هو يفكر بطريقة سينمائية حالمة، وردية، وحزينة في نفس الوقت. الشخص الدرامي لا يفكر مثلنا في الأشياء بواقعية مطلقة بل هو يصنع عالم لنفسه من الدراما، وهو البطل داخل هذا العالم. ولذلك عندما تتعامل معه، ستجده دوماً يحاول أن يمارس دور البطل بأي شكل، هو يريد أن يثبت لك أنه هو البطل أثناء هذا المشهد. فتجده مثلاً يرد عليك برد من ثلاث أو أربع كلمات بنظرة ونبرة سينمائية، لأنه يتخيل فعلاً في عقله أن الكاميرا على وجهه وهو الآن دوره أن يقول الكلام الحكيم في المشهد. وهذا عندما يصير أسلوب حياة هذا الشخص فهو غالباً يصبح غير طبيعي، وقد وصل إلى مرحلة بعيدة من الهروب من الواقع. ولذلك عندما تتعامل معه يجب أن تكون حذر ولا تزجره مثلما يفعل الكثيرين أو تتهمه أنه واهم لأن هذا سيجعله درامي أكثر. ولكي تعرف كيفية التعامل مع الشخص الدرامي يجب أن تعرف صفاته، حتى تفهم كيف تحلل هذه الشخصية جيداً ومن ثم تتعامل معها.

أفضل أسلوب للتعامل مع الشخص الدرامي

شخص حساس تجاه أي شيء

الشخص الدرامي يكون غالباً مثل الزجاج الرهيف، الذي لو لمسته من الممكن أن ينكسر منك، وهذا لسبب بسيط أنه يحب هذا. ويزيد أكثر عند الفتيات الدراميات، لأنهن غالباً يحببن كونهن رهيفات، يحببن البكاء، ويشعرن باللذة في الحزن. لأنهم يشعرن داخلهن أنهن أبطال لمسلسل من الألم، والمعناة التي يعانوها، ولها إقبال كبير في المشاهدة والتأثير في الآخرين. مثلما يتأثرن هن بهذه المشاهد السينمائية ويبكين كثيرًا بعد كل مشهد. ولكن هناك أيضا رجال كبار دراميون، ولكن ما نريد أن نقوله إن الشخص الدرامي عموماً حساس جداً تجاه أي فعل ستفعله معه. والمشكلة الأكبر أنك من الممكن أن تفعل شيء طبيعي جداً عن تلقائية وعفوية، وتفاجئ أن الشخص الدرامي انفعل لمجرد أنه يريد أن يكون درامي ليس أكثر ولا أقل.

كيف تتعامل مع الحساسية الزائدة

أولاً، عندما يكون شخص درامي وأنت تعرف أنه كذلك، فلا يجب أن تقسوا عليه، لأنه فعلاً حساس، هو لا يبالغ. هو حساس جدًا، ولذلك لا تذكر له أمامه أنه درامي، لأنه سيعتبر أنك تسخر من مشاعره، وستفاجئ أن الدراما زادت ولم تقل. ولذلك عندما تجد شخص درامي قد قام برد فعل درامي، حاول أن تتركه للنهاية، ودعه قليلًا، ومن ثم تعامل معه. في الوقت الذي ستتركه فيه هو نفسه سيكون قد جمع شتات نفسه، وربما سيتقبل منك كلامك وسيتخلى لبعض الوقت عن الدراما. لأنك أنت من الأساس تركته يمارسها ولم تسخر منه. ولذلك عندما تتكلم سيعتبر أنك معه في نفس المشهد، وأنك تتكلم بجدية. ومن ثم يجب أن تكون ذكيًا حتى تعرف توصل ما تقصده دون تجريح لحساسيته المفرطة.

له مزاج في تأويل المواقف

الشخص الدرامي لا يحكم على المواقف كما هي، أو كما يُقصد من الحدث، أو كما يكون الجو العام للحدث. بل هو يحكم على المواقف ويؤلها حسب مزاجه، فلو هو سعيد من الممكن أن يرى الموقف الذي يحدث عادي جدًا لمجرد أنه لا يريد أن يفقد مزاج السعادة التي يشعر بها. وبالعكس لو كان مزاجه سيء، فهو من الممكن أن لا يفوت أمرًا عاديًا جدًا، وهذا نجده كثيرًا مع المتزوجين حديثًا. وهو يكون مشكلة كبيرة بين الرجل والمرأة، لأن المرأة تشعر بالسوء وتغضب لأجل أشياء عادية جدًا، لمجرد أنها من الداخل مزاجياً ليس جيدة. والرجل في بداية الزواج لا يفهم هذه التركيبة الشخصية في الأنثى، ولذلك يتجاهل الرجل مزاجية الأنثى والدراما التي تتخذها طريقاً للتعبير عن غضبها. وبالتالي هي لن تشعر بالحب، ومن ثم ينشأ حاجز بين الطرفين هم لا يعلمون من بناه من الأساس. وهنا أقدم لكم أكثر الأمثلة التي تمس الواقع الذي نعيش فيه، حتى نفهم بعضنا البعض كبشر وطريقة التعامل في التفاصيل البسيطة التي تصنع مشاكل بعض الأحيان.

كيفية التعامل مع مزاجية الشخص الدرامي

أولًا، أي كان الشخص الدرامي رجل أو امرأة، فيجب عليك أن تفهم أن مزاج الشخص العادي قد يؤثر على تقبله للأمور العادية، فما بالك الشخص الدرامي الذي يعيش في حياته وعمله الدرامي الكبير؟ ولذلك يجب عليك أن تفهم أن مزاجية الشخص عموماً يجب أن تُقَدر. ويجب وأنت تتعامل مع الناس أن تعرف أنه ربما لا يكون هذا طبعه الأساسي، ولكن غصباً عنه رد بهذه الطريقة لأنه في مزاج سيء. ثانياً، لا تصد غضب الشخص الدرامي ومزاجه السيئ بغضب أكبر لأنه سيبالغ، فهذا هو ما يريده من الأساس. بل لو كان الأمر جارح، فيكفي أن تترك المكان ولا تعود تكلمه مرة أخرى. ببساطة لأنه يرى أنه على صواب لأنه هو البطل وأنت الدور الثاني. أما لو كان شخص مثلاً مثل شريك حياتك، فلا يجب أن تتركه بل يجب أن تغضب ولكن دون التحام أو تبادل، يكفي أن تعلن بوجهك عن رفضك لما تسمع. ومن ثم عندما يهدأ هو عاتبه وبقسوة لو أحببت. لكن حينما يكون هو غاضب فلا أنصحك أن تجاري شخص يعشق الدراما وهو غاضب، لأنه سيضرب الأشياء ويفعل أشياء عجيبة ومن الممكن أن ينتحر أو يفعل شيء غير متوقع. هذا حقيقي جدًا فخذ حذرك وتحمل قليلًا لسلامتكم أنتم الاثنين.

تضخيم المشاكل

من ضمن صفات الشخص الدرامي هو أنه لا يتعامل مع الشيء بحجمه الطبيعي. فلو شخص قال شيئاً مضحكاً، فهو سيضحك بطريقة مبالغ فيها. ولو حدثت مشكلة عادية سيبالغ جداً في ردة فعله. ولو خاف من شيء سيبالغ جداً في خوفه لدرجة أنه قد يصاب بذبحة لا قدر الله، نعم هذا حقيقي. الشخص الدرامي لا يفصل بين الواقع وخياله، هو عالق تمامًا بين الواقع والخيال، وأحيانا لا يعرف كيف يوقف خيال عقله. ولذلك أي شيء يفعله يكون غالبًا مبالغ فيه، حتى ردود فعله وكلماته، أحيانا تكون مقتبسة، أو مرتبة من قبل. وتجده في وقت المشاكل أكثر شخص مرتبك أو عصبي، أو يهول الأمور لدرجة كبيرة فقط ليقنع الآخرين أنه البطل. وأنه يشعر بكل تفصيله في هذه المشكلة مع أن من الممكن أن تكون المشكلة بسيطة أو عادية، ولو جلس في هدوء سيجد حل بسهولة. وتكون هذه الصفة مؤذية جداً في الزواج، لأن لو امتلكها أحد الزوجين، سيجعل حياة الأخر جحيم في أثناء المرور بالمشكلة. لأن الطرف الأخر لن يعرف يهتم بالمشكلة أم يهتم بالشخص الدرامي الذي معه ويهول من المشكلة ويجعلها غير قابلة للحل.

التعامل مع تضخيم المشاكل في الشخص الدرامي، هو التجاهل. نعم التجاهل هو أفضل حل أرشحه لكم. لأنكم لو سمعتم له ستصابون بنوبات عصبية كفيلة أن تجعلكم لا تسيطرون على غضبكم اتجاهه. ولذلك تجاهل الشخص الدرامي أثناء تضخيمه للمشاكل سيجعله هو نفسه يشعر أنه يبالغ، لأنكم كلكم عاديين ولا شيء يحدث مما يحاول أن يقوله. بل وأنتم هادئين وتتعاملون مع الأشياء بعقلانية، فهذا سيكون رد مفيد جداً بعدم أهمية ما يفعله هذا الشخص.

ينظر دائما نظرة متشائمة

الشخص الدرامي غالبًا لا ينظر مثل بقية الناس للأمور، بل هو ينظر للموضوع من وجهة نظر سوداوية دائماً. ويرى أن كل الأشياء ستؤول إلى نهاية مظلمة، وهذه هي سجية الشخصية الدرامية. لأنه ببساطة يعيش فكرة أن العالم عبارة عن مشاكل وصراعات وهو البطل المغوار الذي يواجه كل هذا البؤس وحيدًا. والمشكلة أن الشخص الدرامي بسبب أنه شخص بائس أغلبية الوقت، فهو غالباً يتجه نحو إدمان المخدرات. لأن المخدرات هي أسرع شيء تنقل العقل من العالم الواعي إلى الخيال والعالم الأخر والسعادة الزائفة. وهذا ليس مجرد استنتاج، بل هو دراسة أجريت في أمريكا على مدمني المخدرات، وكانت الأسئلة الموجهة لهم عادية جدًا، مثل لماذا تتعاطى المخدرات؟ كان بنسبة 40% يجاوبون إجابات درامية، مثل، “لأني أريد أن أحيا” أو “لأن الحياة لا تستأهل أن أكون واعيًا”. مثل هذه الردود العامة تندرج تحت بند الرد الدرامي، لأنه توجد ردود عادية مثل “لأنها تشعرني أني أفضل”. ومن هنا نستنتج أن التشاؤم في الشخص الدرامي يولد أحيانا مشاكل تفوق تصور بعض الناس، لمجرد انه يريد أن يخوض تجربة درامية تسمى الإدمان.

التعامل مع النظرة التشاؤمية للشخص الدرامي

لا تتعامل معه على أنه طفل، فهو درامي وليس طفل وسيعرف جيداً أنك تهينه بهذه المعاملة، مما يجعله يرى كل شيء أسوء. وأيضا لا تحاول أن تقنعه بجودة الأمور لأنه ببساطة لن يقتنع، فهو مرتاح بهذا لأنه يشعر بقيمة حياته هكذا. أما الحل الأمثل هو أنك تتعامل بطريقة عادية جدًا وتتقبل اختلاف وجهة نظره. لأن النظرة التشاؤمية ستظل ليست أكثر من رأي، ولذلك لا تحجر على رأيه. وفي نفس الوقت لا تشجعه على أن يتمادى فيه، بل تعامل بطريقة عادية مع وجهة نظره واحترمها فقط.

يعاني من عقد الاضطهاد

البطل في المسلسلات والأفلام غالبًا تحاك ضده المكائد وهو المظلوم، هذا شق رئيسي من الشخصية الدرامية أن يرى أنه مضطهد في وسط المجتمع. وأن يحارب المجتمع، ويقاوم، ويزعم ويثور. ومن ثم عندما يواجه رد فعل من الآخرين، يأخذ رد الفعل هذا بطريقة مبالغة، ويبدأ في إشاعة فكرة أنه مضطهد من الناس. بل ويبدأ يختلف عن الآخرين لمجرد أنه يريد أن يُضَطهد، لأن لديه مفهوم في عقله الباطن يقول له أن البطل هو الذي يقاوم الناس. ولذلك أحيانًا يقاوم الناس في الصواب، فيفاجئ برد فعل عنيف من الناس، ويدخل في مشاكل كبيرة هو في غنى عنها. وكل هذا لمجرد أنه يريد أن يشعر أنه درامي وبطل.

التعامل مع الشخص الدرامي في حالات الاضطهاد، لا يكمن في أنك لا تعاتبه. فبعض الناس يتجنبون أن يعاتبوا الشخص الدرامي، فيستغل هو هذا التجنب، ويبدأ في الضغط عليهم تكرارًا ومرارًا أنه يشعر بالاضطهاد في سبيل أن يحققوا له أهدافه. وهذا يدعى استغلال الخير في الآخرين. ولذلك لو قابلت شخص درامي فعليك أن تعامله بحكمة، لا يجب أن تتهمه بل أن تعاتبه. ولو لم يستمع للعتاب، إذًا هو يستغل محبة الآخرين بجواره حتى ينفذ ما في عقله.

أخيرا عزيزي القارئ، الشخص الدرامي هو شخص مثله مثل الجميع فلا تفقد صبرك منه كثيراً. فهم يكونون طيبين القلب جداً، ولا يدركون الواقع بشراسته وعنفه، بل مجرد أشخاص يريدون أن يعيشوا في فقاعة هم اختاروها. لأنهم رفضوا الواقع السيئ الذي يحيط بهم.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

18 + 11 =