تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » حياة زوجية » كيف يؤثر السكن مع أهل الزوج على تأخر الإنجاب؟

كيف يؤثر السكن مع أهل الزوج على تأخر الإنجاب؟

إيجابيات وسلبيات السكن مع أهل الزوج من وجهة نظر المؤيدين والمعارضين، ورأي الشرع والدين في السكن مع أهل الزوج وخدمتهم، وهل يُمكن أن يؤثر ذلك على فرصتك في الإنجاب؟ كل ذلك بأسلوب علمي رصين، وفي النهاية يمكنك بناء رأيك الخاص في هذا الموضوع.

السكن مع أهل الزوج

السكن مع أهل الزوج من القضايا الشائكة التي ستستمر لأجيال وأجيال ولن ينته النقاش فيها أو يُفضي إلى حل. فبينما تُقدّم الأعمال الدرامية الحماة كوحش شرير يُهدد الحياة الزوجية لزوجة الابن بالخطر مع بعض الزيجات التي باءت بالفشل بسبب السكن مع أهل الزوج وتدخلاتهم الدائمة في المشاكل الزوجية بل وإشعالها أحيانًا. قد أصبح الأمر مُرعبًا بالنسبة لفتيات كثيرات تأتيهنّ فرصة زواج في ظروف مُماثلة. فماذا إن علمن أن السكن مع أهل الزوج قد يؤخر قدرتهن على الإنجاب أيضًا؟! ومع الجدل الذي لا يتوقف، قررنا أن نصطحب قضية السكن مع أهل الزوج إلى المحكمة ما بين التأييد والرفض، الإيجابيات والسلبيات، الدراسات العلمية ورأي الشرع… فتابعونا.

السكن مع أهل الزوج بين القبول والرفض

اختلفت الآراء حول مسألة السكن مع أهل الزوج بين القبول والرفض، ليس فقط بين الرجال الذين تستطيع أن تجزم بموافقتهم، والنساء اللواتي رفضهم مؤكد، ولكن بين صف الرجال والنساء أنفسهم أيضًا؛ إذ أنقسم كل صف فيهما إلى صفين ما بين مؤيد للفكرة ومُعارضٍ لها.

فإن كان أغلب النساء يرين السكن مع أهل الزوج كبتًا للحرية والاستقرار والاستقلال وإحساس الزوجة وكأنها ملكة، ناهيك عن المشاكل التي تحدث نتيجة الاختلاط والتدخلات وانخراط كل طرف في حياة الآخر.

يرى قلة منهنّ أن ظروف الزوج المادية ووضعه داخل أسرته كابن وحيد أو أكبر مُلزّم برعاية والديه ماديًا ومعنويًا، وأن على الزوجة تقبُّل وتحمُّل ظروف زوجها. فإن الرجال أغلبهم يتفق مع رأي القلة من النساء، فهذه ظروفي ووضعي وعليها تحمُّله، فأهلي أولًا وأهلي آخرًا.

بينما يرى قلة منهم أن من حق كل امرأة الاستقرار في بيت مُستقل خاص بها بعيدًا عن مشاكل السكن مع أهل الزوج، مع إمكانية استئجار مسكن بالقرب من مسكن أهل الزوج وسداد إيجاره من إيجار شقته الخاصة في بيت العائلة إن كان له بالفعل شقة خاصة.

ويرون أيضًا إمكانية توظيف خادمة أو جليسة للوالدين لرعايتهما أن كانت ظروفه المادية تسمح بذلك، في حين يرفض هذا الاقتراح الفئة المؤيدة من الرجال لمبدأ السكن مع أهل الزوج.

إيجابيات وسلبيات السكن مع أهل الزوج

وفي ظل القبول والرفض ودفاع كل طرف عن وجهة نظره وكثرة استطلاعات الرأي الرسمي منها وغير الرسمي، سنعرض لك في سطور أهم إيجابيات وسلبيات السكن مع أهل الزوج كما يراها الفريقين.

إيجابيات السكن مع أهل الزوج من وجهة نظر المؤيدون

  • توفير النفقات، فبدلًا من إنفاق أموال طائلة في تجهيز منزل الزوجية مما يصل بالرجل وعائلة الفتاة في أغلب الأحيان إلى التداين لشراء احتياجات الزواج كاملة، يوفر السكن مع أهل الزوج هذه النفقات، إلى جانب توفير نفقات شراء أو استئجار شقة جديدة خارج بيت العائلة.
  • وفي حال مسئولية الشاب المادية عن والديه، فإن السكن مع الأهل يوفر له نفقات معيشة منزل آخر للزوجة.
  • احترام الزوجين لبعضهما البعض في أوقات الخلاف، فإن كان الأهل طيبين حسني العشرة فلن يقبلوا لابنهم بإهانة الزوجة أو ضربها، ولن يجرؤ كلاهما على تعلية صوته أو توجيه إهانة للآخر أمام الكبار.
  • المشاركة في عبء تربية الأبناء وتولي مسئوليتهم أثناء انشغال زوجة الابن في عملها نهارًا إن كانت موظفة، مشاويرها ليلًا مع الزوج أو الصديقات بين الحين والآخر، إلى جانب اعتياد الأبناء على الجد والجدة وتقدير قيمتهما وتعلُّم احترام الكبار حينما يرون الأب والأم يُطبقان ذلك عمليًا أمامهما.
  • توفير الإحساس بالأمان وعدم قلق الزوجة من التواجد بمفردها في حين وقوع مشكلة أو أزمة أو حادث ما أو مرض أحد الأبناء في غياب الزوج، فهناك من يُساعدها عند الحاجة.

سلبيات السكن مع أهل الزوج من وجهة نظر المُعارضون

  • عدم تمتع الزوجة بخصوصيتها واستقلاليتها خاصةً في بداية الزواج، فهي مُجبّرة على تقييد حريتها في اللبس والحركة داخل غرفة نومها فقط.
  • الحرج من أشقاء الزوج في حال وجودهم في نفس شقة الأهل، فعلى الزوجة أن تكون مُتحفّظة في لبسها، كلامها، تحركاتها.
  • على عكس من يرى أن الزوجة عند السكن مع أهل الزوج يُمكنها الخروج بحرية مع ترك مسئولية الأبناء لبعض الوقت مع الجدة، يرى من جربن السكن مع أهل الزوج أن تحركاتهم خارج المنزل أكثر تقييدًا مُقارنةً بمن سكنّ في سكن مستقل.
  • على عكس من يرى السكن مع أهل الزوج يُساعد الزوجة على تربية الأبناء، فإن الأبناء غالبًا ما يُصابون بالتشتت بسبب تناقض توجيهات الأم عن توجيهات الجد والجدة واختلاف التفكير والرؤية التربوية بين الطرفين.
  • في حال السكن مع أهل الزوج، فإن الزوجة مُضطرة للتكيف مع عادات وطبائع قد تكون متناقضة لما اعتادت وتربت عليه، ستكون استضافتها للأهل والأصدقاء مُقيّدة للغاية.

أضرار السكن مع أهل الزوج

فإن اضطرتك الظروف إلى قبول السكن مع أهل الزوج، فأنتِ في حاجة إلى التفكير في حلول للأمور التالية:

  1. كيفية التعامل مع والدة الزوج وشقيقاته وزوجات أشقائه، خاصةً إن كان أحدهن أو جميعهن سيئين الطباع أو يشعرون بالغيرة من العروس الجديدة فيسعون لإشعال الخلافات معك، أو بينك وبين زوجك، أو بينك وبين أحد الأطراف التي تعيش حولك في نفس النطاق. وفي أحسن الأحوال عليكِ تحديد سُبل التعامل المُناسبة مع المشكلات التي تنجم عن الاحتكاك والاختلاط.
  2. تدخلات أهل الزوج في حياتك الزوجية والمشاكل التي يُمكن أن تنجم عن ذلك، أو تدخلاتهم في الخلافات بينك وبين زوجك بشكل قد يُفاقمها حد الإهانة وممارسة العنف.
  3. يُعد السكن مع أهل الزوج تحديًا للزوج أيضًا وليس الزوجة فقط، فكيف يُمكنه حل الخلافات التي قد تنشأ بين زوجته وأمه بطريقة مناسبة لا تُعمّق المشكلة وتخلق ضغينة وحقد بين الطرفين، ودون أن يُحدث خلاف آخر بينه وبين إحداهما أو يظلم إحداهما على حساب الأخرى.
  4. الخلاف على أسلوب تربية الأبناء، فبينما تسعى الأم لتربية أطفالها تربية قويمة على مبدأ الثواب والعقاب، متى تمنح ومتى تمنع، تجد الجد والجدة يسعيان لتدليل الأبناء زائد عن الحد مما قد يُفسدهم، وبعض الجدات بسبب خلافاتها مع زوجة الابن تسعى لشحن البغضاء في نفوس الأبناء تجاه الأم، أو العكس صحيح من قِبل الأم نحو الجدة.
  5. في بعض الزيجات تتعرض زوجة الابن للظلم في حال الانفصال أو تركها لمنزل الزوجية وتوجهها لمنزل الأب، ففي بعض الحالات قد يصل الحال للطرد وعدم منح الزوجة حقوقها المادية الشرعية أو ما قامت بشرائه عند تجهيز شقة الزوجية في بيت الأهل أو حتى المُتعلقات الشخصية من ملابس ومصوغات ذهبية.

السكن مع أهل الزوج هل يؤثر على الاستقرار؟

في ظل ما ينتشر من قصص وحكايات مأساوية لفتيات جربنّ السكن مع أهل الزوج ، فكل فتاة مُقبلة على اتخاذ قرار مُماثل سواء مع وجود علاقة حب سابقة للزواج بينها وبين زوجها، أو الارتياح له وقبوله والتوافق معه كزوج مناسب، أو حتى لأسباب أخرى تتعلق بسن الفتاة وخوفها من كلام الناس؛ تجدها تدخل بيت أهل الزوج في تحفُّز تام ضد حماتها وكأنها عدو يُريد دومًا اغتيالها بنصائحه.

وإن لم تكن كذلك فهي تشعر بعدم الاستقرار في ظل التدخلات الدائمة من أهل الزوج في حياتها الزوجية أو عدم شعورها باستقلاليتها وخصوصيتها كسيدة المنزل.

وفي ظل الأسباب السابقة، إلى جانب صِغر عمر الحماة أحيانًا وتربيتها لأطفال صغار مما يجعل الزوجة حديثة العهد تخشى الإنجاب؛ لأنها لن تجد من يُساعدها في تجربة التربية الأولى لها، خرجت دراسة نمساوية حديثة بفرضية أن السكن مع أهل الزوج يُقلل خصوبة المرأة وقدرتها على الإنجاب أو انخفاض القدرة على إنجاب مزيد من الأطفال.

وكانت الدراسة قد أُجريت على نحو مليوني ونصف امرأة في 14 دولة مُختلِفة الثقافات مثل: الأرجنتين والعراق والولايات المتحدة، ولوحظ أن السيدات عينة الدراسة واللواتي يُقمن مع أهل الزوج يُعانين من تدني مُعدلات الخصوبة لديهن.

وعلى النقيض، كانت دراسات أُخرى سابقة أجراها باحثون بريطانيون وألمانيون قد أثبتت أن النساء اللواتي يُقمن مع أهل الزوج أكثر شجاعة في اتخاذ قرار الإنجاب وإنجاب مزيد من الأطفال لأنهنّ مُطمئنات لوجود من يحمل معهن مسئولية تربية الأطفال.

السكن مع أهل الزوج في الإسلام

كفل الإسلام للمرأة المُتزوجة على زوجها حق توفير مسكن مستقل لها عن السكن مع أهل الزوج في أي وقت تطلب فيه ذلك، ولكن ما هو المسكن في نظر عُلماء الإسلام؟

يُعرّف العلماء الشرعيون مسكن الزوجية بأنه حجرة كاملة المرافق من مطبخ ودورة مياه لها مدخل ومخرج “باب مُغلق على الزوجين” سواء كان ذلك في بيت أهل الزوج أو خارجه.

ولكن بالطبع لا يقصد العلماء هنا حجرة أي غرفة نوم داخل شقة أهل الزوج، ولكن يقصدون شقة مُستقلة في بيت عائلة الزوج أو خارجه إن استطاع تحمُّل ذلك ماديًا، ولو كانت هذه الشقة عبارة عن غرفة واحدة شاملة المرافق وباب يُغلق على الزوجين، وبالطبع يحكم حجم الشقة إمكانيات الزوج المادية.

وفي حال استوفى الزوج مواصفات المسكن المستقل لزوجته ولو داخل بيت العائلة، فليس لها حق الاعتراض وإنما له عليها حق الطاعة في ذلك.

حكم خدمة أهل الزوج

تُعاني الكثير من السيدات المُتزوجات في نفس السكن مع أهل الزوج من تعنُّت الحماة أو إجبار الزوج لها على خدمة أهله سواء بتحريض منهم أو بدون، مما جعل فتيات كثيرات مُقبلات على الزواج في ظروف مُماثلة يرفضون السكن مع أهل الزوج ليس فقط من أجل الحفاظ على خصوصيتهن واستقلاليتهن ولا منعًا لمشاكل تدخل الأهل في الحياة الزوجية، ولكن هربًا من مصير خدمة أهل الزوج الذي يجعل دورها كخادمة لأهله أكبر من دورها كزوجة له.

ولكن على المستوى الشرعي، هل ألزم الإسلام المرأة المتزوجة بخدمة أهل زوجها أو جعلها فرضًا عليها كخدمة الزوج كما يرى بعض الرجال؟ في الواقع، جعل الإسلام حق خدمة الوالدين غير القادرين أو الطاعنين في السن أو حتى القادرين لزامًا على الأبناء ذكورًا أو إناثًا ولم يجعله مُطلقًا فرضًا على زوجة الابن كما لم يجعل الإنفاق عليهم مسئولية زوج الابنة بالضبط.

وعليه ليس للزوج حق في إجبار زوجته على خدمة أهله وليس عليها وزر إن عصته في ذلك؛ لأنه ليس من الشرع في شيء ولا يدخل تحت حدود الطاعة الزوجية.

ولكن إن أردت كرجل ذلك من زوجتك، فعليك طلبه بود ولين فإن وافقت من باب البر بك والمودة والإحسان لأهلك وطلب الأجر والثواب من الله عن ذلك فخير، وإن رفضت فحقها ولا حق لك في إجبارها على فعل ذلك أو تهديدها بالطلاق مثلًا أو إيذائها بالإهانة أو العنف كما يفعل البعض.

ختامًا وبعيداً عن الجدل، أنتِ وحدك من يستطيع تحديد ما يقبله وما يرفضه ما يقوى على تحمله أو لا… ولكن إن استقريتِ على خوض التجربة فاجعلي سلاحك الكلمة الطيبة الابتسامة حُسن العشرة، فهم وحدهم من يكسبون في النهاية.

ياسمين أنور

حاصلة على ليسانس لغة عربية جامعة الإسكندرية، شغوفة بالقراءة والاطلاع وأحب عملي ككاتبة جدًا وما يدفعني للأمام هو تشجيكم لي.

أضف تعليق

20 − 7 =