تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » الذكاء الاصطناعي : كيف يمكن لحاسوب أن يكتب شعرًا وفنًا ؟

الذكاء الاصطناعي : كيف يمكن لحاسوب أن يكتب شعرًا وفنًا ؟

تطورت تقنيات الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة تطورًا لافتًا جدًا، وأصبحت أجهزة الكمبيوتر والروبوتات تؤدي مهامًا لم يكن من السهل القيام بها في السابق.

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي هو الحلم الذي تحلمه البشرية منذ تمكنوا من صنع أول جهاز كمبيوتر بإمكانه أن يقوم ببعض العمليات الحسابية البسيطة وغير ذلك. أصبح حلم كل عالم تقني أن يتمكن من صنع جهاز يمكنه من أن يقوم بمحاكاة الذكاء البشري والتصرف مثله، حيث أن العقل البشري هو أكثر الأنظمة الذكية المعروفة حتى يومنا هذا. كانت بداية العمل على تطوير الأجهزة التقنية هو القيام ببعض العمليات الحسابية البسيطة. وتطور الأمر للقيام بعمليات أكثر تعقيدا. ولا زال هذا المجال في تطور مستمر، والغاية هي أن يصلوا بالذكاء الاصطناعي إلى مستوى الذكاء البشري. فهل بإمكان البشر فعل هذا حقا؟! هل سيصبح بإمكانهم يوما ما أن يصنعوا آلة تتمكن من التفكير والقيام بأفعال البشر بنفس الدقة والنظام؟! اقرؤوا هذا المقال لتعرفوا أكثر في مجال الذكاء الاصطناعي ، وأيضا لتعرفوا إذا ما كانت أجهزة الكمبيوتر قادرة على كتابة الشعر فعلا؟!

إلى أين ستصل بنا تقنيات الذكاء الاصطناعي في عالم الحاسوب والروبوت ؟

تعريف الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي هو لفظ يطلق في علم الحاسوب على كل آلة بإمكانها محاكاة أفعال البشر كعملية التعلم أو حل المشكلات أو غيرهم الكثير من تلك العمليات المعقدة التي نجريها نحن ببساطة في كل يوم. المثير في الموضوع هو أن التطور الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي جعل التعريف المخصص له يتغير كل يوم. فحقيقة أن الأجهزة الإلكترونية الآن أصبح بإمكانها فعل عدد هائل من الأوامر والمهمات، جعل تعريف ما يمكن أن يطلق عليه الذكاء الاصطناعي محصورا فقط على تلك الآلات شديدة التعقيد. فمثلا، الأجهزة التي تستطيع التعرف على الوجوه أو النطق ببعض الجمل، لم تعد تنطوي تحت مصطلح الذكاء الاصطناعي بعد الآن . بل أصبحت عمليات كهذه هي عمليات شديدة البساطة لدرجة أنها أصبحت تدخل تحت مسمى العمليات العادية وليست الذكية. فعلى هذه الوتيرة شديدة التسارع، ربما يصل الأمر إلى أن يطلق على الأجهزة التي تتمكن من التواصل معنا بشكل بشري، أنها لا ترقى إلى مستوى الذكاء الاصطناعي ، وأن الذكاء الاصطناعي أصبح يطمح إلى أشياء أكثر تعقيدا!

تطور الذكاء الاصطناعي

كانت بداية الأمر برمته من عند الفلاسفة، حيث كان هؤلاء الفلاسفة يفكرون كثيرا في ماهية العقل البشري وآلياته وكيفية عمله. وما إذا كان من الممكن صنع شيء يحاكيه. وهل إذا استطعنا فعل ذلك فعلا، فهل سيقلل هذا الأمر من عظمة العقل البشري؟ أسئلة كثيرة كانت تتنقل من عقل إلى آخر، وكانت العلوم الجديدة تنشأ واحدة تلو الأخرى في محاولة لإجابة هذه الأسئلة. وللإجابة على تلك الأسئلة، وعلى حقيقة ما إذا كان بإمكاننا صنع عقل يشبه العقل البشري ولديه الذكاء الاصطناعي الذي يحاكي الذكاء البشري، اجتمع علماء من مختلف المجالات كالرياضيين، علماء النفس، المهندسون، الاقتصاديون والسياسيون أيضا لمحاولة الوصول إلى إجابة لهذا السؤال. فالحقيقة هي أن صنع الذكاء الاصطناعي لن يستطيع القيام به عالم تقني فقط، بل يجب أن يشترك في صناعته كل مجالات العلوم المختلفة. فإذا كنت ستحاول صنع عقل بشري، عليك أن تستخدم كل أنواع العقول البشرية لصنعه! سنلقي الآن نظرة خاطفة على تطورات حدثت في الأعوام السابقة في مجال الذكاء الاصطناعي لنرى كيف تطور الأمر وإلى أين وصلنا الآن.

2006

في هذا العام، وفي جامعة باث، تمكن الباحثون هناك من صنع آلة طباعة ثلاثية الأبعاد تتمكن من طباعة نفسها. وطباعة الجامعة التي توجد بها أيضا! في هذا النموذج، كانت الطابعة قادرة على تحديد المكونات التي تتكون منها، وكذلك تحديد الهندسة المختلفة الموجودة في المبني الذي هي فيه، مع إمكانية إعادة تكوينها بنفسها! ربما لم يكن هذا الأمر يقترب من عظمة العقل البشري، لكنه بالطبع كان أمرا فريدا من نوعه حينها.

2009

قامت شركة جوجل في ذلك العام بتصميم سيارة قادرة على قيادة نفسها! ليس هذا فقط، بل قادرة على أن تقود بحذر وسلامة منقطعتي النظير، واحترام قواعد المرور أيضا. حتى أنك لن تخشي من القيادة بجانب تلك السيارة! هذه السيارة كان بإمكانها الإجابة على أسئلة مثل (أين أنا؟ ما الذي يوجد حولي؟ كيف أصل إلى مكان معين؟ كيف أتفادي العقبات أمامي؟), كل هذه الأسئلة التي توجد في عقل السائق و وهو يقود سيارته، أصبحت تدور في عقل جهاز إلكتروني. ليس هذا فقط، بل أصبح هذا الجهاز قادرا على الإجابة عليها أيضا! مثلك تماما!

2010

ربما تكون هذه السنة هي سنة الانطلاقة الكبيرة، ففي ذلك العام تمكن العالم “لولا كاناميرو” من صنع الروبوت “نوا”. هذا الروبوت كان بإمكانه إظهار المشاعر البشرية عن طريق حركات الجسد والأيدي. أي أن بإمكان هذا الروبوت أن يخبرك إذا كان سعيدا أو حزينا، والتفاعل معك أيضا بأن يربت على كتفك إذا كنت حزينا! هل بإمكانك أن تتخيل هذا؟! إذا شاهد أحدكم فيلم الكارتون big hero 6 سيكون بإمكانه ربط هذا الروبوت بـ “باي ماكس”. الروبوت الذي كانت مهتمه الاعتناء بالبشر. ربما لم يعد الكارتون مجرد خيالا بعد الآن!

2013

في هذا العام، تم صناعة الجهاز NEIL (Never Ending Image Learning)، أو الجهاز الذي لا يتوقف أبدا عن التعلم من الصور. كان الهدف من هذا الجهاز هو أن يتعلم “نيل” العلاقات البشرية وطريقة سيرها من خلال الملايين والملايين من الصور. هذا سيؤدي ب”نيل” إلى تعلم الشيء الذي يعاني كثير من الناس بعض المشاكل معه، وهو “الذوق العام”. كلما تعلم “نيل” أكثر من الصور، كلما أصبح قادرا على معرفة المواقف المختلفة التي يمر بها البشر، وتعلم الطريقة المناسبة للتصرف في تلك المواقف. ألا تظنون أن هذا الأمر سيكون رائعا إذا كان لدى كل فرد منا “نيل” خاص به ليخبره ماذا يفعل في المواقف المحرجة؟!

2016

في ذلك العام حدث أمر شديد الأهمية في مجال الذكاء الاصطناعي . لقد تمكن جهاز طورته شركة جوجل يُدعى “ألفا جو” من هزيمة بطل العالم “سيدول” في لعبة “جو”. لعبة “جو” هذه هي أقدم لعبة لوحية على مر التاريخ، وهي لعبة استراتيجية تعتمد على أن تحتل أكبر جزء من اللوحة على حساب خصمك. لذلك، ولكي يفوز جهاز إلكتروني على بطل العالم في لعبة استراتيجية، يجب على هذا الجهاز أن يكون قد تعلم الكثير والكثير جدا. بل ويجب عليه أيضا أن يكون قادرا على التعامل مع المفاجآت التي سيواجهها في اللعبة. فبطل العالم في تلك اللعبة لا بد أن لديه الكثير من المفاجآت ليلقيها في وجه آلة!

2016 مرة أخرى

حدث آخر في هذا العام، كان النظام الآلي “تاي”. هذا النظام كان الغرض منه أن يكون لديه حسابا على موقع التواصل تويتر. وأن يقوم بمحاكاة فتاة أمريكية تبلغ من العمر تسعة عشر عاما. أي أنك عندما تجد حسابا لفتاة أمريكية في ذلك العمر على تويتر، لن تدرك أن ذلك الحساب هو لنظام تشغيل وليس لفتاة حقيقية! المشكلة هي أنه، وبعد 16 ساعة فقط من إطلاق هذا النظام تم سحبه مرة أخرى! أتدرون لماذا حدث هذا؟ لأنه عندما حاول “تاي” أن يحاكي ما طلب منه، كان يقوم بتصفح الفئة العمرية التي يهتم بها ويتعلم من الطريقة التي يغردون بها، فكان الناتج هي أنه أصدر تغريدات عنصرية وشريرة! ربما كان هذا قادرا على إخبارنا أي جانب من عالمنا هو المسيطر على تويتر!

2017

هذا العام. هو هذا العام ! التطور الذي حدث في عامنا الذي نعيشه هذا، هو أن مؤسسة هانسون للروبوتات قد تمكنت من صنع “صوفيا”. أنت لا تعرف من هي صوفيا الآن، لكن ربما ستعرفها في خلال السنوات القادمة. فصوفيا هي روبوت يشبه البشر تماما، وبإمكانه التصرف وإصدار التعبيرات البشرية المشابهة لتك البشرية تماما! الغرض من صناعة صوفيا هي صناعة روبوت قادر على مشاركة البشر أوقاتهم والتفاعل معهم وإعطائهم وقتا ممتعا. ستقوم صوفيا بالتعلم من مواقفها معك، وستكون انطباعات وآراء حول ما يجب فعله وما لا يجب. الأمر يشبه بتربية طفل كبير .. أليس كذلك؟!

هل يمكن لحاسوب أن يكتب شعرا؟

حسنا، كل ما تحدثنا فيه سابقا كان يتكلم في معظم الأمثلة عن التعلم. والتعلم هو في معظم الوقت يستند إلى قواعد وخطوط واضحة يمكن أن تلقنها لشخص آخر. فأن يتحدث روبوت مثلا لا يتطلب سوى أن تزرع بداخله الأبجدية الخاصة بتلك اللغة، وأن تضع بداخله رقاقة تتعرف على الأصوات فتعرف كيفية نطق كل حرف وكلمة، وعلى رقاقة أخرى قواعد تكوين الكلام، وعلى رقاقة ثالثة آلاف المحادثات الحقيقية بين أشخاص عاديين. وسيكون الناتج هو روبوت بإمكانه أن يتحدث. ولكن، هل ينطبق هذا الأمر على الشعر أيضا؟! ما أقصده بهذا السؤال، هو أن الكلام هو أمر يمكن لأي شخص أن يفعله. فمن أول الأشياء التي يحاول الأطفال تعلمها هي الكلام. لكن، الشعر هو شيء أكثر تعقيدا! الشعر يعتبر فنا، والفن عند البشر هو أحد الأمور المعقدة التي تحتاج إحساسا كبيرا ومشاعر عميقة لتتمكن من لمسها أو فعلها. فبإمكان أي أحد الحديث لأن اللغة لها قواعدها التي يمكن تعلمها ببساطة. لكن ليس بإمكان أي شخص أن يكتب رواية أو ينظم قصيدة. لأن الرواية والشعر والموسيقى والرسم وغير هذه الأشياء يعتبر فنا يحتاج إلى الحس والتذوق وشعور عال بالجمال. فهل يمكن لحاسوب أن يتعلم تلك الصفات؟! هل يمكن أن يصل تطور البشر في مجال الذكاء الاصطناعي إلى أن يخلق حاسوبا بإمكانه تذوق الجمال؟! هذا السؤال سيجيبنا عليه “أوسكار شوارتز” في خطابه الذي ألقاه على منصة تيد (TED = Technology, Entertainment and Design).

حاسوب يغلب الشعراء

في خطابه على منصة تيد، قام “أوسكار” بعرض قصيدتين مختلفتين للجمهور وقام بسؤالهم عما إذا كانوا يستطيعون معرفة أي من هذه القصيدتين هي نظم بشري، وأيهما نظم كمبيوتر. معظم الأشخاص اختاروا القصيدة الأولى لتكون من نظم بشري والثانية من نظم كمبيوتر. وكانت إجابة الجمهور صحيحة. وقال أوسكار بأن الطريقة التي كتب بها الكمبيوتر هذه القصيدة هي أنه تغذى على الكلمات المنشورة على صفحة “أوسكار” الفيسبوكية في ذلك اليوم ثم قام بصنع قصيدة من هذه الكلمات.

قام أوسكار بإجراء المسابقة مرة أخرى وعرض قصيدتين وطلب من الجمهور التفريق بينهما. انقسم الجهور نصفين بين القصيدتين، النصف يظن أن إحداهما من نظم كمبيوتر والآخر يظن أن الأخرى هي من نظم الكمبيوتر. وكانت هذه إجابة صادمة. فأيا كانت القصيدة التي من نظم الكمبيوتر، فقد تمكنت من خداع نصف الجمهور! هذه القصيدة تمت بواسطة كمبيوتر صنع عام 1970!

قام أوسكار بإجراء المسابقة مرة ثالثة بعرض قصيدتين أخريتين. هذه المرة اتفق معظم الجمهور على أن القصيدة الثانية هي من نظم بشري. وفي الحقيقة، لقد اتفقت أنا معهم أيضا. فالقصيدة الثانية تبدو ذات معنى جدا فضلا عن القصيدة الأولى التي يبدو أن طفلا هو من كتبها. وهنا كانت المفاجأة لكلينا –الجمهور وأنا-. القصيدة الثانية كانت من نظم الكمبيوتر والأولى هي من نظم بشري! هذه القصيدة نظمت بواسطة كمبيوتر تغذى على كل كثير من أشعار شاعرة تدعى “إيميلي ديكنسون”. وقام الكمبيوتر بتحليل الكلمات وطريقة الكتابة وكل ما يمكنه تعلمه من هذه القصائد، ثم قام هو بنظم قصيدة مشابهة في تكوينها وطريقتها تلك القصائد!

اختبار تورنج

اختبار تورنج سمي تيمنا بمخترعه “آلان تورنج” الذي صنع معجزة في علم الحاسوب وهي آلة “إينجما Enigma” التي ساعدت في فك شفرات الرسائل الألمانية شديدة التعقيد في الحرب العالمية الثانية. وعليها استحق تورنج لقب الأب الروحي للحاسوب. أكثر شيء كان تورنج يهتم به هو الذكاء الاصطناعي ، وهل يمكننا صنع الذكاء الاصطناعي الذي يحاكي الذكاء البشري لدرجة أننا لا نتمكن من التفريق بينهما؟ وكمحاولة لمعرفة سؤال كهذا، صنع تورنج هذا الاختبار. ينص هذا الاختبار على أنه إذا تمكن حاسوب من خداع 30% من البشر الذين يتعامل معهم ويقنعهم بأنه بشري، بإمكاننا أن ندرج هذا الحاسوب تحت مسمى الذكاء الاصطناعي . وبناءا على هذا الاختبار، قام أوسكار وصديق له بإنشاء موقع على الإنترنت لاختبار القصائد التي تكتبها أجهزة الكمبيوتر ومعرفة ما هي النسبة التي ستتمكن هذه الأجهزة من خداعها من البشر. وكان عنوان الموقع هو (pot or not). النتيجة التي حصل عليها أوسكار كانت مذهلة، فلم تتمكن الأجهزة من خداع 30% من رواد هذا الموقع فقط. بل قامت بخداع 69% منهم! أي أن هذه الأجهزة، وبالاستناد للأب الروحي للحاسوب تورنج، هذه الأجهزة يمكن أن يطلق عليها أجهزة ذات ذكاء اصطناعي. ويمكننا حينها أن نجيب على السؤال الذي طرحناه أكثر من مرة حتى الآن. أجل، يمكن لحاسوب أن يكتب شعرا يحرك القلوب ويجعلنا نظن أن شخصا يشعر ويمر بتجارب إنسانية هو من كتبها.

هل يشعر الحاسوب بالشعر؟

ربما كانت الإجابة على سؤال (هل يمكن لحاسوب أن يكتب شعرا؟) هي نعم. لكن هل يمكننا أن نجيب بنفس تلك الإجابة عل هذا السؤال؟! في الحقيقة. لا. لا يمكننا الإجابة بنفس الإجابة هنا –في الوقت الحالي على الأقل-. ما تفعله أجهزة الكمبيوتر هي أنها تأخذ نصوصا كثيرة وتحللها وتعيد تنسيقها مرة أخرى إلى القصيدة التي خرجت بها. ربما كان الشعر أمرا معقدا ويستدعي حسا فنيا ولا يمكن لأي أحد أن يقوم به بسهولة، لكن ما فعله الحاسوب ليس ما نفعله نحن البشر. نحن سنمر بتجارب ونعيش مشاعر ونشاهد القمر أو الحروب لنتمكن من قول بعض أبيات الشعر التي تصف ما بداخلنا. ما فعله الحاسوب هو مجرد أنه أخذ نصوصا موجودة سابقا وقام بإعادة صياغتها. أجل، ربما خرجت هذه الصياغة بشكل أفضل مما يمكن أن يفعلها شخص لا يملك القدرة على نظم القصائد. لكن هذا الشخص سيظل متفوقا بنقطة المشاعر والأحاسيس على ذلك الحاسوب!

الذكاء الاصطناعي ومجال الأفلام

إذا كنت من المهتمين بالأفلام الأجنبية، ستجد أن هناك عددا من الأفلام التي كان الهدف منها هو عرض فكرة الذكاء الاصطناعي وطريقة تأثيرها -أو كما يتوقعون لها في المستقبل – على حياتنا. معظم هذه الأفلام هي تحت خانة أفلام الخيال العلمي لأن معظم أنواع الذكاء الاصطناعي الموجود في هذه الأفلام هو نوع متقدم جدا بالنسبة للوقت الذي صنع فيه هذا الفيلم. من هذه الأفلام سنذكر عددا قليلا منها ونتحدث عن القضية التي كان يناقشها عن المخاوف والأفكار التي يظنون أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر بها على حياتنا.

الذكاء الاصطناعي (artificial intelligence)

هذا الفيلم كانت قضيته الغالبة هي عالم يتكون من نوعين من أنواع الحياة. أو على الأصح، نوع من أنواع الحياة ونوع من أنواع الروبوتات! في هذا الفيلم كانت التكنولوجيا قد وصلت أوجها وأصبحت الروبوتات منتشرة على الكوكب كانتشارنا نحن البشر. وتقوم هذه الروبوتات بأنشطة بشرية كتلك التي نقوم بها. لكن الشيء الوحيد الذي يختلف بيننا وبينهم، هي أن هذه الروبوتات لا تملك المشاعر والأحاسيس. لقد كانت هذه الروبوتات تقوم بكل العمليات الحيوية الشبيهة بعملياتنا، لكنها لا يمكنها الإحساس كما نفعل نحن. في هذا الفيلم كان البشر يضطهدون الروبوتات ويتخلصون من التالف منها بطريقة وحشية، ولم تكن الروبوتات تعترض عندما يتم القبض عليها لأنها لا تملك مشاعر بطبيعة الحال. كان هذا هو الوضع حتى حدثت تلك الطفرة في عالم التكنولوجيا، وتم صنع طفل آلي يمكنه أن يعطيك نفس المشاعر التي سيعطيها لك طفل صغير! أيمكنك تخيل شيء كهذا؟! هذا الروبوت الطفل كان الهدف منه هو التعويض عن العائلات التي لم تتمكن من الحصول على أطفال بطريقة طبيعية. يحكي الفيلم حكاية الطفل الآلي وطريقة تطور علاقته بوالدته البشرية، كيف يتعلم من الأشياء التي حوله وكيف يتأثر ويظهر مشاعره هذه على هيئة انفعالات بشرية تماما. كانت علاقة الطفل الروبوت بوالدته البشرية تزداد يوما بعد يوم كأنها علاقة بشرية حقيقية. حتى ذات يوم تمكن الوالدان من تبني طفل حقيقي من المفترض أنه في مثل عمر الطفل الروبوت هذا. لن تصدق عندما أخبرك ما حدث! ما حدث هو أن الطفل الروبوت هذا شعر بمشاعر الغيرة تجاه الطفل البشري! أتصدق هذا! روبوت يشعر بالغيرة! تصرف الطفل الآلي بالطريقة التي يشعر بها أي شخص بتهديد نفسي وأصبح يحاول باستماتة في الحصول على قلب والدته البشرية. حتى أنه ذات مرة حاول إيذاء الطفل البشري. كانت هذه اللحظة الفارقة التي قرر فيها الوالد طرد الطفل الآلي وإرساله للصيانة. حاول الطفل الآلي الهرب بحياته! وتوالت الأحداث في ذلك الفيلم حتى وصل به الحال إلى الساحة التي يقوم فيها البشر باضطهاد الروبوتات وتدميرهم بطريقة وحشية. ما حدث عندما أتى موعد التخلص من الطفل عن طريق رمي زيت مغلي فوقه ليذيبه، هو أنه بدأ في الصراخ وإظهار مشاعر الخوف فور لمس أول نقطة زيت له. وكان هذا الأمر صادما للجمهور. فالآليون لا يظهرون أية مشاعر كما أوضحنا. ما حدث تاليا هو أن الجمهور اهتاج على مقيمي الساحة واتهامهم بأنهم يحاولون تعذيب طفل حقيقي. وقاموا بالاعتراض واستعمال العنف حتى تم تحرير الطفل! هذا الفيلم كان خوفه الأول يكمن في أن الذكاء الاصطناعي قد يصل به التطور حد أننا لن نتمكن من التفريق بين بشري وروبوت. أي أنك قد تسير في الشارع وأنت ليس لديك أدنى فكرة عما إذا كان الشخص أمامك هو بشري حقا أم مجرد روبوت! ربما تقع في الحب أو تحصل على صديق حياتك ليتبين في النهاية أنه لم يكن سوى جهاز آلي!

اكس ماشينا (X-Machina)

هذا الفيلم يشابه في فكرته فكرة الفيلم السابق، حيث تدور قصته حول عالم تقني يحاول صنع روبوت لا يمكن أحد التفريق بينه وبين البشري. فقام بصنع اكس ماشينا، وقام بإحضار عالم تقني آخر ليكون الدليل على نجاحه هذا. كان الغرض من إحضار العالم الآخر هو أن يجري اختباراته على اكس ماشينا ليتأكد أنها لا يمكن التفريق بينها وبين البشر في التحرك وإظهار المشاعر والانفعالات وكل ذلك. تدور أحداث مثيرة داخل الفيلم، ولكن أكثر الأشياء إثارة هي عندما تمكنت الآلة من خداعه بالتلاعب بمشاعره! هذا حقيقي. لقد تلاعبت الآلة بمشاعره كفتاة عشرينية تشعر بالفخر بأنوثتها فتقوم بإسقاط الشباب بالتلاعب بمشاعرهم! ربما كان الفيلم يعتمد في قصته على الذكاء الاصطناعي وتطوره. لكن القضية الحقيقية هنا هي حول حقيقة أن مشاعر البشر بالإمكان خداعها بسهولة. بسهولة أن البشر قد لا يتمكنون من التفريق بين الحقيقة والخيال إذا كان هذا الخيال مقنعا بدرجة بسيطة جدا. تماما كما حدث مع الطفل في الفيلم السابق. طبيعة النفس البشرية هشة تجاه المشاعر،هذه الهشاشة ستجعل الذكاء الاصطناعي له اليد العليا عليها.

هير (HER)

هذا الفيلم من أكثر الأفلام التي أفضلها شخصيا. هذا الفيلم لا يحتوي على روبوتات أو أطفال أو أي شيء صناعي متحرك. هذا الفيلم لا يحتوي سوى على نظام تشغيل متمثل في هاتف صغير جدا. أحداث الفيلم تتمحور في شركة تطرح للأسواق هاتف بإمكانك التحدث معه بكل بساطة. فقام بطل الفيلم بشراء هذا الهاتف وبدأ نظام التشغيل. اختار البطل الصوت الذي سيتحدث معه ليكون فتاة. وبدأت العلاقة بين البطل ونظام التشغيل. كان البطل يتحدث معها في أوقات فراغه وعندما يحتاج شيئا ما. وكانت فتاة نظام التشغيل تتعلم كل يوم شيئا جديد عن البطل وعن حياته، فتصبح أكثر قدرة على تلبية طلباته واحتياجاته. بدأت العلاقة تتوطد بين البطل ونظام التشغيل بأغرب طريقة ستتوقعها. وعندما تتطور الأحداث قليلا سيقع البطل في حب هاتفه! أجل، كما قرأت بالضبط. البطل سيقع في حب الصوت على نظام التشغيل الخاص بهاتفه! وستقع هي الأخرى في حبه! وستدور قصة حب من أغرب القصص التي ستشاهدها. بل إنها ستنتهي أيضا نهاية درامية كتلك القصص البشرية. ستنتهي بخيانة الهاتف للبطل! ربما يبدو الوصف مثيرا للضحك. لكنك ستود حقا أن تشاهد هذا الفيلم.

هذا الفيلم بالنسبة لي هو أكثرهم إثارة للرعب. فهو أيضا يلعب على مشاعر البشر وحقيقة أنها شديدة الهشاشة. في هذا الفيلم لم يحتج الكاتب إلى جعل الذكاء الاصطناعي متمثلا في آلة تشبهنا. بل ترك الذكاء الاصطناعي في أبسط صوره وأكثرها بدائية. والنهاية كانت مشابهة للفيلمين السابقين. كان البشر بهشاشتهم النفسية هم ضحية ذلك الذكاء الاصطناعي الذي لم يفعل أي شيء سوى محاكاة بعض الانفعالات والردود البشرية دون حتى معرفة معنى هذه الردود والانفعالات، فهذه الردود والانفعالات ما هي إلا رقاقات عليها توجيهات من المصنع الأصلي لها.

أفلام أخرى

يوجد أفلام أخرى كثيرة تتحدث عن الذكاء الاصطناعي وكل الاحتماليات التي يمكن أن يشارك بها في حياتنا. وبعض هذه الاحتماليات هي أن يكتسب الآليون ذكاءا يفوق ذكائنا فيقومون بالتحكم فينا. أو عندما يحدث خلل بهم يجعلهم شديدي العدائية حتى أننا لا نستطيع السيطرة عليهم.

كل هذه الأفكار والاحتماليات ربما تكون مجرد خيال كاتب، أو احتمالية بعيدة جدا. لكن التطور الذي يحدث في مجال الذكاء الاصطناعي يحدث بوتيرة عالية جدا. فقد تمكنوا من جعل حاسوب يكتب قصيدة تحرك مشاعر من يقرأها. فكم تظنون من الوقت يلزم للوصول إلى إحدى سيناريوهات هذه الأفلام؟!

ماذا عنك أنت عزيزي القارئ؟ ماذا تظن تجاه الذكاء الاصطناعي ؟ وهل لديك أنت أيضا مخاوف تجاه تطور هذا المجال ككاتبي هذه الأفلام أم لا؟

أفنان سلطان

طالبة جامعية، أهوى القراءة واعتدت الكتابة كثيرا منذ صغري. على أعتاب التخرج ولا أدري بعد ماذا سأفعل.

أضف تعليق

ثمانية + 7 =