تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » تقنيات التعلم » كيف تتمكن من تحويل التنافس الدراسي إلى شيء إيجابي لك؟

كيف تتمكن من تحويل التنافس الدراسي إلى شيء إيجابي لك؟

التنافس الدراسي بلا شك واحدة من الخصال التي يجب أن تكون أساسية بالنسبة للطالب حتى يضمن نجاحه وتفوقه خلال مرحلته الدراسية، وبالتالي أنت كطالب أو مُعالم مُطالب ببث هذه الروح وجعله شيء إيجابي لك، فكيف يحدث ذلك يا تُرى؟ الإجابة موجودة في هذا المقال.

التنافس الدراسي

منذ أن تم اختراع الدراسة وجد التنافس الدراسي لنفسه مقعدًا كبيرًا وهامًا، بل دعونا نكون دقيقين ونقول إن التنافس الدراسي موجود أساسًا منذ وجود البشر، لكن بما أننا نتحدث تفصيلًا عن التنافس الدراسي فبكل تأكيد سوف نكون في حاجة ماسة لمعرفة كيفية الاستفادة من ذلك الشيء الفطري الذي يتواجد بين الطلاب، وكيف من الممكن أصلًا أن يتواجد ويُبث بينهم إذا لم يكونوا منتبهين له أو قابلين به، إنها بلا أدنى شك مُعادلة في غاية الصعوبة، والأشد صعوبة من ذلك أن يُسفر هذا التنافس في نهاية المطاف عن شيء إيجابي يُصبح ذا قيمة فيما بعد، هل تُريدون التعرف على كل هذه الأمور ووضع إجابات لكل الأسئلة التي تدور في أذهانكم؟ حسنًا، سطورنا القادمة سوف تؤدي هذه المهمة على أكمل وجه ممكن.

ما هو التنافس؟

التنافس الدراسي ما هو التنافس؟

بدايةً، وقبل أن نتسلل إلى التنافس الدراسي على سبيل التحديد، دعونا أولًا نتحدث عن التنافس بالمعنى المجرد له، فهو يعني ببساطة الدخول في تحدي مع شخص أو كيان، هذا التحدي قد يكون معلنًا أو غير معلنًا، كذلك قد يكون شريفًا أو غير شريفًا، لكنه في نهاية المطاف يخرج بنهاية واحدة، وهي وجود خاسر وفائز، ولذلك فإن التنافس شكلًا وموضوعًا الصراع من أجل الظفر بشيء ما ووضع تعريف للفائز والمهزوم في هذا التنافس، وإذا أردنا أن نذكر المرجعية التاريخية لعملية التنافس هذه فإن أول تنافس حدث على الكرة الأرضية كان بين ولدي آدم هابيل وقابيل، وطبعًا كلنا نعرف النتيجة التي أدى إليها هذا التنافس والطرق التي تم استخدامها، ولهذا نقول إن التنافس بشكل عام قد لا يسري بطريقة شريفة مئة بالمئة، لكن التنافس الدراسي على وجه التحديد لا يحمل وجه آخر بخلاف الوجه الشريف.

التنافس بين الطلاب

التنافس الدراسي التنافس بين الطلاب

النوع الذي سنتحدث عنه بالتفصيل في هذا المقال ضمن أنواع التنافس الكثيرة هو التنافس الدراسي الذي يحدث بين الطلاب، وكلنا نعرف طبعًا أن كل فصل سوف يمتلك مجموعة من المتميزين ربما يكون عددهم اثنين فقط، هؤلاء بالتأكيد سوف يريدون وضع أرقام أو ترتيبات لهم، هناك من سيأتي أولًا وهناك من سيأتي ثانيًا، هذه سنة الحياة التي لا خلاف عليها، المهم في النهاية أن يصبح الجميع مستفيدًا من هذه النوعية من التنافس، حتى أولئك الذين لا يتنافسون فيما بينهم لتدني مستواهم سوف يجدون الفرصة للانتفاع بهذه الروح، وهنا يأتي دور المعلم، والذي سيكون بالتأكيد مُطالب ببث هذه الروح وتهيئة كل الظروف المناسبة حتى تسير الأمور في النهاية على نحو أكثر من الجيد، فما هو دور المعلم يا ترى؟

بث روح التنافس الدراسي بين الطلاب

اتفقنا الآن على كون التنافس الدراسي الجيد واحدة من أهم مسئوليات المعلم، ولكي يحدث ذلك عليه أن يتبع بعض الطرق التي من المفترض أن تقوده إلى إشعال حماس الطلاب للتنافس فيما بينهم وبالتالي يتحول الأمر إلى إيجابي ومُثمر يعود بالنفع على الجميع، عمومًا، أولى هذه الخطوات وضع الحوافز من أجل التنافس.

وضع حوافز للتنافس

لا شك أن أول طرق بث روح التنافس الدراسي بين الطلاب، أو التنافس في أي مجال بشكل عام، أن تكون هناك بعض الحوافز التي يُمكننا أن نركن إليها عندما نعلن عن التنافس، كأن نقول مثلًا للطلاب بأن من سيتفوق على الجميع من بينهم سوف يحصل على فرصة من أجل التكريم، أو رحلة مجانية، أو الحصول على شهادة تقدير، أي شيء بشكل عام يُمكن أن يُشكل حافزًا بالنسبة للطلاب سيكون من الجيد جدًا وجوده، خصوصًا إذا كانت تلك الحوافز ذات قيمة بين الطلاب، فمن الممكن جدًا أن ينبهر طالب بثناء المدرس عليه أو تحية بقية الزملاء لها، هذا هو الحافز الذي نتحدث عنه.

عقاب المهملين والمُقصرين

مثلما أن وضع الحوافز أمر هام جدًا من أجل الإعلاء من روح التنافس بين الطلاب فإن العقاب الذي يُخص المهملين والمُقصرين سيُصبح كذلك جزء أصيل من هذه المعادلة، فمن الممكن في بعض الأحيان أن يركن الطالب إلى المعلم ويدرك أنه سيجازي فقط المتنافسين، وبما أنه لا يرغب في عملية التنافس هذه أساسًا فسوف يقوم بالتقصير والإهمال، لكن عندما يكون هناك عقابًا رادعًا فإن هذا الأمر لن يكون متاحًا في الأساس، ولهذا نقول إن وضع العقاب الخاص بمن يُهمل أو يُقصر أمر يأتي في نفس درجة أهمية وضع الحوافز من أجل التنافس، فكروا وستجدون ما نقوله صحيحًا.

رفع الروح المعنوية

لا خلاف على أن رفع الروح المعنوية للطلاب أمر هام جدًا حتى يكون بمقدورهم التنافس فيما بينهم، وعندما نتحدث عن الروح المعنوية فيجب أن نعرف بأن بعض الطلاب قد لا يملكون القدرات الهائلة التي يُمكن تصورها، لكنهم على الأقل سيكونون في وضعية تسمح لهم بالتحسن عندما يجدون من يقوم برفع الحالة المعنوية الخاصة بهم، وهنا يأتي دور المعلم، فهو الذي سيكون بمقدوره القيام بذلك عندما يشعر بأن طلابه في حاجة فعلًا إليه، وبالمناسبة، رفع الروح المعنوية لدى الآخرين لا يحتاج سوى بعض الكلمات التحفيزية التشجيعية أو ربما التصفيق لهم، وهو أمر ممكن طبعًا.

العدل بين جميع الطلاب

من الأشياء الضرورية جدًا لإيجاد حالة من التنافس الدراسي بين الطلاب أن يراعي المدرس مسألة العدل بين طلابه وأن يكونوا مدركين تمامًا بأن هذا المدرس لا يرغب على الإطلاق في الميل إلى أحد المتنافسين دون الآخر، حتى وإن كان ذلك المدرس فعلًا يُحب أحد الطلاب ويُفضله على البقية، فمع أن هذا الأمر شائع إلا أن حدوثه سيقود إلى عدة مشاكل أهمها فتور بعض الطلاب ورفضهم فكرة التنافس أصلًا، فالتنافس يكون في بعض الأحيان من أجل نيل رضا المدرس، وبما أن المدرس مائل بالفعل إلى طالب ما فما هي الحاجة إلى التنافس؟ هكذا يُفكر البعض ببساطة.

رفع وتيرة التنافس

بين الحين والآخر يحتاج التنافس الدراسي إلى رفع في الوتيرة، وهذا الأمر يحدث عندما يدخل المعلم على طلابه في يوم من الأيام ليخبرهم بأن من سيحصل على أعلى الدرجات هذا الشهر سوف يحصل على قلم هدية، ثم في الشهر التالي يجعل العدد يرتفع إلى مجموعة أقلام أو مقلمة، وهكذا في الشهور المتتابعة حتى يدرك الطلاب المتنافسين أن وتيرة التنافس ترتفع بينهم شيئًا فشيئًا، وهو بالتأكيد أمر إيجابي ومطلوب بشدة، خصوصًا بالنسبة لأولئك الطلاب الذين لا يدركون القيمة المعنوية للتنافس ويبحثون فقط عن القيمة المادية الملموسة.

إظهار نتيجة التنافس للجميع

الإنسان بطبيعته يُحب أن يفتخر بنفسه أمام الآخرين ويفرح بانتصاراته معهم أيضًا، وهذا الأمر سيكون من اللازم القيام به عند التنافس الدراسي أو في أي نوع من أنواع التنافس بشكل عام، حيث أن أفضل تقدير يُمكن الحصول عليه نتيجة لهذا التنافس أن يتم إظهار النتيجة أمام جميع الطلاب في المدرسة كأن يتم تعليقها مثلًا في مجلة حائط المدرسة أو إعلانها في الإذاعة المدرسية أو غير ذلك من الطرق التي تُحقق فكرة الإظهار التي نتحدث عنها، هكذا سينج الأمر.

شروط التنافس

التنافس الدراسي شروط التنافس

الآن بعد أن ذكرنا بعض الطرق التي يُمكن للمعلم والطالب الاستفادة منها عند وجود التنافس الدراسي فسوف نكون في حاجة طبعًا إلى التعرف على أهم الشروط التي يجب أن تتوفر حتى يُصبح التنافس مقبولًا من الأساس، وهذه الشروط كثيرة لكن أهمها على سبيل المثال المساواة بين الجميع.

المساواة بين الجميع

يقول البعض أن المساواة في الظلم عدل، وعلى الرغم من غرابة تلك المقولة إلا أنها في الحقيقة صحيحة مئة بالمئة، إذ أننا كي نخرج بنوع من أنواع التنافس، وليكن التنافس الدراسي مثلًا، فيجب عليك أيها المعلم المساواة بين جميع الطلاب الذين سيتنافسون معًا، عليك ببساطة أن تُخرج نفسك من المعادلة تمامًا ولا تتحيز لأي طالب عن الآخر مهما كان السباب، إذ أن بعض المعلمين يكونون حبًا وتقديرًا لبعض الطلاب المتنافسين وبالتالي يخلون بشروط التنافس بسبب تلك المحاباة التي يقومون بها، فالإنصاف شرط أساسي يجب توافره حتى يُمكن القول إن ما يحدث منافسة حقيقية.

وجود رغبة حقيقية لدى المتنافسين

الحديث الآن لك عزيزي الطالب، فأنت الآن قد قبلت التنافس رغبةً منك أو حتى أُقحمت فيه، المهم في النهاية أنك تمتلك الرغبة كي تقوم بذلك، ولهذا أنت مُطالب بتجميع قواك وإيجاد رغبة حقيقية من أجل هذا التنافس، فالرغبة نصف الانتصار وأكثر، هذا يعني أنك إذا لم تكن تمتلك رغبة حقيقية للانتصار في التنافس الذي ستُقدم عليه فأنت لن تحظى بانتصارك تحت أي ظرف من الظروف، ضع هذا في حسبانك وستنجح.

عدم وجود أي نوايا سيئة

بعض الطلاب يبذلون جهدًا كبيرًا من أجل الظفر بأفضل نتيجة ممكن لعملية التنافس الدراسي ثم في النهاية يُصدمون بأنهم لم يوفقوا في النهاية، هل تعرفون لماذا يحدث ذلك؟ الأمر ببساطة راجع إلى النية التي دخلت بها السباق، وعلى ما يبدو فإنها كانت نية ليست جيدة بالمرة، ونتيجة ذلك حدث الإخفاق في النهاية، إذ أن النية السيئة لا تجعل الأمور تسير على ما يُرام، ولهذا فإنه من شروط التنافس الرئيسية أن يتم التنصل تمامًا من أي نية سيئة تتضمن أذية الآخرين، هكذا سينجح الأمر.

احترام الشخص الذي تتنافس معه

كذلك من الشروط الهامة والفارقة في نجاح عملية التنافس الدراسي ، أو أي تنافس بشكل عام، أن يتم احترام الشخص الذي يتم التنافس معه، احترام يشمل كل شيء يُقلل من المتنافس أو المنافسة نفسها، فالبعض يعتقد في بداية المنافسة أن الشخص الذي أمامه ليس جيد بالقدر الذي يجعله يربح في عملية التنافس، والبعض قد يعتقد أن أيضًا أن المنافسة نفسها ليست على القدر الذي يجعله يبذل مجهودًا كبيرًا من أجله، وهذا كله طبعًا من المسببات التي تؤدي إلى الخسارة في النهاية، فأنت ببساطة شديدة لم تحترم منافسك بالشكل الذي يجعلك مؤهل للتنافس معه، أخلاقيًا على الأقل.

ختامًا عزيزي الطالب عزيزي المعلم، أنتما بالتأكيد تعرفان قيمة التنافس بالنسبة لكلاكما، لذلك من اللازم اتباع تلك الشروط المذكورة من أجل خروج تلك العملية على أفضل نحو ممكن لها، أيضًا لا تتركوا التنافس يؤثر عليكم سلبًا، فهو لم يتواجد أبدًا من أجل ذلك الغرض، فكروا في الأمر ولن تفشلوا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

خمسة × 4 =