تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » كيف تميز بين التعلق الارتكاسي والتوحد وما هي الأسباب وطرق العلاج؟

كيف تميز بين التعلق الارتكاسي والتوحد وما هي الأسباب وطرق العلاج؟

التعلق الارتكاسي والتوحد هما اضطرابان يصيبان الأطفال ويملكان أعراضا متشابهة كثيرا ويحدث الخطأ في التشخيص بينهما في كثير من الأوقات، فكيف نميز بينهما؟

التعلق الارتكاسي والتوحد

التعلق الارتكاسي والتوحد كلاهما خللان قد يصيبان الأطفال وقد يصبح التمييز بينهما صعبا بعض الشيء نظرا لتشابههما في كثير من الأعراض. ربما يشك أحدهم أن طفله لديه توحد بينما هو في الحقيقة لديه اضطراب التعلق الارتكاسي أو (reactive attachment disorder RAD). اضطراب التعلق الارتكاسي هو اضطراب يتم ملاحظته في الأطفال وتكون أعراضه عدم القدرة على تكوين علاقة صحية وقوية بين الطفل والأشخاص القائمين على رعايته وغالبا ما يكون هذا الشخص هو الأم. أهمية التمييز بين التعلق الارتكاسي والتوحد ، هو أن طريقة التعامل مع كلا من الاضطرابين وطريقة العلاج مختلفة لكل واحد منهما. فأن تخطئ تشخيص طفل مصاب باضطراب التعلق الارتكاسي وتعالجه أو تتعامل معه بعلاج التوحد، لن يكون أمرا مفيدا في الغالب والعكس صحيح أيضا. لذلك، التمييز بين التعلق الارتكاسي والتوحد هو أمر هام من أجل صحة الطفل وسلامته.

استكشف هذه المقالة

التعلق الارتكاسي والتوحد

هذا المقال سيهتم أكثر بحالتي التعلق الارتكاسي والتوحد في الأطفال خاصة حيث أن اضطراب التعلق الارتكاسي يكون محصورا على الأطفال ولا يوجد في الكبار إلا نادرا، أما التوحد فهو اضطراب يلازم الشخص طوال حياته حتى بعد النضوج. والطريقة التي ستساعدنا في التمييز بين كلا الاضطرابين ستكمن في حقيقة أنه بالرغم من تشابههما في الأعراض الظاهرة، إلا أن كلاهما يملك نظاما مختلفا في التشغيل والتكوين. ومن أجل التعرف على تلك التشابهات والاختلافات، يمكننا أن نتابع النقاط التالية

التشابهات بين حالتي التعلق الارتكاسي والتوحد

طفلان يعاني أحدهما من التعلق الارتكاسي والآخر يعاني من التوحد، ستكون لديهم أعراض مشتركة تكاد تكون واحدة لدى كليها. فكلاهما سيجد صعوبة في تكوين حياة اجتماعية سليمة ولن تكون لديه المهارات الاجتماعية المطلوبة لتكوينها بما يتضمن القدرة على استعمال اللغة بشكل فعال. كلاهما أيضا سيعانيان من إظهار مشاعرهما بشكل منظم أو فعال. كلاهما قد تكون لديهما لازمة بتحريك أحد أجزاء الجسد بطريقة متكررة وشكل متكرر، وقد يجدان أنفسهما بحاجة ماسة إلى تكوين روتين ونظام محدد وثابت يسيران عليه كل يوم بلا تغيير. لن يملك كلاهما تواصل أعين فعال عند الحديث مع الآخرين وهو أمر قد يتم ترجمته إلى عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية، وأيضا كلاهما قد يبدوان أهدأ وأفضل حالا عندما يتم تركهما بمفردهما دون إزعاج. كلاهما سيبدو عليهما اللامبالاة في المشاعر والتعابير أو ربما الحزن أكثر، وكلاهما سيحاولان تجنب العلاقات العاطفية أو الاهتمام والحب. وأخيرا كلاهما ستوجد لديه مشاكل تتعلق بالثقة بالنفس، في حالة الطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي فإنه قد يكون فعلا لديه مشكلة في الثقة بنفسه، أما في حالة الطفل المتوحد فهو لن يشعر بذلك ولكنه قد تتم معاملته بهذه الطريقة في كثير من الأحيان. هذه متشابهات كثيرة بين التعلق الارتكاسي والتوحد لكي تعطيكم لمحة عن مدى ارتباط الاضطرابين ببعضهما في الظاهر. ما هي الاختلافات إذا؟

الاختلافات بين التعلق الارتكاسي والتوحد

الأسباب المؤدية إلى تكون الاضطرابين في الأطفال تكون مختلفة تماما. فبينما التوحد هو اضطراب يولد به الطفل ويعيش به إلى نهاية عمرة ولا يوجد أسباب أدت إلى ظهوره سوى حكمة الإله أو القوى العليا، فإن التعلق الارتكاسي على الجانب الآخر يكون لديه الأسباب التي أدت إلى ظهوره وحدوثة للطفل. من أجل التعرف على الاختلافات بين التعلق الارتكاسي والتوحد والتمكن من التفرقة بينهما، بإمكانكم الانتباه إلى هذه النقاط التالية

هل هناك حادث مأساوي أو علاقات متشتتة في عائلة الطفل؟

أحد الأشياء التي قد تجعلك تشك في إصابة الطفل بالتعلق الارتكاسي عوضا عن التوحد هو وجود أية حوادث مأساوية في عائلة الطفل قد تكون أثرت فيه بشكل من الأشكال في وقت ما أو حتى تشتت عائلته التي كانت تهتم به. فكثيرا ما ينشأ اضطراب التعلق الارتكاسي نتيجة انفصال الوالدين أو انتقال حضانة الأولاد ورعايتهم مرات كثيرة أكبر من أن يتمكن الطفل من تعلم التعامل معها. الطفل الذي يعاني من اضطراب التعلق الارتكاسي سيكون في الغالب ظهرت أعراضه نتيجة صدمة ما، أما الطفل المتوحد فستكون أعراضه موجودة قبل الصدمات. بالطبع، الطفل المتوحد سيتأثر بالصدمات هو أيضا، ولكنها لن تكون سبب اضطرابه.

كيف يتعامل الطفل مع الشخص الذي يقوم برعايته؟

في حالة الطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي، فإنه سيميل أكثر إلى تجنب العلاقات العاطفية وعدم التورط فيها، كما سيكون لديه مشاكل في الثقة بالآخرين وبالأخص هؤلاء الذين يقومون برعايته نظرا للتجارب السابقة السيئة التي مر بها. أما في حالة الطفل المتوحد فإنه قد يقبل وجود علاقات عاطفية ولكن بشروط تختلف تبعا لاختلاف حالة التوحد، ولن تكون لديه مشاكل في الثقة بمن يقوم برعايته إلا في حالة الإساءة الجسدية أو النفسية إليه. لكن في الغالب، يمتلك الطفل المتوحد جزءا من الحب بداخله للشخص الذي يقوم برعايته.

كيف يتعامل الطفل مع الطعام؟

كلا الطفلين المصابين باضطراب التعلق الارتكاسي والتوحد قد يسببان بعض المشاكل في عملية تناول الطعام وأحيانا ما يرفض كلاهما تناول الطعام. ولكن سبب رفض الطعام سيختلف من أحدهما إلى الآخر. فالطفل المتوحد مثلا سيرفض طعاما معينا كأن يكون مذاقه أو ملمسه غير مريح بالنسبة له، أو لأن الطبق منظم بطريقة غير التي يرغب فيها كأن تلمس قطع الدجاج الجزء الخاص بالسلطة أو ما إلى ذلك من تلك التحكمات التي يحتاجها الطفل المتوحد من أجل أن يتمكن من فعل شيء ما. أما الطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي لن يرفض الطعام لذاته وإنما في الغالب سيرفضه بسبب مؤثر خارجي كالشخص الذي يقدمه له، فمثلا قد يرفض الطعام من شخص ما ولكنه سيقبل الطعام ذاته من شخص مختلف. معرفة السبب الذي قد يدفع الطفل إلى عدم تناول الطعام قد يساعدك في معرفة توع الاضطراب الذي لديه.

كيف يقوم الطفل بترديد الكلمات؟

التعلق الارتكاسي والتوحد كلاهما يملك عرض تكرار الكلمات أو الجمل أكثر من مرة، ولكن الطفل المتوحد والطفل المصاب بالتعلق الارتكاسي سيقومون بهذا الفعل بطريقة مختلفة ولأسباب مختلفة. فالطفل المتوحد قد يقوم بإعادة الكلمة أو الجملة أكثر من مرة لأنه يحب الصوت الذي تصدره أو لأنه يريد التأكيد على أمر ما. الطفل المصاب بالتعلق الارتكاسي سيستعمل التكرار غالبا كوسيلة لتهدئة نفسه وزيادة تأكيد كأن يخلق جملا معينة ليرددها في وقت ذهاب شخص مفضل وتركه وحيدا.

كيف يتعامل الطفل مع أشيائه المفضلة؟

كلا الطفلين سيمتلكان اللعب أو الأشياء التي يفضلون استعمالها دونا عن أشياء أخرى، ولكن الطريقة التي سيتعامل بها الطفل المتوحد مع تلك الأشياء ستختلف عن تلك التي سيتعامل بها الطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي، الطفل المتوحد مثلا سيملك مكانة خاصة لتلك الأشياء في قلبه ولن يفرط فيها بسهولة أبدا، سيرفض التخلي عنها أو رميها، سيتمكن من معرفة ما إذا قام أحدهم بتحريك تلك الأشياء من مكانها، سيقومون بالحفاظ عليها بشدة وغالبا ما سيرتبطون بها ولا يحاولون استعمال أشياء أخرى جديدة. الطفل المصاب بالتعلق الارتكاسي على النقيض قد يقوم بالتخلي عن تلك الأشياء بسهولة أو تحطيمها من غير عمد أو عن عمد، سيكون مهملا تجاه تلك الأشياء ولن يتمكن من معرفة ما إذا قام أحدهم باستعمالها أولا وفي الغالب ما ستضيع منه تلك الأشياء بسهولة، كما أنه سيكون أكثر انفتاحا لتجربة أشياء جديدة عوضا عن التمسك بالأشياء القديمة المفضلة.

كيف يتعامل الطفل مع الأطفال الآخرين؟

الطريقة التي يتعامل بها الطفل مع أقرانه ستكون إحدى الطرق أيضا للتمييز بين التعلق الارتكاسي والتوحد . فالطفل المتوحد يتميز برغبته الشديدة في اتباع القوانين والالتزام بها وأيضا إجبار الآخرين على الالتزام بها، وستجده منفعلا جدا ويشعر بالظلم إذا لم يتبع أحد القوانين أو حتى إذا وجد نفسه خاسرا بعد اتباعه للقوانين الموضوعة وبعد أن كان متقدما في البداية. الطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي على الجانب الآخر فإنه لا يلعب إلا سوى للفوز ولا يشغل باله القوانين كثيرا، بل إنه قد يجد طرقا للالتواء حول تلك القوانين من أجل الفوز، وإذا خسر في أحد الألعاب، فإن طبيعته ذات الثقة القليلة بالنفس غالبا ما ستقوم بإلقاء اللوم على الآخرين أو حتى إلقاء اللوم على اللعبة نفسها أو على القواعد الموضوعة .. أي شيء عدا نفسه.

الطفل المتوحد سيميل إلى الألعاب التي تملك قوانين تنظمها أو الألعاب المنظمة عموما كتركيب القطارات مثلا، وأيضا سيفضل الألعاب الفردية أكثر من الجماعية. الطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي على الجانب الآخر سيميل إلى الألعاب الجماعية من أجل أن يجعل الجميع يشاهدونه وهو يفوز.

ما هي أنواع الألعاب التي يفضل الطفل لعبها؟

الطريقة التي يلعب بها الطفل مع الآخرين مختلفة بين اضطرابي التعلق الارتكاسي والتوحد كما أوضحنا في النقطة السابقة، وكذلك نوعية الألعاب ذاتها تختلف كما سنوضح في هذه النقطة. فالطفل المتوحد مثلا سيميل إلى الألعاب الفردية عوضا عن الجماعية وسيميل إلى تنظيم تلك الألعاب وترتيبها عوضا عن خلق قصة من تلك الألعاب أو محاولة شخصنة اللعب. فالطفل المتوحد سيتعامل مع الألعاب على أنها مجرد أدوات، وسيحبذ استعمال الأشياء المجردة كالعصا مثلا عوضا عن الأشياء التي تملك أشكالا كالدمى. الطفل المتوحد أيضا سيقوم باللعب بتلك الأشياء بطريقة تنظيمية كأن يرتبها إلى مجموعات باختلاف الأحجام أو الألوان أو أي شيء ما.

الطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي يميل إلى الألعاب التي يتمكن فيها من خلق القصص وتكوين الشخصيات، كما أنه لا يميل إلى اللعب بمفرده فترة طويلة –على عكس الطفل المتوحد- وسيرغب باللعب مع أطفال آخرين. ولكن حتى حينها سيميل إلى اختيار الألعاب التي تعتمد على خلق قصة أو مشهد، وغالبا ما ستكون قصته مشوشة أو مليئة بالصعوبات كطريقة لإخراج التجارب السيئة التي مر بها.

هل تقوم بلعب تمثيليات مع الطفل؟

إذا كنت تقوم بلعب التمثيليات أو خلق مسرحية حيث يقوم الطفل بأخذ دور البطولة فيها مثلا، فإن تصرفات الشخصيتين المصابة بكلا التعلق الارتكاسي والتوحد ستختلف بشكل كبير. فالطفل المتوحد سيجد صعوبة في تقمص الدور غالبا أو خلق القصة المناسبة للمسرحية، ولكنه أحيانا سيتمكن من خلق قصة إذا وضع الشخص الذي يحبه بداية للقصة وقام الطفل بإكمالها. الطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي سيميل إلى لعب شخصية بعينها في كل مرة تلعبون فيها هذه اللعبة –كأن يتقمص دور الطفل الصغير دائما في أية مسرحية-، وغالبا ما ستكون القصة التي سيخلقها هي قصته الحقيقية ولكن بنهايات مختلفة كل مرة، وكل النهايات ستكون نهايات يتمناها لقصته عوضا عن النهاية التي حدثت مسبقا. أيضا سيجد الطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي صعوبة في إنهاء المسرحية والتوقف عن اللعب.

كيف يتعامل الطفل مع الأخلاقيات المختلفة؟

القدرة على تمييز الصواب والخطأ والتزام الأفعال الصائبة والاهتمام بالابتعاد عن الأشياء غير الأخلاقية ستكون من نصيب الطفل المتوحد نظرا لاهتمامه باتباع القواعد والقوانين، وإذا قمت بتنبيه الطفل المتوحد إلى خطأ ما فعله ففي الغالب سيحاول عدم فعله مجددا لكي يصبح متبعا للقواعد. الطفل صاحب اضطراب التعلق الارتكاسي في الغالب لن يكون لديه وعي كاف بالقوانين ولا بتعريف الصواب والخطأ، وقد لا يرتجع إذا أخبرته بخطأ ما فعله دائما.

هل تعرف كيف يفرق الطفل بين الحقيقة والخيال؟

الطريقة التي سيتفاعل بها كلا الطفلين المصابين باضطرابي التعلق الارتكاسي والتوحد تجاه الحقيقة والخيال ستختلف قليلا. فالطفل المتوحد يميل إلى الالتزام بالألفاظ الحرفية ولا يفكر أبعد منها، فهو قد يعتقد أن المسرحية التي تخلقونها سويا هي حقيقية فعلا وليست من وحي خيالكم. الطفل المتوحد سيميل إلى تصديق القصص الغنية بالمشاعر المتطرفة سواء المليئة جدا بالقوة أو المليئة جدا بالضعف، وستجده أيضا يتأثر بشدة بالتهديدات المختلفة من أي نوع ويتخوّف منها حتى وإن كانت بسيطة جدا أو غير واقعية من الأساس.

كيف يرى الطفل وجهات نظر الآخرين؟

عندما يتعلق الأمر بوجهات نظر الآخرين تجاه الطفل المصاب بالتعلق الارتكاسي أو التوحد، فإن الأمر يتشابه قليلا حيث سيجد الاثنان صعوبة في فهم تصرفات الآخرين بشكل جيد. فالطفل المصاب باضطراب التعلق الارتكاسي مثلا لن يشارك بعض ألعابه مع غيره وقد يأخذ لعبة من طفل آخر ولا يلحظ أن هذا الأمر قد أزعج هذا الطفل، والطفل المتوحد لن يفهم أصلا لماذا يجب أن يشارك ألعابه مع غيره. لكن الاختلاف سيكمن كما أوضحنا في إحدى النقط السابقة في المضمون عوضا عن الفعل ذاته. فالطفل ذو التعلق الارتكاسي سيهتم ببعض ردود أفعال الآخرين المعروفة كالإعجاب، وسيحاول إثارتها والاهتمام بها، بينما الطفل المتوحد لا يتمكن من فهم معظم ردود الأفعال أصلا ولا يهتم بما يظنه الآخرون عنه. فعندما يتعلق الأمر بالمشاعر مثلا سيحاول الطفل ذو التعلق الارتكاسي بتحريك مشاعر الجمهور وربما بالغ بشدة فيما بفعله من أجل تحقيق هذا الهدف، على عكس الطفل المتوحد الذي لن يكترث كثيرا لما يظنه الآخرين أصلا ولن يفهم انفعالاتهم أيضا.

الطفل ذو التعلق الارتكاسي أيضا قد يصبح متلاعبا أو يحاول تقمص المثالية فقط من أجل الوصول إلى ما يريد، وهو الشيء الذي لا يحسن فعله الطفل المتوحد. الطفل ذو التعلق الارتكاسي أيضا تكون لديه بعض القدرة على فهم مشاعر ورغبات الشخص الآخر بينما الطفل المتوحد لا يتمكن من فهمها بسهولة ويحتاج دائما إلى إخباره ما يجب فعله أو ما يشعر به الطرف الآخر من أجل التمكن من التعامل مع الموقف.

كيف يستعمل الطفل مفردات اللغة والجسد؟

بالإضافة إلى النقاط التي سبق ذكرها في التشابهات والاختلافات بين التعلق الارتكاسي والتوحد فيما يتعلق بالحديث والتفاعل الجسدي، فإن هناك بعض التشابهات والاختلافات التي يمكنك ملاحظتها من خلال متابعة الاستعمالات المختلفة للغة والجسد لدى الطفل حيث يستعمل طفلي التعلق الارتكاسي والتوحد اللغة والجسد بأشكال مختلفة عما نعهده نحن ولكنها مختلفة أيضا عن بعضهما البعض. فالطفل المتوحد مثلا لا يعرف كيف يستعمل التواصل بالعين ولا متى، فستجده لا يستعمله كثيرا أو ربما يقوم بالتحديق في الفراغ فقط، بينما الطفل ذو التعلق الارتكاسي يستعمله بطرق مختلفة تبعا لمشاعرهم الحالية. أما بالنسبة للمساحة الشخصية بين الطفل ومن يتحدث معه فلن تجدها عند الطفل المتوحد لأنه لا يفهمها وستجده يقف على مسافات عشوائية من الشخص الذي أمامه ولن يدل هذا على حبه أو كرهه للشخص المقابل، أما الطفل ذو التعلق الارتكاسي سيفهم مدلول المساحة الشخصية وسيستعملها طبقا لمشاعره. الشاهد من هذين التصرفين أن طفلي التعلق الارتكاسي والتوحد سيتشابهان في هاتين العمليتين حيث أن عشوائية الطفل المتوحد قد تتشابه مع الطفل ذو التعلق الارتكاسي، ولكن الأسباب التي تدفعهم ستكون مختلفة وهي ما ستقوم بالتمييز بين التعلق الارتكاسي والتوحد.

أما فيما يتعلق باللغة، فإن الطفل المتوحد يملك قاموسا قويا من الكلمات المختلفة ولكنه يجد صعوبة في استعمال الكلمات المناسبة للموقف، وعندما يتحدث فإنه يطعّم حواره بالكلمات الجامدة الخالية من المشاعر. أما الطفل ذو التعلق الارتكاسي فحصيلته اللغوية ضعيفة جدا ولكنه يعتمد إلى الحوار العاطفي أثناء كلامه أكثر من العقلاني. وعندما يأتي الأمر إلى المجازات أو الاستعارات اللفظية فإن الطفل المتوحد لا يتمكن من التعامل معها أو فهمها، أما الطفل ذو التعلق الارتكاسي فإنه لا يستطيع التعامل معها بشكل جيد وخصوصا إذا كنت تحاول إثارة غضبه نظرا لضعف ثقته بنفسه.

ما هي الانفعالات التي يصدرها الطفل ولماذا؟

عند العودة إل نقطة الأمور المتشابهة بين طفلي التعلق الارتكاسي والتوحد، فإن كلاهما يجدان مشكلة في تنظيم انفعالاتها ومشاعرهما والتعامل معها، وكلاهما قد يختبران مشاعر قوية جدا في بعض الأوقات، هذه المشاعر تتضمن الحيرة ونوبات الغضب والهلع. فمثلا، الطفل المتوحد سيميل إلى الشعور بالحيرة فيما يخص فهم مشاعرهم أو مشاعر غيرهم على عكس الطفل ذي التعلق الارتكاسي الذي قد يفهم تلك المشاعر قليلا. نوبات الغضب تتواجد عند الاثنين ولكنها تكون أقصر عن الطفل المتوحد وتكون أسبابها أوضح. الهلع يكون متعلقا غالبا بتغيير في نظام الطفل المتوحد أو حدوث أمر مفاجئ وغير متوقع، ولكن الطفل ذو التعلق الارتكاسي يصيبه الهلع أكثر بسبب مخاوفه حول الحصول على رغباته العاطفية والجسدية.

هل يحسن التذكر والشعور بالوقت؟

هناك دائما بعض العجز عند طفلي التعلق الارتكاسي والتوحد فيما يتعلق بالإحساس بالوقت والذكريات. الطفل المتوحد يملك ذاكرة وقتية ضعيفة ولكن ذاكرته طويلة الأمد تعمل بشكل أفضل بكثير، بينما الطفل ذو التعلق الارتكاسي يملك ذاكرة انتقائية ويتذكر أشياء بعينها وليس كل الذكريات .. لهذا يشعر الطفل ذو التعلق الارتكاسي بالحيرة دائما تجاه ذكرياته وحقيقة ما يتذكره.

الطفل المتوحد لا يحسن التعامل مع الوقت أيضا حيث أنه لا يستطيع تمييز كم مضى من الوقت ويحتاج دائما إلى شيء ينبهه كوجود ساعة بجواره، كما أنه يكره الانتظار طويلا نظرا لعدم التأكد والحيرة التي تبعثها فيه هذه المواقف. أما الطفل ذو التعلق الارتكاسي فإنه يكره الانتظار لأنه يشعره بأنه مرفوض أو غير مرغوب فيه.

هذه النقاط السابقة جميعها هي طريقتك من أجل التمييز بين التعلق الارتكاسي والتوحد ومعرفة الاضطراب الذي يعاني منه طفل ما. هذه المعرفة هي ما ستقودك إلى الجزء التالي في المقال وهي

كيف تتعامل مع طفلي التعلق الارتكاسي والتوحد ؟

بعد أن تتمكن من تحديد نوع الاضطراب أو حتى التمكن من بدء الشك في أن الطفل قد يكون لديه أحد هذين الاضطرابين، فعليك أن تدرك أن العلاج والحب بإمكانهما علاج حالة الطفل المصاب بالتعلق الارتكاسي، وربما ستساهم في تخفيف حالة الطفل المتوحد نظرا لأن التوحد ليس له علاج. وإذا كان غرض العلاج هو هدفك بعد الوصول إلى هذه النقطة من المقال، فإليك هذه الخطوات التي قد تساعدك في بدء هذا الطريق

ابدأ بالبحث الآن

عليك أن تدرك بأن هذا المقال ليس تشخيصا أو قولا فصلا في أي شيء وإنما هو بمثابة البداية لرحلة مليئة بالبحث والمعرفة حول هذين المرضين لمعرفة أفضل وأوفى عنهما. ابدأ بالبحث إذا على الإنترنت وقم بقراءة المقالات العلمية الطبية المبسطة والمقالات المختلفة حول هذين الاضطرابين. بإمكانك أيضا أن تحاول التواصل مع أشخاص مروا بمثل هذه الظروف وكان لديهم أحباء أصيبوا بهذين الاضطرابين. هناك أيضا بعض الأشخاص المتوحدين الذي قاموا بكتابة قصصهم على الإنترنت والتي ستساعدك في معرفة الطريقة التي يعيش بها الشخص المتوحد.

تأكد أن اضطرابي التعلق الارتكاسي والتوحد هما فقط المرشحين لحالة طفلك

ربما يكون طفلك لديه اضطراب آخر شبيه بالتعلق الارتكاسي أو التوحد وليس أحدهما. البحث والقراءة بشأنها أن يساعدانك في التحديد أكثر حول ما إذا كانت الأعراض تنطبق تماما أم أنها فقط تتشابه قليلا. هناك بعض الاضطرابات التي قد تتشابه مع التعلق الارتكاسي والتوحد مثل الاكتئاب، اضطراب ما بعد الصدمات أو حتى العجز العقلي.

اذهب إلى مختص

إذا تأكدت –أو تملكك الشك- من أن طفلك لديه أحد اضطرابي التعلق الارتكاسي والتوحد أو حتى أي نوع آخر من الاضطرابات، فأنت بحاجة الآن إلى الذهاب لمختص بإمكانه أن يؤكد عليك هذه الشكوك ويخبرك بالتشخيص الحقيقي وكيفية التعامل معه. قم بوصف الأعراض التي شاهدتها على طفلك بالتفصيل لطبيبك وكنت متفهما إذا رأى الطبيب أنه يعاني من شيء آخر غير التعلق الارتكاسي والتوحد لأن كلاهما يتشابهان مع بعضهما البعض ومع اضطرابات أخرى أيضا. كن واثقا في رأي الطبيب ما دمت تثق في أنه متمكن، وكن مرتاحا أيضا إذا أردت أن تسأل أية أسئلة أو حتى التأكد من صحة التشخيص أو محاولة حث الطبيب على التأكد، لأن الطبيب الجيد يجيد أيضا احتواء خوف الأهل وقلقهم.

تعرف على أساليب العلاج المختلفة لطفلك

سواء كان طفلك مصابا بأي من الاضطرابين – التعلق الارتكاسي والتوحد – فإن هناك طرقا مختلفة للعلاج يمكنك اتباعها من أجل مساعدة طفلك وجعل حياته أحسن. قم باستشارة طبيبك حول الطريقة الأفضل لاتباعها في العلاج وأفضل الاختيارات المتاحة لطفلك. فالطفل المتوحد مثلا قد يستفيد من علاج فردي يلبي احتياجاته الشخصية أكثر، بينما الطفل المصاب بالتعلق الارتكاسي قد يستفيد من علاج جماعي يتضمن جلسة علاجية للأسرة أكثر. وتذكر دائما ألا تحاول استخدام التجارب العلاجية الجديدة التي لم يتم التأكد من صحة استعمالها ما دمت لا تحتاجها وما دامت الأساليب الأخرى تجدي نفعا. وأيضا لا تسمح لأحد بأن يعامل طفلك بأقل مما يستحقه أو أن تسمح له بمعالجته بطريقة متوحشة باسم العلم والعلاج. كن على وعي بأنك أنت الشخص الوحيد الذي يقف من أجل طفلك وحمايته، وعليك أن تكون واعيا ومتيقنا مما سيقدمه الآخرون لطفلك في رحلة علاجه.

وفي النهاية، الاضطرابات العقلية والنفسية ما هي إلا اختلال يمكن دائما معالجته أو احتوائه بتوفير الحب والرعاية اللازمين، و التعلق الارتكاسي والتوحد هما امن الاضطرابات التي يمكن علاج أحدهما واحتواء الآخر. فلا تشعر إذا أن إصابة طفلك بأحد هذين الاضطرابين فيه عقاب لك أو له، ولكنها فقط مشكلة أخرى من مشاكل الحياة التي عليكم أن تواجهوها سويا وتتخطوها.

أفنان سلطان

طالبة جامعية، أهوى القراءة واعتدت الكتابة كثيرا منذ صغري. على أعتاب التخرج ولا أدري بعد ماذا سأفعل.

أضف تعليق

ثلاثة × اثنان =