تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » التعبير عن الرأي : كيف تعبر عن رأيك بشكل سليم في النقاش ؟

التعبير عن الرأي : كيف تعبر عن رأيك بشكل سليم في النقاش ؟

التعبير عن الرأي مهارة لا يجيدها الكثير من الأشخاص، وإجادة مهارة التعبير عن الرأي ضروري في حالة خوض أي نقاش، ﻷن التعبير عن الرأي يجب أن يكون حضاريًا.

التعبير عن الرأي

التعبير عن الرأي من الأمور الهامة التي تعبر عن شخصية المتحدث، ويمكنه من خلال رأيه أن يصنع لنفسه مكانة متميزة، حيث أن من يجيد التعبير عن رأيه يعتبر في كثير من الأحيان شخص مميز، كما أنه يتمتع بقدرة عالية على الإقناع، إذا نجح في التعبير عن الرأي بشكل سليم، وصياغة الرأي ليست عملية سهلة، لكنها كذلك ليست عملية صعبة، إنما تحتاج إلى مجهود من المتحدث لكي ينجح في تكوين رأيه بالشكل المطلوب، لذلك نتحدث في هذا المقال عن كيفية التعبير عن الرأي في المواقف المختلفة، وخصوصًا أثناء النقاش.

أساسيات مهارة التعبير عن الرأي

ما هي المواقف المختلفة للتعبير عن الرأي؟

قبل أن نبدأ حديثنا عن كيفية التعبير عن الرأي بالشكل الصحيح، علينا أن نعرف أن كلامنا يأخذ أشكالًا مختلفة، وهذه الأشكال هي التي تتحكم في آرائك، فالبعض يظن بأن كلامنا ثابت لا يتغير، لكن هناك أنواع متعددة من الكلام أبرزها: المحادثة، الحوار، النقاش. الفارق بين هذه المصطلحات الثلاثة يجيب عليه الدكتور ستيفن بروكفيلد، المتخصص في تعليم البالغين، وله كتب عديدة حول هذا الأمر، حيث يرى التالي:

  • المحادثة: عملية تبادل للأفكار والمشاعر، حيث تسود حالة من التعاون الودي، مثل محادثاتنا في الحياة العادية في الهاتف أو في الشارع.
  • الحوار: حالة الذاتية المشتركة والتي تحدث بين العقول الواعية بدرجة كبيرة، ويكون غرض التعبير عن الرأي هنا هو الوصول إلى نتيجة محددة، حيث يتكون من جزأين:
  • الفهم: أن تضع نفسك في حذاء الآخرين لترى العالم كما يروه.
  • التبادل: التعمق وتغيير الفهم بناءً على ما نتعلمه من الآخرين.
  • النقاش: تبادل في الآراء والأفكار، لكن بدون نقطة اتفاق محددة نسعى للوصول إليها من البداية.

وبالتالي فإن اختلاف هذه الأشكال، سيؤدي بالتبعية إلى اختلاف طريقة التعبير عن الرأي في كل مرة، لذلك علينا أن نكون مدركين لهذا الأمر قبل أن نبدأ حديثنا عن كيفية صياغة الرأي.

كيف يمكن التعبير عن الرأي بالشكل السليم في النقاش؟

يعتبر النقاش من أصعب الأنواع التي يتم فيها تبادل الآراء بين المتناقشين، لذلك نركز هنا على النقاش بشكل أساسي، والتعبير عن الرأي يمر بأربعة مراحل حتى يخرج إلى من حولنا بشكل سليم، هذه المراحل الأربعة كالتالي:

  • الشمولية وسهولة الفهم: يجب أن نحاول التواصل مع الأفراد من حولنا بأوضح صورة ممكنة أثناء التعبير عن الرأي الذي نريده، حيث يمكن هنا أن تضع رأيك في هيئة مجموعة من النقاط المرتبطة معًا، كل نقطة تعبر عن فكرة مما تريد قوله.
  • الحقيقة: نقوم بتوفير أدق تصور ممكن عن الأمور التي نتحدث عنها، كما يراها كل شخص منا، مع محاولة توفير أكبر قدر من المعلومات عن هذا، وبالتالي فإن كل نقطة وضعناها في المرحلة السابقة، فإننا نحاول قدر الإمكان توفير دليل عليها يؤكد منطقيتها.
  • الفرصة: اتّباع قواعد النقاش والالتزام في التعبير عن الرأي حسب الوقت المحدد لكل شخص، ومنح الآخرين فرصة الحديث مثلما فعلنا نحن، بجانب الاهتمام بما يقوله كل واحد منهم.
  • حسن النية: سعي كل فرد لأن يُفهم رأيه بشكل كامل من الآخرين، والمحاولة الدائمة للوصول إلى اتفاق معهم، دون التعصب لوجهة النظر الخاصة بالشخص.
  • يمكننا أن نلاحظ أن هذه المراحل تحدث متوازية لا متوالية، لأننا نقوم بتنفيذ هذه المراحل في نفس التوقيت في أغلب الأحيان، وإذا التزمنا بهذه المراحل في عملية التعبير عن الرأي ستصل بنا إلى ما يُعرف بحالة الحديث المثالي، والتي صاغها عالم الاجتماع يورغن هابرماس حيث أن ذلك سيصل بنا إلى التالي:
    • كل الآراء المتعلقة بالموضوع ستسمع.
    • الأفضل من كل الآراء المتاحة، والتي سيتم طرحها بناءً على معرفتنا، سيتم قبولها.
    • فقط الأجزاء التي لا يقبلها البعض، سيتم النقاش عليها بين المشاركين، للوصول إلى نقطة اتفاق.

وبالتأكيد فإن هذه الحالة هي التي نرغب جميعًا في الوصول إليها في أي نقاش نخوضه في حياتنا، لكن مع ذلك قد تكون هناك خطورة في أن يفشل البعض في التعبير عن الرأي بالشكل المطلوب، بسبب نقص المهارات لديه، والتي تساعده على تنفيذ المراحل التي تحدثنا عنها، لذلك هناك بعض المهارات التي من الممكن أن يتعلمها أي شخص، كالخطابة والتي تعتبر وسيلة هامة جدًا في التعبير عن الرأي حيث أنها تضيف إلى المتحدث الحماس المطلوب، وأيضًا إتقان فن الخطابة يعني أن يجيد الشخص انتقاء الكلمات المناسبة لرأيه دائمًا. وأيضًا هناك أمور أخرى كالاهتمام بلغة الجسد، حركة اليد، وتوزيع النظرات، لأن هذه الأشياء تعطي انطباعًا جيدًا للشخص الذي يتم التواصل معه.

أنواع المشاركون في النقاش

تختلف شخصيات الأفراد الذين يشاركون في النقاش، حيث أن لكل واحد منهم صفة تميزه عن الآخر، ولكن لماذا علينا أن نعرف هؤلاء الأفراد؟ لأن ذلك سيؤثر كثيرًا في طريقتك في التعبير عن الرأي أثناء النقاش، حيث ستحاول دائمًا أن تصيغ الرأي بما يتوافق مع كل شخصية من هؤلاء، لأن هناك بعض منهم كما سنرى يحتاج إلى تعامل مختلف عن البقية، هذه الشخصيات أيضًا من عبر عنها هو الدكتور ستيفن بروكفيلد الذي ذكرناه في أول مقالنا.

  • محامي الشيطان: هذا الوصف يُطلق على الشخص الذي يقوم بالاستماع جيدًا لما يقال من الجميع، حتى يجد رأي عليه إجماع، في هذه الحالة يقوم بالتعبير برأي مخالف عما قيل.
    هذا الشخص قد يكون من أصعب الشخصيات الموجودة في النقاش، لأنه يسعى دائمًا إلى الاختلاف عن الآخرين، حتى ولو كان اختلافه غريبًا، وهنا سيكون عليك بينما تقوم بعملية التعبير عن الرأي الخاص بك، أن تفكر في الآراء المضادة تمامًا لما تقول، بحيث تكون جاهزًا للتعامل معه حين يتحدث.
  • الحكم: هذا الوصف يُطلق على الشخص الذي ينصت، حتى يصدر تعليقات حاكمة وهجومية.
  • مقيّم الأدلة: هذا الوصف يُطلق على الشخص الذي يستمع للتعليقات التي تعمم في الحكم، أو تطلق تأكيدات غير معتمدة، ثم يسأل الشخص صاحب هذه التعليقات عن الدليل الذي يؤكد زعمه. في الغالب فإن كلا من الحكم ومقيّم الأدلة يتفقان في كيفية التعامل معهما، حتى لو كانت نية كل واحد فيهما تختلف عن الآخر، هنا يكون دورك أنت كمتناقش أن تهتم بتوفير أدلة دائمًا في رأيك، وهذا تحدثنا عنه في المرحلة الثانية من التعبير عن الرأي وضرورة وجود أدلة تدعم آراءك التي تقدمها، وبالتالي فإن وجود هذه الأدلة سيكون كافيًا للرد عليهما.
  • المضارب أو الوسيط: هذا الوصف يُطلق على الشخص الذي يحاول دائمًا تقديم أفكار وتفسيرات جديدة، وطرق جديدة للسؤال في نفس الموضوع، فمن الممكن أن يقول مثلًا “أنا أتساءل ما الذي سيحدث إذا …….” أو “أنا أتساءل ما الذي كان (باحث كبير، أو كاتب مشهور) سيقول عن …….”. هذا الشخص يكون دائمًا غرضه الأساسي التعامل مع النقاش بشكل مختلف، وبالتالي فإنه يمكن أن تتواصل معه بأن تجعل التعبير عن الرأي لديك أمرًا مرنًا يقبل أن تعيد صياغته، بما يتناسب مع ما يطرحه هذا المضارب، فتنجح في أن تقدم له ما يريد، وأنت ما زلت محافظًا على رأيك.

توجد أنواع أخرى في النقاش لكنها لا تحتاج إلى تعامل خاص معها، فبقية الأنواع تتمثل في الشخص الذي يفضل الاستماع، أو الشخص الذي يجد آراء الآخرين دائمًا مفيدة، أو من يقوم بتأكيد أهميتها، وهناك من يقوم بتوصيل الآراء بعضها ببعض، فيكون التعامل معهم بشكل اعتيادي. التعبير عن الرأي كما رأينا يحتاج دائمًا إلى أن يكون عقلك واعيًا ومنتبهًا أثناء النقاش، وأن تنجح في تقديم رأيك إلى المشاركين بالصورة الصحيحة، التي تجعل النقاش في النهاية يخرج بالناتج المرغوب منه، وحتى إن لم ينجح النقاش، فإن مجرد مقدرتك أنت على التعبير عن رأيك بالشكل السليم يعد نجاحًا شخصيًا، لا يجب أن تفوته أبدًا في أي نقاش.

معاذ يوسف

مؤسس ورئيس حالي لفريق ثقافي محلي، قمت بكتابة رواية لكنها لم تنشر بعد.

أضف تعليق

خمسة × ثلاثة =