تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » منوعات » كيف ليصبح شكل الأرض بدون قمر وما الذي ستعانيه من متاعب كثيرة؟

كيف ليصبح شكل الأرض بدون قمر وما الذي ستعانيه من متاعب كثيرة؟

القمر هو جزء مهم في حياة الثقافة البشرية عبر التاريخ، فهو أقرب جسم فضائي إلى الأرض، ولكن كيف ليبدو شكل الأرض بدون قمر ؟! الإجابة تتمثل في الآثار المترتبة على عدم وجود القمر، وهي مدمرة وكانت لتغير شكل الأرض بالكامل.

الأرض بدون قمر

الأرض بدون قمر تابع لها! قد يكون تصور غريب وليس من السهل توقع النتائج المترتبة عليه، فالبشرية تأثرت بوجود القمر منذ فجر التاريخ، وعلى جدران الكهوف رسم إنسان العصر الحجري شكل القمر في سماء منطقته يظلل عليه وينير طريقه، وتستخدمه العديد من الثقافات في تحديد أشهر السنة مثل الشهور الهجرية والصينية، وإلى هناك حط الإنسان لأول مرة خارج كوكب الأرض، لأنه أقرب الأجرام السماوية إلى الأرض، ولا يبدو أن البشرية تعي أهمية القمر الحقيقية على كوكب الأرض، وعلى النتائج المدمرة التي كانت الأرض لتعاني منها إن كانت بلا قمر، مثل كوكب الزهرة أو عطارد، في هذا المقال أهم 10 نتائج لشكل الأرض بدون قمر ، وما قد يصبح عليه الحال إن فقدت الأرض قمرها.

انحراف محور دوران الأرض

الأرض بدون قمر انحراف محور دوران الأرض

تدور الأرض حول الشمس، وحول محورها، في ذات الوقت، وتوجد ميل في محور دوران الأرض يقدر ب23.4 درجة، هذه القيمة الثابتة هي السبب في اختلاف فصول العام، حيث يميل نصف الكرة الشمالي في اتجاه الشمس خلال ستة شهور من العام، والعكس في الشهور الست الأخرى، وبالتالي يصبح هناك صيف في الشمال وشتاء في الجنوب، والعكس صحيح، هذا الميل الثابت نتيجة وجود القمر، فمنذ نشأة الأرض من 4.5 مليار سنة تقريبًا، اصطدمت الأرض مع جرم سماوي ضخم آخر، وبدأت في الدوران بشكل حاد، إلا أن تكون القمر، وعملت جاذبيته على تثبيت محور دوران الأرض عند هذه القيمة، مما سمح بتكوين بيئة صالحة للحياة على الكوكب ودراجات حرارة معتدلة في أغلب المناطق، ولو كانت الأرض بدون قمر ، لكانت هذه القيمة ما بين 43 إلى 103 درجة، وكانت لتذوب الثلوج المتكونة على القطبين بتأثير الحرارة الشديدة، أو ستدخل الأرض في عصر جليدي نتيجة البرودة القارسة.

الأرض بدون قمر وبدون مد وجزر

أشهر تأثير للقمر على الأرض يمكن رؤيته في ظاهرة المد وجزر في المحيطات والبحار، فبسبب جاذبية القمر ودورانه حول الأرض، بالإضافة إلى جاذبية الشمس، يحدث مد وجزر وتتكون الأمواج في المحيطات، ولمعرفة مدى قوة تأثير القمر على مياه الأرض، ففرق ما بين المد والجزر قد يصل إلى 16 متر، اعتمادًا على قرب القمر من الأرض، وكلما كانت المسافة أقرب أثناء دورانه، كانت الأمواج أكثر ارتفاعًا، وإن كانت الأرض بدون قمر ، كانت الأمواج لتعتمد على جاذبية الشمس فقط، والتي لا تملك نفس تأثير جاذبية القمر القريبة لمياه الأرض، ستقل الأمواج إلى الثلث، وسيصبح البحر أكثر هدوءًا، والأكثر خطورة هو التحول الحاد في منسوب المياه، فالقمر يعمل على توزيع منسوب المياه بشكل متساوي عبر محيطات العالم، بينما الأرض بدون قمر كانت لتصبح مختلفة جدًا، حيث ستتجمع المياه عند القطبين وتصبح اليابسة ومقر سكن البشر أكثر جفافًا.

نقاط لاغرانج

نقاط لاغرانج، هي النقاط التي تنعدم عندها جاذبية جُرمين سَماويين على جُرم سماوي أصغر منهما، نتيجة تواجد الجرم الثالث في نقطة تتساوي عندها جاذبية الجرمين الكبيرين، بالنسبة إلى الأرض والقمر، فلكل جرم جاذبيته، وفي المسافة بين الاثنين توجد مجموعة من النقاط، عندها تتساوى الجاذبيتين، فعلى سبيل المثال، إن توجهت سفينة فضائية إلى إحدى هذه النقاط وانطفئت محركاتها، فلن تسقط نتيجة جاذبية الأرض أو القمر إلا بعد مدة كبيرة نتيجة تغير مواقعهما، وبالتالي توجد عند هذه النقاط غبار فضائي، يقدر بتسعة أضعاف حجم الأرض، وبدون القمر لوقع هذا الغبار نتيجة جاذبية الأرض، وتسبب في آثار مدمرة على الكوكب، كما عند هذه النقاط تقف عادة النيازك والكويكبات، وتغير مسارها ثم تكمل طريقها بعيدًا عن جاذبية الأرض، وبدون القمر لسقطت العديد من الأجرام السماوية المدمرة، والتي من الممكن أن تنهي الحياة على الأرض بدون قمر بالكامل.

ساعات يوم أقل

قبل 4.5 مليار سنة، كانت الأرض تدور حول محورها بسرعة كبيرة، وهذا الدوران هو المسئول عن اختلاف الليل والنهار، فكانت ساعات اليوم تساوي أربع ساعات فقط، في الوقت الحالي ساعات اليوم هي 24 ساعة، ولكن الأرض فعليًا تدور خلال 23 ساعة و56 دقيقة بالضبط، المتسبب الرئيسي في تباطؤ الحركة وزيادة ساعات اليوم هو القمر، لأن جاذبية القمر عملت عبر ملايين السنين في السيطرة على حركة دوران الأرض وتباطؤها، وإن كانت الأرض بدون القمر، لظلت تدور بسرعة وينتهي اليوم خلال أربع ساعات فقط، هذا التأثير لم ينتهي، بل كل 100 عام تتباطأ حركة الدوران بمقدار اثنين ملي ثانية، وبعد 160 مليون سنة من الآن سيصبح يوم الأرض ب25 ساعة.

الأرض بدون قمر وبدون صفائح تكتوينة

الأرض بدون قمر الأرض بدون قمر وبدون صفائح تكتوينة

كما للقمر تأثير واضح على أمواج البحر، فإن له تأثير أيضًا على أمواج الأرض، وهي ما تُعرف بالصفائح التكتونية، لأن قشرة الأرض مرنة تتحرك بدافع جاذبية القمر وتحتك ببعضها البعض، وينتج عن ذلك ظاهرة الزلازل بمستوياتها المختلفة، ولتكرر هذه الحركة عبر ملايين السنين نتج عنها شيئين، تكون الجبال، وتكون قيعان البحار، وأصبحت الأرض مكونة من مرتفعات ومنخفضات، وتجمعت المياه في المنخفضات، لولا هذه الحركة لكانت القشرة الأرضية ثابتة، وقطعة واحدة متساوية كبيرة باستثناء بعض مناطق البراكين، وهناك احتمالين، الأول هو عدم وجود المياه نهائيًا وكانت الحياة لتصبح جافة بحيث لا تكون صالحة للحياة، أو انغمار الكوكب كله بالمياه لعدم وجود يابسة مرتفعة، وبالتالي لن توجد حياة سوى للأسماك.

فقدان الحماية من النيازك

الأرض بدون قمر كانت لتعاني من أمطار غزيرة من النيازك بشكل يومي، ما قد يمنع نشوء حياة على الكوكب من الأساس، فالقمر يعمل كدرع صغير يجذب إليه العديد من النيازك والغبار، لأن قطر القمر يُقدر ب3500 كيلومتر أي حوالي 27% من قطر الأرض، لذلك فهو يمثل حماية للأرض، وبحسب وكالة ناسا، تعرض القمر إلى 300 اصطدام مع نيازك مختلفة الأحجام ما بين 2005 و2013، وإن كانت الأرض بدون قمر لعانت من كل تلك الاصطدامات وأكثر، وفي الوقت الحالي يصطدم بالأرض يوميًا ما يُقارب 33 طن من الحجارة والغبار الفضائي، ولكن لأحجامه الصغيرة التي تحترق في الغلاف الجوي لا تتأثر الأرض بشكل كبير، ولكن كان ليختلف الأمر لولا وجود القمر.

الأرض بدون قمر وبدون ذهب

معادن كثيرة مثل الذهب، والبالاديوم، والبلاتين، والإريديوم، هذه العناصر المعدنية مهمة جدًا للبشرية، وتم استخدامها مرات متكررة عبر التاريخ، وهي تستخدم اليوم في صنع مركبات الفضاء والسيارات والمجوهرات النفسية، ولولا وجود القمر لما كانت تلك العناصر تكونت في الطبقات السفلى في الأرض، ولفهم أهمية وجود القمر في مسألة تكون العناصر المعدنية، فيجب الرجوع إلى لحظة اصطدام كويكب ثيا بالأرض قبل 4.5 مليار سنة، وهو كويكب ضخم في حجم كوكب المريخ، وبسبب الاصطدام الشديد، اندفع جزء من طبقة الدثار الأرضية والقشرة الخارجية من ثيا نحو مدار الأرض.

فتكون منهما القمر وبدأ يأخذ مساره حول الأرض، بينما ظل لب أو نواة ثيا على الأرض، واندمج ما يحتويه اللب من معادن مع طبقة الدثار الأرضية، والتي تقع تحت القشرة الأرضية مباشرة، ولولا تكون القمر لاندمجت طبقة المعادن مع قلب الأرض وانصهرت مع النواة المُكونة من الحديد المُذاب، والذي كان أشد حرارة في وقتها، خاصة الذهب والبلاتين، ولكن بفضل تكون القمر انفصلت أجزاء من معادن الذهب والبلاتين وغيرهم واندمجت مع طبقة الدثار، في انتظار الحضارة البشرية لاستخراجهم واستخدامهم.

الأرض بدون قمر ستصبح مثل المريخ

يحمي كوكب الأرض غلاف مغناطيسي من الرياح الشمسية التي يمكنها أن تدمر الغلاف الجوي بالكامل على كوكب الأرض، هذه الغلاف موجود بسبب حركة النواة الذائبة في قلب الأرض، لأنها حارة وذائبة وتتحرك بشكل دائم، والقمر هو السبب الأساسي في بقاء نواة الأرض بهذه الحرارة والحركة المستمرة بفعل قوة المد والجزر المستمر الذي يسببها على الأرض، وإن كانت الأرض بدون قمر لتوقفت النواة عن التحرك، ومن الممكن أن تتجمد كذلك، ومع اختفاء الغلاف المغناطيسي الحامي ستدمر الرياح الشمسية الغلاف الجوي بالكامل، وبالتالي سيعاني البشر من التعرض المباشر للأشعة الكونية الضارة والتي ستسبب الكثير من السرطانات، هذا إن استطاع الإنسان الصمود أمام تبخر المياه المفاجئ الذي سيتعرض له الكوكب بالكامل، فلا يوجد غلاف للحفاظ على المياه بشكلها السائل على الأرض، وستصبح الأرض مجرد صخرة بدون حياة أو مياه تمامًا مثل ما حدث لكوكب المريخ قبل 4.2 مليار سنة.

رياح عاتية ودرجات حرارة جنونية

الأرض بدون قمر ستعاني من درجات حرارة كارثية، وعلى سبيل المثال، إن لم يختفي الغلاف المغناطيسي، سترتفع درجات الحرارة إلى 47 درجة مئوية بالقرب من البحار، وستزيد نسبة هطول الأمطار بسبب التغير في الضغط الجوي ودرجات الحرارة، ومع دوران الأرض بشكل أكثر عنفًا لعدم وجود القمر، ستعاني الأرض من رياح عاتية لم تعرف لها مثيل، ستصل سرعة الرياح إلى 160 كيلومتر في الساعة، وهي القيمة التي تعتبر إعصارًا في الوقت الحالي، ولكن بدون القمر ستكون هي الرياح اليومية المعتادة.

الأرض بدون قمر خالية من الحياة

الأرض بدون قمر الأرض بدون قمر خالية من الحياة

من المستحيل أن تتكون حياة في كوكب الأرض إن كانت بلا قمر، ليس فقط الحياة الذكية مثل البشر، ولكن حتى أبسط أنواع الحياة، فلن تتمتع الأرض بمقومات البيئة الصالحة للحياة، مثل الغلاف المغناطيسي الحامي، ولا المياه السائلة، ولا البيئة الخالية من تهديدات النيازك الكبيرة، ولذلك من الطبيعي أن يبحث علماء ناسا عن كواكب تمتلك أقمارًا كبيرة، في سعيهم لإيجاد كواكب صالحة للحياة خارج المنظمة الشمسية، لأن القمر مهم جدًا في تكوين بيئة صالحة للحياة.

الأرض بدون قمر، هي أرض تختلف تمامًا عن تلك التي نعيش عليها، أرض جافة بلا حياة، وخالية من الظواهر الطبيعية مثل المد والجزر والصفائح التكتونية والغلاف المغناطيسي والمعادن النفسية، أرض تعاني من تساقط النيازك المستمر والرياح العاتية المستمرة وساعات يوم أقل.

أيمن سليمان

كاتب وروائي، يعشق منهج التجريب في الكتابة الروائية، فاز ببعض الجوائز المحلية في القصة القصيرة، له ثلاث كتب منشورة، هُم "ألم النبي (رواية)، وإنها أنثى ولا تقتل (رواية)، والكلاب لا تموت (مجموعة قصص)".

أضف تعليق

12 + 1 =