تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » كيف تتعرف على مرض اضطراب الشخصية الهستيرية ؟

كيف تتعرف على مرض اضطراب الشخصية الهستيرية ؟

بعض اضطرابات الشخصية تتطلب الحذر الشديد عند التعامل معها ويشمل ذلك اضطراب الشخصية الهستيرية الذي سنتناوله كموضوعنا لهذا المقال لنلقي نظرة فاحصة عليه.

اضطراب الشخصية الهستيرية

اضطراب الشخصية الهستيرية ويعرف أيضًا باضطراب الشخصية التمثيلية، هو نوع من أنواع اضطرابات الشخصية، كالشخصية النرجسية والارتيابيه. تشير الإحصائيات إلى أن معدل الإصابة بمرض اضطراب الشخصية الهستيرية يقارب اثنان في المائة من مجموع سكان الولايات المتحدة الأمريكية.، وتد تلك النسبة كبيرة بالنسبة باقي اضرابات الشخصية. يميل هذا النوع من المضطربون إلى لفت الأنظار واستجداء الاهتمام والرغبة الدائمة في الوجود تحت الأضواء، نقدم لك في هذا المقال تعريفا مبسطا عن المرض وعلاجه وكيفية التعامل مع المصابين به.

الشخصية الهستيرية في علم النفس

لم يتوصل الباحثون حتى الآن إلى سبب واضح يؤدي إلى اضطراب الشخصية الهستيرية ولكن يمكنهم تعريف اضطراب الشخصية بأنه الانحراف السلوكي عن الصورة المتوقع أن يكون عليها الفرد، وفي حالة الهستيرية فإن المصابين بها يهتمون دوما بلفت الانتباه إليهم وقد يفعلون أي شيء متهور لتحقيق ذلك، والمؤكد أن عاملا واحدا ليس مسؤولا عن ذلك، إنما عدة عوامل تشترك في الوصول إلى تلك الحالة المبالغة في المشاعر الكاذبة والادعاءات الباطلة، تتمثل تلك العوامل في البيئة التي ترعرع بها المرء وظروف تربيته، مع طريقة استجابته للضغوط، وقد يكون للأسباب الوراثية يدًا أيضًا في هذا الأمر، فقد أشارت البحوث إلى ارتفاع احتمالية الإصابة بمرض اضطراب الشخصية الهستيرية إن كان أحد الوالدين مصابا بها، يمتلك المصابون بالهستيريا لباقة في الحديث، وقدرة على الإقناع، لذلك نجد أن أغلب المذيعين أو الممثلين أو العاملين بمجالات العلاقات العامة، يكونون من أصحاب الشخصية الهستيرية، فعلى الرغم من إصابتهم بهذا الاضطراب إلى أن جوانبه الإيجابية تعود عليهم بالوظائف المرموقة والوضع الاجتماعي المتميز.

تشخيص اضطراب الشخصية الهستيرية

يحتاج تشخيص الإصابة بالمرض إلى الملاحظة والمتابعة المستمرة لمدة طويلة من قبل مختص تفسي، وشأنه في ذلك شأن جميع اضطرابات الشخصية الأخرى، ويحتاج تشخيص المراهقين إلى المتابعة لمدة عام على الأقل، ويحتاج المختصون لفحص صحة المريض العقلية في الأمور طويلة المدى في العمل والفعاليات والأعراض، ويميل المرضى بشدة إلى لتفاخر، والمباهاة، والغرور، والتمثيل لإثارة الانتباه، وحب الاستعراض والاتكالية على الآخرين، والانفعالات السريعة الكاذبة المتغيرة بسرعة، والرغبة في تلقي الاهتمام وحده بكمية كبيرة غير منقية وعدم الاكتفاء من أي شيء.

علاج الشخصية الهستيرية

يعتمد العلاج النفسي على طبيب متمرس في علاج هذا النوع من الاضطرابات ، في خطة طويلة المدى، ولا يتم العلاج بالأدوية والعقاقير إلا كعلاج لبعض الأعراض الجانبية، ومن المفيد جدا، أن يتواصل أهل مريض اضطراب الشخصية الهستيرية مع الطبيب، وأصدقاؤه كذلك؛ وذلك ليعرفوا كيف يمكنهم التعامل مع المريض دون إلحاق الأذى به، ودون التعرض للأذى النفسي غير المقصود منه. بصورة عامة، لا توجد أدوية تعالج اضطرابات الشخصية، لكن المريض يحتاج أحيانًا البعض منها للعلاج من الأعراض المنهكة مثل الاكتئاب والقلق، وهناك بعض الحالات الحرجة التي تحتاج إل فريق كامل ومخصص للعناية بها يتكون من طبيب نفسي وطبيب رعاية أولية، وأخصائي نفسي، وأخصائي خدمة اجتماعية، ولا يمكن إغفال دور العائلة والأصدقاء. جزء من العلاج يرتكز على توضيح المرض ورفع وعي المريض به، فيستطيع أن يفهم ما يمر به، ويتكيف مع ذلك ويقاوم رغبته، بجانب حمله على التحدث عن أعراضه وشعوره وسلوكه، مما يرفع من مسؤوليته تجاه نفسه والآخرين، فيحاول الحد من تصرفاته، ويعتمد استجابة المريض للعلاج على حدة الاضطراب وظروف المصاب.

ومن أنواع العلاجات النفسية: التحليل النفسي، العلاج السلوكي المعرفي، العلاج السلوكي الجدلي، العلاج النفسي الجماعي، التثقيف النفسي.

الشخصية الهستيرية وكيفية التعامل معها

لتستطيع أن تتعامل مع شخص هستيري، عليك أولا أن تتفهم تماما طبيعة هذا المرض وأن تعرف خصائصه وتتقبلها، وعليك أن تتذكر أن من بعض تلك الأعراض: العاطفية المبالغ فيها، عدم الوضوح واللجوء إلى الألاعيب، الميل الشديد لجذب انتباه الغير مهما كانت الطريقة، عدم النضج النفسي، تضخيم الأمور وتهويل المواقف، لهذا عليك أن تستعد لذلك جيدا، وتتفهم تلك الخصائص، وتراجع تصرفات المريض معه وتحللان الأمر منطقيا، وعليك أن تزيد من ثقة المريض في نفسه وأدائه، وتحاول أن تساعده بأن يفهم أنه ليس مضطرا لجذب الانتباه، ومحاولة جذبه للواقع لأنه يكون خياليا جدا، وانصحه بأداء بعض التمارين الرياضية، وتمارين الاسترخاء مثل اليوجا.

الشخصية الهستيرية والزواج

هؤلاء الذين يتعايشون مع شريك حياة هستيري، يعدون من أقوى البشر صبرا وتحملا، وإنكارا للذات، فالمصابون بمرض اضطراب الشخصية الهستيرية يكونون مؤذيين نفسيا ، ومستهلكين لمشاعر الغير، فالحياة غير مستقرة مليئة بالأكاذيب والمبالغات والافتراءات، والخوف من الكلام لان كل شيء تتلفظ به يمكن أن يُفهم بصورة خاطئة، تدعو المريض للشك بك. وعند العتاب بينكما، ستجد مئات الأعذار المصحوبة بآلاف الاتهامات، والكثير من البكاء والنحيب، فلا تدري إن كنت ظالما أم مظلوما، وذلك الأمر سيؤثر على نفسية الشريك، وبعد فترة سيجد نفسه مضطرا لزيارة طبيب نفسي يساعده على تجاوز كل تلك الضغوطات التي وضعه فيها شريكه الهستيري، ولن يحميك من ذلك الضرر سوى أن تكون صلبا فاقدا الإحساس والإدراك، وقد يلجأ الزوج الهستيري إلى الدخول في حالة من الصمت تجعل المنزل يصير هادئًا كما هو مفترض، لكن حتى تلك الفترة تكون مصحوبة بتجاهل شديد وابتزاز عاطفي وجمود في المشاعر والنظرات التي تتهمك بالتقصير. عند إقدامك على الزواج بشخص هستيري، عليك أن تعرف أن التوصل لطريقة تفكيرهم غير ممكنة حتى الآن، لذلك فأنت بعيد تماما عن التعامل المنطقي فمن السهل أن تتغير عاطفة الشخصية الهستيرية لأي سبب كان، وتفتقد دائما للصبر والرغبة في الاستمرار.

قد ينخدع الرجال في المرأة الهستيرية، لحيويتها وإشراقتها وعاطفتها الجياشة، لكن الأمر هنا أن هذه المرأة تكون ذات عاطفة متقلبة تتدرج من الحب الشديد أو ادعائه بمعنى أدق، إلى البرود والاستغلال.

أنواع الهستيريا

اضطراب انشقاقي

تنشق شخصية المريض إلى شخصيات أخرى، يتصرف خلالها تصرفات لم يعتاد عليها أثناء شخصيته الطبيعية، وقد يفقد أحيانا ذاكرته، كنوع من أنواع الهروب من الذكريات المؤلمة، ومحاولة لجذب انتباه أهله والمحيطين به، وهناك ما يعرف بالعمى الهستيري، فقدان الذاكرة الهستيري، الشلل الهستيري، ويحدث كل هذا أثناء الضغوطات الشديدة والاختيارات الصعبة، في الأغلب تحدث للمقاتلين والجنود في ساحة الحرب، ويكون هذا المرض مؤقتا لحين زوال الضغط وعودة الإنسان إلى حالته الطبيعية.

اضطراب تحولي

يحدث بصورة غير إرادية، تتحول الأزمة النفسية أو الإجهاد إلى صراع نفسي هائل، يتسبب في ظهور عرض عضوي واضح نتيجة الكبت، وعادة يتعذر على المريض الربط بين أزمته النفسية وتأثيرها العضوي، ومن هذه الأعراض: الرجفة في عضلات الوجه أو الرعشة المستمرة في جفن العين.

التعرف على الأمراض النفسية يجعلنا أكثر قدرة على التكيف معها، ويساعدنا على التعامل مع المصابين بها برحمة وبطريقة صحيحة لا تؤذيهم أكثر، واستشارة الطبيب النفسي ليست ضعفا أو عيبا، لكنها زيارة صحية ينصح بتكرارها دوريا للحفاظ على السلامة النفسية.

رنا السعدني

أدرس في كلية العلوم جامعة المنصورة، عضوة في مبادرة الباحثون المصريون، أحب القراءة والسينما، وأهوى الكتابة.