تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » اختبار الـ IQ : كيف ظهر ؟ هل يساعد في تقييم الذكاء ؟

اختبار الـ IQ : كيف ظهر ؟ هل يساعد في تقييم الذكاء ؟

يعد اختبار الـ IQ أحد أهم اختبارات تحديد مستوى الذكاء، لكن هل هو دقيق حقًا؟ في السطور القادمة نتعرف بالتفصيل على اختبار الـ IQ ونشأته وكيف يعمل بشكل مبسط.

اختبار الـ IQ

اختبار الـ IQ أحد الطرق المتبعة من أجل تحديد الذكاء، كان فيما مضى يعرف الرجال بما يشتهرون به ويثبتونه من صفات، فكان منهم من يوصف بالشجاعة أو الوفاء أو الكرم أو الفراسة أو الدهاء، وربما ظنوه ضرباً من الجنون أن يحمل أحدهم ورقة هي نتيجة امتحان يثبت أنه يتوفر على قدرٍ معينٍ من الذكاء، ليس هذا فقط، بل يمكن لهذه الورقة أن ترفع من شأن أقوام وتضع من شأن آخرين، إلا أنه وإن بدا هذا الأمر مستغرباً، فإن اهتمام الإنسان بموضوعات الذكاء والقدرات العقلية يعود في قول البعض إلى آلاف السنين.

ملف مفصل عن اختبار الـ IQ

تاريخ اختبار الـ IQ

لم يكن العالم يعرف مصطلح اختبار الـ IQ على الرغم من اهتمام العالم بموضوعه، حتى تم تكليف عالم النفس الفرنسي ألفريد بينيت Alfred Binet بترؤس لجنة لاختيار وترشيح طلاب المدارس الذين ترى اللجنة أحقيتهم في الحصول على المساعدات لتغطية المصاريف الدراسية، وكانت هذه هي المناسبة الأولى التي أدت لظهور اختبار الـ IQ في صورته الأولى.

في بدايات القرن العشرين عهدت الحكومة الفرنسية إلى العالم ألفريد بينيت بمسئولية تصنيف الطلاب في المدارس حسب عدد من المعايير للوصول إلى افضل السياسات التعليمية وتسهيل عملية اتخاذ القرار، لا سيما وأن الحكومة الفرنسية كانت قد سنّت قوانينا تلزم جميع أبناء العائلات الفرنسية بالالتحاق بالمدارس، وبالتالي أصبح تحديد الفئة المستحقة للمساعدة أمراً ملحاً.

كان من أهم المشاهدات التي ظهرت أمام بينيت، أن هناك تفاوتاً كبيراً في نوع ودرجة استجابة الأطفال للأسئلة التي تطرح عليهم، حيث لاحظ أن هناك من الأطفال من لا يستطيع سوى حل الأسئلة المعينة للأطفال الصغر سناً، و وبالمقابل هناك من الأطفال من استطاع الإجابة عن أسئلةٍ كانت مقررةً لفئة عمرية أكبر، جميع هذه المشاهدات وغيرها دفعن بينيت وشريكه ثيودور سيمون Theodore Simon إلى الخروج بمصطلح العمر العقلي mental age، إلا أن بينيت لم يدخر جهداً للتوكيد على محدودية الاختبار، على الرغم من أنه يعد رائداً في هذا المجال، وكثيراً ما أشار إلى أن الذكاء قدرة أكثر عمقا وأوسع نطاقاً من أن يتم اختصارها في رقم واحد، حيث عدّ هدا من التبسيط المخل لأعظم قدرة يمتلكها الإنسان على الإطلاق، وأشار إلى أن ذكاء الإنسان يتحدد وفق عدد كبير من العوامل، وأن مقارنة الذكاء بين مختلف الأفراد لا تجوز إلا بين من ينتمون إلى بيئات متشابهة، وإن كانت هذه هي البداية، فقد تطورت أساليب قياس الذكاء كثيراً حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، إلا أن الجدل يظل قائما حول مدى قدرة هذه الاختبارات على عكس القدرات العقلية والإبداعية للإنسان.

تعريف الذكاء Intelligence، والشخص الذكي

في مقابلة مع العالم النفساني جول شنايدر W. Joel Schneider ، تم سؤاله عن مفهومه للذكاء، وأشار إلى أن الناس على المستوى الفردي يقومون بتعريف الذكاء بشكل يعكس خبراتهم الحياتية التي عاشوها طوال عمرهم، فمثلاً نجد أن المهندس حين تعريفه للذكاء يقدم وصفاً للمهندس الماهر المتمكن والمجيد لعمله، وكذلك الفنان يصف الذكاء من زاوية كل ما هو متعلق بالذائقة الفنية، وتسري نفس القاعدة على العلماء ورجال الأعمال وغيرها من المهن، والمقصود، أن هناك تنوعاً كبيرا في الزاوية التي ينظر منها لماهية الذكاء ومحدداته حتى فيما بين المتخصصين أنفسهم، وفي معرض إجابته عن سؤال حول مدى حتمية أن يكون الإنسان موصوفاً بالغباء لمجرد أنه حصل على درجة متواضعة في اختبار الـ IQ ، أشار الدكتور شنايدر إلى أن الاختبار ليس حكماً أبديا على الإنسان بأنه لن يبلغ مستوىً عالٍ من الأداء في جميع جوانب حياته، لكنه المقياس الأفضل والأقرب لتحديد قدرات الإنسان العقلية حتى الآن، وأنه من الطبيعي لأي عمل إنساني أن يجانب الصواب في أحد تفاصيله، بل إن المنهج التجريبي يقوم أساساً على التجربة والخطأ.

تصنيفات نتائج اختبار الـ IQ

قبل أن تحكم على نفسك أنك تملك الدرجة الفلانية في اختبار الـ IQ لابد أن تعلم أن أغلب الاختبارات المتوفرة على شبكة الإنترنت ليست نظامية وليست مقبولة ولا يمكن الاستناد إليها، ولا يمكن أن تعكس بصورة صادقة قدراتك الذهنية.

أما بالنسبة للاختبارات التي تتم على أيدي المتخصصين، فقد تم تصميم نظام التقييم بحيث يكون المعدل العام لغالبية الناس هو 100 درجة، وتحديداً لنطاق أوسع لما يمكن تسميته بدرجة الذكاء الطبيعي أو العام، يمكن القول أن الدرجات التي تتراوح بين 85 – 115 تقع في النطاق العام الطبيعي، أما بالنسبة لمن يتمكنون من إحراز درجة تفوق 115 فيمكن القول أنهم يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء، حيث يستطيع فقط 15% ممن يخضعون للامتحان الحصول على هذه النتيجة.

مجتمع منسا Mensa Community

منسا هي عبارة عن منظمة أو بعبارة أخرى نادٍ اجتماعي يضم الأفراد الحاصلين على أعلى 2% من الدرجات في اختبار الـ IQ وعادةً ما يعقدون اجتماعهم مرة واحدة كل شهر، تعتبر منسا هي أكبر وأعرق منظمة من نوعها في العالم، ولكنها أكثر شهرة ربما في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وذلك غير مستغرب حيث أن الفرع الأول للمنظمة تم إنشاؤه في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ويكون الانضمام إليها بالاستحقاق بحيث لا تقوم بالتمييز بين الولاءات والانتماءات السياسية أو الدينية أو العرقية.

الانتقادات التي يواجهها اختبار الـ IQ

يرى المعسكر غير المناصر لفكرة اختبار الـ IQ أن نتائج هذا الامتحان خادعة ولا يعول عليها في تحديد نسبة ذكاء الإنسان، حيث أنه وبحسب بعض الدراسات فإن الأمر يتطلب عدداً من الاختبارات يصل إلى ثلاثة اختبارات على الأقل لتحديد القدرات الذهنية للإنسان، وبالفعل فقد بدأ يظهر عدد لا يستهان به من العلماء ممن يرون نتائج اختبار الـ IQ غير ممثلة لذكاء الإنسان على الإطلاق.

في هذا الصدد، ربما تكون الدراسة التي تمت منذ سنتين تقريباً هي الأهم على الإطلاق لإثبات كيف أن اختبار الـ IQ ليس صادقاً تماماً في التعبير عن قدرات الإنسان الذهنية المختلفة والمتنوعة، حيث تم إطلاق امتحان عن طريق الدايلي تلجراف Daily Telegraph ونيو ساينتست  New Scientist عبر الإنترنت قام بجذب أكثر من حوالي 110.000 مشارك.

أحد الأشخاص المشرفين على وضع الامتحان يرى أننا حين نأتي بإزاء عضو في تعقيد وعمق العقل البشري فإن وجود مقياس واحد لقياس كفاءة هذا العضو لابد وأن تكون خاطئة، فنحن كثيراً ما نقابل أشخاصاً ذوي قدرة عالية على إدارة المنطق لكنهم في ذات الوقت أصحاب ذاكرة ضعيفة، وبالعكس فقد نصادف أشخاص يمتلكون ناصية اللغة والقدرة على التعبير لكنهم يفتقدون القدرة على التفكير المنطقي المتسلسل، لذلك فإن المعارضين لفكرة اختبار الـ IQ تقوم فكرتهم أصلا على أنه يستحيل أن يستطيع مقياس واحد تقييم قدرة معينة لدى العقل البشري من دون أن يأتي ذلك على حساب قدرة هذا المقياس على تقييم الجوانب الأخرى للأداء.

يستغرق هذا الامتحان الذي يتم المشاركة فيه عبر الإنترنت حوالي 30 دقيقة، يقوم بتقييم حوالي 12 مهارة وقدرة ذهنية مختلفة ما بين الذاكرة والإدراك والمنطق واللغة والتركيز والتخطيط وصولاً إلى استيضاح معلومات حول أسلوبهم في المعيشة وطريقة قضائهم لأوقات فراغهم، وكانت النتيجة أن ذكاءات الأشخاص المشاركين على تفاوتها لا يمكن تفسيرها إلا من خلال التحليل المجمع لنتائج 3 من مقاييس الذكاء على الأقل وليس استناداً على مقياس واحد كما هو الحال في اختبار الـ IQ ، لذلك فعند النظر إلى القدرة الإدراكية للإنسان نجد أنه لا يمكن اختزالها لأقل من ثلاث قدرات كالتالي، الذاكرة قصيرة المدى، والمنطق Reasoning، واللغة، والمثير أن القائمين على الامتحان قاموا بعمل مسح للمخ ل16 مشارك في الامتحان، ووجدوا أن الذكاءات الثلاث المشار إليها تعمل في دوائر عصبية منفصلة في الدماغ.

ذكاءات أخرى

كثيراً ما ينحصر مفهوم المجتمع للذكاء حول مجالات معينة تدور في معظمها حول الذكاء الرياضي، لكن في الحقيقة فإن الحياة مليئة بالمجالات التي يمكن للإنسان أن يطلق العنان لمواهبه وأفكاره وأحلامه، فمثلاً لا يمكن لأحد أن ينكر أن امتلاك الذائقة الموسيقية ليس ذكاءً، لذلك نرى تفاوتا هائلا بين الأشخاص العاديين في مدى قدرتهم على التمييز والتفرقة بين النغمات الموسيقية المختلفة، بحيث نشعر كما لو كانوا مزودين بحاسة سادسة تمكنهم من تتبع اللحن وإدراك مراميه بكل سهولة ويسر، ولا يقف الأمر عند ذلك وهذا أمر يعرفه كل من هو مولع بالموسيقى، حيث يشعر البعض ممن يملكون قدرة استثنائية في فهم الموسيقى برغبة تعززها قدرة على التعبير عن مشاعرهم من الخلال العزف وتأليف الموسيقى.

كذلك من الذكاءات التي لا تنظر إليها مجتمعاتنا على أنها من هذا القبيل الذكاء الرياضي البدني، فأن تكون موهوباً في قدرتك على استخدام جسدك وتطويعك إياه للقيام بمهام متعددة يعد ذكاءً بكل المقاييس، وهذا ما يفسر المتعة التي يجدها الناس في مشاهدة المسابقات الرياضية، ذلك لأنها تتطلب قدراً كبيرا من المهارة والقدرات التي لا تتوفر عادة لدى الأشخاص العاديين.

والمقصود من هذا السرد أن نوضح أن الذكاء هو كنز دفين في كثير من تفاصيل حياتنا اليومية، فأن تمتلك القدرة على تنسيق المنزل واقتراح أوضاع جديدة للمفروشات في مكان إقامتك يعد نوعا مما يطلق عليه ذكاء المساحة Spatial intelligence، وهو القدرة على تمييز وإدراك الأنماط الموجودة في المساحات المختلفة الواسعة منها والضيقة والعمل على حسن استغلالها بما يخدم الغرض منها، وهو ذكاء لا تقتصر مجالات توظيفه على الديكور فقط، بل إن مثل هؤلاء الأشخاص الذين يتمتعون بقدرة عالية على إدراك المساحات المختلفة يمكن لهم أن يقوموا بأدوار حاسمة في المساعدة في فرض الجيوش لسيطرتها على إقليم معين في حالات الحرب لكونهم يمتلكون قدرة خاصة على النظر للمساحات المختلفة يعجز معظم الأشخاص العاديين عن تمييز الفرص التي تحتويها، وليس الحروب فقط، حتى في الفن والسينما نحتاج إلى من يقوم بإعداد خشبة المسرح بصورة تخدم الغرض الدرامي من القصة بالإضافة إلى استيعاب حركة الممثلين على سطحه وعدم الجور على أي من الاعتبارات على حساب الآخر.

أخيراً، كثيراً ما يطرح التساؤل حول قدرتنا وإلى أي مدى يمكن لنا أن نطور من أنفسنا بما يمكننا من زيادة وتحسين نصيبنا من قدرة أو مهارة ما، يزداد هذا السؤال إلحاحاً في اختبار الـ IQ وهل الممارسة الدؤوبة لهذا لامتحان من الممكن أن تؤدي حقاً إلى رفع مستوانا؟ هل من سبيل لزيادة نتيجة اختبار الـ IQ الخاصة بنا؟ بالطبع، فكل مهارة يمكن بالممارسة والمران تحسين مستوانا فيها، لكن السؤال يجب أن يكون كالتالي، ما الذي سيعود عليننا من ممارسة اختبار الـ IQ بصورة متكررة وبما يؤدي لزيادة الدرجة التي نحصل عليها؟ والجواب في رأي الكثير من المتخصصين هي لا شيء، فالمهم ليس أن تملك رقماً مرتفعا في امتحان كهذا، ولكن المفيد فعلاً هو مدى قدرتك على إدراك مواطن قوتك، ومدى استعدادك لتوظيف هذه القدرات للوصول إلى أعلى مستوى من الأداء في المجال الذي تتمتع فيه بميزة نسبية فطرية.

المعتز إبراهيم

أبلغ من العمر 27 عاماً، ولدت بالقاهرة، أقضي معظم أوقاتي بين القراءة والعود والرياضة، أجيد اللغة الإنجليزية، كما أجيد قراءة الأسبانية، خريج كلية التجارة وإدارة الأعمال، قسم العلاقات الدولية، قمت بالسفر إلى سنغافورة والصين والسعودية والإمارات وبصدد الإعداد لرحلة إلى ألمانيا.

أضف تعليق

1 × واحد =