تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » كيف يؤثر إنجاب طفل واحد إيجابا وسلبا على الأسرة؟

كيف يؤثر إنجاب طفل واحد إيجابا وسلبا على الأسرة؟

بعد أن كان إنجاب طفلين أو ثلاثة هو المتعارف عليه والجيد في مجتمعاتنا في العقود القليلة الماضية، أصبح هناك توجه يشجع الناس على إنجاب طفل واحد وعدم الزيادة عن ذلك لأسباب كثيرة، وعلى رأسها الأسباب المتعلقة بالاقتصاد والوضع الاجتماعي.

إنجاب طفل واحد

أصبح إنجاب طفل واحد توجه لبعض الدول في وقتنا الحالي، في ظل الزيادة الكبيرة في عدد السكان وقلة الموارد وضعف الحالة الاقتصادية، ما يشكل ضغطا على الدولة. وحتى في الدول التي لا تتبع هذه السياسة هناك الكثير من المواطنين الذين أصبحوا يفكرون بهذه الطريقة، وذلك تأثرا بالكثير من العوامل، منها العوامل المادية والصحية والاجتماعية وغيرها. ومن الجيد أن يقوم كل المقبلين على الزواج فتح النقاش حول عدد الأطفال الذين يود كل منهم إنجابه، والتصور العام للكيفية التي يربى الأطفال بها؛ حيث أن الاختلاف في هذه النقطة بالذات قد يتسبب في الكثير من المشكلات. ولكن قبل أخذ قرار إنجاب طفل واحد لابد من الإلمام بعيوب ومميزات هذه الفكرة، والتأكد من كونها مناسبة لشريكي الحياة. تعرفوا معنا على كل ذلك وأكثر من خلال هذا المقال.

هل إنجاب طفل واحد يكفي؟

إنجاب طفل واحد هل إنجاب طفل واحد يكفي؟

يعتمد ذلك بالطبع على ظروف الأبوين المعيشية والاقتصادية وقرارهما بالتأكيد. فهناك من يرى أنه من الأفضل الاكتفاء بطفل واحد وهذا أنسب له، كما أن هناك من لا يتقبل هذه الفكرة ويطمح لإنجاب المزيد، حتى ولو كانت الظروف غير مناسبة لذلك.

هل إنجاب طفل واحد حرام؟

هناك اختلاف بين العلماء في هذه المسألة؛ فهناك من يرى عدم جواز الاكتفاء بطفل واحد بسبب الأمور المادية، حيث أن الطفل يولد ومعه رزقه، ومن الأفضل التوكل على الله في كل شيء، واتخاذ قرار التوقف عن الإنجاب بعد الطفل الأول يقدح في هذا التوكل ويفسده. وإن كان السبب في الامتناع عن الإنجاب هو تربية الطفل الأول تربية جيدة، فالأفضل تأجيل الإنجاب لبعض الوقت حتى يأخذ حقه من الرعاية. وهناك رأي آخر يقول بأنه طالما كان قرار إنجاب طفل واحد أو حتى عدم الإنجاب مشتركا بين الزوجين وكلاهما موافقين عليه فلا حرج في ذلك.

سلبيات إنجاب طفل واحد

كما هو الحال في كل شيء حولنا، هناك سلبيات وإيجابيات لإنجاب طفل واحد. والسليبات نوردها فيما يلي:

شعور الطفل بالضغط ممن حوله

فالكل يتوقع منه التفوق والتميز في جميع النواحي والمجالات. ولم لا يكون نابغة وهو الطفل الذي يحظى على جل اهتمام أبويه ووقتهما ولا يوجد هناك أطفال يقتسمون كل ذلك معه؟ والواقع أنه ليس بالضرورة أن تصل قدرات هذا الطفل لما يرضي أبويه والمحيطين به.

التدليل الزائد والاعتماد على الأبوين في كل شيء

حيث أنه منذ مولده وهو يستحوذ على جل اهتمامها ووقتهما. والأبوين بفطرتهما قد يقوما بحمل الكثير من الأعباء عنه، فلديهما الوقت الكافي للقيام بذلك.

فقدان الطفل للكثير من السمات الشخصية التي يتمتع بها الطفل الأكبر

ومن أهم هذه السمات هي كونه قياديا وقدوة لإخوة صغار. وهذا يجعله يقوم فقط بدور المتلقي ولا يوجد حوله من يحاول إثبات ذاته معهم.

وضع الطفل الوحيد في قالب نمطي

بحيث يتعامل معه الناس وهم موقنون بأنه يحمل بعض الصفات التي تميز الطفل الوحيد. وجميع هذه الصفات سلبية، ويأتي على رأسها كون الطفل شقيا انتهازيا مدللا بزيادة لا يمكنه الاعتماد على نفسه، إلى غير ذلك مما يعلق في ذهن الناس بشأن الطفل الوحيد.

مميزات إنجاب طفل واحد

تحدثنا في الفقرة السابقة عن سلبيات إنجاب طفل واحد بشكل مفصل. وبالنسبة للإيجابيات فهي كالآتي:

الاستقرار النفسي الدائم للطفل

حيث أنه يتمتع بحب وحنان والديه ويتعلق بهما كثيرا ولا يوجد ما يهدد صفو حياته، بعكس الطفل الذي يجد حوله إخوة يقتسمون حنان والديهم ووقتهم، وهم بالتأكيد يعانون من مشاعر الغيرة والتنافس داخل المنزل.

عدم وجود أعباء مادية كبيرة على الأبوين

حيث أن وجود أكثر من طفل داخل الأسرة يحتاج للكثير من المصاريف التي تبدأ مع بداية الحمل وتتزايد كلما كبر الأطفال. والأبوين الذين لديهم أكثر من طفل لا يكادان يفكران بنفسيهما ولا يمكنهما التمتع بقضاء إجازة ينفصلون بها عن هموم الحياة.

حصول الطفل على جل وقت الأبوين واهتمامهما

وهذا بالطبع له تأثير إيجابي عليه؛ فأي وقت يقضيه الأبوين مع طفلهما وأي مجهود يبذلانه في تربيته يعود بالثمار الكثيرة عليه في الحاضر والمستقبل. ولذا نجد الطفل الوحيد في الغالب متفوقا لأن والديه يقوما بتنمية مهاراته ويهتمان به جيدا.

تعود الطفل على تحمل المسؤولية منذ سن صغيرة

فالطفل الوحيد لا يجد حوله من يمكن إلقاء المسؤولية واللوم عليه. وإذا ارتكب شيئا سيئا فلا يمكنه الِإلقاء به على غيره.

وجود صلة قوية تربط الطفل بأبويه

فهما يقضيان معظم وقتهما معه ويدرسانه جيدا، وبالتالي هما يعرفان جيدا جوانب شخصيته ويمكنهما التعامل معه بالطريقة التي تناسبه ويعرفان ما يسره وما يحزنه وما هي احتياجاته، وهكذا.

اتصاف الطفل الوحيد ببعض الصفات الإيجابية

فالمعروف عنه أنه يكون منظما للغاية، ينظم وقته ويكتب مهامه ويرتب أولوياته.

تقليل حجم الإجهاد والإنهاك على الأبوين

حيث أنه مع وجود طفل واحد بالمنزل لا تكون هناك الفوضى التي يحدثها مجموعة أطفال. وهذا يساعد الوالدين على أن يكونا أكثر هدوء وصبرا وأكثر بعدا عن الضجيج والفوضى.

إنجاب طفل واحد في الصين

قبل عدة سنوات من الآن استمرت دولة الصين لعدة عقود في انتهاج سياسة إنجاب طفل واحد ، حيث كانت ترى أن هذا يصب في مصلحة البلاد ويساعد على تنمية اقتصادها وتخفيف العبء عليها. ولكن منذ ثلاث إلى أربع سنوات تغيرت هذه السياسة، حيث اتضح أن هناك تأثيرا سلبيا على المجتمع جراء السياسة القديمة، وهو قلة عدد الشباب وزيادة نسبة الشيخوخة، مما كان له بالغ الأثر السلبي على المجتمع والدولة ككل. وأصبحت الصين تنادي بإنجاب المزيد من الأطفال من أجل الدولة نفسها، غير أن كل هذا لم يلاقي صدى كبيرا، واعتبر المواطنون هذا الأمر تطفلا من قبل الدولة. وتحول الأمر لأزمة وأصبح إنجاب المزيد من الأطفال حاجة ملحة، حتى لا تتأثر الدولة واقتصادها بشكل كبير. والآن هناك بعض الإجراءات التي تتخذها الصين من أجل تشجيع المواطنين على الإنجاب، مثل تمديد إجازة الأمومة وتقديم حوافز مالية مكافأة لإنجاب المزيد من الأطفال وإعفاء من الضرائب لبعض الوقت.

شخصية الطفل الوحيد

إنجاب طفل واحد شخصية الطفل الوحيد

غالبا ما تكون هناك صفات إيجابية وأخرى سلبية لدى الطفل الوحيد. ولكن الشائع في مجتمعاتنا أنه يكون مدللا بشكل مفرط، وبالتالي فهو يعاني من الانطوائية ولا يمتلك القدرة على الانخراط في المجتمع، لأن أبويه يقومان بالكثير من المهام بدلا عنه ولا يعطونه الفرصة للتعامل بنفسه. كذلك قد يكون الطفل الوحيد أنانيا، حيث أنه اعتاد منذ الصغر على الحصول على كل ما يبتغيه ولا يمكنه تقبل فكرة الحرمان من شيء ما أو عدم الحصول عليه. وهناك بعض الطرق التي تساعد على تربية الطفل الوحيد، بحيث يصبح شخصية سوية لا يعاني من هذه المشكلات أو غيرها، وأهمها ما يلي:

  • تقبل فكرة إنجاب طفل واحد لو كانت هناك أسباب قهرية لذلك والاقتناع بالفكرة لو كانت قرارا من قبل الأبوين وعدم الالتفات إلى ما يقال هنا وهناك، فالناس حتما سيتكلمون بشكل سلبي عن الطفل الوحيد وسيتوقعون منه أن يكون في غاية السوء وسيتنبؤون بأن أبوية لن يستطيعا تربيته تربية حسنة ولن يمكنهما السيطرة عليه. وهنا لابد من وجود الارتياح النفسي للفكرة حتى لا تنتقل أي مشاعر سلبية أو توتر إلى الطفل نفسه.
  • مساعدة الطفل على التواجد في وسط جماعات من الناس، سواء كانوا أفراد العائلة أو زملاء بالنادي أو المكتبة، ودفعه إلى تكوين علاقات اجتماعية وصداقات، حتى لا يصبح انطوائيا لا يمكنه الانخراط في المجتمع والاختلاط بالناس.
  • تعليم الطفل كيفية المصادقة بطريقة صحيحة؛ فهو لن يتقبل الأسلوب المباشر، كأن يقال له صاحب فلان أو لماذا لا تصاحب فلان. والأفضل بدلا عن ذلك هو أن تدعو الأم الأطفال للخروج معها وطفلها أو تصادق أسر هؤلاء الأطفال، حتى يتعلم الطفل من خلال ما يراه كيف تكون أصول الصداقة.
  • التعامل مع الطفل وكأن له إخوة آخرين وتعمد عمد توفير كل ما يطلب له، حتى لا يعتاد على ذلك، فلا يتقبل فكرة حرمانه من شيء ما، ويستسهل كل شيء ولا يشعر بقيمته.
  • توطيد العلاقة مع الطفل وإشعاره دوما بالحب والأمان، تعويضا له عن افتقاد الإخوة، فهو يحتاج للتحدث مع أحد المقربين ولابد من وجود من يتقرب منه ويتفهم احتياجاته.

والخلاصة أن فكرة إنجاب طفل واحد لها مميزاتها وعيوبها، والطفل الوحيد له من الصفات ما هو جيد كما أنه قد يتصف بعكس هذه الصفات. وكل ذلك يعتمد على أسلوب التربية الذي يتبعه الأبوان، لا على ترتيب الطفل داخل الأسرة أو كونه وحيدا أم لا.

سارة الدالي

مترجمة وكاتبة، تخرجت في كلية اللغات والترجمة الفورية بجامعة الأزهر الشريف. محبة للقراءة والكتابة في جميع المجالات، وخاصة مجال الرواية.

أضف تعليق

ثلاثة عشر + ثلاثة =