تسعة
الرئيسية » كمبيوتر وانترنت » أنترنت » إنترنت الأشياء : كيف أسهم دخول الإنترنت في حياتنا في تغييرها بالفعل ؟

إنترنت الأشياء : كيف أسهم دخول الإنترنت في حياتنا في تغييرها بالفعل ؟

إنترنت الأشياء يطلق على ذلك الاتجاه الحديث الذي يعمل على إدخال الإنترنت في كل مناحي حياتنا، وسواءً أردنا أم أعرضنا، المستقبل للإنترنت ولتطبيقاتها المختلفة.

إنترنت الأشياء

إنترنت الأشياء تقتحم حياتنا، هذه حقيقة لا ينكرها أحد، فهل لاحظت بدء اختفاء عدة أجهزة يستخدمها الناس منذ عقود، على سبيل المثال: الهاتف الأرضي، والمنبه الذي يوقظك كل صباح للعمل، والمفكرة الورقية التي تدون فيها المواعيد الهامة، والخرائط التي تستخدمها للملاحة في البر والبحر، وأجهزة الألعاب اليدوية، وأجهزة الراديو وأشرطة الكاسيت، وأجهزة الفيديو، والبريد الورقي؟ كل هذا وغيره تم استبداله بعدة برامج على الهاتف المحمول، لكن التطوير المستمر لم يتوقف عند هذا الحد، فالثورة المعلوماتية والتكنولوجية الآن بدأت عصر جديد، يسمى عصر إنترنت الأشياء الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، دون تدخل البشر، بحيث تقوم الأجهزة الإلكترونية المثبتة في عدة أماكن بالكشف عن حالات معينة مثل: اشتعال النيران، فتبلغ شرائح إلكترونية أخرى، فتقوم تلقائيًا بمعالجة الأمر مثل: إطلاق مضخات المياه حتى ينتهي الحريق.

إنترنت الأشياء ودورها الكبير في حياتنا

خطوات العمل

يعتمد إنترنت الأشياء بصفة أساسية على خطوتين، الأولى منهما هي جمع المعلومات، في التو واللحظة، عن طريق أجهزة استشعار مثبتة داخل المنازل والشوارع وأماكن العمل وغيرهم، وتحدد هذه الأجهزة حالة المكان عن طريق أجهزة قياس مثل: قياس حالة الطعام داخل الثلاجة وكميته، أو قياس عدد الأفراد داخل غرفة ما. تعتمد الخطوة الثانية على اتخاذ القرار بعد وصول المعلومات مثل: إبلاغ المتجر بإرسال طعام جديد؛ لتعويض النقص في الثلاجة، وخصم قيمته من رصيد البنك، ويتم إبلاغ المستخدم بكل ما يجرى في تقرير يرسل على هاتفه.

جهاز تحكم واحد

يعتمد إنترنت الأشياء على التحكم في الأجهزة المحيطة من خلال جهاز واحد، سواء كان الهاتف المحمول أو الحاسب الآلي أو غيرهما، فنظرة واحدة لجهاز التحكم عند الاستيقاظ من النوم، تعطيك معلومات عن حالة المنزل والعمل، وبلمسة واحدة على الشاشة، يقوم جهاز “كلوفر” بإعداد قهوتك المفضلة، قبل النزول من المنزل.

يمكنك كذلك قراءة تقريرًا عن حالة طفلك في السرير، وتعديل وضعه في الفراش، إذا تطلب الأمر، باستخدام جهاز “ميمو كيمونو”، أثناء وجودك في العمل. لمسات خفيفة على شاشة هاتفك تكفي لتشغيل برنامج محدد في الغسالة عن بعد، ولتحريك السيارة من الجراج حتى تنتظرك أمام باب المنزل، ولتشغيل جهاز التكييف قبل وصولك للعمل.

في عام 2015، قامت شركة (تسلا) بتصميم سيارة كهربائية باسم موديل “إس” يتحكم بها المالك عن طريق تطبيق على الهاتف المحمول والإنترنت، بحيث تضبط درجة الحرارة داخلها، ويتم شحنها بالكهرباء في مواعيد محددة، ويسجل عليها الأماكن التي يريد الذهاب إليها لتقوده تلقائيا، بدون لمس عجلة القيادة.

هناك تطبيقات أخرى، تتحكم في مواعيد ري النبات، وكهرباء المنزل، وشدة الإضاءة، وقياس نبضات القلب قبل وبعد أداء التمارين، وقياس نسبة السكر، وتقديم الطعام المناسب للحيوانات الأليفة وغيرها من الأمور الحياتية.

مخاوف بشرية

على الرغم من سهولة الحياة في ظل إنترنت الأشياء والأجهزة المتصلة به، إلا أن الأمر يتطلب صيانة وتطوير باستمرار؛ للتغلب على أي مشاكل أو عقبات تظهر فجأة. أبرز مثال على ذلك، الحادثة الشهيرة في روسيا، عندما أظهرت أجهزة الاستشعار أن الولايات المتحدة تستعد لهجوم نووي، وبالتالي قامت روسيا على الفور بإخراج أسلحتها النووية هي الأخرى، ولولا انتباه أحد الضباط الروس لخطأ الأجهزة؛ لقتل الملايين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

الأمر الأخر الذي يستدعي الحذر، هو أن أبسط خطأ في قراءة وتقدير هذه الأجهزة أثناء قيادة السيارة، أو تشخيص الحالة، أو تناول جرعات الأدوية للمرضى؛ سيؤدي لحدوث حالات وفاة. ثمة أمر أخر يثير القلق، وهو أن التحكم الصوتي في إنترنت الأشياء يعتمد على اللغة الإنجليزية فقط حتى الآن، وترجمة بقية اللغات ليست على مستوى الدقة المطلوبة، ولا تسمح بتواصل فعال مع هذه التقنية، خاصة مع تعدد اللهجات المحلية، مما يجعل المستخدمين في البلدان الأخرى، ومنها العربية، يواجهون مشاكل في التعبير عن رغباتهم لهذه الأجهزة.

تتمثل المخاوف الأخرى في قدرة الهاكرز في اختراق هذا التقنية، والعبث بها لصالح حكومات أو مؤسسات أو جماعات محددة، مما سينتج عنه شلل كامل للحياة البشرية الحديثة، أو تخريب دول بعينها للتأثير على اقتصادها، والذي يرجح هذا الأمر بشدة، هو أن كبرى الشركات العالمية تخترق خوادمها كل يوم، رغم وجودها في السوق منذ عشرات السنين. بالطبع لا يتحمل أحد أن يتحكم غيره في منزله، ودرجة حرارته، وإضاءته، أو أن يسرق سيارته الخاصة عن بعد.

الإنسانية إلى أين؟

ساعد التطور التكنولوجي إلى حد كبير في توفير الوقت والجهد وزيادة الإنتاج، لكن هناك جوانب سلبية لاعتماد البشر على الآلة في كل شيء، فالإنسان يفقد الكثير من مهاراته عند الاعتماد على الآلة وأجهزة التحكم عن بعد، فعلى سبيل المثال: قيام إنترنت الأشياء بتحريك السيارة وقيادتها آليًا، يعني على الجانب الأخر، فقدان الإنسان لمهارة القيادة، وكذلك اعتماد ربة المنزل على إنسان آلي لتحضير الطعام، يعني كذلك فقدانها لمهارات الطبخ.

بالإضافة لما سبق، كثرة الخدمات التي يقدمها الإنترنت للإنسان، تقلل وتضعف من العلاقات الاجتماعية والعاطفة بين البشر، ويظهر ذلك بوضوح في تأثير مواقع التواصل الاجتماعي. يمتد الأمر لتحديد هذه الأجهزة لأذواق المستخدم، فمثلًا تمنع شركة “إتش بي” العملاء من استخدام أحبار أخرى لطابعتها، وتجبر شركة “كيورج” مستخدمي جهاز صانع القهوة من احتساء نوع واحد فقط من القهوة تنتجه الشركة، ويتوقف الجهاز عن العمل عند استخدام أي نوع أخر.

علاوة على ذلك، يحذر علماء الاجتماع من زيادة قدرات الدول العظمى في التحكم في الدول النامية، التي لا تمتلك قدر كاف من تكنولوجيا إنترنت الأشياء الحديثة، فحتى إن كان العلم يظهر لنا الوجه الإنساني له خلال المؤتمرات العلمية والإعلان عن الأجهزة الحديثة، لكنه يظهر لنا الوجه القبيح على أرض الواقع، وشر مثال على ذلك، تحديد التكنولوجيا لأماكن تجمع العدو، وتوجيه طائرة بدون طيار لقصفها، وغالبًا ما تكون النتيجة لهذا القرار، هي قصف المدنيين، مما دعا منظمات حقوق الإنسان لمحاولة تجريم هذا النوع من الطائرات؛ لإنقاذ الإنسان من شر التفكير الإلكتروني.

تأثير إنترنت الأشياء على الصحة

نجح العلماء في اختراع إنسان آلي، يقوم بالعمليات الجراحية بأكملها دون مساعدة من أحد، وهو تطور عظيم بلا شك، حيث لا تستطيع يد الجراح الوصول لعدة أمكان بنفس الدقة، ويرجع ذلك لامتلاك الجراح الآلي عدسات مكبرة؛ تساعده على الوصول لأصغر الأماكن، ويمكنه الاستمرار في إجراء العمليات الجراحية لفترة طويلة دون الشعور بالإجهاد مثل الجراح البشري. على جانب أخر، ساهمت التكنولوجيا الحديثة في زيادة أمراض السمنة والأمراض المرتبطة بها مثل: الضغط والسكر والقلب؛ بسبب قلة المجهود الذي يبذله الإنسان، وجلوسه لفترات طويلة أمام جهاز التحكم؛ لتوجيه العقل الإلكتروني للقيام بالأدوار مكانه.

في الختام، لا مفر من اعتماد الإنسان على التكنولوجيا الحديثة، وأن كانت هناك محاذير أخلاقية وطبية يجب الأخذ بها في الاعتبار؛ لتلافي الأضرار والسلبيات المتوقعة، فالعالم أصبح اليوم أكثر تعقيدًا مما سبق، ولا يستطيع الإنسان التخلف عن جيرانه والحياة المحيطة به، ولعل ذلك يفسر شراء شركة جوجل العملاقة شركة صغيرة مثل “نسيت” بمبلغ 3.2 مليار دولار عام 2014، ويفسر أيضًا زيادة عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت إلى 6.4 مليار عام 2016، أي بزيادة قدرها 30% عن العام السابق، فالأرباح المتوقعة في المستقبل من صناعة إنترنت الأشياء والأجهزة المتصلة بها، تتزايد كل يوم.

محمد محمود

حاصل على ماجستير في العلوم، تخصص كيمياء.

أضف تعليق

ثلاثة × 2 =