تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » إدارة المناظرات : كيف تدير مناظرة بين شخصين أو أكثر ؟

إدارة المناظرات : كيف تدير مناظرة بين شخصين أو أكثر ؟

إدارة المناظرات هو فن يحتاج إلى شخص قادر على الخروج بالمناظرة بشكل مشرف ومثمر، في هذه السطور نتعرف على أساسيات إدارة المناظرات بين الأشخاص من الألف للياء.

إدارة المناظرات

إن إدارة المناظرات فن يحتاج إلى شخصية قوية لديها المهارة وحسن التصرف؛ لأنه قد يقود إلى نجاح المناظرة أو إلى فشلها، وفن المناظرة من أشكال الخطاب والحوار العام الذي يعتمد على المواجهة الكلامية البلاغية بالحجج والبراهين والأدلة بين فريقين حول إحدى القضايا أو الموضوعات المطروحة، ويتم الحوار في المناظرة تحت إشراف حكم أو رئيس للمناظرة مسئول عن إدارة الحوار، وهي تعتبر من الأساليب التربوية التي لها تاريخ عريق ويهتم بها علماء التربية حديثا، فلم يعد فن المناظرات قاصرا على طلبة المدارس فقط بل أصبحت الحاجة ملحة إليه على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية، فنجد المناظرات تتم بين السياسيين وغيرهم على شاشات التلفاز وفي جميع أنحاء العالم خصوصا دول العالم المتحضر، ومن خلال هذا المقال نلقي الضوء على معنى المناظرات وتوزيع الأدوار في المناظرات وكيفية إدارة المناظرات ثم آداب الحوار في المناظرات.

إدارة المناظرات من الألف للياء

لمحة عن المناظرات وأنواعها

إن علم المناظرة عربي الأصل يهتم بقواعد الحوار والجدال التناظري وشروطه بقصد الاستماع إلى الأدلة والبراهين لكلا الفريقين والوصول إلى نتيجة في نهاية الحوار، وقد شهد التاريخ العربي العديد من المناظرات في القديم والحديث، في الاصطلاح فالمناظرة تعني: (مناقشة أدبية بين فريقين أو أكثر، لكل فريق رأي مختلف يدافع عنه بالأدلة والبراهين المنطقية التي تثبت وجهة نظره) ومن الواضح أن كلا التعريفين يتفقان في المعنى، وتنقسم المناظرات إلى نوعين:

  • مناظرات خيالية: وهي تعتمد على الخيال من خلال استقصاء وجهتي نظر مختلفتين حول موضوع معين دون أن تنعقد مناظرة واقعية لذلك.
  • مناظرات حقيقية: وهي تكون من خلال إدارة المناظرات بأسلوب منظم بين فريقين أو أكثر يتبنون وجهات نظر مختلفة، ويقوم كل فريق بالدفاع عن رأيه بشتى الوسائل والبراهين مفندا أدلة الفريق المقابل، ويتم تبادل الحوار بأسلوب منظم حتى الوصول إلى رأي نهائي.

توزيع الأدوار في المناظرات

إن المناظرة الناجحة هي التي يتم توزيع الأدوار فيها بمهارة واختيار الأفراد حسب قدراتهم، وفيما يلي الأدوار التي يتطلب توزيعها حتى نضمن نجاح تلك المناظرة:

1- رئيس الجلسة: وهو المدير المسئول عن إدارة المناظرات ؛ حيث يحدد موضوع المناظرة وعرض الفكرة على الجمهور، وهو الذي ينظم الحوار ويضع قواعده بين المناظرين، ويجب أن يتصف رئيس الجلسة بالحكمة والذكاء وقوة الشخصية مع القدرة على اتخاذ القرار والوصول إلى الحكم النهائي واحتواء الخلافات التي قد ينتجها الحوار، ويشترط أن يكون على علم واسع بموضوع المناظرة؛ حتى لا تخدعه المعلومات الوهمية التي قد يقدمها أحد المناظرين.
2- أطراف المناظرة: ويتم اختيار أطراف المناظرة بموافقة رئيس الجلسة، وقد يكونون طرفين أو أكثر، ويشترط فيهم الإعداد الجيد للمناظرة مع الالتزام بآداب الحوار أثناء إدارة المناظرات .
3- الجمهور: يعتبر طرفا من أطراف المناظرة، ولكنه لا يتدخل إلا حينما يسمح له رئيس الجلسة بذلك، كما يحظر عليهم المناقشات الجانبية حتى وإن كانت ذات علاقة بموضوع المناظرة.
4- المقوم: وهو الذي يساعد رئيس الجلسة في إدارتها؛ حيث يجهز الوسائل التي يقاس بها قدرة المناظرة على تحقيق الأهداف المرجوة منها، كما يقوم بتسجيل الملاحظات وتجميع البيانات من الجمهور والوصول إلى النتيجة النهائية حول مدى تأثر الجمهور بالمناظرة.

تنظيم وإدارة المناظرة

عند الرغبة في تنظيم مناظرة معينة تقوم الجهة المنظمة للمناظرة بالخطوات التالية حتى تنجح في إدارة المناظرات بمهارة:

  • تحديد موضوع المناظرة: حيث يتم اختيار موضوع مثير للجدل أو أحد الأحداث العامة التي تهم الجمهور سواء كان الموضوع تاريخيا أو دينيا أو اجتماعيا أو رأيا سياسيا بحيث يحظى باهتمام الجمهور؛ فيجد صدى لدى الجميع.
  • اختيار رئيس الجلسة (المناظرة): كما قلنا سابقا فرئيس الجلسة عليه دور كبير في نجاح أو فشل المناظرة؛ لذلك يجب أن يتصف بالذكاء والحكمة وحسن التصرف والقدرة على إدارة الحوار بمهارة مع الإلمام بجوانب المناظرة ليتمكن من الخروج بحكم نهائي في النهاية دون أن ينخدع بحجج أحد الفريقين.
  • تحديد أطراف المناظرة: وكما سبق أن ذكرنا قد يكونون طرفين أو أكثر بشرط الالتزام بآداب الحوار.
  • تحديد الجمهور: من المهارة في إدارة المناظرات أن يتم تحديد الجمهور المستهدف الذي تعرض أمامه تلك المناظرة؛ حيث يجب أن يكون الجمهور من المهتمين بموضوع المناظرة، كما يجب أن يكون على وعي بجوانب
  • الموضوع؛ حتى يستطيع أن يحكم على المناظرين إذا طلب منه ذلك.
  • المكان المناسب: كذلك يجب اختيار المكان المناسب الذي سوف تعقد فيه المناظرة سواء في جامعة أو مدرسة أو نادٍ رياضي أو مسرح ثقافي أو مسجد أو غير ذلك على حسب الجمهور المستهدف والموضوع الذي تم تحديده.

آداب الحوار في المناظرات

1- التركيز على موضوع المناظرة: يجب على المناظرين التركيز على موضوع المناظرة والفكرة دون تحويل الاختلاف في الرأي إلى خلاف شخصي؛ لذلك لا يجب تخطئة الفريق المقابل بل يجب تخطئة حجتهم فقط، فالهجوم والدفاع يكون على الفكرة والحجة وليس على الأشخاص، كما يشترط أيضا عدم تحويل الحوار إلى مشاجرة من خلال الكلمات النابية واحتقار المناظر الآخر.
2- التفريق بين الرأي والحجة: أثناء إدارة المناظرات يجب أن يفرق المناظر بين رأيه وحجته، فالحجة تكون بدليل ثابت أما الرأي فلا يحتاج إلى دليل أو برهان.
3- طلب الحق: يجب أن يكون المناظر طالبا للحق، فإذا ظهر الحق على لسان الفريق الآخر قبله دون تردد أو مكابرة مع التسليم للخصم بالنقاط التي في جانبه؛ فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها.
4- محاولة كسب النقاط: إن كسب المواقف والنقاط باستخدام العبارات اللينة والتناظر مع الآخرين بأسلوب حسن؛ فهذا قد يكون له كبير الأثر في السيطرة على قلوب الجمهور وضمان وقوفه إلى جانبه.
5- توثيق الحجج: لكي تنجح في إدارة المناظرات عليك أن تطلب من المناظرين توثيق الدلائل والحجج التي يبرهنون بها على صدق فكرتهم بالتواريخ والأرقام ومصادرها.
6- لا للتعميم: يجب أن يبتعد المناظرون عن الأحكام العامة والعبارات المفتوحة مثل: مطلقا ودوما وكثيرا ومعظم وغير ذلك، ويفضل استخدام الكلمات المحددة الواضحة المدلول.
7- الواقعية والحكمة: من آداب التناظر أن يلتزم المناظرون الواقعية والحكمة؛ فلا يبحث عن الفوز في جميع الجولات؛ فقد ينتصر في المعركة مَن لم ينتصر في جميع جولاتها.

إن تعلم فن المناظرات وكذلك إدارة المناظرات من أهم العلوم التي يجب أن يتعلمها أبناؤنا في الوقت الحاضر؛ ليتمكن كل منهم من التعبير عن وجهة نظره حول موضوع محدد بطلاقة مع احترام الرأي الآخر والقدرة على إدارة الوقت وتحمل المسئولية وكذلك التواصل مع الآخرين، كما أن المناظرات تعطي الإنسان القدرة والمهارة في التأثير على الآخرين ودحض حججهم بالأدلة والبراهين، ولا ننسى أن المناظرات هي السبيل لاحترام عقول البشر، وقد استخدمت المناظرات قديما في السياسة والأمور الدبلوماسية التي تخدم المجتمع، والآن تستخدم بالإضافة إلى ذلك كأداة تعليمية تساعد على الإبداع والنقد البناء القائم على الأدلة والبراهين، وبعد أن تطرقنا إلى تعريف المناظرات في هذا المقال تحدثنا عن تنظيم الأدوار في المناظرات و إدارة المناظرات وكذلك آداب الحوار في المناظرات، وذلك في محاولة لإلقاء الضوء حول هذا المجال آملين أن يأخذ طريقه إلى عقول أبنائنا مرسخا لديهم قيمة الحوار وأهمية احترام الرأي الآخر.

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.

أضف تعليق

أربعة + خمسة =