تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » أوبرا وينفري : عندما تصبح قسوة الحياة سر النجاح والشهرة والتفوق

أوبرا وينفري : عندما تصبح قسوة الحياة سر النجاح والشهرة والتفوق

بالتأكيد سمعت من قبل عن أوبرا وينفري مقدمة البرامج الأمريكية الشهرية، لكن هناك الكثير من جوانب حياة أوبرا وينفري ربما لم تسمع عنها من قبل.

أوبرا وينفري

كم من قصصٍ سمعت عنها كان أصحابها في القاع قبل أن يجدوا لأنفسهم موطئ قدمٍ يقفون عليه ثم يدفعون بأنفسهم بقوةٍ نحو القمة، أوبرا وينفري مثال بليغ لذلك، كم تعرف من أشخاصٍ كان الفشل والألم والخسارة والانكسار سر نجاحهم فيما بعد ووصولهم لأماكن لم يصل إليها مرفهون وسعداء وأشخاصٌ لم يتعرضوا لتلك العقبات التي تعرض لها هؤلاء الناس، هناك قاعدةٌ تقول لك أن فاقد الشيء لا يعطيه لكن تطبيق تلك القاعدة على النفس البشرية ليس أمرًا صحيحًا لأنك دائمًا ما تجد الإنسان الذي فقد الشيء هو أكثر الأشخاص عطاءً له لأنه عرف مرارة فقده وألم الحرمان منه.

هذه المرة تأتي قصة الطريق الوعر من المعاناة وحتى النجاح الساحق الذي لم يستطع أحدٌ مجاراته على هيئة أوبرا وينفري صاحبة الثورة الفكرية وملايين أيادي المساعدة التي امتدت في أنحاء العالم لتصنع من ماضيها وألمها الذي ما يزال جرحًا مفتوحًا في قلبها نبع عطاءٍ وخيرٍ تسقي به كل من ظنّ أن العالم انتهى به وأنه لن يجد أحدًا يسمعه أو يشعر بألمه مهما حدث، من وسط عتمة طريقها هي صنعت من قلبها نورًا أضاء عتمة طرق أناسٍ آخرين.

تعرف على قصة حياة أوبرا وينفري

البداية طفولةٌ قاسية

جاءت أوبرا لهذا العالم لأبوين صغيري السن وغير متزوجين عاشا حياةً مرعبةً من الخلاف والشجار والفقر والحاجة والانفصال ولم يكونا قادرين على تحمل مسئولية نفسيهما وتحمل مسئولية طفلتهما الصغيرة ومع ابتعاد والدها للخدمة العسكرية انتقلت أوبرا للحياة مع جدتها التي لم تكن بحالٍ ماديةٍ أفضل من حال الوالدين، عند بلوغها السادسة من عمرها عادت أوبرا للحياة مع أمها والتي كان فترةً عصيبةً من فترات حياتها روت أوبرا فيما بعد أنها تعرضت فيها لمشاكل كان من ضمنها الاعتداء المتكرر من أقرباء للعائلة ولم تجد يومًا من يقف دفاعًا عنها أو يساندها.

تركت أوبرا الحياة التي كرهتها مع والدتها وهربت للعيش مع والدها لتتعرض لظروفٍ أقسى وأصعب جعلت من حياتها معاناةً وألمًا مستمرين وفي سن الرابعة عشرة تقول أوبرا أنها كانت المرة الأولى التي تدرك فيها أن الطريق للنجاح تصنعه القوة والعزيمة والصمود في وجه عقبات الحياة وضرباتها وليس الاستسلام للألم والبكاء ورثاء الذات لأنه لا يؤدي في الغالب إلا لمعاناةٍ أكبر.

بدأت قوتها وعزيمتها في شق طريقها من ذلك السن الصغير وكان أول ما فعلته لتظهر إرادتها وتصنع طريقها هو الالتحاق بنادي الخطابة في مدرستها والذي ساعدها كثيرًا على صقل موهبتها في التأثير في الناس ومساعدتهم والوصول إلى حلمها الأكبر، بوصولها لعمر الثامنة عشر أثبتت أوبرا وينفري أنها تملك كلًا من الجمال والموهبة للحصول على مهنةٍ ومستقبلٍ باهرٍ في مجال التقديم التلفزيوني وأنها تملك حلمًا ستنتهز كل الفرص لاقتناصه ولن تتنازل عنه.

طريق النجاح

حصلت أوبرا وينفري بعد تخرجها من الثانوية على منحةٍ في جامعة تينيسي لدراسة التواصل والعلاقات العامة، بالرغم من أن طفولتها لم تكن سهلة ومحاولاتها للتقدم والتفوق كانت محفوفةً بالمصاعب غير المنصفة في بعض الأحيان مثل حصولها على الكره والاضطهاد لمجرد كونها سوداء البشرة ومن أصولٍ إفريقية، إلا أن عدد الذين كسبت ودهم وحبهم وقلوبهم كان أكبر من هؤلاء المعتمدين على العنصرية في نظرتهم للآخرين.

بدأت مشوارها الإذاعي والتقديم التلفزيوني وتفوقت فيه حتى ولد برنامجها الأسطوري والذي غير حياة الملايين والمسمى باسمها أوبرا وينفري ليحقق نجاحاتٍ ساحقة ويتحول من مجرد برنامجٍ تلفزيونيٍ محليٍ إلى برنامج التوك شو الأول على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية وينتشر في جميع أرجاء العالم ليصل إلى ملايين الناس ويغير حياتهم وهم جالسون في بيوتهم.

أصبح العالم كله يتحدث عنها ويتابع برنامجها بشغف وصارت حديث الصحف والمجلات ودخلت ببرنامجها ومجهودها وحسب منافساتٍ مع برامج أخرى فسطت على الساحة وأصبحت أقوى شخصيةٍ مشهورةٍ في وقتها حتى تم إعلانها كأكثر متحدثةٍ مؤثرةٍ في جمهورها على الكوكب في إحدى المجلات!

أثرت أوبرا في حياة الكثيرين بل وصل الأمر أنها غيرت مستقبل العديد منهم وساعدت الكثير من المؤسسات والفنانين وحتى الرؤساء مثل باراك أوباما، كان لها يد فضلٍ وعطاءٍ على الجميع وكما ساعدت برسم خطوات النجاح للآخرين ونجاح برنامجها نجاحًا ساحقًا أعلنت عن خطوتها الجديدة والتي انتهت بها مسيرة برنامجها لكن لم ينتهِ أثره بأنها ستطلق قناتها الخاصة المستمرة حتى اليوم.

القضايا التي تبنتها ودافعت عنها

كانت طفولة أوبرا وينفري القاسية سببًا في طيبة قلبها واتساعه وحبها لكل الناس وبثها العزيمة والإصرار في نفوسهم وإغداق عطفها وأموالها عليهم بلا مقابل ولا هدف سوى الحب الذي ملأ قلبها لعالمٍ استقبلها بالقسوة، تبنت أوبرا ملايين القضايا وكانت حلقات برنامجها تصل إلى كل الجهات وتمس كل القضايا التي بإمكانك أن تتخيلها بدايةً من الاهتمامات والهوايات مرورًا بالمواهب وقصص النجاح وانتهاءً بعملها الأعظم في مساعدتها لأصحاب الحق والقضايا على رفع صوتهم والتعبير عنها عبر برنامجها.

اهتمت أوبرا كثيرًا بالفقراء والمحتاجين واستثمرت البلايين في سبيل مساعدتهم بشتى الوسائل مثل افتتاحها أكاديميةً باسمها لتعليم الفتيات الفقيرات في جنوب أفريقيا ودائمًا ما كان تعليقها على أي شيءٍ كهذا أنها كانت فتاةً فقيرة فعرفت معنى الفقر وحاجته لكن اهتمامها بتعليم الصغار بشكلٍ خاصٍ نسبته لجدتها التي زرعت فيها حب التعليم وقيمته وجعلتها تؤمن بأنه أهم من المياه والكهرباء التي عجزت بفقرها أن توفرهما لها وبهذا اكتسبت حب ودعم الكثيرين حتى جعلت نيلسون مانديلا بنفسه يوجه كلمة شكرٍ وتقديرٍ لها.

اهتمت أيضًا بالأيتام اهتمامًا خاصًا وقدمت العديد من المساعدات لتجنيبهم التشرد وحياة الشوارع وإعادة إحساس العائلة ودفئها إلى قلوبهم، كما حازت الأمراض والحالات الصحية على اهتمامٍ خاصٍ منها خصوصًا مرض الإيدز الذي شغل الكثيرين وقضى على مئات الآلاف من الحيوات فجعلت مساعدتها على المستوى الفكري والوعيي والثقافي بشكلٍ أكبر لمنع المزيد من الإصابة به والمعاناة بتبعاته.

حياتها الشخصية

السؤال الذي يحب الكثيرون طرحه دائمًا عندما يشاهدون شخصيةً مشهورةً بتلك الطريقة وحققت تلك النجاحات كيف كانت حياتها الشخصية؟ لكن جمهورها ومحبيها وكل من عرفها ربما لم يجد فرصةً لطرح ذلك السؤال لأن أوبرا وينفري لم تفصل قط بين شخصيتها وحياتها الخاصة وشخصيتها الإذاعية والتلفزيونية وجعلت الشخصيتين امتدادًا لبعضهما البعض، وكثيرًا ما كانت منفتحةً حول حياتها الخاصة وأفكارها ومشاعرها ومشاكلها مستغلةً إياها كنقطةٍ للتواصل مع جمهورها ومساعدتهم.

من أبرز الأشياء التي كانت أوبرا منفتحةً بشأنها هو ماضيها وطفولتها وقسوة حياتها والتجارب التي قضتها بالرغم من أنها في بداية عملها لم تكن بهذا الانفتاح عن تلك النقطة لكن الوقت ساعدها على اتخاذ تلك الخطوة واستخدامها لمساعدة الآخرين، كذلك كانت صريحةً بشأن علاقاتها الشخصية والمشاكل التي واجهتها فيها واستغلت تلك المشاكل لعرض حلقاتٍ أو إيصال نصيحةٍ وفكرة ومن ناحيةٍ أخرى عبرت عن آرائها بصراحة في مجال الجمال وطبيعة جسدها الممتلئة حتى أنها ظهرت أكثر من مرة على الشاشة بدون مستحضرات تجميلٍ على الإطلاق بلا خوفٍ ولا نفورٍ من رؤية جمهورها لها بدون تجميل، كانت تلك نقطة انطلاق واحدةٍ من أهم أفكارها لدعوة الآخرين لحب أنفسهم وتقدريها أيًا كانت حقائقهم.

كانت لها قدرةٌ وقوةٌ خاصة على التأثير في الآخرين ومساعدتهم لأنها استطاعت من البداية أن تحب ذاتها وتحترمها وتؤثر فيها فظهر ما يعرف باسم “تأثير أوبرا” كمصطلحٍ شهيرٍ حول العالم يصف حركةً كبيرةً من التغير بين الناس استطاعت أوبرا أن تحققه بحلقةٍ من حلقات برنامجها أو بعضٍ من كلامها لهم.

قواعد أوبرا وينفري للنجاح

شخصيةٌ عظيمةٌ ومؤثرةٌ كهذه حققت إنجازاتٍ هائلة خلال فترة حياتها بأكملها وغيرت حياة الكثيرين عبر وجودها وحده كانت إلهامًا للآخرين وتركت خطاها أثرًا يسيرون عليه ليس تقليدًا لها أو وصولًا لما وصلت هي إليه وإنما وصولًا لأحلامهم وتحقيقًا لإنجازاتهم الخاصة، من تلك القواعد والنصائح الذهبية:

  • فكر بتأنٍ في خطوتك القادمة ولا تتهور ولا تندفع بحماسٍ بلا عقل وتسر مع التيار، دائمًا توقف لوهلة في منتصف الطريق وانظر للصورة الكاملة واسأل نفسك عن الخطوة القادمة الأفضل وادرس تبعاتها.
  • عليك أن تؤمن بنفسك لأقصى درجة لأنك إن لم تؤمن بها فلن يؤمن بك أي أحد، ثق بأنك أفضل من مجرد لحظةٍ حاليةٍ واحدةٍ من الفشل وأن حياتك بها سنين كاملة فلا تدمر مصير عقودٍ من الزمن لأجل لحظة.
  • لا تلتفت لما يقوله الآخرون عنك ولا تستسلم للفشل والإحباط اللذان سيصلان إليك من الآخرين، أنت قويٌ بذاتك فكن مؤمنًا بحلمك وابذل كل ما في وسعك لتحققه.
  • لا شيء اسمه حظ وكانت تضرب مثالًا على ذلك حياتها هي نفسها وماضيها قائلةً أن لو للحظ نصيبٌ من النجاح لما حققت هي أي شيءٍ في حياتها البائسة والتعيسة، النجاح كفاحٌ وإصرارٌ وعمل ولا دخل للحظ فيه وإنما قد تعطيك الحياة فرصًا تظهر فجأة وعليك أن تكون مستعدًا لاقتناص الفرصة لأنك إن تكاسلت ستضيع منك وتفشل.
  • إياك والخجل من أخطائك فنحن بشر ولم نخلق معصومين من الخطأ، الخطأ فرصةٌ عظيمةٌ تأتي إليك على طبقٍ من ذهب لتتعلم وتستفيد منها لتطور من نفسك وتتجنب أمثالها في المستقبل والخطأ لا يعني نهاية العالم ومصيرًا محكومًا بالفشل بل هو عثرةٌ في الطريق فتجاوزها.
  • كانت القاعدة الأولى للنجاح من وجهة نظرها أن عليك أن تطور من نفسك باستمرار متأثرةً بالفكرة التي زرعتها جدتها فيها خلال طفولتها أن العلم أساس كل شيء والجهل هو قاع النهاية والحالة الوحيدة المطلقة للفشل، تعلم وابحث وطور من نفسك واعمل على صقل شخصيتك ومواهبك وقدراتك وحسن من عيوبك لأن نجاحك في ذلك هو أول خطوةٍ ثابتةٍ ترسمها في طريق النجاح.
  • لا يوجد شخصٌ أقل أو أضعف من النجاح كلنا متساوون وكلنا متشابهون ولا فرق بيننا، كلنا سنحصل على الفرص في الحياة وجميعنا سنواجه الفشل بشكلٍ أو بآخر وأحلامنا دائمًا ستكون معلقةً بالنجاح ولا فرق بيننا يدفعنا عن حلمنا فإن كان هناك عائقٌ صلبٌ لا يتزحزح أمام أحدهم فهو ضعفه واعتقاده بأنه لا يستطيع وأنه أقل من باقي البشر.
  • جد سبب وجودك في الحياة واعرف هدفك وخطتك لأنك بدونهما ببساطة لا شيء، إن لم تكن عرفت سببك في الحياة وما ستقدمه لها ولنفسك فاجعل مهمتك الوحيدة هي إيجادك لذلك الهدف فإن وجدته ابدأ بالعمل عليه لكن لا تهم على وجهك بلا هدف لأنك ستضيع في الزحام.
  • وأخيرًا لا تسمح لشيءٍ بأن يهز ثقتك بنفسك أو بهدفك، جد لنفسك أرضًا صلبةً تقف عليها ومرساةً تجذبك وتثبتك كلما هبت عليك رياح الشك والهجوم والعوائق والفشل لأنك إن فقدت ثباتك مرة قد لا تستطيع العودة مرةً أخرى.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة