تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » أفلام الكرتون : كيف تفرق بين آثارها الإيجابية والسلبية ؟

أفلام الكرتون : كيف تفرق بين آثارها الإيجابية والسلبية ؟

لا يوجد بيت ليس به جهاز تلفاز أو أكثر اليوم، و أفلام الكرتون أصبحت واحدة من الأمور التي لا يمكن للأطفال الاستغناء عن مشاهدتها، فما السبب؟

أفلام الكرتون

أصبحت أفلام الكرتون في عصرنا الحاضر هي المصدر الأساسي للترفيه عن الطفل وقضاء وقت فراغه، حيث يلجأ الكثير من الآباء والأمهات بسبب انشغالهم إلى تشغيل تلك البرامج لأطفالهم مع تركهم أمامها لساعات طويلة دون إدراك للآثار السيئة التي تترسخ في أذهان وسلوكيات وشخصيات ومعتقدات أطفالنا فيما بعد ذلك، حيث يعيش الطفل مع هذا العالم الخيالي ويقضي معه من الوقت أكثر مما يقضيه مع أسرته، وأفلام الكرتون تعتمد على الرسوم المتحركة بالحاسوب وتركيب الأصوات مع حركاتها؛ لذلك تتجاوز الواقع وتنتقل بخيال الطفل إلى آفاق بعيدة تجذب انتباه الطفل وتسيطر على جميع حواسه، ويعود تاريخ أفلام الكرتون إلى العقد الثالث من القرن العشرين عندما ابتكرت شركات قديمة بعض الشخصيات مثل باباي وتوم وجيري وغير ذلك، ومن خلال هذا المقال يتم تناول أهم الآثار الإيجابية لأفلام الكرتون على أطفالنا وكذلك آثار أفلام الكرتون السلبية على الأطفال وأخيرا كيفية التغلب على الآثار السلبية لأفلام الكرتون.

تعرف على آثار أفلام الكرتون المختلفة على الأطفال

الآثار الإيجابية لأفلام الكرتون على الأطفال

ليس من الإنصاف أن نتهم أفلام الكرتون بأنها ذات آثار سلبية على أطفالنا فقط دون أن يكون لها تأثير إيجابي نافع، ولا شك أن هذه الأفلام يمكن أن تقدم لأطفالنا القيم والأخلاق الحميدة، كما يمكنها أن تغرس في نفوسهم بعض الصفات الطيبة كالشجاعة والكرم والأمانة وغير ذلك من السلوكيات المرغوبة وذلك بشرط توجيه محتوى مناسب لقيم ومعتقدات المجتمع الذي يعيش فيه الطفل، وفيما يلي أهم الآثار الإيجابية لأفلام الكرتون على الأطفال:

التنمية اللغوية

تعتمد أكثر شركات الدبلجة على اللغة العربية الفصحى في دبلجة أفلام الكرتون ؛ لذلك نجد انتشارا واسعا للغة العربية الفصحى وكذلك يستفيد الأطفال ثروة لغوية وتعبيرات فصيحة تترسخ في المخزون اللغوي لديهم من مشاهدة تلك الأفلام، ويظهر هذا الأثر جليا في بعض البلدان التي فقدت هويتها العربية بسبب تأثير لغة الاستعمار عليها كما حدث في الجزائر، حيث نجد أن الأطفال لديهم من المحصول اللغوي العربي الفصيح أكثر من الكبار الذين يحرصون على إدخال التعبيرات الفرنسية إلى جانب العربية، وبالتالي فإن أفلام الكرتون المدبلجة باللغة العربية الفصحى كان لها أثر كبير في تنمية اللغة العربية ونشر ثقافتها الصحيحة، وإن كانت هناك بعض الشركات التي تدبلج أفلامها باللغة العامية ولكن أكثر الإنتاج من أفلام الكرتون باللغة الفصحى.

تنمية الحس الجمالي

لأفلام الكرتون دور مؤثر في غرس القيم الجمالية سواء في كلمات الأغاني التي يستمع إليها الأطفال أو الألوان التي يشاهدها الأطفال ويعبرون عنها مع إدراك الحس والقيم الجمالية في كل منها.

تنمية حب الاطلاع

تستطيع أفلام الكرتون -إذا تم توجيهها بطريقة سليمة- أن تنمي لدى الطفل الجوانب المعرفية والثقافية من خلال ما تقدمه من برامج هادفة مدروسة وغنية بالمعلومات التي تعتبر منهجا لا صفيا لا غنى عنه للطفل من أجل تكوين شخصيته ثقافيا ومعرفيا؛ ولذلك يجب على علماء التربية الاستفادة من أفلام الكرتون في عمليتي التعليم والتعلم من خلال إنتاج وتصميم مناهج على نفس النسق الذي يستهوي الأطفال ويحظى باهتمامهم.

تعزيز بعض القيم الإيجابية

بالرغم من الآثار السلبية العديدة لأفلام الكرتون على الأطفال إلا أنها لها بعض الآثار الإيجابية ومن أهم تلك الآثار تعزيزها لبعض القيم والأخلاقيات الإيجابية الصالحة لمجتمعنا مثل حب الوطن وقوة العلاقات الاجتماعية والتعاون والأمانة وانتصار الخير ومقاومة الشر وغير ذلك من القيم المرغوبة التي تعمل بعض الأفلام الكرتونية على غرسها من خلال ما تبثه من محتوى جيد وإن كان يشوبه بعض السلبيات التي سنذكرها فيما بعد.

الآثار السلبية لأفلام الكرتون على الأطفال

لقد أصبحت أفلام الكرتون تمثل خطرا كبيرا على معتقدات وأخلاقيات وسلوكيات أطفالنا، وقد حذر كثير من الاختصاصيون من تلك التأثيرات السلبية على الطفل ومستوى ذكائه وعلى المجتمع بالتبعية أيضا، وقد ذكرت دراسة أمريكية حول العنف الناتج عن أفلام الكرتون في أربع قنوات تليفزيونية فقط حيث شوهد فيها 40 حالة انتحار، 27 معركة بالأيدي وأضعافها بأسلحة خرافية، 22 عملية اغتيال، 21 مشهد نزاع وشجار، وقد حذرت الدراسة من خطورة تأثير تلك الأفلام على مستقبل الأطفال بسبب ما تبثه تلك القنوات من هذا الكم الهائل من العنف، وفيما يلي أهم الآثار السلبية لأفلام الكرتون على الأطفال:

الآثار الصحية

إن إدمان الأطفال مشاهدة أفلام الكرتون له آثار سلبية على صحتهم سواء على المدى القريب أو البعيد، وقد أثبت العلماء أن السهر لساعات طويلة أمام أفلام الكرتون يحدث خللا في جهاز مناعة الطفل مع ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، ومن أشد التأثيرات السلبية خطورة على الأطفال هو الجلوس بشكل غير سليم مما يؤدي إلى تشوهات وآلام في الجسم والقوام عند الكبر، وذلك بالإضافة إلى خطورة العنف الذي يشاهده الأطفال ويحاولون تقليده مما يمثل خطرا شديدا على حياتهم، كما يتعرض بعض الأطفال للإصابة بالسمنة بسبب تناول الحلويات أو المعجنات والمسليات أثناء مشاهدة أفلام الكرتون.

مستوى الذكاء

إن العكوف على مشاهدة أفلام الكرتون يؤدي إلى إصابة الأطفال بالبلادة وقلة الإدراك وانخفاض مستوى الذكاء وضعف قدرتهم على التواصل الاجتماعي مع الآخرين؛ وبالتالي قلة التحصيل الدراسي وضعف المستوى التعليمي.

الفساد الأخلاقي

لكل مجتمع قيمه وأخلاقه التي يحرص على غرسها بين أبنائه والتي تتناسب مع دينه ومعتقداته وتقاليده الموروثة، وبما أن أفلام الكرتون أغلبها أجنبي لذلك فهي تحتوي على قيم وأخلاقيات لا تتناسب مع معتقداتنا وأخلاقياتنا؛ حيث نجد الملابس الفاضحة والتعري الذي يعتبر من الأمور المعهودة لديهم وكذلك العلاقات الغرامية والحب الذي يتنافى مع أخلاقنا وديننا وعاداتنا الموروثة، فعندما يصطدم الطفل بالواقع يجد شيئا مختلفا فيثور عليه محاولا التأصيل للقيم الجديدة التي تعلمها من خلال أفلام الكرتون فيحدث الصراع والتقليد الأعمى.

العنف

من الآثار السلبية التي رسختها أفلام الكرتون في مجتمعاتنا العربية السلوك العدواني من خلال تقليد مشاهد العنف والسلوكيات العدوانية التي يشاهدها في هذه الأفلام، وفي هذا الصدد يقول الدكتور ستيفن بانا: ” إذا كان السجن هو جامعة الجريمة فإن التلفاز هو المدرسة الإعدادية لانحراف الأحداث” وفي ذلك إشارة إلى دور المشاهد العدوانية في التليفزيون في تأصيل قيمة العنف وانحراف الأطفال واستعدادهم لارتكاب الجرائم، وقد أشارت إحدى الإحصاءات العالمية حول أفلام الكرتون إلى أن حوالي 27.4% منها يهتم بالجريمة والعنف والمعارك والقتال، 15% منها يدور حول الحب الشهواني والعشق، 29.6% منها يدور حول العلاقات المحرمة بين الرجال والنساء سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

العزلة والانطوائية

من الآثار السلبية التي تغرسها أفلام الكرتون في الأطفال العزلة والانطوائية؛ حيث يفضل الطفل الاستمرار في مشاهدة تلك الأفلام على الاختلاط مع الأهل، وقد يغفل الآباء مدى خطورة ذلك على أبنائهم في المستقبل؛ حيث يعجز الطفل أو يجد صعوبة في التكيف مع المجتمع الخارجي بسبب تعوده على العزلة والانطوائية.

الانحراف الفكري والسلوكي

لقد حذر اختصاصيون من خطورة التأثير السلبي لأفلام الكرتون على الأطفال فكريا وسلوكيا؛ حيث أن هذه الأفلام أعدت لمجتمعات غير مجتمعاتنا وتقاليد تختلف عن تقاليدنا، وبالتالي فهي تشكل خطرا على سلوك الأطفال ونموهم الفكري بالإضافة إلى ضياع القيم والأخلاق والتقاليد والعادات الاجتماعية واكتساب الأطفال لعادات وتقاليد وقيم مختلفة عن التي تتناسب مع مجتمعنا مثل: الرغبة في امتلاك القوة والجرأة والعنف وترديد عبارات معينة غير مناسبة لمجتمعنا والإيمان بأشياء وأفكار غريبة وخيالية تعلمها الأطفال من أفلام الكرتون مثل تعدد الآلهة وتشويه القدر والخيانة وغير ذلك.

كيف نتغلب على الآثار السلبية لأفلام الكرتون؟

تطوير صناعة أفلام الكرتون

وذلك من خلال إنتاج أفلام الكرتون المناسبة لقيم وعادات وأخلاقيات وهوية مجتمعاتنا العربية الإسلامية؛ نستطيع من خلالها غرس القيم والعادات المرغوبة، وكذلك يجب الحرص على اختيار أفلام الكرتون المناسبة لسن الطفل والتي تتسم بالواقعية وتحتوي على المواد التثقيفية المفيدة للأطفال بصفة عامة.

مراقبة وتحديد مدة المشاهدة

يجب أن يتم تحديد عدد الساعات التي يقضيها الطفل أمام أفلام الكرتون ، كما يجب توزيعها على مدار اليوم بحيث لا تزيد عن ساعتين، ولا يجب أن ننسى دور الوالدين في مراقبة المحتوى الذي يشاهده الطفل لمعرفة مدى مناسبته له مع تصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تعرضها تلك الأفلام، كما أن هناك دورا أكبر على المحطات التليفزيونية من خلال تحديد المحتوى المناسب الذي يمكن بثه للأطفال وكذلك الوقت الذي يتم البث فيه يجب أن يكون مناسبا للأطفال أيضا؛ لذلك يجب إنتاج برامج كرتونية تناسب البيئة والثقافة التي يعيش فيها الطفل.

الاهتمام بثقافة الطفل

يجب توسيع الدائرة الثقافية للطفل بحيث يجب أن تشتمل على روافد متعددة من الكتب والمطبوعات والقصص الملونة والمصورة والمطبوعات المسلية وأقراص الليزر والملتيميديا وغير ذلك من المصادر النافعة كممارسة الرياضة وألعاب الذكاء التي يجب أن نشغل الطفل بها بعيدا عن أفلام الكرتون وأضرارها على الأطفال.

اكتساب الأصدقاء

يجب تشجيع الأطفال على اكتساب أصدقاء من سن مناسبة لهم؛ حتى يمكنهم التواصل معهم اجتماعيا لتخليصهم من العزلة والانطوائية الناتجة عن إدمان مشاهدة أفلام الكرتون.

إنشاء مراكز دراسات لتنمية الطفل

يقترح البعض ضرورة إنشاء مراكز دراسات لتنمية الطفل، يشرف عليها تربويون متخصصون واستشاريون في مجال صحة الأطفال وكبار علماء الاجتماع والإعلام، حيث تعمل تلك المراكز على تنمية الطفل تربويا وأخلاقيا وصحيا واجتماعيا وسلوكيا من خلال الإشراف على جميع المواد التعليمية المقدمة للطفل وكذلك البرامج التليفزيونية و أفلام الكرتون التي تعرض للطفل، كما تقوم هذه المراكز بإعداد الدراسات والأبحاث المناسبة لترشيد البرامج المستوردة وتوضيح مدى خطورتها على الأطفال، كما يجب أن تكون لهذه المراكز السلطة الواسعة في اختيار والرقابة على المحتويات الثقافية والمنهجية المقدمة للأطفال لضمان تنشئة أجيال تلتزم بمبادئ وقيم المجتمع الذي تعيش فيه.

إن خطر أفلام الكرتون على الأطفال يكمن في عدم النضج العقلي لدى الأطفال مما يجعلهم غير قادرين على التفريق بين الواقعي والخيالي؛ وبالتالي تترك تلك الأفلام آثارها السلبية على ذهن وسلوك وقيم أطفالنا بسهولة، وبسبب تكرار السماع لها تترسخ تلك المبادئ والقيم المغلوطة لدى الطفل ثم تنعكس فيما بعد على سلوكه وتصرفاته وعلاقاته بالآخرين، كما أشار بعض خبراء التربية إلى أن بعض المؤسسات الإعلامية في الوطن العربي ساهمت بشكل كبير في التأثير السلبي على أطفالنا من خلال دبلجة أفلام الكرتون الأجنبية وتعريبها دون الاهتمام بتعريب الأخلاق الواردة بها؛ حيث كان يجب عليهم تعريب الأخلاق والقيم قبل تعريب المحتوى؛ لتناسب البيئة الثقافية والأخلاقية لأبنائنا، وقد تناول هذا المقال أهم الآثار السلبية وكيفية التغلب عليها بالإضافة إلى أننا لم نغفل الأثر الإيجابي لأفلام الكرتون في حياة أطفالنا.

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.

أضف تعليق

تسعة عشر + ثمانية عشر =