تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » أبوة وأمومة » كيف تواجه أسئلة الأطفال الوجودية والعقائدية بذكاء؟

كيف تواجه أسئلة الأطفال الوجودية والعقائدية بذكاء؟

جميعنا تواجهنا أسئلة الأطفال المقلقة حول الوجود والدين وغيرها، فهل من طريقة للتعامل مع هذه الأسئلة؟ هنا سنتحدث عن مواجهة أسئلة الأطفال الوجودية والعقائدية.

أسئلة الأطفال

سواء كنت أب أو معلم فلا ريب أن أسئلة الأطفال ستلاحقك خصوصًا بعد السنة الرابعة حيث يبدأ احتكاك الأطفال بالعالم من خارجهم أو يذهبون إلى الروضة ويبدأ محيطهم في الاتساع عن المنزل الضيق وأسس الآباء والعائلة لذلك كيف يمكنك أن تواجه أسئلة ابنك الذي بدأ بالاحتكاك بأشخاص جدد وتعلم منهم أشياء اختبر بها ضيق أفقه ووقع في الانزعاج لذلك سنتحدث اليوم عن كيفية مواجهة هذه النوعية من الأسئلة:

أسئلة الأطفال عن الله

لا ريب أن الأطفال سيتساءلون كثيرًا عن الله، كيف لا واسم الله يردد بينهم باستمرار، يسمعون اسمه أكثر ما يسمعون أسماءهم، يرجع الناس حولهم كل الأشياء إليه، فما الذي يجعلهم لا يسألون عن الله، وفي البداية يجب أن نواجه الأسئلة بصبر وتفهم، الأسئلة عن الله تكون عن مكانه، من خلقه؟ هل يلد؟ هل له أبناء؟ هل سيعذبني؟ هل يحبني؟ في البداية يجب أن لا ندخل الأطفال في متاهات وجودية وعقائدية كبيرة في البداية يجب أن يكون الله هو الأساس لأنك إن وضعت الله كمرجعية ستجده إجابة على كل الأسئلة، أولا يجب أن يفهم الأطفال بطريقة مبسطة أن الله ليس كمثله شيء وأنه ليس مثل البشر وله قدرة عصية على الاستيعاب، الحديث عن صفات الله عمومًا ستفتح آفاق الأطفال أكثر وأكثر، بالتالي يجب أن يفهموا أن الله لم يخلق، ولم يكن شيئًا موجودًا قبله، يمكن تبسيط هذه الأمور من خلال الحكايات البسيطة عن نشأة الخلق الموجودة في الكتب المقدسة، ولكن لا تترك ذيولا للأسئلة أو شيئًا لم تجب عنه، حاول الإجابة بشكل يبدو صحيحًا ومقنعًا في نفس الوقت.

أسئلة الأطفال عن الموت

للأسف تفتح وعي الأطفال عن الموت أمر حتمي ولا مفر منه خصوصًا إن وجدوه أمامهم والموت تقريبا هو الحقيقة الوحيدة التي لدينا نشعرها ونحس بها في الكون لذلك أسئلة الأطفال عن الموت حتمية ولازمة ولا يمكن أبدًا تفاديها مهما حدث، وتنشأ أسئلة الأطفال عن الموت بمجرد أن يشهدوا أول حالة وفاة ويعوها بشكل كامل وتكون أهم الأسئلة التي تقض مضجعهم: لماذا مات وأين يذهب هذا الشخص بعد الموت؟ يجب أولا حتى لا تقدم معلومات مغلوطة يكتشف الأطفال بعد فترة عدم صحتها أن تفصل بين الروح والجسد، مثلا إن كنت تربي الأطفال على تربية دينية مؤمنة أن تقول أن الروح ستذهب إلى الله عز وجل لتكون في مكانٍ أفضل أما الجسد فسوف يدفن في الأرض ثم يبعثه الله مرة أخرى في يوم القيامة وربما سنرى هؤلاء الأشخاص مرة أخرى بعد موتنا وأننا سنظل كثيرًا في الدنيا ثم سنموت مثلهم، أما إن كنت لن تربي الأطفال على التربية الدينية فيجب أن تطمئنهم حيال الموت ولا تشعرهم بكارثيته أو بمدى الألم الناتج عنه حتى لا يعيشون حياتهم بخوف.

أسئلة الأطفال الدينية

بالنسبة لأسئلة الأطفال حول الأديان إما إنهم يسألون في الدين بالفعل وفي تفاصيله وبالتالي يجب أن يكون لديك علمًا ومعرفة أو يبحثون عن أشياء حساسة وشائكة في الدين لذلك يجب أن ترد بدبلوماسية وتحاول أن تتحدث باسترسال فربما يكوّن الأطفال رؤية عامة عن الأمور من خلال تفاصيل أخرى تقولها لا تصب في جوهر السؤال ولكن تدور حوله مما يجعلهم يربطون الأمور ببعضها ويكونون رؤية متكاملة عن الأمر، أما الشق الآخر من الأسئلة الدينية فهو يتعلق بالأديان الأخرى وهذا يحدث عندما يذهب الولد إلى المدرسة ويواجه حقيقة أن هناك أشخاصًا آخرون يعيشون في الحياة على أديان أخرى بقناعاتٍ أخرى، يجب ألا تكون متحزبًا أو عنصريا تجاه الأديان الأخرى وتربي الأطفال على المحبة والسلام وقل أن الله لا يكره أحدًا ويحب جميع الناس وهو لا ينظر لعقيدة الشخص بقدر ما ينظر لعلمه فإن كان عمله صالحًا ويقوم بفعل الخيرات فإن الله سيكافئه لذلك أما إن كان يرتكب الذنوب بفعل الأعمال الشريرة فإن الله في هذه الحالة سوف يعاقبه أيًا كان دينه أو عقيدته، ونواجه للأسف في وطننا العربي عنصرية كبيرة تجاه مثل هذه الأمور حيث ينهى كل أب أو أم الأبناء عن المرافقة أو اللعب مع أطفال من عقيدة أخرى والأصح أن يقومون بتوجيههم نحو المحبة والسلام مع الشخص مهما كان دينه ومهما كانت عقيدته.

كيف تواجه أسئلة الأطفال إذا كنت معلم؟

يزداد الحمل عليك إذا كنت معلمًا، حيث لا تواجه شخصًا واحدًا بل تواجه كل الفصل متعدد العقائد والمذاهب والملل وكل طفل من هؤلاء قام والده أو والدته بتوجيهه نحو الالتزام بطقوس ومبادئ ديانته أو عقيدته أو مذهبه بالتالي هو لا يستوعب تمامًا أن هناك مذاهب وديانات عقائد أخرى وحتى إن استوعب فهو يستغرب كيف أن أصحاب الديانات الأخرى هؤلاء يثبتون على دينهم وهم يعلمون أنه خطأ حيث أفهم كل أب أو أم أبناءهم أن دينهم هو الصحيح المطلق والآخرون في باطل وضلال وهم لا يهتدون وبالتالي هم الأقرب إلى الله، طبعًا بالنسبة لك كمعلم يجب أن يُدرس للأطفال متعددي المذاهب والمعتقدات وتابعين لعقائد وديانات أهاليهم أشبه ما تكون بشخصٍ يخطو في حقل ألغام، إن لم تتحلى بالصبر والدبلوماسية اللازمة وقعت في المحظور، لذلك عليك ألا تدخل في التفاصيل الخاصة بكل دين والتي تسبب الفرقة والخلاف أو تدخل في صلب العقائد:

  1. النقاط التي تستدعي التركيز لمواجهة أسئلة الأطفال حول الأديان.
  2. نقاط الالتقاء بين العقائد حيث أن كل العقائد تلتقي على عبادة الله وعلى العمل الصالح والخيّر.
  3. إرساء دعائم المحبة بين الأطفال وعدم التمييز بين شخص أو آخر من دينين مختلفين أو السعي نحو الانتصار لدين على الآخر بل التعامل بحيادية والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأديان.
  4. التركيز على أن الله يحب من يعمل صالحا ومن يحب الناس ويعمل لأجلهم وبذلك سيجازيه خير الجزاء أما الشخص الذي يؤذي الناس ويبغضهم ويعمل أفعال شريرة هو من لا يحبه الله.
  5. التركيز على أن الله خلقنا جميعًا لنحبه ونعبده ولا خلاف على ذلك (بالطبع لن تجد تلاميذ غير متدينين في وطننا العربي) ومهما تباينت العقائد أو اختلفت فهذا كله رحمة ويدل على التسامح بين الناس ولذلك لا مشكلة في التعدد طالما أن الغاية واحدة وهي محبة الله وعبادته، ومحبة الخالق لا تتحقق إلا بمحبة مخلوقاته جميعهم.

موقف حقيقي حول أسئلة الأطفال من أديان مختلفة

وقد حدث ذات مرة بينما قمت بدخول أول حصة تربية دينية إسلامية للصف الثاني الابتدائي وكان هناك أكثر من نصف الفصل ينحدرون من عائلات مسيحية حيث فوجئت بهم يقومون ويقولون أنهم يخرجون عادة في حصص الدين الإسلامي لتلقي حصص الدين المسيحي في مكانٍ آخر، ولما كانت مُدرسة الدين المسيحي غائبة في هذا اليوم قررت أن أبقيهم معي وعدم شرح أمور تختص بالدين الإسلامي وحده والتركيز على نقاط تختص بكافة الأديان لأفاجأ بتلميذة تعترض وتقول أنها تريد أخذ حصص الدين المسيحي ولا تريد البقاء في حصص الدين الإسلامي بدأت أسألها عن الأسباب وبدت متحفظة جدًا في البداية غير أنها أشارت لتعارض بين الأساسيات وعندها أخبرتها أنه لا يوجد تعارض على الإطلاق بل هي رؤى مختلفة في الشكليات أما الجوهر الذي يختص بعبادة الله والتأكيد على المحبة بين الناس موجود وبقوة ولما كنت أحفظ آيات المحبة من الكتاب المقدس وأقرنتها بآيات متشابهة من القرآن والسنة تأكدت البنت أنه لا يوجد أي أزمة على الإطلاق وكذلك الطلاب المسلمين وعندما بدأت أحدثهم في الأمور العامة المختصة بالأخلاق والتعامل الطيب بين الناس أقروا جميعهم كلامي واستراحوا له وحتى الآن لا يوجد أي مشكلة لدى أي تلميذ من الجانبين في تقبل كلاهما طالما أنه ليس هناك خلاف جوهري بين الأديان.

لماذا تنشأ أسئلة الأطفال بشكل عام؟

مثلما قلنا من قبل أن أسئلة الأطفال تنشأ بسبب احتكاكهم بالعالم المحيط من حولهم فقبل دخول المدرسة أو روضة الأطفال لا يكون الأطفال محتكون بالعالم الخارجي بل يكونون في حضن الأسرة يتشربون عقائدها وتوجهاتها أما بعد الاحتكاك بالعالم الخارجي ورؤية أطفال آخرين وإدلاء كل طفل بدلوه حسب ما أملاه عليه أبوه وأمه يجد الأطفال تعارض في الثوابت الوجودية والدينية والإيمانية بل يجد أطفالا مثله يدينون بأديانٍ أخرى ويذهبون إلى أماكن عبادة أخرى ويقدسون أشخاصًا آخرين ويقرؤون من كتبٍ أخرى فهل هذا طبيعي؟ هنا يحدث الارتباك لدى الطفل وتبدأ تطل في رأسه علامات الاستفهام بعد أن كان مطمئنا بالحقائق التي رسخها في ذهنه والده ووالدته.

نماذج من أسئلة الأطفال وكيفية الرد عليها باختصار

من خلق الله؟

الله لم يخلقه أحد بل هو خالق كل شيء.

لماذا نموت؟

لأن الحياة ما هي إلا مرحلة من مراحل عمرنا وهناك حياة أخرى بعد الموت سنحياها وستكون أجمل من هذه الحياة؟

لماذا إذًا نحزن عندما يموت أحد أقاربنا إذا كان سينتقل إلى حياة أجمل؟

لأننا اعتدنا على تواجده معنا ويعز علينا مفارقته.

هل الله يكره من يموتون؟

لا بالعكس، هو يحبهم ولذلك أماتهم حتى ينقلهم إلى الحياة الجميلة.

لماذا يوجد أطفال من أديان أخرى؟

مثلما تحب أنت اللون الأحمر وصديقك يحب اللون الأزرق، أو مثلما تحب أنت أن ترتدي قميصًا بينما يحب شقيقك أن يرتدي معطف، كل شخص لديه ذوقه في الدين الذي يعتنقه لكن لا فرق بين الأديان إلا في الشكل فحسب لكن جوهرها جميعا هي عبادة الله.

هل الله سيذهب بنا إلى النار بعد الموت أم إلى الجنة؟

إذا قمنا بأعمال صالحة ولم نضرب أحدا أو نؤذي أحدًا فسندخل الجنة ولن ندخل النار.

كيف ولدنا؟

ولدتك من بطني/ من بطن أمك.. عندما تكبر وتصبح رجلا كبيرًا/امرأة كبيرة مثلي ستقوم/ين بالزواج بشخص من الجنس الآخر ويكون لديك أطفالا مثلي.

ما هي التصرفات السلبية التي يصدرها الآباء تجاه أسئلة أطفالهم؟

  • النهر عن الأسئلة وتعنيفهم عند توجيهها.
  • الخوض في تفاصيل أكبر من عمرهم لا قبل لهم بها.
  • استشعار الحرج تجاه بعض أسئلة الأطفال التي تتعلق بمتناقضات دينية أو بأمور تخص التناسل والأعضاء التناسلية مما يجعل الطفل يكون رؤى مشوهة عن مثل هذه الأمور أو يصبح لديه عقدة منها.

خاتمة

لا يجب أن نقلق عند مواجهة أسئلة الأطفال لأن ذلك يدل على اتقاد ذهنهم وذكاءهم ويجب أن يكون الأمر بحكمة وفطنة والتركيز على أمور يفهمها الأطفال وتفيدهم في حياتهم وتبسيط المفاهيم لهم وعدم تعقيدها.

محمد رشوان

أضف تعليق

ستة عشر − 10 =