تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » حياة زوجية » أخطاء الشجار : كيف تتشاجر مع شريك حياتك بشكل صحيح ؟

أخطاء الشجار : كيف تتشاجر مع شريك حياتك بشكل صحيح ؟

من المعلوم أن العلاقات لا تخلو من المشاكل والتي قد تتطور إلى شجار أحيانًا، لكن حتى الشجار له قواعد يجب اتباعها، إليك أكثر أخطاء الشجار شيوعًا كي تتجنبها.

أخطاء الشجار

في كل علاقة زوجية هناك شجارات ومشاحنات ناتجة عن قلة تفاهم الطرفين في أغلب الأوقات، وأكثر ما قد يدمر أي علاقة زوجية هي أخطاء الشجار التي يفعلها الأزواج دون أن يدركوا عواقبها. وإن كنت تقرأ هذا المقال عزيزي، فأعتقد أنها أول خطوة حقيقية لك في طريقك لتفادي أخطاء الشجار الواردة.

أغلب أخطاء الشجار لا تكون سببها المشكلة نفسها، وقد يكون أمر مضحك وساخر إذا فقط تكلمت فيه أو سمعت أي مشاجرة بين زوجين من بعيد. ولكنك حين تدخل داخل المشكلة لتكن أنت طرف مهم فيها ستجدها بالفعل هي القضية الأساسية. تعلم أخطاء الشجار لتتفاداها.

كيف تتشاجر بشكل حضاري مع شريك حياتك وتتجنب أخطاء الشجار ؟

أولى أخطاء الشجار أن تنسى شريك حياتك

في لحظة الغضب لا ينبته أيًا من الطرفين للأخر. بمعنى أن كل فرد يعتقد أنه المظلوم وفقط. مع أن الحقيقة قد يكون خلاف وسوء تفاهم من الطرفين وهما الاثنين جرحا بعضهما. هذه النقطة هي أكثر نقطة شائعة في أخطاء الشجار، لأن في الغضب والعصبية تذكر كلمة أنا أكثر كثيراً من كلمة أنت. الأزواج يذهبون إلى أطباء نفسين، فقط لأنه قادر على إدارة الحوار بينهما بحيث يجعلهما يدركان أن هناك طرف أخر يجب أن تفكر فيه.

من أهم ما يجب أن تفعله عزيزي الزوج أو عزيزتي الزوجة، هو التوقف للحظات قليلة ووضع نفسك مكان شريك حياتك. حاول أن تفكر بمنظوره هو قبل منظورك أنت في المشكلة. حاول تفكر في كمية الإجهاد والإنهاك المتواصل الذي يتعرض له، وهو السبب الرئيسي في الطريقة التي جرحك بها. لأن التعب يجعل العقل متوقف ويسبب مشاكل كثيرة فحاول أن تميز إن كان تعبه فقط هو سبب المشكلة. صدقني إن وضعت نفسك مكان شريك حياتك بهدوء قد تخرج بنتيجتين، الأولى أنه لا داعي للمشكلة وأنك يجب أن تمتص غضب الثاني لأنه متعب ويعاني وليس على سجيته، الثانية هو أنه حقاً معك حق ويجب أن تأخذ موقف ولكنك الآن هادئ وتعرف أصل المشكلة وسيكون كلامك متزن.

أخطاء الشجار في عدم الاستماع

أتصدق عزيزي أنك تستطيع أن تسمع وتفهم شريك حياتك وأنت تصرخ في وجهه دون هدنة، خاصة لو كانت المشاجرة بالهاتف؟! أنت لا تدرك وقت الغضب أنك لا تسمع مطلقاً ما يقول. سأشرح لك بمثال بسيط لماذا تسمع فقط الكلمات التي تجرح وقت الشجار. لو كنت في مكان خانق والدنيا كلها من حولك أصوات عالية وهناك مئات الناس من حولك يتكلمون، وفجأة ابنك أو صديقك تكلم معك وقال اسمك، فأنت بالفعل ستسمعه رغمًا عن كل تلك الضوضاء. أو يمكنك أن تفتح موسيقى وتظل قادر على التركيز في كلمات الأغنية. هكذا تماماً ما يحدث أثناء الشجار، أنت لا تسمع إلا ما تريد أن تسمعه أنت. أنت متوقع أن شريك حياتك يريد أن يؤذيك ويريد أن يؤنب ضميرك، وهذا لا يجعلك ترى الحقيقة في كلامه بل فقط ما تظن أنه الحقيقة.

تفادى هذه المشكلة يا عزيزي لأنها كافية أن تقلب الأمور رأسًا على عقب. فقد يكون الطرف الأخر يعتذر لك وعن صدق وأنت تظن أنه يستهزئ بك أو يستخف بكلامك، رغم أنه صادق في اعتذاره. في بعض الأحيان يطلب الطبيب النفسي من الزوجين كتابة رسائل إلى بعضهم البعض، وحقاً هو أمر مفيد جدًا لتفادي أخطاء الشجار. في كتابة الرسالة ستجد نفسك مركز على ما تود أن تقوله دون أي زيادة، وفي قرأتك لرسالة الأخر سيجعلك ذلك مركز على ما يود هو حقًا أن يقوله. قد تجد بعد ذلك نفسك أدركت شيء أنت لم تفهمه قبلاً، ففكر في تجربتها. وهناك طريقة أخرى أيضًا وهي بأخذ وقفة من الصراخ ويبتعد فيها الزوجين قليلاً ليأخذوا هدنة للتفكير، والفكرة هنا هو أن يعودوا هادئين وليس لبدء مرحلة جديدة من الشجار بنفس الطريقة. ولكنها قد تكون طريقة غير فعالة في بعض الأوقات بسبب الاحتياج لإنهاء الأمر وأخذ قرار متعلق بالمشكلة سريعاً، ولكنها بالتأكيد فعالة.

من أخطاء الشجار أن تحكم ولا تُعاتب

من أهم وأخطر أخطاء الشجار هو السبب الرئيسي الذي يقوم عليه الشجار من الأساس. بمعنى أن الزوج يريد أن يقول لزوجته أنها أخطئت في شيئًا ما لم يعجبه. وفجأة يتحول الحوار من عتاب إلى حكم بأبشع الأحكام الأخلاقية. أتدرك أنك تنسى سبب اختيارك لزوجتك أو زوجك من الأساس وما رأيت فيه من حسن الأخلاق والمعاملة، وتبدأ بإلقاء الأحكام عليه؟ إذًا لماذا تزوجت أصلاً من شريك حياتك إذا كنت تراه بهذه الطريقة! ما نفهمه من ذلك أن أغلب تلك الأحكام هي غير حقيقة أبدًا ونابعة فقط من الجرح في نفسيتك الذي سببته لك المشكلة. أنت لم تتزوج ملاكًا، يجب أن تدرك ذلك جيدًا. كلنا نتعلم من أخطائنا وكلنا نخطئ أكثر من مرة في نفس الفعل حتى ندرك التصرف الصحيح تمامًا، نحن بشر.

وهناك أخطاء وطبائع مهما تقدم بنا العمر فلن تتغير. من قبل الزواج يجب أن تكون متوافق مع تلك الطبائع في شريكك وإلا لا تختاره. وإن كان الوقت قد مضى على هذا الكلام فأمامك حل من ثلاثة. الأول هو عتاب شريك الحياة على نفس الخطأ والصبر عليه حتى يفهمه، وليس بالصراخ والشجار، وتشرح له كيف تؤذيه تلك القضية أكثر من مرة. والأهم من الشرح هو أن تقول له الحل المناسب لك. في بعض الأحيان يكون الطرف الأخر يرغب وبشدة في حل المشكلة والإرضاء ولكنه ببساطة لا يعرف كيفية التصرف، فيكون دورك هو إرشاده، لأن أنت من يرغب بالحل من الأساس ولا تمسك المشكلة وكأنها عذرًا لك للشجار. ثاني حل وهو التعود ومحاولة الابتعاد عن أصل المشكلة. وأنا أقول لك آسفة أن هذا في بعض الأحيان يكون الحل الوحيد. حيث لا بديل ولا حل للأزمة سوى بالابتعاد عنها ومحاولة تفاديها من قبل الطرفين، وهو حل غير عملي. الحل الثالث سيكون الانفصال، لأن العلاقة الزوجية الغير قادرة على إيجاد حلول وسط أو تقديم التضحيات من قبل الطرفين هي علاقة غير سليمة من الأساس.

الاستعداد للحرب من أخطاء الشجار

هذه النقطة تترتب عليها النقطة الماضية من أخطاء الشجار. بدون وعي كامل منك وأنت تدخل في بداية شجار، تقول لنفسك “أنا لن أتأسف مهما حصل أو مهما قال، أنا المجروح والمُهان.” كلمة “لن أتأسف” هذه خطيرة جدًا، لأنك بذلك تريد الدخول في معركة حربية على إقامة الحدود، وكأنك تتعامل مع عدو وليس شريك حياتك ووالد أطفالك. لا يوجد عيب في كونك على خطأ وتعلم أنت مع شريك حياتك أنه لا مكان بينكم لتذكر الأخطاء، بل على كل مشكلة أن تنتهي فور انتهاء الحوار ولن نعود لنتذكر أخطاء بعضنا. بدلاً من التفكير في كرامتك فكر في الحل، وإذا كنتما أنتما الاثنان تفكران بنفس الطريقة سينتهي الشجار في ظرف دقائق.

في بعض الأحيان يجب على طرف واحد فقط من الاثنين تقديم تنازل لتفادي أخطاء الشجار، كثرة تكرار هذا الموضوع غير صحي على نفسية هذا الشخص. يجب أن يكون التفاهم والتضحية والتقبل من الشريكين لأنه حمل ثقيل جداً على واحد فقط. خذ نفس العميق وفكر في السبب ودافع الأساسي الذي سيجعلك تتكلم بالعتاب مع شريك حياتك الآن، هل هو لحفظ كرامتك إذلال كرامته حتى تشعر بأنك الفائز في المعركة، أم لأنك ترى في الحوار مصلحة لك وله وللبيت بأكمله وترغب في تقديم أي تضحية أو تنازل حتى يعم الخير على الجميع؟! فكر جيداً في الإجابة وبعدها قرر خوض حوارك وليس معركتك.

في وقت الغضب يكون الكلام أصعب سلاح

هناك أسلحة كثيرة بالعالم، أما في العلاقة الزوجية فالأسلحة معدودة، ما بين الألفاظ الجارحة وبين ضرب الزوج لزوجته أو العكس في بعض الأحيان البسيطة. كلاهما مهين وغير عملي ولن يحل المشكلة بل يجعلها تتفاقم. ولكن الكلام سيظل يتردد بسمع الموجه له مهما مر من وقت، لذلك هو الأخطر. من أهم أخطاء الشجار هي أنك لا تسمع نفسك أيضاً، والغضب حقاً يعميك عما تقول. فيجعلك تتكلم دون أن تدري وأنت تضرب بذلك ألف سكين في قلب شريك حياتك، وقد لا يشفى الجرح منها أبداً. الكلمة التي تخرج من فمك لن تعود أبداً وستترك جرحاً عميقاً في شريك حياتك وهنا سيتوقف الشفاء على مدى عمق وطيبة هذا الشريك.

لا تضع نفسك في هذا الموقف بل حاول أن تفكر فيما تريد قوله قبل أن تقوله. واسأل نفسك هذا السؤال “هل هناك داعي لما أود أن أقول يختص بحل المشكلة، أم أنه سيجرح شريك حياتي لأنه حقًا يجرح من تلك الكلمة؟! بعد مرور وقت طويل من الزواج يصبح كل فردًا قادرًا على تحديد ما الذي يزعج شريكه حقًا، ويكون ذلك بمثابة الرصاص التي تطلقه من مسدس فمك، لأنك تعرف أنه يجرح وأنت ترغب بهذا الجرح، وهذا منافي تماماً لأي مبدأ نتكلم عنه هنا. أن تستفز شريكك لن يعود ذلك بالخير عليك أبدًا، تعلم ألا تتعامل مع شريك حياتك على إنه شريكك في العمل ومن يستفز الأخر ليخطئ هو المنتصر. حاول استخدام كلمات أرق وتحديد المهم في كلامك فقط، لأن في كثرة الكلام تكثر الأخطاء اللفظية الصعبة والمهينة. كلما استخدمت كلمة رقيقة وناديت شريكك بكلمات حميمة ستهدئا أنتما الاثنين وتتقبلان الكلام القادم بشكل أفضل وسيصير التفاهم أسهل. لا تطلق العنان لغضبك مثل المدفع للحرب، لأنك غالباً ستواجه بالمثل ولن يعجبك الوقوع المستمر في مثل أخطاء الشجار تلك.

من أخطاء الشجار أن تنهي الحوار قبل أن تنهي المشكلة

هذه النقطة في غاية من الأهمية ليست فقط مهمة في أثناء الشجار نفسه، بل مهمة على ما هو قادم من شجار بأي يوم أخر. غلق الحوار دون حل يجعلكما تظنان أنه لا مفر ولا حل لتلك المعضلة، مع إن الحقيقة أنه طالما هناك حب ورغبة في الاستمرار هناك حل بالتأكيد. الانتهاء من الحوار مبكرًا يجعلك تعطي لليأس مدخلاً في حياتك دون أن تدري، ويومًا ما ستقول “هو لن يتغير ولا يوجد حل، وأنا حياتي هكذا لن تنصلح.” وأنت لا تدرك أن هذا اليأس قادم من عدم حل الخلافات بطريقة صحيحة في وقتها. أما إن كنت تعلمت من كثرة الخبرة الزوجية مع شريك حياتك أنه لا مكان لليأس وإنكما قادران معاً لحل أي مشكلة تواجهكما مهما كانت قوية، فلن تتوقف يومًا عن المحاربة من أجل علاقتكما السليمة. الظاهر ليس مثل العمق، وأنتما من الخارج ستعودان ثاني يوم وتتعاملان بشكل يبدو أنه طبيعي بسبب كثرة المشاغل واحتياجات البيت والأطفال، ولكنها ليست الحقيقة أبدًا.

من ناحية أخرى هذا الخطأ من أخطاء الشجار يتردد صداه في كل حياتك القادمة. بمعنى أن المشكلة التي لا تحل تختزن داخل النفسية، لتظهر لك مرة أخرى في موقف أخر متجسدة في شكل أخر. المشكلة مثل الطاقة، لن تختفي ولكنها فقط تتحول من شكل إلى شكل. يجب عليك أن تقطع المشكلة من جذورها وتتخلص منها إلى الأبد، واليوم الذي ستفعل فيه ذلك لن تجدها تعكر عليك يومك بطريقة أنت لم تتوقع حدوثها مستقبلاً. أنا أعلم أن هناك بعض المشاكل لا تنتهي في لحظتها، ولكن على الأقل يمكنك أن تأخذ قرار من جهتها، بحيث تعلم ما أنت مقبل على فعله لتتفاداها أو تنهيها في المواقف القادمة.

من أخطاء الشجار أن المشكلة ليست كما يُقال

أتعلم لماذا أنت تتشاجر! أتستطيع أن تضع لي سبب واحد فقط لماذا أنت غاضب! إن استطعت أن تجاوب لي هذا السؤال فلا تشغل بالك بتلك النقطة. أما إن كنت تنوي في إجابتك أن ترص لي قائمة عريضة من الأسباب فأنت لا تتشاجر بل أنت تنتقم. يجب أن تعي هذا الفرق جيداً بين السبب الرئيسي لغضبك الآن، وغضبك من التراكمات بداخلك من عدة أسباب مضت لم تنتهي. أما أنك لا تدرك أصلاً لماذا أنت غاضب وتشعر بحاجة إلى الصراخ من كثرة الهموم والمشاكل والمسئوليات الصعبة سواء بالعمل أو بالمنزل، وتريد أن تفجر غضبك في الشخص الوحيد المتاح أمامك.

من أغرب أخطاء الشجار هي أنك لا تدرك سبب مشكلتك، وإن صمت قليلاً وفكرت ستضحك على نفسك أو تمضي وأنت لا تعرف ما الذي كنت تريد قوله. قد يكون سبب المشكلة في الظاهر يبدو مقنعًا لعقلك، ولكنك لو كنت في حالتك الطبيعية فلن تتكون مشكلة من الأساس. قد لا يكون شريك حياتك هو الموجه إليه اللوم أبداً، بل هو رئيسك في العمل أو أباك وأمك أو أطفالك، وأنت فقط لن تستطيع إخراج هذا الغضب إلا في وجهه هو. في الحقيقة يجب على الشريك الأخر في هذا الوقت أن يتصرف بحكمة، لأن الأخر غير عاقل أبداً. يجب أن تمتص كل الغضب والتعب ليخرج منه فيهدأ، وحين يفعل تكلم معه بهدوء وافهم الحقيقة وساعده وستكون أنت البطل في عيون الأخر لأنك تحملته. أما إن كانت المشكلة متفاقمة وهناك أسباب كثيرة، سيكون عليك أن تجلس مع شريك حياتك فترة طويلة لتجعل يوماً كاملاً فقط للعتاب بكل ما في قلبك، حتى تخرجه كله وتعود الصفحة بيضاء من جديد. أو تستخدم أسلوب الرسالة الذي تكلمنا عنه قبلاً لأنك بذلك تستطيع أن تخرج كل ما في قلبك لتفكر أنت أولاً في كلامك أيضاً. وقد تجد بالنهاية أنك تقطع ورقة الرسالة لأنك أدركت ببساطة أنك لم تكن توجه كلامك إلى شريك حياتك بل إلى شخصاً أخر مختلف تماماً، ووقتها إذًا لا مشكلة إلا في أنك لم تفهم نفسك وهذا وارد جدًا.

من أخطاء الشجار أن تسمح للآخرين بالتدخل

إن كنت تواجه مشكلة مع شريك حياتك بمفرده، فستواجه مشكلتين إن كان هناك طرف ثالث. ستصير ثلاثة مشكلات لو هناك طرف رابع. هذا مبدأ حتى وإن لم يعجبك فهو واقعي. الشخص الوحيد المؤهل للتدخل وفي أصعب الظروف فقط هو الطبيب النفسي، المتدرب على حل ومواجهة مثل تلك المشاكلات بطرق حكيمة علمية وواعية لما يفعل، ومع كل هذا فقد يخطئ أيضًا. فما بالك بالأقارب والآباء والأبناء في بعض الأحيان، الذين يفعلون هذا من دافع الحب فيكونوا منحازين إلى طرف عن الأخر مهما كانت خبرتهم في الحياة. إن ذلك من أصعب أخطاء الشجار التي قد تواجها ويجب أن تضع لها حل.

تعلموا أنتما الاثنين أن هناك باب يُغلق عليكما وقتما تريدان أن تتكلمان بصراحة. ومهما حدث خلف هذا الباب سيبقى سراً إلى الأبد بينكما فقط، وليس سرًا يشترك فيه الأب والأم والجيران، هذا ليس بسر. اليوم الذي تعطي فيه فرصة لنفسك ببوح سر من أسرار بيتك سيكون اليوم الذي تخرب فيه بيتك. ومهما كانت حاجتك لطلب النصيحة فحاول على الأقل أن تبقي التفاصيل قليلة جداً، واذهب فقط إلى أقرب المقربين إلى قلبك وتثق في رأيه. ولكن لا تحاول أبداً أن تختفي أنك تكلمت مع شخص أخر حول الموضوع لأنك بذلك تكذب، وقد يكتشف زوجك هذا الكذب ولا يعود يثق فيك ويتذكر لك هذا الموقف. على النقيض ستجد زوجك قد غضب جداً من تصرفك، وأخص الزوج لأن المرأة هي غالباً من تلجأ للمساعدة من صديقاتها لأن ذلك أمر متاح بين علاقات النساء مع بعضها، ولكنه غير متاح أبداً بالنسبة إلى الرجال. ولكن بعد الغضب سيكون على الأقل قد عرف الموضوع ولن يفاجئ إذا ذُكر أمامه، ومن هنا حاول ألا تفعل بالمثل مرة أخرى.

أخطاء الشجار تُكمل بعد الشجار

أولاً المحاسبة والتأنيب المستمر: أنت تؤذي بذلك شريك حياتك إن فعلت، ويجعله يكره أن يعترف لك بخطئه مرة أخرى أو أن يحاول أن يتأسف لك. أنت تؤذيه وتؤذي نفسك وعلاقتكما. أنت لست القاضي أو الإله على زوجك، وأفضل ما يجب أن تفعله أن ترمي المشكلة بكل ما فيها وراء ظهرك، لتبدأ صفحة بيضاء حقًا معه. العلاقة الزوجية السليمة هي من تمتص الأخطاء مهما كانت كبيرة وتغطيها وتسامح وتنساها. لأنها علاقة بناءة وشافيه لكل الجروح والمشاكل القديمة والجديدة. اضرب ضمير شريك حياتك واضمن بذلك تذكرة لا رجعة فيها في موت هذا الضمير وانتهاء الصراحة بينكما.

ثانياً انتقام ما بعد الشجار: هذه النقطة تختص بالنساء بشكل أكبر، ولكنها أيضًا موجودة في الرجال. بعد انتهاء المشكلة والمشاجرة تجد الزوجة قد تحرم زوجها من الطعام الذي يحبه أو لا تهتم بصنعه من الأساس. أو ترفض أن تلبي له احتياجات أخرى لأن الرجل يعتمد على زوجته في الغالب في كل شيء. أو تمكث عند أهلها غاضبة منه بضعة أيام وتظن أنه هكذا سيشعر بأهميتها. هذا يا سيدتي ليس تعليم ولن يعطيك قيمة ولن يجعل زوجك يشعر بغيابك ليعود حافي القدام طالبًا رضاكِ كما تظنين، هذا انتقام ولن يسبب إلا اندلاع الحرب. الرجل بطبعه عنيد، خاصة الرجل الشرقي، لا يحب أن يتذلل لامرأته بل من أسهل ما يمكنه فعله هو الابتعاد عنها، وعندها المرأة هي التي ستحتاج لزوجها أكثر منه. لا تحاول لعب هذه الورقة بأي شكل من الأشكال لأنها خاسرة بالتأكيد.

ثالثاً توقع حدوث الشجار: عندما تضع توقعاً لمن أمامك بأنه سيئ، لن يجعلك هذا تراه فقط من هذه الزاوية الضيقة بل ستجعله سيء بالفعل. المرأة والرجل مرآة لبعضهم، وكما ينظر كل شخص للأخر فهكذا سيكون. من أهم نصائح أخطاء الشجار، ألا تبدأ شجارًا بدافع أن تتوقع الخطأ قبل حدوثه. وعندما تتكلمان أن مشكلة حدثت بينكما قبلاً، فحاول أن تشجع شريكك على أنه قادر على تفادي المشكلة. ولا تجعل خوفك مما لم يحدث أصلاً يعمي عينك وعينه أيضًا. ومن سوف يراقب الأخر حتى يتصيد له الأخطاء، سيهدم بذلك بيته على رأسه، لأنه لا مجال للتخلص التام من الأخطاء.

من أخطاء الشجار نسيان الاختلاف الكبير بين المرأة والرجل

في أثناء الشجار ينسى الطرفين أنهما يتكلمان مع طرف أخر مختلف تمامًا في طريقة التفكير والتوضيح والمشاعر. أنت تتكلم مع أنثى وأنتِ تتكلمين مع ذكر والعكس صحيح. هذا فرق كبير جدًا أنتما لا تدركانه، قد تقربه الأيام ومدى مقدار تفاهم الزوجين وخبرتهما، لكن الأيام لن تمحي أبدًا الاختلاف النفسي والبيولوجي للطرفين. عندما يقول الرجل جملة قد تسمعها المرأة بشكل مختلف تمامًا وهو لا يقصد ما سمعت. العيب ليس في سمع الزوجة وإنما في كلمات الجملة. وهذا هو ما بدأنا به المقال في الأساس يا عزيزي، أنك يجب أن تضع نفسك مكان شريك حياتك وتفكر بأسلوبه. وإن لم تستطع فعليك على الأقل بسؤاله عن ماذا فهم. تقبل الاختلاف وتقبل أنه حين يشعر بالحزن من كلامك فهو لا يبالغ أبدًا وإنما فقط فهم كلامك بطريقة مختلفة ومن حقه عليك أن توضح ذلك. هنا يأتي دور القراءة المستمرة والخبرة والمعرفة عن طبيعة شريك الحياة وتفهم هذا الاختلاف الطبيعي المميز لكلا الطرفين.

الطريقة التي يحل بها الرجل مشاكله مختلفة تماماً عن الطريقة التي تفعلها النساء. قول الرجل لمشاعره صعب جداً، وإن فعل قد يبدو جاحد وغير مبالي تماماً لما يقول. أما المرأة فهي تفيض بمشاعرها دون حساب. الرجل لا يخلط المشكلة الزوجية بأعماله اليومية العادية واحتياجاته الطبيعية، مما يجعله يبدو وكأنه غير مبالي ولا واعي لحجم المشكلة مع أنها تشغل رأسه. أما المرأة يختلط كل شيء مع كل شيء، المنزل والعمل والأولاد، والرغبة في الصراخ هو مخرجها الوحيد أن يجعلها عصبية جدًا. الرجل يهتم باحترام الزوجة لرغبته، أما المرأة تهتم بتقدير الرجل لما تحتاج، وهذا فرق كبير جدًا، والاثنين يرغبان في التنفيذ. التنفيذ مهم جداً بالنسبة للمرأة ولكن عليها أن تدرك أولاً أن تعي أنها مجروحة لتضمها إلى حضنك، فالمرأة تهتم بالحنان والكلمة الطيبة لتشعر بالمشاعر الصادقة قبل أي شيء أخر، فلا تبخل عليها بقول كلمات حنونة صادقة.

الرجل قد يحتاج فترة منفردًا مع نفسه حتى يسترجع رغبته في الحب والعطاء لزوجته، وقد يسمى في علم النفس “كهف الرجل” لأنه يدخل إليه شخص ويخرج شخصًا أخر. إذًا على المرأة تقبل هذا الاختلاف والسماح لزوجها بالاختلاء بنفسه بعيدًا عنها وستجد نتائج جميلة لهذا التقبل. وعليكِ سيدتي في تلك الفترة ألا تسمحي لذهنك أن يغلي ويشتغل من التفكير، بل حاولي أن تشغلي نفسكِ بأمر بعيد مفيد مثل قراءة كتاب أو طبخ وجبة تعجبك أو حتى الخروج مع صديقاتك، ليشعر الرجل أنه بخير وهذا يجعله يخرج أسرع من كهفه. على العكس هي المرأة، لأنها متقلبة المشاعر جدًا وهذا يجعلها تمر من فترة المشكلة والخلاف بسرعة لتعود طبيعية وتعطي زوجها، ولكن مع بعض الاستثناءات بالتأكيد. كل ما مضى مجرد قشور لاختلاف الرجل والمرأة وعقليتهما. ومن أسخف أخطاء الشجار أن تظن أن من أمامك يفكر بنفس طريقتك.

عزيزي القارئ بالتأكيد هناك حل وهناك فرصة لإصلاح ما تدمر في علاقتك. إنما عليك فقط الصبر والحكمة والرغبة الحقيقة في الإصلاح، والتروي لتدير الحوار بشكل جيد وقتما لا يفعل شريكك. ومتابعة القراءة والبحث عن الحلول أو حتى خوض التجربة مع طبيب نفسي وليس هناك خجل من الأمر. والأهم أن تحاول تفادي أخطاء الشجار بقدر ما استطعت، ولا تجعل هنالك حاجز من عدم التفاهم بينك وبين شريك حياتك وعمرك.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

إحدى عشر − 8 =