تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » كيف نشأ مرض الطاعون ولماذا يعتبر من أكثر الأوبئة فتكًا؟

كيف نشأ مرض الطاعون ولماذا يعتبر من أكثر الأوبئة فتكًا؟

يعد مرض الطاعون من أخطر الأمراض التي صابت البشر، وقتل الملايين منهم، ومن عشر سنوات فقط كان لابد أن نبلغ منظمة الصحة العالمية إذا وجدنا أي أثر للموت الأسود، وبعد الخطر الملحوظ انطلق الأطباء في شتى الطرق الممكنة لفهمه والقضاء عليه.

مرض الطاعون

يعد مرض الطاعون من أشهر الأمراض التي نسمع عنها في حياتنا، مع الكوليرا، والحمى الصفراء، وذلك بسبب الأثر الذي تركته هذه الأمراض في ذاكرة البشر والذي لا يمكن أن يمحى مهما حدث؛ يعتبر مرض الطاعون من الأمراض المعدية، ولهذا كان سهل الانتشار حين ظهر، لكن هناك نوعين من انتشار الأمراض، العدوى البسيطة التي تنتقل من شخص لآخر، وهناك الوباء الذي ينتشر بسرعة كبيرة جدا، ويمكنه الفتك بقرية، أو مدينة بسرعة شديدة، وفي تاريخ الطب توجد أمراض انتشرت عدواها لكن كان هناك أمل لعلاجها، وكان هناك أمراض ما تنفك تظهر حتى تفتك بالقرية التي ظهرت بها؛ وينتقل مرض الطاعون بسبب بكتيريا إنتروبكتريسا يرسينية طاعونية، ومع مرور الوقت وزيادة أثره أطلق عليه العلماء الموت الأسود، لم يكتفي مرض الطاعون بالإنسان فقط، بل انتشر في الكثير من الكائنات الحية الأخرى، وفي هذا المقال سنعرف التفاصيل المختلفة التي تحيط بهذا المرض.

مرض الطاعون عند الأغنام

مرض الطاعون مرض الطاعون عند الأغنام

كما قلنا لم يكتفي مرض الطاعون بالإنسان، وذلك حيث فتك بأكثر من كائن حي وتعتبر الأغنام الصغيرة من أشهر الكائنات الحية التي تتضرر بالطاعون، ويشتهر هذا المرض باسم طاعون المجترات الصغيرة، ويهدد المرض المذكور 2 مليار من الأغنام الصغيرة في العالم، ويعتبر هذا العدد كبير جدا حيث يوفر حياة هنية لما يزيد عن 300 مليون أسرة حول العالم، وتعتبر هذه الأغنام هي مصدر الدخل الرئيسي لهذه الأسر التي تبيع المنتجات الحيوانية المختلفة منها، غير أن هذا العدد يعبر عن 80% من أغنام العالم، بالتالي إذا أصيب هذا العدد قبل أن نتصرف سيتضرر الاقتصاد العالمي بشكل كبير، كما ستزداد المجاعات في العالم، والملحوظ أن طاعون الأغنام انتشر بشكل كبير في أخر عشرين عامًا، وفي هذا الوقت لوحظ الانتشار في 70 دولة مختلفة، وبعد الدراسات المتعددة يعتقد العلماء أننا يمكننا أن نقضي على طاعون الأغنام خلال عشرة أعوام من الآن، وذلك بالطبع إن اهتممنا باللقاحات والعلاج، ويعتبر لقاح هذا المرض من اللقاحات الرخيصة، وبالتالي يوجد أمل كبير في نجاحنا وتخلصنا من المرض.

مرض الطاعون في أوروبا

في منتصف القرن الرابع عشر انتشر مرض الطاعون في أوروبا، وكان وباءً أسودًا على أوروبا، تقول أحد القصص أنه انتقل مع أحد التجار المغوليين حيث عاد لزوجته مع الكثير من الهدايا، وكان بداخل جسده بكتيريا الكوليرا التي اصطحبها من البلد القادم منها، ولم يمر الكثير من الوقت حتى فتكت البكتيريا به وانتشرت بعد ذلك إلى جميع أنحاء أوروبا وفي خلال خمس سنوات فقط قضت على 50% من سكان أوروبا، وتقول الدراسات أن الطاعون قتل أكثر مما قتله التتار وغيرهم، حيث يتراوح عدد ضحاياه من 70 مليون إلى 200 مليون، ومؤخرا نشرت أحد الصحف الهندية عن اكتشاف مسبب مرض الطاعون في أوروبا حتى هذا الوقت، وبعد هذا الخبر، قام معهد ماكس بلانك للبحوث بتأكيد الخبر هو أيضا، وتشير الأبحاث أن المرض مازال موجودا سواء في جثث ضحاياه السابقين أو في مكان ما، وهذا يدع باب الخوف مفتوحا لإمكانية عودة المرض مرة أخرى وانتشاره، والآن يتم عمل أبحاث ودراسات لفهم المرض بشكل أعمق حتى نستطيع أن نقف له إن عاد.

ماذا يفعل مرض الطاعون؟

تنتقل بكتيريا الطاعون للإنسان عن طريق بعض الحيوانات، تعد الجرذان أشهر الحيوانات التي تنقل الطاعون، ويرتبط انتشارها في معظم الوقت بانتشار الطاعون، لكن الطاعون ينتشر عن طريق بعض الحيوانات الأخرى مثل: القطط، والكلاب؛ وتختلف آثار الطاعون بين بسيطة وشديدة، وذلك حسب نوع الطاعون، ويعتبر الطاعون الدملي من أشهر أنواع الطاعون، عند دخول هذا النوع للجسم فإنه يؤدي لتورم شديد في الغدد اللمفاوية مصحوبا بألم ملحوظ، ودرجة حرارة مرتفعة، ورعشة في جميع مناطق الجسم، كما يصاب المريض بضعف عام، وتثار بعض المناطق في جسده، وتكون في الغالب التي بها المرض مما يزيد رغبته في الحك، ومنها تنتشر الحبوب في جسده، وإذا أصاب الشخص هذا الطاعون الأسود فإنه يموت بين يومين وأربعة أيام، أما النوع الثاني فهو الطاعون التسممي ويشترك هذا النوع في الكثير من الأعراض مع النوع الأول، بالإضافة إلى أنه يسمم الدم، وتفشل معظم أجهزة الجسد بسببه، وعند عدم الذهاب للطبيب وإنقاذ الأمر فإن الطاعون ينتقل لأغشية المخ ويتلفها.

علاج مرض الطاعون

لا يعتبر علاج مرض الطاعون من المستحيلات في وقتنا الحالي، وذلك حيث يستطيع طبيب خبير، أن يعالجه بشكل كامل؛ يبدأ العلاج عند التأكد من وجود المرض، ويتم التأكد عن طريق ملاحظة بعض الأعراض التي تظهر على المريض، بعد ذلك يذهب المريض للطبيب الذي سيقوم بعزله وإعطائه المضادات الحيوية، وذلك حتى نتقي العدوى ونعمل على تهدئتها، وبعد ذلك يتم إعطاء المريض جرعات من أدوية مختلفة حسب حالته، ففي حالة الطاعون الأسود (الدملي) يأخذ المريض (الستيربتومايسين) وذلك عن طريق الحقن في العضل، والجرعة المصرح بها دوليا هي 30 مللي جرام لكل كيلوجرام من وزن المصاب، ويتم أخذ هذه الجرعة 10 أيام متتالية وقد يرى الطبيب غير ذلك، أما الطاعون التسممي فيتم إعطاء المريض (الكلروامفينكول) وتتراوح الكمية المصرح بها بين 60 إلى 100 مللي كل يوم، وأحيانًا ينصح بأخذ بعض الأدوية مثل التيتراسايكلين لأقارب المريض والعاملين في المستشفى، وذلك لحمياتهم من العدوى والمرض، وفي الغالب يأخذوا الدواء لما يقرب من أسبوع خصوصا في حالة الطاعون الأسود.

هل مازال مرض الطاعون موجودًا؟

يحاول العلماء جاهدين بعد حدوث أي وباء أن يقوموا بدراسة الظروف والأسباب التي تساعد في انتشار هذا المرض، وكما قلت سابقًا أن الطاعون انتقل مع تاجر، فالمرجح أيضا أن انتشار الطاعون في معظم الأماكن كان بسبب سفن التجارة، ولكن من المفترض أن البكتيريا تموت بعد وقت من القضاء على المرض، وذلك لعدم توافر بيئة مناسبة لها، ولكن مازال مرض الطاعون يهاجمنا إلى الآن، في اللحظة التي تقرأ فيها هذا المقال يهاجم الطاعون ما يقرب من 40 دولة، ثم يقضى عليه ويعاود الهجوم وهكذا، وهذا معناه أن هناك بيئةً تحميه، ويرجح مركز الأبحاث المسؤول عن الأمراض المعدية في أمريكا أن الأميبا قد تكون هي الحامي الأول لبكتيريا الطاعون، ومن هذه النقاط جميعا، يمكننا الوصول إلى أن الطاعون بأنواعه مازال متواجدا في أنحاء العالم، يختفي ويظهر ويتواجد في أماكن متباينة، لكن بالطبع لا يعتبر الطاعون الحالي بقوة الطاعون عندما ظهر، هو نفسه في كل شيء، لكننا تطورنا أكثر في الطب وزادت قدرتنا على مقاومته والتخلص منه.

نشأة مرض الطاعون

مرض الطاعون نشأة مرض الطاعون

تختلف القصص المتناقلة المتحدثة عن مرض الطاعون، ولكن تتفق أيضا هذه القصص على الكثير من الأحداث، وتعتبر أول الكتابات التي ذكرت الطاعون، هي التي تتحدث عن طاعون أثينا الذي انتشر عام 430 قبل الميلاد، وقتل حينها معظم الموطنين ويعد التيفوس هو السبب؛ ثم ظهر الطاعون الأنطوني عام 165 ميلاديا، ونشر الفساد في الإمبراطورية الرومانية؛ وفي عام 541 ميلاديا ظهر طاعون جيستنيان وقتل الملايين حول البحر المتوسط، ووصل لفرنسا وألمانيا، وبعد هذا بدأ الطاعون الحديث بأنواعه في الظهور والذي ساعد على ظهوره توافر البراغيث والجراثيم والعوائل الوسطية، بينه وبين الإنسان، وتعتبر الجرذان من أشهر هذه العوائل، حيث كانت تحمل المرض بين شعرها وتنقلها للبشر، وكان المرض سهل العدوى فنشأ وانتشر بسهولة، وأحيانا كان يحاول البشر تفادي هذه العدوى بلبس أقنعة على وجوههم تحميهم المرض.

نشأ الطاعون في هدوء، ثم انتشر في العالم، وقتل الملايين، وغير التاريخ البشري، وبالرغم الضرر الكثير الذي أحدثه مرض الطاعون ، إلا أن للأمر محاسنه أيضًا، حيث يعتبر الطاعون واحدًا من الأمراض التي ساهمت في تطور الطب الحديث؛ الإنسان في العادة يتحرك عند وجود دافع، أو عند خوفه، وكان الطاعون المحرك الذي أخاف البشر وحرك الطب نحو طريق التقدم، والآن أصبح التعامل مع المرض أسهل بكثير، كما ظهرت العديد من نصائح الوقاية من المرض، مثل: الاهتمام بالنظافة الشخصية، والابتعاد عن الحيوانات النفقة؛ بعض الاهتمام البسيط بحياتك قد يحميك من الموت الأسود، وإذا وقعت فريسة له، فعليك بالإسراع لزيارة الطبيب.

ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.

الكاتب: أحمد أمين

إبراهيم جعفر

أضف تعليق

تسعة عشر − 7 =