تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » فن الدبلجة : كيف تتم دبلجة المسلسلات وأفلام الكارتون صوتيًا؟

فن الدبلجة : كيف تتم دبلجة المسلسلات وأفلام الكارتون صوتيًا؟

سهل فن الدبلجة على الكثيرين متابعة موادهم المفضلة بدون الحاجة إلى المعرفة باللغة الأصلية، هل تساءلت عن كيفية ظهور فن الدبلجة ومراحل تطوره؟ إليك الإجابة.

فن الدبلجة

يُعتبر فن الدبلجة من الفنون التي انتشرت بكثرة خلال الخمسة عقود الأخيرة، وذلك تزامنًا مع الحاجة إلى نقل ثقافة بلغة مُعينة لبلد أخرى تتحدث بلغة مُختلفة، وقد كانت الدبلجة بشكل عام ضعيفة في بدايتها، نظرًا لعدم قبول الناس للأعمال المدبلجة واعتمادهم بشكل كبير على الترجمة الكتابية للأعمال التي يُحبونها، لكن هذا الأمر تغير مع الوقت بسبب كثرة الأعمال المطلوبة وامتهان فن الدبلجة من قِبل بعض المُمثلين المُحترفين ذوي الخبرة في عالم التمثيل، والذي أعطوا وزنًا وثقلًا للصناعة بأسرها، لذلك، دعونا نتعرف في السطور الآتية على فن الدبلجة، وكيفية حدوثه، وأكثر الدول استخدامًا له.

بدايات فن الدبلجة وكيف يتم

ما هو فن الدبلجة؟

يُعرف فن الدبلجة بالقدرة على تركيب الصوت على الصورة، أو الفيديو بمعنى أدق، وهذا الصوت يكون بلغة مختلفة تمامًا عن اللغة الأصلية التي خرج بها النص لأول مرة، لكن المؤثرات الصوتية والأصوات الخارجية الغير مدرجة بالنص تبقى كما هي عند الدبلجة، وذلك لأن دبلجتها تُفقد العمل مصداقيته، وهذا ما حدث بالفعل في بداية الدبلجة بالربع الأخير من القرن الماضي، حيث كان يظن القائمون على الأمر أن الدبلجة تشمل كل شيء موجود في العمل، فكانت النتيجة خروج أعمال بها قدر كبير من الخلل، حتى تم تفادي هذا الأمر بداية القرن الحالي.

أين تحدث الدبلجة؟

الدبلجة في البداية كانت تحدث باستوديو هات الإذاعة والتلفزيون في الدول المُدبلجة، ثم بعد ذلك تطور الأمر وأصبحت تتم في استوديوهات التمثيل العادية، إلى أن حدثت النقلة الكبير لفن الدبلجة وأصبحت هناك استوديوهات خاصة بعملية الدوبلاج، بميزانيات مُنفردة وتكاليف خاصة، أو بمعنى أكثر وضوحًا، أصبح فن الدبلجة فن رائج له جمهوره الخاص وصناعته الخاصة، وبالطبع مُنتجين مُستعدين لتولي تكاليف العملية برمتها وقنوات فضائية لا تبث على شاشتها سوى الأعمال المدبلجة بل وتنافس بها الأعمال الأخرى التي تخرج بلغتها الأصلية.

كيف تتم الدبلجة؟

كانت الدبلجة في البداية تتم عن طريق بعض الهواء، الذين لا يجيدون فن الدبلجة ولا يستطيعون سوى تحريك ألسنتهم بالحروف دون التفاعل والأداء المطلوب، ولما رأي القائمون على الصناعة انهيارها لجأوا إلى المُمثلين المُحترفين من الصفوف الأولى، وبسبب قِلة المُقابل المادي في البداية لم يُقدم الكثير من الممثلين على العمل، إلا أنه مع رواج الصناعة كما ذكرنا وزيادة المقابل المادي وانتشارها الكبير أصبحت تتم عن طريق مُمثلين من نجوم الصف الأول، يتفننون في تقمص أداء الشخصية والتجسيد المقبول بالصوت لما يتم عرضه على الشاشة من صورة.

صعوبة فن الدبلجة كانت تكمن في قدرة هؤلاء الممثلون على مُطابقة صوتهم لوقت انفتاح وانغلاق شفاه المُمثلين الذي أدوا النسخة الأصلية من العمل، لكن هذا الأمر لا يتحمل الممثل القيام بالدبلجة فقط، وإنما أيضًا يشترك المونتاج والهندسة الصوتية والإخراج فيه، وبتظافر كل هذه العناصر تخرج الدبلجة بأكمل صورة للمشاهد.

جمهور الأعمال المُدبلجة

هناك اعتقاد أن عشاق فن الدبلجة هم الأطفال فقط، وقد يبدو هذا ممكنًا حتى نهاية القرن المنصرم، والذي كانت عمليات الدبلجة فيه لا تحدث إلا لمُسلسلات الكارتون التي تُصنع للأطفال فقط، لكن مع بداية الألفية الجديدة، وفي العشر سنوات الأخيرة تحديدًا، بدأ الكبار يتعلقون بفن الدبلجة أيضًا، وذلك لأنهم وجدوا ما يحتاجونه فيها، فقد ظهرت موجة دبلجة الأفلام والمسلسلات التي غطت الوطن العربي خاصةً مع بداية العام 2005، وبحلول عام 2015 كانت الدبلجة قد شملت كل جزء فيه، حتى ظهر لنا ما يُمكن تسميتهم برواد فن الدبلجة.

رواد فن الدبلجة

إذا أردنا التحدث عن رواد فن الدبلجة فإننا بحاجة إلى ذكر أوائل الدول التي قامت بفن الدبلجة وأوائل الدول أيضًا التي تم أخذ أعمالها للدبلجة، فكلاهما من عناصر عملية الدبلجة الأساسية، بالإضافة بالطبع إلى أشهر الممثلين الذين تعلقوا بأذهان المُتابعين لهذا الفن وأشهر الأعمال التي تمت دبلجتها كذلك.

دول فن الدبلجة

أما الدول التي بدأت ممارسة عملية الدبلجة في بدايتها فهي اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، فكلا الدولتين ظنا أن فن الدبلجة من ضمن العوامل التي يمكن عدها فيما بعد كدليل على تقدمهما، وهما أصلًا من أوائل الدول التي قامت بصناعة المسلسلات الكرتونية والرسوم المتحركة، واللاتان ارتبطا بشكل كبير بظهور الدبلجة.

أما فيما يتعلق الوطن العربي فقد تصدرت الأردن في بداية الألفية الجديدة، تلتها الإمارات ثم السعودية، وقد بدأوا أيضًا بدبلجة مسلسلات الرسوم المتحركة المنتشرة في هذا الوقت، وقد كانت دول مثل اليابان والولايات المتحدة الأمريكية أيضًا هي المنهل الأساسي للمدبلجين فيما يتعلق بمسلسلات الكارتون والرسوم المتحركة، أما فيما يتعلق بالمسلسلات فقد احتلت قائمتها بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية دول مثل تركيا وإسبانيا والصين.

أشهر الأعمال المُدبلجة

هناك أعمال كثرة تم دبلجتها على مدار الخمسة عقود الأخيرة، سواء كان من المسلسلات العادية أو مسلسلات الأنيمي والرسوم المتحركة، أما المسلسلات العادية فقد تصدر مسلسل “حريم السلطان” نسب المشاهدة خاصةً في الوطن العربي، وذلك بعد دبلجته في الأردن من اللغة التركية إلى اللغة العربية، حيث حقق نجاحًا يفوق ما حققه في موطنه الأصلي وبلغته الأصلية، مما دفع المنتجون إلى استكمال دبلجة باقي الأجزاء على مدار السنوات الخمس الأخيرة.

أما فيما يتعلق بمسلسلات الكارتون والرسوم المتحركة فقد تصدر المسلسل الياباني كونان قائمة الأكثر مشاهدة، سواء من الأطفال أو الكبار، وقد بدأ عرض هذا المسلسل في اليابان منذ عقدين ويقترب الآن من حلقاته الأخيرة في الجزء الخامس والعشرين، لكن ما تم دبلجته بالفعل ثمانية أجزاء فقط عُرضت على أغلب قنوات الأطفال العربية خلال السنوات العشر الأخيرة، وقد تمت الدبلجة باستوديوهات أردنية أيضًا.

أشهر المدبلجين

مارس فن الدبلجة الكثير من نجوم الصف الأول كما ذكرنا، لكن أكثرهم نجاحًا وتعلقًا من قِبل المتابعين على مستوى الوطن العربي هو الفنان المصري محمد هنيدي، والذي قام بدبلجة بعض أجزاء المسلسل الكرتوني الأمريكي الشهير “تيمون”، فقد علّقه هذا العمل كثيرًا بأذهان المتابعين وخاصةً الأطفال.

فوائد الدبلجة

فن الدبلجة ليس للإمتاع فقط، وإن كان هذا في الحقيقة هو الهدف الرئيسي له، لكن هناك فوائد أخرى للدبلجة منها مثلًا نقل الحضارات والتقريب بينها، فالعمل الفني المُعبر عن أي دولة بالتأكيد يحمل جُزءً من هويتها وشخصيتها، وعن طريق تلك الدبلجة تُنقل هذه الأفكار إلى دول أخرى ومناطق قد لا تمتلك سبل للاتصال بهذه البلد سوى تلك السلعة الفنية التي تمت دبلجتها، وبالطبع جميعنا يعرف أن الفن في الأصل الرسالة، ورسالة فن الدبلجة أشد قوة وتأثيرًا.

فن الدبلجة أيضًا قد يستطيع حل مشكلة الأمية المنتشرة في أغلب الدول العربية، حيث يُمكن من خلاله إيصال ما قد لا يصل للبعض عن طريق الترجمة الكتابية التي كانت تُكتب على الصور للتعبير عنها، ويُدرج في هذه القائمة أيضًا ضعاف النظر والمكفوفين، فهم لا يجدون ما يطلبونه في الترجمة النصية، فتأتي الدبلجة لتجعل العمل وكأنه قد صُنع من لغتهم التي يتكلمون بها، وبالطبع ساهمت كل هذه الأسباب في استمرار فن الدبلجة إلى وقتنا الحالي، بل وازدهاره أيضًا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".