تسعة
الرئيسية » دين » كيف تؤدي صلاة العيد ؟ وما الذي يميزها عن الصلاة العادية؟

كيف تؤدي صلاة العيد ؟ وما الذي يميزها عن الصلاة العادية؟

لا شك أن صلاة العيد من أبرز وأعظم مظاهر البهجة التي نستشعر بها قدوم عند العيد، فلا يوجد عيد حقيقي، من دون صلاة، نتحدث هنا عن الأحكام المتعلقة بها.

صلاة العيد

الكثيرون منا لا يستطيعون أن يستشعروا بهجة العيد من دون الذهاب لأداء صلاة العيد ، فرؤية الأحباب، والأقارب، والأصدقاء يوم صلاة العيد، تغمر القلوب بفرحةٍ كبيرة، إن البهجة الذي يأتي بها العيد لا يمكن أن تكتمل دون صلاته، دون أن يجتمع المسلمون ليحتفلوا به بطريقتهم الربانية، فـ صلاة العيد ليست فقط دلالة على فرحة العيد، إلا أنها ترسل لنا رسالة ربانية، فحواها، أننا سنظل نتوجه إلى الله وقت الفرح، كما نتوجه إليه وقت الكرب، والضيق، فهو –سبحانه، وتعالى- معنا في كل وقتٍ وحين.

الصلاة لغة واصطلاحًا

الصلاة في اللغة تأتي بمعنى الدعاء، والتضرع، والتذلل إلى الله، وهو مصطلح متعارف عليه في الأديان، ولكن لكل دين كيفية، فمثلًا في المسيحية، فيعني الدعاء، بينما في الإسلام، هو عبارة عن الصلاة المعروفة، التي عُرفت كيفيتها، وتبدأ بتكبيرة الإحرام، وتنتهي بالتسليم، وتتكون الصلاة من القيام، والركوع، والسجود، والتسبيح، والتحميد. وقد فرض الله على المسلمين خمس صلواتٍ فقط، حتى لا يُرهقهم بكثرتها، وجعلها ركنٌ من أركان الإسلام الخمس، التي تتكون من، الشهادة، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا. والصلوات الخمس عبارة عن: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء. فما عادا ذلك فهي صلاة تطوع، مثل: صلاة الجمعة، و صلاة العيد ، وصلاة الضحى، والشفع والوتر، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الحاجة، وصلاة الاستخارة، وغيرها من الصلوات.

ما هو العيد في الإسلام؟

العيد لغويًا، هو أي يومٍ في جمع للناس، وسمي بهذا الاسم، لأنه يعود الناس في كل عام. والعيد في الإسلام، هو مظهر من مظاهر الفرح، والبهجة، والزينة، يظهر فيها المسلم بأفضل مظهرٍ لديه، دون إسراف، أو خيلاء، حتى لا يضيع المعنى الحقيقي للعيد، وهو شكر الله تعالى على نعمه، فما يظهر من البعض من إسرافٍ أو تفاخر، لا يمت للعيد بصلة، كما أن البعض يظل عاكفًا على المعاصي ليلة العيد أكثر من غيرها بالذات، وهو ما لا يصح من مسلم. وهذا المظهر الطيب الذي يظهر به العبد، سببه أن الله يحب أن يرى نعمه على عباده في هذا اليوم بالتحديد، والمسلم في هذا اليوم يجب أن يستجلب كل مظاهر الفرحة، ولا يستدعي الحزن بيديه، فالبعض ظهرت عندهم بعض العادات والتقاليد المذمومة، مثل زيارة القبور، وهو أمر لا نجده في تعاليم ديننا الحنيف، إلا أن الكثيرين من الناس يفعلونها، ولدينا في الإسلام عيدان، عيد الفطر، وعيد الأضحى، يختلف كل منهما في الوقت الذي يأتي فيه، ونصلي في كلٍ منهما صلاة العيد ، حيث يتبادل المسلمون التهاني، والدعوات في هذا اليوم،  وسنتحدث عن صلاة العيد باستفاضةٍ في هذا المقال.

عيد الفطر

هو العيد الذي يأتي مباشرة بعد انقضاء شهر رمضان الكريم، حيث يحتفل فيه المسلمون في أول أيام شهر شوال، فيكون أول يفطر فيه المسلمون بعد صيام شهرٍ كامل، ويكون الصيام في هذا اليوم حرامًا، ولهذا سمي بعيد الفطر، ويقوم المسلمون فيه بدفع زكاة الفطر. وقد احتفل المسلمون بعيد الفطر للمرة الأولى في السنة الثانية من الهجرة، ويُصلي فيها المسلمون صلاة العيد ، بكيفيتها التي سنتحدث عنها. وقد اشتهر هذا العيد بالحلوى، والمكسرات، والعيدية التي يقدمها الكبار لصغار العائلة.

عيد الأضحى

هو العيد الثاني من أعياد المسلمين، وهو يوافق اليوم العاشر من ذي الحجة، وبعد انتهاء وقفة يوم عرفة، واشتهر عن عيد الأضحى، القصة الشهيرة لسيدنا إبراهيم، مع سيدنا إسماعيل –عليهما السلام-، حيث رأى سيدنا إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه، وقد تكررت تلك الرؤيا، ومن المعروف أن رؤيا الأنبياء حق، فجاهد سيدنا إبراهيم –عليه السلام- نفسه، وانصاع هو وابنه لما أمره به الله –سبحانه وتعالى-، وهم بذبح ابنه، كما جاءت الرؤيا، إلا أن الله أمر نبيه بذبح أضحية، عوضًا عن ذبح ابنه، ولهذا السبب، فإن المسلمين يقومون بالتقرب إلى الله –سبحانه وتعالى- في عيد الفطر، عن طريق ذبح أضحية، سواءً كانت تلك الأضحية، خروف، أو بقرة، أو إبل، كل حسب استطاعته، فمن لم يستطع فلا تجب عليه، ولهذا السبب سمي عيد الأضحى باسمه، ويصلي المسلمون صلاة العيد ، كما يفعلون في العيد الفطر، ولا يختلف عيد الأضحى عن عيد الفطر في الآداب، وغيرها من الأحكام.

صلاة العيد

كانت الصلاة الأولى لصلاة العيد، يوم احتفل المسلمون بعيد الفطر لأول مرة، وكانت في العاشر من ذي الحجة، في اليوم الأول من شهر شوال، بعد انتهاء شهر رمضان الكريم. ويكون وقتها بعد ارتفاع الشمس، حتى زوالها. و صلاة العيد هي أكبر مظهر من مظاهر العيد، التي يجتمع فيها المسلمون في كل عام، يتشاركون الفرح، ويتبادلون التهاني، والدعوات.

حكمها

اختلف الفقهاء في حكم صلاة العيد على عدة أقوال، فمنهم من قال أنها سنة مؤكدة، على كل مكلف، بالغ عاقل، قادر على القيام بالصلاة، وتؤدى في جماعة، وهذا قول الشافعية، بينما ذهب المالكية إلى كونها سنة مؤكدة أيضًا، ويشترط أن تكون في جماعة مع الإمام، ويكون حكمها الندب لمن فاتته الصلاة في جماعة مع الإمام، كما أن حكمها الندب أيضًا للصبيان مثلًا. أما الحنفية، فذهبوا إلى أنها واجبة، أما الحنابلة، فذهبوا إلى كونها سنة لمن فاتته مع الإمام في جماعة، وفي النهاية فإن صلاة العيد سنة مؤكدة.

كيف تصلي صلاة العيد ؟

يتفق جميع الفقهاء على كون صلاة العيد ركعتان، ولكن يختلفون في كيفية أدائها على أربعة مذاهب.

صلاة العيد عند الأحناف، والشافعية

فـ صلاة العيد عند الأحناف: حيث تبدأ بالنية، وفيها ينوي المسلم أداء الصلاة، وتبدأ الصلاة بتكبيرة الإحرام، ثم تتبعها ثلاث تكبيرات، ويقوم المصلي برفع يديه عند كل تكبيرة، ويفصل بين التكبيرة والأخرى مدة مقدارها ثلاث تكبيرات، قد لا يقول فيها شيئًا، وإن رغب فقد يذكر الله، وبعدها يقرأ سورة الفاتحة، وبعدها سورة الأعلى على وجه الندب، أو أي سورة إن أراد، ثم يكبر للركوع، ويكمل صلاته بصورةٍ طبيعية، ويقوم بعدها للركعة الثانية، ويقوم فيها بالتكبير للصلاة، ويتبعها بثلاث تكبيراتٍ أيضًا كما في الركعة الأولى، ويكمل صلاته. أما صلاة العيد عند الشافعية: ويقوم فيها المصلي بالقيام بتكبيرة الإحرام، وتتبعها التكبيرات الأخرى، ولكن يختلف عددها عن عدد تكبيرات الأحناف، فعدد التكبيرات سبع تكبيرات، يفصل بين كل تكبيرة والأخرى مقدار آية، ثم يقرأ الفاتحة، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن، ويسن له أن يقرأ سورة الكافرون، أو الأعلى، أو ق، ثم يكمل صلاته، وفي الركعة الثانية يكبر خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام، ويسن له قراءة سورة القمر، أو سورة الإخلاص.

صلاة العيد عند الحنابلة، والمالكية

فـ صلاة العيد عند الحنابلة: فإنها تبدأ بالنية، ثم يكبر تكبيرة الإحرام، ثم التكبيرات الأخرى، وعددها عندهم ست تكبيرات، ثم يقرأ سورة الفاتحة، وبعدها سورة الأعلى، ثم يكمل صلاته في الركعة الأولى، وبعدها يقوم للركعة الثانية، ويكون فيها عدد التكبيرات خمسة، ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ سورة الغاشية، ثم يكمل صلاته. أما صلاة العيد عند المالكية: فهي تبدأ بتكبيرة الإحرام، ثم يكمل تكبيراته، وهي عندهم ست تكبيرات، ثم يقرأ سورة الفاتحة، ويتبعها بسورة الأعلى، ثم يكمل صلاته في الركعة الأولى، ثم يقوم للركعة الثانية، ويكون فيها خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام، ويقرأ الفاتحة، ويتبعها بقراءة سورة الشمس، ثم يكمل صلاته في الركعة الثانية.

ما يشترط لإقامة صلاة العيد

يشترط فيمن يقيمون صلاة العيد: الاستيطان، ومعناه أن يكون من المقيمين في بلد مكان الصلاة، فقد ورد أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن وافق العيد وقت حجته، ولم يُصل بالناس حينها.

سنن صلاة العيد

تبدأ سنن العيد بالتكبير، ويكون هذا من دخول ليلة العيد، ويحاول الأب تعويد أبنائه على صلاة العيد ، وعلى التكبير وهو ذاهب إلى مكان الصلاة، والتكبير الصحيح هو: الله أكبر (مرتان)، لا إله إلا الله، الله أكبر (مرتان)، والله الحمد، وما عدا ذلك مما تقوله بعض المساجد لم يرد عن الصحابة، كما أن هذا التكبير غير مقيد بالذهاب إلى المساجد، وأماكن الصلاة فقط، بل يُذكر في المنازل، والشوارع، والمحلات وغيرها، وقبل الخروج إلى الصلاة يغتسل المسلم غُسل العيد، فالغسل سنة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، كما أن عليه أن يحاول أن يرتدي أحسن ثوبٍ لديه، ولا يُشترط أن يكون جديدًا كي لا يشق على من لا يمتلك المال ليأتي به، حيث أن خروج المسلم في أبهى مظهرٍ لديه في هذا، لأن الله –تعالى- يريد أن يرى نعمته على العبد، لا أن يشق عليه. وعند الذهاب إلى الصلاة يستحب الذهاب من طريق، والعودة من طريق آخر. وصلاة العيد في جماعة أفضل بالطبع من صلاتها منفردًا كل في بيته، فالعيد أساسه التجمع، وملاقاة الأقارب، والأصحاب. كما أن اصطحاب الأسرة نساء وأطفال من الأمور المحببة في العيد، ولا استثناء للنساء اللاتي لا يستطعن الصلاة لعذرٍ شرعي، فمن الخير لهن أن يشهدن الصلاة، وجموع المسلمين المبهجة في هذا اليوم، لا أن تظل كل واحدةٍ في بيتها. وبعد الانتهاء من صلاة العيد ، يستحب بالطبع الاستماع إلى خطبة العيد، ثم تبادل التهنئة بالعيد، والدعوات، وملاقاة الناس بوجهٍ بشوش، يتناسب مع أجواء العيد. ومن المهم جدًا أن يحاول الأب أن ينشر البهجة في أسرته، قدر استطاعته، حتى يغرس في بينهم بهجة هذا اليوم، فينتظرونه بشوقٍ في كل عام.

من البدع، والمعاصي يوم العيد

هناك الكثير من البدع التي يفعلها الناس، دون أساسٍ ديني، ومنها تغير صيغة التكبير عن الصيغة الواردة عن الصحابة، أو زيارة القبور في هذا اليوم، وغيرها من الأمور التي لم ينص عليها الدين، كما أن البعض فهم التزين، والظهور في أجمل مظهرٍ بطريقةٍ خاطئة، فمثلًا نجد الفتيات ترتدين ما لا يلائم الذهاب إلى الصلاة، من تبرج، وزينة، وعباءاتٍ تصف الجسم، كما أن الشباب، لا يذهبون إلى مكان الصلاة للصلاة، بل لمضايقة الناس. فكثيرون يخشون الآن الذهاب للصلاة في بعض الأماكن، خوفًا من تلك الازدحامات، والمضايقات، فهو لم يعد مكانًا آمنًا، أو لا يمت لطاعة الله بصلة، وأيضًا وجود الكثير من الشباب الذين يتعمدون فعل المعاصي ليلة العيد، سواءً في عيد الفطر الذي يتبع شهر كريم، أو عيد الأضحى، وهو ما أتعجب له في الواقع، عافانا الله وإياكم.

إن العيد من النعم التي أنعمها الله علينا، فكأنه فاصل مبهج، يفصل بين مشقات الحياة، ليجعلنا نعاود العمل بعده بروح متجددة في كل شيء، حتى في إيمانياتها، فزيارة الأقارب، ورؤية الأحباب، وبهجة الثوب الجديد، فرصة، لا يتيحها إلا العيد. فالحمد لله!

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

تسعة عشر + عشرة =