تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » كيف يحدث سوء التفاهم بين الأحباء وكيف يمكننا تجنب ذلك؟

كيف يحدث سوء التفاهم بين الأحباء وكيف يمكننا تجنب ذلك؟

سوء التفاهم بين الأحباء تفرضه عدة أمور بعضها اجتماعية وبعضها شخصية ولا يمكننا إيقاف سوء التفاهم أبدا بين حبيبين ارتبط مصيرهما سويا ولكن على الأقل يمكننا تجنب الأسباب التي تؤدي إليه وإدراك سوء التفاهم ومحاولة حله سريعا وتفاديه لاحقا.

سوء التفاهم بين الأحباء

يحدث سوء التفاهم بين الأحباء بسبب وبغير سبب والأمور التي تفرضها علينا العلاقة من التزام وحب وتفهم ومودة أحيانا يخرج من بين ثناياها سوء التفاهم ما لم يكن هناك إدراك ووعي من كلا الطرفين بطبيعة العلاقة وبالتالي إيجاد صيغة مشتركة للتفاهم بينهما، ولا يعني ذلك أنهما لا يحبان بعضهما فهذا ليس له علاقة على الإطلاق بمقدار الحب بين طرفين العلاقة بل له علاقة بمقدار التفاهم وفهم كل طرف لطبيعة الآخر وطباعه والتعامل معه على أساس هذه الأمور ولو نظر كل شخص نظرة شمولية للموقف سيجد أن هناك وسيلة دائمة للتفاهم ولكن للأسف هذه النظرة الشمولية لا تحدث فمن الطبيعي أن يُفرز سوء التفاهم بين الأحباء وهو موضوعنا الذي سنتحدث عنه في الفقرات المختصرة التالية.

حدوث سوء التفاهم بين الأحباء

سوء التفاهم بين الأحباء حدوث سوء التفاهم بين الأحباء

قبل أن نبحث عن تجنب سوء التفاهم بين الأحباء يجب أن نبحث في أسبابه ونستقصي جذوه ونتطلع في عمق دوافعه، لا يمكننا كشط القشرة الخارجية دون الغوص في العمق والوقوف وراء المحرك الرئيسي لهذه الأزمة، لذلك سنتحدث عن أسباب حدوث سوء التفاهم بين الأحباء.

التصور المثالي عن سير العلاقة

يحدث سوء التفاهم بين الأحباء وتحدث الخلافات بشكل عام حين يدخل كل طرف العلاقة لديه نموذج مثالي في خياله حول كيف تسير العلاقات وبدون حتى أن يصرح به يتوقع بشكل يشبه التأكد أن يسير الطرف الآخر حسب هذا التصور المثالي في تخيله وكأنه برنامج أو تطبيق إلكتروني مبرمج بسكريبت معين، ويتناسى هذا الشخص أن هذا الطرف الآخر لديه أيضًا آراء وأفكار وتصورات ونموذجه المثالي الخاص به والذي يأمل أن يتحقق في هذه العلاقة أيضًا ومن هنا يحدث سوء التفاهم بين الأحباء حين يتعارض النموذجان بشكل يهدد خطرا على سير العلاقة لعدم قدرة الطرفين على التعامل مع الواقع بل إحالة كل الأمور لهذه الخيالات منعدمة المنطقية التي يحييان بها.

العناد والتصلب عند وجهات النظر

من أسوأ الأسباب حول سوء التفاهم بين الأحباء ووقوع الخلافات بينهما أنهما في الغالب يكونان على مستوى مرتفع من العناد والتصلب عند وجهات نظرهم دون التفكير سويا في إيجاد حل بل كل شخص يتوقع لمجرد أن الآخر يحبه سوف ينزل خانعا عند وجهة نظره هو مهما كانت تفتقر للمنطقية أو العقلانية بل على الدوام نجد أن كل منهما يتوقع من الآخر ذلك وينزعج حين يصطدم بوجهة نظر مغايرة، ما الحل؟ هل سيناقشان وجهات النظر المغايرة هذه؟ لا بل على العكس سيظل كلا منهما غارقا في جزيرته المنعزلة ويشتد الخلاف حتى يصل إلى شجار قد يهدد مستقبل العلاقة بل وحاضرها أيضًا، ألسنا نرى الآن إلى أين يوصلنا العناد والتصلب عند وجهات النظر؟ وكيف أن الأمر لا يقف أحيانا عند سوء التفاهم فحسب.

تسبيق سوء النية من أسباب حدوث سوء التفاهم بين الأحباء

لماذا قامت حبيبتك بالخروج مع الصديق الذي تكرهه؟ لن تفكر بالطبع أنه في أزمة ويحتاج إلى من يقف بجانبه وبصفتهما أصدقاء فلابد أن تفعل هذا، ولكن ستفكر أنها ستفعل هذا لإغاظتك وإثارة غيرتك والضرب بما تريد عرض الحائط، أنت لا تتفهم بالطبع أن هناك أمور تحدث لا لأنك تريدها أو لا تريدها، بل لأن السياق العام يفرضها علينا ولكنك ترى الأمور من جانبك فقط ولا تسبق سوى بسوء النية ويظل الأمر يتضخم في رأسك حتى تضخم صورة الشيطان الذي أصبح عليه الطرف الآخر وبالتالي يحدث سوء التفاهم بين الأحباء من مثل هذه الأمور، لا تستمع لمبرر الطرف الآخر وإن استمعت له لا تعتبره حتى مبررا قويا لذلك يحدث الخلاف، رغم أن الحب مبني على حسن النية والتسامح والثقة المطلقة.

تضمين خلافات سابقة

من الأشياء التي تعطي سوء التفاهم بين الاحباء الفرصة للانطلاق هو تضمين خلافات سابقة بينهما، يكون هناك نار تحت الرماد لم تخمد بعد ويظل الشخص يتحين الفرصة لحين وجودها فلا يكتفي بذكر الموقف سبب سوء التفاهم الحالي بل يمتد إلى خلافات أخرى سابقة أيضًا لكي تشتعل جذوتها من جديد وتشمل كافة الخلافات التي كانت تشكل يوما ما عائقا أمام تقدم العلاقة والسبب هو غياب الوضوح والصراحة والثقة بين الطرفين وللأسف هذا التصرف يعطي شعورا لدى الطرف الآخر بالتحفز منك وأنك تنتظر له أي خطأ لمحاسبته ومعاقبته حتى على خلافات مر عليها أزمة بعيدة.

تجنب سوء التفاهم بين الأحباء

والآن أتينا للجزء الأصعب وهو تجنب سوء التفاهم بين الأحباء خصوصًا أن إدراك الأسباب قد يكون سهلا بالنسبة لكيفية تجنب سوء التفاهم فإن استطعت إدراك أسباب سوء التفاهم فقد لا تستطيع بالضرورة منع حدوثه، لأن سوء التفاهم بين الأحباء قد يعني أحيانا عدم قدرة الطرف الآخر على إدراك نفس أسبابك ووجوده معك في نفس مستوى محاولة منعه بالتالي تستطيع إلى وقت طويل ومجهود شاق حتى تستطيع إفهام الطرف الآخر الأسباب من أجل تجنب حدوث سوء التفاهم في المرات القادمة.

العمل على تقريب وجهات النظر

دائما يكون العمل على تقريب وجهات النظر من أفضل الأشياء التي قد تمنحها للطرف الآخر في العلاقة وكما أسلفنا فإن حدوث سوء التفاهم بين الاحباء في أساسه يحدث بسبب تصلب كل شخص عند وجهة نظره وعدم التفاته لوجهة النظر الأخرى وانتظاره لنزول الطرف الآخر عند وجهة نظره هو دون اعتبار لأي رؤى أخرى بالتالي يحدث العناد ويزداد الخلاف ويشتعل الشجار لكن الذي يعمل على حل سوء التفاهم هو العمل على تقريب وجهات النظر، البحث عن نقاط الالتقاء، التقاط الأمور المشتركة والانطلاق منها نحو تحقيق أكبر مساحة من التفاهم والرؤية الموحدة، معالجة النقاط المختلفة بينكما بحيث لا تؤثر على سير العلاقة ولا تزعج الطرف الآخر، وهكذا يمكننا تجنب سوء التفاهم بين الاحباء والعمل على إنهاء أي خلاف بأسهل مما نتخيل لو فقط استطعنا النظر للأمر بعقل.

العمل على تهدئة الأمور وقت الخلاف

لا يمكن الاستجابة للغضب الذي يمتلكنا عند الخلاف والاستسلام للعناد الناتج عن الانزعاج لأن الطرف الآخر لا يتبنى وجهة نظره والتي يراها الصحيحة بالطبع أو لأنه يقوم بفعل الشيء الذي يغضبه وبالتالي من حقه أن يغضب بينما يرى الطرف الآخر أنه تصرف عادي وليس لك حق الغضب على الإطلاق وهنا يحدث سوء التفاهم بين الأحباء ويحدث الخلاف ومع مرات عديدة يحدث فيها هذا سيؤدي إن آجلا أو عاجلا إلى الانفصال إن شاء الله، لكن ما يمكننا فعله في هذه الحالة هو تفعيل المقياس لمقدار الغضب فلا يمكننا الجري في ماراثون الغضب حتى آخره، هناك نقطة معينة لا يجب فيها الاستمرار في الخلاف، بل تهدئة الأمور حتى ولو بإظهار موافقة مؤقتة على وجهة النظر الأخرى حتى تهدأ الأمور ثم تتناقشان ببساطة ويسر، وصدقني سوف تجد محاولات التهدئة هذه تقديرا عاليا من الطرف الآخر.

الثقة وحسن النية

الشك، سوء النية، الافتراء على الطرف الآخر، كل هذه الأمور لا تؤدي إلى سوء التفاهم بين الأحباء بل بتعجيل انتهاء العلاقة كلها لذلك الحب دائما مبني على الثقة، حسن النية، حسن الظن، التسامح المطلق، لا يمكننا الدخول في علاقة مع شخص دون أن يتوافر لدينا هذه المشاعر تجاهه، لأنه في حالة عدم وجودها ستكون الأمور كارثية على كافة المستويات، تخيل أن تعيش مع شخص تحصي عليه أنفاسه، تشعر أنه يفعل شيئا لا ترضى عنه، أو يفعل الأشياء لمجرد أنه يغضبك أو يضايقك، تشعر أنه لا يحبك، أنه يكذب عليك أو يحاول التلاعب بمشاعرك؟ أنه لا يقدرك حق تقديرك؟ كل هذه الوساوس ستحدث ما لم تكن العلاقة مبنية على أساس صلب من الثقة وحسن النية والتفاهم والتسامح، ما دون ذلك لن يكون لدينا سوى سوء التفاهم والشجار والخلافات الدائمة المرهقة المنهكة.

الاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنها يساعد على تقليل سوء التفاهم بين الأحباء

من الأشياء التي تجعلنا نتفادى سوء التفاهم بين الأحباء الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، دائما ما تفتح هذه الخصال الباب أمامك كي تنفذ إلى قلب من تحب خصوصًا وأنك لا تستجيب للعناد الذي يأكلك ويأكل شريك علاقتك بل تستطيع الاعتراف بخطئك وتعتذر عنه مما يعني تقدير لهذا الشريك وتفتح له المجال أيضا للاعتراف بخطئه، ونحن بالطبع لا ننشد علاقات بدون أخطاء لأن الأخطاء صفة أساسية قائمة موجودة بوجود البشر ومرهونة بحياتهم ولا يمكننا التخلي عنها ولكن وجود أجواء من التسامح والمحبة بين الأشخاص وبعضهم سيفتح المساحة لتلافي هذا الخطأ لاحقا لأن الجو المتوتر المشحون الذي يدقق على الأخطاء وينكل بقوة في حالة حدوثه هو الجو الأكثر عرضة لحدوث الأخطاء، بينما الجو السلس المسترخي يستطيع الإنسان التفكير فيه بموضوعية ويتلافى الأخطاء على الدوام.

تصفية الخلافات أولا بأول بدلا من تراكمها

الأهم من كل ذلك هو عدم إخفاء التراب أسفل السجادة أو قمع النيران بذر الرماد عليها ولكن إطفاءها وإغلاق الجروح أول بأول دون ترك الفرصة للخلافات التي لم تنتهي بعد أن تؤثر على المستقبل، بالتالي علينا تصفية الخلاف في وقته تماما وأن يقول كل شخص ما يريد فلو سلمنا بأن وجود علاقة بدون خلافات هذا أفضل بالطبع لكن هذه العلاقة مثالية وربما تكون غير موجودة على مر التاريخ، لذلك من الأفضل أن نتعامل بواقعية ونترك الخلافات تأخذ وقتها بالكامل بحيث نصفيها ولا يترك أحد في صدره أي غل أو مشاعر سلبية يقمعها الإنهاء المؤقت لهذه الخلافات مما يفتح الباب لوجود سوء التفاهم بين الأحباء على المدى الطويل.

سوء التفاهم بين الأحباء من الأمور التي من شأنها أن تنهي العلاقة في أسرع وقت وللأسف لن تنهيها ببساطة بل ستنهيها بخلافات وشجار كبير جدا وربما يكون انفجار لن تزول آثاره من على الطرفين بسهولة أو بمرور الوقت، لذلك فإن علينا أولا أن ندرك أسباب سوء التفاهم وفي حالة فهم أسبابه سنستطيع تجنبه أو على الأقل تقليص فرص احتمالية حدوثه.

محمد رشوان

أضف تعليق

ثمانية عشر − ثلاثة عشر =