تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » سماعات الطبيب : كيف تم اكتشاف سماعات الطبيب الشهيرة ؟

سماعات الطبيب : كيف تم اكتشاف سماعات الطبيب الشهيرة ؟

في العصر الحالي وحتى مع تطور وسائل الطب ما تزال سماعات الطبيب أشهر الأدوات المستخدمة من قبل الأطباء، نستعرض تاريخ سماعات الطبيب وكيفية اختراعها هنا.

سماعات الطبيب

سماعات الطبيب هذا الرمز البارز الذي يُميز الأطباء عن غيرهم وهي التي تظل ملازمة للطبيب أغلب الوقت يُعلقها كثيرًا على رقبته، ربما من الأفضل تسميتها “صديقة الطبيب”، وتجد الكثير من الأطفال يريدون أن يصيروا أطباءً ليمتلكوا واحدة مثلًا، لذا فإنك ربما ترى طفلًا صغيرًا يتصنع دور الطبيب، ويقوم بمحاولة سماع دقات قلب صديقه بسماعاتٍ مزيفة أهداها إليه والده، لا أدري ولكن بعيدًا عن الطب فإني أرى أنه من الممتع جدًا أن تسمع دقاتِ قلب أحدهم، فإن دقَّات القلب تُعطيك شعورًا بالحياة أكثر من السابق.

أصل اختراع سماعات الطبيب

ما هي سماعات الطبيب ؟ وما مكوِّناتها؟

سماعات الطبيب ، أو المسماع، أو قد تسمى الـ”ستيتوسكوب” وهي كلمة إغريقية الأصل، وهي تعني “جهاز مراقبة الصدر”، وهي جهاز طبي يستخدمه الطبيب كثيرًا، وتساعده في الكشف عن ما يعانيه المريض، أو مدى حالة المريض الصحية من خلال ما يسمعه من أصواتٍ داخلية عن طريق السماعات، تمكنه من تشخيص حالة المريض الصحية. وتوجد أنواع متعددة من سماعات الطبيب، فمنها الذي يعتمد على الطاقة الكهربائية، ولكن الأطباء يفضلون السماعات العادية، إذ يعتبرونها أكثر دقة. وتتكون سماعات الطبيب من عدَّة أجزاء متَّصلة مع بعضها، أول جزء هو “الجرس” أو “الطبلة” وهو عبارة عن جزء دائري مسطح، وهو الذي يقوم الطبيب بوضعه على صدر المريض ليتمكن من سماع الأصوات الداخلية، ومن ثم يقوم بالتشخيص بعد ذلك، والقطعة الثانية هي “الأنبوب”والذي يكون متصلًا بالطبلة أو الجرس، ويساعد في إيصال الصوت إلى الطبيب، ويكون ذا قطرٍ كبير حتى يساعد في سهولة إيصال الصوت، بحيث تعبر الاهتزازات الصوتية داخله بسهولة، والجزء الثالث وهو “الحامل المعدني” والذي يصل بين طرف الأنبوب، وسماعات الأذن، وهو عبارة عن جزء معدني قابل للثني، والجزء الأخير في سماعات الطبيب هو “سماعتا الأذن” التي تمكن الطبيب من سماع الصوت مباشرةً، تتصل كل واحدةٍ منهما بجزء متفرع من طرف الأنبوب.

من هو مخترع سماعات الطبيب ؟ وما هي قصة اكتشافها؟

في البداية كانت الطريقة لسماع الطبيب الأصوات الداخلية للقلب في المريض هي أن يقوم بالتنصت، بأن يضع أذنه على صدر المريض ليراقب الأصوات، وكان هذا إجراءً متبعًا منذ العهد القديم بالطب، أي منذ أبقراط، حتى جاء اليوم الذي أراد فيه الطبيب الفرنسي “رينيه ثيوفيل – هاسانث لينيك” أن يفحص فتاة متدينة، وكانت متعاني من مرضٍ في القلب، وعندما أراد أن يسمع نبضات قلب تلك الفتاة شعر بالحرج الشديد في أن يقوم بهذا الأمر، مما جعله لا يستطيع أن يشخص الحالة، وجعله ذلك يفكر في هذا الأمر جيدًا، وتوصل إلى أن المرء قد يستطيع سماع صوت خربشة الدبوس على لوحٍ خشبي إذا قام بوضع إذنه على الجهة الأخرى من اللوح، وقد جاءت إليه تلك الفكرة عندما تذكر الموقف الذي رآه من قبل، وهو أنه وجد طفلان يلعبان بلوحٍ خشبي طويل، وكان أحدهما على طرف اللوح ويقوم بإرسال إشاراتٍ صوتية إلى الآخر عن طرق حك الخشب بإبرة، وكان الطفل الآخر يستقبل تلك الإشارات ويسمعها، لأنه كان يضع أذنه على الطرف الآخر من اللوح، وبهذا توصل إلى أنه ربما يسمع صوت نبضاتها إن فعل شيئًا مماثلًا، فأخذ رزمة ورقية وقام بلفها على هيئة أسطوانة، ووضع أحد طرفيها على صدر الفتاة المريضة، والطرف الآخر على أذنه ليقوم بالسماع، وحينها قد تمكن من سماع صوت نبضات قلبها بوضوحٍ أكثر من الذي اعتاد عليه، وبهذا استطاع اكتشاف الفكرة الأولى للسماعات الطبية، وكان هذا في عام 1816م. ربما بإمكاننا وضع هنا الجملة الشهيرة وهي “الغاية أم الاختراع”، والتي جعلتنا نحظى باختراع لا يستطيع الطب والأطباء الاستغناء عنه اليوم.

التعديلات التي مرت بها سماعات الطبيب

قد كان الوصف الأول للجهاز في عام 1817م، ومن ثم فإنه قد أجرت العديد من التعديلات، فمثلًا في عام 1830م ظهرت بعض التعديلات من بينها إضافة قطعة عاج إلى الجزء الخاص بالأذن من قبل “بيير بيوري”، وظهر تعديل آخر قريبًا من هذا الوقت، حيث أن السماعات كانت بها قطعة خشبية تمثل الأنبوبة تشبه الخرطوم، لذا فقد تبدلت تلك القطعة الخشبية بآخر طري من المطاط ليصل بين طرفي السماعات، على الرغم من انتشار السماعات ذات الأنبوبة الخشبية لفترات طويلة، وكان هذا الاكتشاف من قبل الطبيب الأمريكي “جورج كامان” عام 1850م، ولقد تم استنتاج فيما بعد أن المطاط لم يكن على قدرٍ عالٍ من المتانة، لذا فقد تم إيقاف تصنيعه، واستبداله بموادٍ أخرى من المعادن منذ عام 1852م،  وكانت قد ظهرت فكرة وضع قطعتين سمعيتين لكلتا الأذنين، عوضًا عن قطعة واحدة في عام 1829م، ولكن تلك الفكرة لم تظهر عمليًا لتصبح قابلة للاستعمال إلا في عام 1851م، وقد تطورت أيضًا سماعات الطبيب في أوائل القرن العشرين من قبل “رابابور وسبراغ” حيث قام بتعديل على الجهاز ذو القمع المزدوج حيث جعل التغليف في جانب واحد فقط، وفي عام 1961م، قام الطبيب “ديفيد ليتمان” بتطوير السماعات إلى الشكل الذي نعهده اليوم، وهو الذي يكون فيه القمع قابلًا للتغيير، وقام أيضًا “جولدنج بيرد” باختراع نموذج آخر من سماعات الطبيب.

كيف تعمل سماعات الطبيب ؟ وما استخداماتها؟

لقد ذكرنا أن سماعات الطبيب تساعده على سماع الأصوات الداخلية من نبضات القلب، وبالتالي يتمكن من تشخيص حالة المريض، ويكون هذا عن طريق سماع الذبذبات الصوتية التي تلتقطها طبلة السماعة، والتي توصلها إلى أذن الطبيب ليستطيع بعد ذلك تشخيص حالة المريض، وتوجد السماعات التي تعتمد على الطاقة الكهربائية، حيث تحتوي على ميكروفون بإمكانه التقاط الذبذبات الصوتية التي يصدرها القلب، يقوم بتضخيمها ليسمعها الطبيب، ولكن هذا النوع من السماعات لا يفضله الأطباء كما يفضلون السماعات العادية، إذ لا يتميز هذا النوع بالدقة التي تتميز بها الأخرى. وسماعات الطبيب تستخدم في فحص القلب، حيث تراقب عمله، عن طريق دقاته وصماماته، بحيث أن الطبيب إذا سمع صوت أي رنين أو طنين فإن القلب ربما يعاني شيئًا يقوم الطبيب بتشخيصه، وأيضًا يساعد على تشخيص حالة التنفس والرئتين، عن طريق قياس دخول وخروج الهواء، وذلك بعمل شهيق وزفير، ليستطيع المقارنة بين الرئة السليمة والمريضة، وبهذا يستطيع تشخيص المرض الذي يعاني منه المريض، وشرايين الأوعية الدموية، والكشف عن أصوات الجنين عند فحص الدم، كما أن سماعات الطبيب تستخدم في أجهزة معرفة ضغط الدم، حيث يتمكن الطبيب من خلالها من معرفة حال نبضات القلب، ليستطيع عن طريقها تحديد معدل ضغط الدم.

هناك بعض الاختراعات العظيمة قد غيرت مسار الحياة تمامًا، وجعلت الأمور تبدو أكثر وضوحًا ودقة، وجعلت الأمور تسير بشكلٍ أسهل مما كانت عليه من قبل، وفي كلِّ اختراع جديد يظهر تتجلي عظمة الله –تعالي- في خلقه، ومما لا شك فيه أن سماعات الطبيب قد جعلت الكثير من الحرج يختفي، ربما ليس حرج الطبيب فقط أن يقوم بفحص المريض، بل حرج المريض أيضًا الذي قد يمنعه من الذهاب إلى الطبيب، ونحمد الله أن مثل هذه الاختراعات قد وجد طريقًا إلينا يومًا ما.

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

18 + 3 =