تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » موت وفجيعة » زيارة القبور في العيد : وفاء للراحلين أم استحضار للحزن؟

زيارة القبور في العيد : وفاء للراحلين أم استحضار للحزن؟

زيارة القبور في العيد من العادات المتوارثة في عدد من الدول العربية، ولا يكف الناس عن هذه العادة مهما كانت المحاولات لدحرها والحقيقة أن لها تفسيرات منطقية سليمة فما السر وراء زيارة القبور في العيد وما هي التفسيرات المختلفة لها؟

زيارة القبور في العيد

يلاحظ في بلداننا العربية زيارة القبور في العيد وهي ظاهرة تنتشر بغزارة في أكثر من بلد عربي مثل مصر ولبنان والعراق وغيرها، وعلى الرغم من الأصوات التي تتنادى بذم هذه العادة المتوارثة إلا أن الكثير من الأشخاص وخصوصا النساء يحرصن على زيارة القبور في الأعياد بشكل مستمر، في هذا المقال نناقش معكم أصل هذه العادة وكيف نشأت وما هو رأي الدين فيها، وما هي التفسيرات الاجتماعية لهذه العادة وهل هي تأكيد على الوفاء للراحلين ام أنها استحضار لحالة الحزن وإثارة الأشجان في اليوم المخصص للفرح؟

حكم زيارة القبور في العيد دينيا

اختلف العلماء في حكم زيارة القبور في العيد من الناحية الدينية فهناك من قال أنها مكروهة وتصل إلى الحرمانية وهناك من أفتى بأنها بدعة وأنها ليس لها أصل في الإسلام وبالتالي لا تجوز لأن العيد يوم فرح وابتهاج وليس له داعي استحضار الحزن في غير وقته، ولكن هناك رأي أفتى بأن زيارة القبور واجبة في كل وقت وأنه لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم تحريم زيارة القبور في العيد والأصل في الأشياء الإباحة ولكن ورد عنه (ص) أنه قال “زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة”، وبالتالي لا يوجد أي حرمة في حكم زيارة القبور في العيد دينيا.

تأكيد على الوفاء للراحلين

زيارة القبور في العيد تأكيد على الوفاء للراحلين

زيارة القبور في العيد ارتبطت بالوفاء للراحلين فالمعنى من وراء زيارة القبور يتعلق بتأكيد الأحياء على عدم استساغتهم الفرحة بدون الراحل خصوصًا لو توفي حديثا، ولا يصح أن نبالغ في الفرحة من أجل العيد وننسى الذين رحلوا وكانوا يشاركوننا هذه الفرحة في الأعوام السابقة بالتالي زيارة القبور في العيد لها قيمة رمزية وهي استحضار أرواح الراحلين معنا في أكثر الأيام المفرحة للأحياء.

عدم المبالغة في الفرحة

دائما ما يجد الإنسان نفسه يسعى إلى عدم المبالغة في الفرح خصوصًا وأن هناك خوف دائم من القدر والمصير الذي يتلمس طريقه خلفنا فيباغتنا في أشد لحظاتنا فرحا وسعادة، وبالتالي كانت زيارة القبور في الأعياد لسبب هام ألا وهو عدم المبالغة في الفرح وأن كل هذه اللحظات العظيمة من السعادة ستنتهي وتفنى وتزول.

التصدق من مال الله

ترجع فائدة زيارة القبور في العيد إلى مرمى بعيد ألا وهو التصدق من مال الله على الأشخاص الفقراء الذين يسكنون في القبور أو حولها والذين ينتظرون هذا اليوم بسبب الأطعمة التي يتم توزيعها عليهم والكعك وغيرها كما أن هناك العديد من الأسر تقوم بتوزيع النقود على هؤلاء الأشخاص بالتالي الأمر فيه جانب من جوانب الصدقة والتي لا يحب الناس قطعها عن أشخاص ينتظرون هذا اليوم من العام للعام.

تذكر من استشهدوا في سبيل القضية

تشيع ظاهرة زيارة القبور في العيد في غزة أيضًا وعدد من مدن فلسطين المحتلة وعادة ما نجد في كل بيت شهيد أخ أو قريب أو صديق أو جار وهب نفسه للقضية واستشهد في سبيلها، وفي زيارة القبور استحضارا لروحه والتأكيد على تذكره وكأنه يعيش بيننا، وهذه بالطبع من أسمى المعاني التي يقدمها الفلسطينيون لشهدائهم.

نكد في غير محله

زيارة القبور في العيد نكد في غير محله

أخيرا يقول الرأي الآخر أن زيارة القبور في العيد ليس لها أي أهمية أو فائدة سوى مزج الحزن بالفرح وإقامة أمر في غير مقامه وتقليب المواجع على الناس في يوم خصص من أجل الفرحة والابتهاج وإدخال السرور على القلب ولا ينبغي أن نفسده بزيارة تجلب للنفس الحزن والشجون بهذا الشكل.

زيارة القبور في العيد من الأمور التي تكشف ثقافة المنطقة العربية وارتباطهم الشديد بالأشخاص سواء كانوا أحياء أم أموات وتأكيدا على إحيائهم في أذهانهم وذاكرتهم باستمرار حتى أنهم يذهبون إليهم يشاركونهم أجواء اليوم الذي شرع خصيصا من أجل الفرح والسرور.

محمد رشوان