تسعة
الرئيسية » سفر » دولة الفاتيكان : لماذا تعتبر الفاتيكان من أغرب الدول في العالم ؟

دولة الفاتيكان : لماذا تعتبر الفاتيكان من أغرب الدول في العالم ؟

تعتبر دولة الفاتيكان دولة كاملة السيادة، إلا أنها في الحقيقة تقع داخل مدينة روما! نتعرف على بضعة حقائق مثيرة عن دولة الفاتيكان هنا.

دولة الفاتيكان

بلا أدنى شك، يُمكن اعتبار أي رحلة إلى دولة الفاتيكان بمثابة عشر رحلات إلى عشر بلادٍ أخرى، وذلك لما تتميز به هذه البلد من مقومات جعلت السفر إليها أشبه بمعجزة، كيف لا والبلد نفسها تُعد معجزة صغيرة، ظهرت للعالم مطلع القرن العشرين، وتم معاملتها بأكملها على أنها مكان سياحي، يهرول إليه السياح من كل فج، لذلك كانت الفاتيكان أول خيار لدى مُريدي التميز والتجديد، حيث البلد والمعجزة في نفس الوقت، وأُولى هذه المعجزات هي الاختلاف حول ماهية هذه البلد، وهل هي دولة أو مدينة؟

دولة الفاتيكان : ملف كامل عن أسرارها

الفاتيكان : دولة أم مدينة؟

تُعد مدينة الفاتيكان المعروفة دوليًا باسم دولة الفاتيكان واحدة من مُعجزات هذا العالم المُحيرّ، وذلك لما تمتلكه من مقومات ومؤهلات غريبة جعلت منها دولة يُعترف بها رسميًا وتحرص أكثر من 178 دولة على إقامة سفارات بها وتبادل الزيارات والعلاقات المشتركة معها، في الوقت الذي تسعى فيها دولة كبيرة غير مُعترف بها مثل فلسطين إلى الاعتراف بها دوليًا، رغم أنها تمتلك أضعاف أضعاف ما تملكه الفاتيكان والتي مرّ على تأسيسها ما يقترب من قرن، قرن كامل ومازال العالم يسأل، كيف ومتى ظهرت الفاتيكان؟

كيف ظهرت دولة الفاتيكان ؟

من يُصدق أن دولة الفاتيكان عبارة عن دولة داخل دولة؟، أجل فالفاتيكان بالأصل جزء من دولة إيطاليا تقع داخل حدود عاصمتها روما، أي أن الفاتيكان بالمثل تتبع قارة أوربا، بل وتمتلك مقاعد في كافة المجالس الدولية مثلها مثل باقي الدول التي يمتد تاريخها لألاف السنين.

الفاتيكان الجديدة

الفاتيكان بالشكل الحالي لم تكن موجودة قبل عام 1929، تحديدًا قبل عقد اتفاقية لاتران الثلاثية والتي أفيمت في قصر لاتران بين الحكومة الإيطالية المُتمثلة في موسوليني وممثل الكنيسة البابا بيوس، ونصت هذه الاتفاقية على أن يكون الحكم في الفاتيكان حُكمًا بابوبيًا، يتبع باب الكنيسة كمنصب شرفي، ويقوم بابا الكنيسة بتعيين رئيس لمجلس الوزراء لإدارة شئون البلاد، تلك البلاد التي يُمكن أن تجتمع بأكملها في قاعة واحدة في وقت أقل من عشرة دقائق.

مساحة دولة الفاتيكان

الفاتيكان دولة -كما يقول العالم- لا تتجاوز مساحتها 0،44 كيلو متر مربع!، وربما يكون من المُدهش أن تتم مُعاملة مدينة صغيرة بهذا الحجم معاملة دولة عادية، لكن الأكثر إدهاشًا هو عدد سكان هذه المدينة المُسماة دولة، حيثُ يأمل سكان هذه الدولة أن يرتفع عددهم قبل عام 2020 إلى ألف نسمة! أجل كما سمعتم، هذه الدولة لا تتخطى حاليًا ال 800 نسمة، أي أنها أصغر بكثير من عائلة واحدة في حي شعبي فقير قد تجتمع كلها على طاولة واحدة لتناول وجبة العشاء معًا!

أمور تُشجع على زيارة الفاتيكان

  • الفاتيكان بأكملها تُعتبر تُحفة أثرية كما اعتبرها اليونسكو، أي أن السياح غير مجبورين على البحث في الفاتيكان عن مناطق أثرية، بل إن وجودهم في هذه الدولة يُعد في حد ذاته جولة سياحية، رغم أن المعالم داخل هذه الدولة لا تتعد الكنيستين الموجودتين فيها، لذلك يتم اعتبار المطبعة والمدرسة والمسجد هناك مَعلمًا سياحيًا.
  • قام المؤلف الفرنسي شارل غونو بتأليف نشيد وطني لهذه الدولة في منتصف القرن التاسع عشر كهدية للبابا، لكن هذا النشيد لا يتم استخدامه في المحافل الرياضية وذلك لعدم تواجد محافل رياضية في الأساس، فلا وجود لدوري كرة قدم وبالتالي لا وجود لما يُسمى ب “منتخب الفاتيكان”، لكن يتم تعويض ذلك بإقامة مباراة كل أسبوع يحضرها كل سكان الدولة، ليصبح الأمر أشبه بمعجزة، فمن المستحيل حضور جميع سكان أي دولة في العالم – عدا الفاتيكان- مرة واحدة في ملعب واحدة، ومن هنا تأخذ الفاتيكان تفرّدها.
  • في الفاتيكان أيضًا لا توجد مطارات أو موانئ، وثمة وجود طفيف للقطارات، كذلك يندر وجود المحلات التجارية لقلة سكان الدولة وعدم الحاجة إلى ذلك، بل إن البعض يذهب إلى روما خصيصًا لشراء احتياجاته، وهذا رسميًا يُعد سفرًا من دولة إلى أخرى، لكن الأمر برمته في الحقيقة لا يأخذ أكثر من نصف ساعة.
  • رغم عدد سكان الفاتيكان الداعي للسخرية ثمة قوانين حازمة تمنع من إعطاء الجنسية الفاتيكانية لأي فرد من خارج البلاد إلا بعد أن يجتاز العديد من الاختبارات، وهذا في حد ذاته يُعتبر أمر داعي للدهشة، حيثُ أنه من الطبيعي أن تجتذب الفاتيكان المواطنين من كل حدبٍ وصوب لزيادة عدد سُكانها، بل وتُسهل من عملية الحصول على جنسيتها، لا أن يتم معالجة الأمر بهذه الطريقة التي تفتح الباب للقول بأن الفاتيكان لا ترغب في زيادة عدد سُكانها حتى تظل معجزة العالم وتُحفته إلى أمدٍ طويل، وهو تبريرٌ منطقي وجائز.
  • الاستيلاء على الحكم في هذه البلاد قد يحدث بسكينٍ صغير يحمله القائم بالانقلاب، لكن هذا القول لا يستند على دعامة حقيقية ولا يُمكن القول به لأنه وببساطة لا يوجد عقل قد يُفكر في الاستيلاء على الحكم في دولة ليس فيها سوى كنيسة وبعض المحلات التجارية، حتى إن الاجتماعات والمشاورات والأشياء التي تخص دولة الفاتيكان تحدث جميعها داخل الكنيسة أو في منزل البابا.

مُعجزات صغيرة داخل الفاتيكان

في الفاتيكان لا صوت لبكاء الأطفال، في الفاتيكان أصلًا لا توجد أطفال، ويرجع ذلك إلى عدد الدولة الكُلي والذي لا يتجاوز الألف نسمة حاليًا، السدس تقريبًا يعمل كحرس للبابوبية، والربع من السفارات والمؤسسات الخارجية الموجودة داخل الفاتيكان، فيتبقى ما يزيد عن النصف بقليل، وبما أن أغلب النساء تهب نفسها للكنيسة تندر حالات الزواج وبالتالي تندر كذلك حالات الولادة، حتى عندما يُولد طفل في مكان ما في الفاتيكان يُبادر أهله في تسجيله تبعًا للحكومة الإيطالية، لما تتمتع به الجنسية الإيطالية من مميزات، بل إن الطريف في الأمر أن المرأة الفاتيكانية قد يُراودها المخاض في لفاتيكان في تمام التاسعة وتتمكن من الولادة في إيطاليا قبل حلول التاسعة والنصف، نظرًا لقُرب المسافة بين الفاتيكان وروما، نصف ساعة تقريبًا، وبالطبع لا وجود للتأشيرات بين البلدين.

في الفاتيكان أيضًا لا وجود لقنوات فضائية رسمية تابعة للدولة أو خاصة، كما لا توجد محطات إذاعية أو راديو، حيثُ تُعقد اجتماعات في الكنيسة يحضر فيها جميع سكان الدولة، ويتم بها إلقاء الخطابات وإعلان القرارات وتنفيذ العقوبات، وقد ألغت دولة الفاتيكان عقوبة الإعدام لسبب طريف جدًا وهو عدم وجود شخص قادر على تنفيذ هذه العقوبة!

في الفاتيكان عامةً لا يوجد جيش حربي أو قوات بحرية، لسبب طريف أخر وهو أن أي عدد سيتم تجنيده داخل هذه الدولة سيُصبح أكثر بكثير من العدد المسموح به في الجيوش، فجيش الفاتيكان إذا كان 500 فرد سيُصبح أكثر من نصف الدولة، لذلك لا يتواجد سوى قسم شرطة واحد مُكون من عشرة أفراد يقوم بتأمين المُمتلكات العامة وتنظيم حركة المرور، ومعاقبة المُذنبين الذين لا تخرج جرائمهم عن مُضايقة السياح.

وبكل ما سبق تصبح زيارة الفاتيكان أمر صحي، يجعلك تتعرف على الجانب الأخر من هذا العالم المليء بالمعجزات، وكما يُقال، من لم يرى الفاتيكان أو يسمع بها فهو لم يبدأ في الألفية الثالثة بعد.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثمانية + اثنا عشر =