تسعة
الرئيسية » الحيوانات » حروب الحشرات : كيف تحارب الحشرات بعضها بدون أي رحمة؟

حروب الحشرات : كيف تحارب الحشرات بعضها بدون أي رحمة؟

مخطئ من يظن أن الحشرات هي كائنات وديعة ومسالمة، حروب الحشرات تحدث على الدوام، وتستخدم الكثير من الحشرات أساليب شديدة الوحشية في حروبها الدائمة كما سنرى.

حروب الحشرات

قد تظن أن عالم الحشرات الصغيرة يعم بالهدوء والطمأنينة، بعيداً عن الحروب والصراعات في عالم الحيوانات الأعلى، إذاً أنت لا تعرف شيئاً عن حروب الحشرات . إنها حروب شرسة لا رحمة فيها، وتترك ألاف القتلى خلفها. حروب الحشرات يتم استخدام الكثير من الأسلحة فيها، بل وأسلحة خطيرة جداً، ومن كل الأنواع. فمنها الأسلحة الكيماوية، وأحياناً باستخدام قوة الجسد، وفي كل الأحوال هي أسلحة مدمرة وفتاكة. تعرف أكثر عن حروب الحشرات وأسلحتهم في هذا المقال.

حروب الحشرات وانعدام الرحمة بين الكائنات الصغيرة فيها

فصيلة الحشرات الرضوفيات

تلك الفصيلة تمتلك 7000 نوع، وكلهم مسلحين بقوة من ذوي نصفيات الأجنحة. هذه الحشرات متمرسة في فنون حروب الحشرات، لأنها تعيش على القتل ومص محتويات الحشرات الخاسرة لتغذي نفسها. لديها خرطوم في فمها وهو السلاح الأقوى في حربها. هو خرطوم متخصص في طعن العدو، وطعنة واحدة كفيلة بقتل الحشرة بمفردها. إلا إنها تمتلك سلاح أخر خطير، فبعد الطعنة يفرز ذلك الخرطوم بداخل الحشرة لعاب سام جداً. هذا اللعاب يحتوي على أنزيمات تتخصص في تحليل كل أعضاء الحشرة. وعلى الفور تصبح مثل الشوربة الغنية والدسمة، وسهلة الامتصاص.

فن نصب الفخاخ في حروب الحشرات

الحشرات من فصيلة ليث عفرين لديهم طريقة مميزة لنصب الفخاخ، خاصة الحشرات التي لم تكتمل بعد في النمو، كفن من فنون حروب الحشرات الاستراتيجية. فهي تندس في الأرض، لتصنع حفرة مخروطية الشكل. وعندما تسقط فيها النملة أو أي حشرة أخرى، تنقض عليها فوراً وتجرها إلى التراب. وهي تمتلك فك قوي مزود بغدد سامة جداً، حتى تتمكن من أكل الفريسة بدون أي مقاومة إضافية وبشهية كبيرة جداً.

حربة يرقات اليعسوب

يرقات اليعسوب لا تمتلك مهارة الطيران مثل الحشرات الناضجة. وكبديل تعتمد على فنها في الفوز بحروب الحشرات لتأكل. فهي تعيش في الماء حتى تأكل صغار الضفادع أو الأسماك أو الحشرات التي قد تصل لها. هي هادئة جداً في حركتها، وتقترب كالصغيرة البريئة من الفريسة. وعند الوقت المناسب تطلق فكها السفلي بقوة نحوها، وهو قوي جداً وينطلق بسرعة كبيرة جداً. في نهاية الفك يوجد خطافين حادين مثل الرمح، ومهمتهما تثبيت الفريسة حتى لا تتحرك وتموت. بعد ذلك الانتصار تعود لتأكل الفريسة بكل هدوء.

القذائف الكيميائية

الخنفساء القاذفة هي فصيلة من فصائل الخنافس، وهي الحشرة الوحيدة بهذا العالم الذي تستطيع إنتاج مواد كيميائية متفجرة عند الإحساس بالخطر أو الدخول في حروب الحشرات. هذه الفصيلة يندرج تحتها 500 نوع، وكل الأنواع تتمكن من إبقاء من تريده بعيداً بقذائفها المتفجرة. تلك المواد الكيميائية المتفجرة تتكون من هيدرو كينون وهيدروجينيات البيروكسيد. تلك المادتان يتم إنتاجهم من خلال غدتين مختلفتين متواجدتين في مؤخرة الحشرة. بعد ذلك تنتقل تلك المواد إلى غرفة واحدة ليتم خلطهم عند مؤخرة الحشرة كذلك. في تلك الغرفة يوجد أنزيم يعمل على رفع درجة الحرارة إلى درجة الغليان مرة واحدة في أجزاء من الثانية. درجة الحرارة العالية تسبب ضغط عالي في الغرفة، والتي تمتلك فتحة صغيرة في الأعلى. مع الحرارة والضغط العالي تصبح الغرفة مثل الإسبراي، لينطلق منها رذاذ كيميائي حامضي شديد السمية ويغلي. تلك العملية لا تستهلك سوى أجزاء من الثانية، فتكون الحشرة قادرة على إطلاق 500 قذيفة في كل ثانية، لتبدو وكأنها صنبور من القذائف الكيميائية المتفجرة التي لا ينتهي. كما أنها لديها القدرة على التحكم وتحديد اتجاه انطلاق القذيفة، لأنها تمتلك القدرة بتحريك وتوجيه فتحة الغرفة التي تخرج منها القذائف. هي أفضل من الأسلحة البشرية في دقة توجيه الصواريخ الخاصة بها.

حشرة الألف قدم

الكثير من الحشرات تستطيع إطلاق المواد الكيميائية الحامضية الحارقة، والتي تمتلك روائح كريهة جداً، وسامة جداً، ولكن لا تستطيع أي حشرة أن تنافس حشرة الألف قدم. تلك الحشرة بطيئة جداً فلو وجدت نفسها تدخل حرب من حروب الحشرات الكثيرة، ستكون السموم أفضل دفاع للبقاء على قيد الحياة. هي تمتلك غدد كثيرة، ففي كل حلقة من جسمها تمتلك غدتين. وعند الخطر تفرز الغدد سائل أزرق اللون شديد الحامضية ويمتلك رائحة كريهة جداً. مهما كان المفترس جائع ويبحث عن أي طعام، سينفر من الحشرة ويبتعد عنها، وقد يتقيأ إذا ابتلعها.

فن الروائح الكريهة

هو فن من فنون حروب الحشرات مشهور جداً، من الواضح أن حشرات أخرى تمتلك القدرة على إبعاد العدو من خلال روائح منفرة تطلقها. واحدة من تلك الحشرات هي الجراد من نوع “Phymateus morbillosus” والتي تنفث بعض الهواء عند الشعور بالخطر. ذلك الهواء يمر من خلال إفرازات لغدتين تمتلكهما، وعند المرور ينتج رغوة من المواد الكيميائية كريهة الرائحة. فيبتعد مصدر الخطر حتى لو كان إنساناً، رغم أن الإنسان يتملك حاسة شم ضعيفة مقارنة بباقي الكائنات الحية.

نوع أخر من الخنافس يسمى الدعسوقة، وهي خنفساء منقطة. تفرز مواد كريهة عن طريق ما يسمى “بالإفراز العكسي”. عند الوقوع في فم المفترش وكوسيلة أخيرة لإنقاذ نفسها، تفرز من سيقانها مادة برتقالية أو صفراء اللون. تلك القطرات لها رائحة وطعم كريه جداً، بحيث يجبر العدو على تلفظ الخنفساء.

الصيد بالشباك

ذلك الفن لم تتعلمه سوى حشرة واحدة تعيش في نيوزيلندا تسمى Onychophora. فهي لا تطلق الغارات أو المتفجرات، بل تصطاد غذائها أو تدافع عن نفسها من خلال الشباك التي تغزلها. تلك الشباك من الخيوط الطويلة واللزجة تطلقها من فمها، لا بغرض موت الضحية، بل بغرض شلل حركتها وإعاقتها. ثم يتاح لها الفرصة للتقرب وأكل الحشرة المشلولة التي لا حول لها ولا قوة.

التعاون الجماعي

النمل يعطي لنا أمثلة في التعاون الجماعي الذي لا مثيل له في العالم كله. وهو حلهم الأول عند الدخول في حروب الحشرات، وفي تعاونهم وكثرتهم يتمكنون من القضاء على أعتى التهديدات الخطيرة. فنجد على سبيل المثال: النمل المحارب، هذه المجموعة من النمل تتنقل بكثرة من مكان لأخر كجماعة. وفي طريقها قد تحتاج إلى عبور معبر مائي، رغم أنها لا تمتلك قائد أو مخطط عسكري إلا إنها تتآلف وكأنهم مهندسين ماهرين. وفوراً يصنعون جسراً من أجسادهم الخاصة ويرتبطون ببعضهم البعض، حتى تعبر باقي المجموعة فوقهم إلى الضفة الأخرى.

فئة أخرى من النمل يأتي ودورها وقت الحاجة إلى أخذ استراحة في الطريق، فترتبط مع بعضها لخلق غرفة كروية الشكل لتنام المجموعة بداخلها. ويخفون أنفسهم بين الأشجار. أما النمل من نوع Myrmicinae، فلديه القدرة على الطفو فوق الماء. فيشكلون قوارب ينتقل عليها الباقيين مع البيوض واليرقات إلى بر الأمان.

الضحية من أجل حياة الجماعة

أغلب الكائنات التي تعيش في جماعات تمتلك مبدأ الانتحار في سبيل حياة الجماعة إذا تعرضوا لهجوم كبير. ويقوم أغلب الأفراد عاقرين ويمكنهم الضحية بدون خسائر كبيرة. إلا إن أصعب طرق التضحية نجدها عند النملة الماليزية المسمى “Camponotus saundersi”. تلك النملة تقفز بنفسها على المعتدي ثم تنفجر، قاتلة المعتدي مع نفسها. بسبب ما تمتلكه من غدتين تجعل الجسم كله يتوسع حتى ينفجر، قاذفاً معه سائل حامضي لزج وحارق، يميت المعتدي.

بالنهاية عزيزي القارئ، تمتلك حروب الحشرات فنون غريبة وأسلحة قوية، يظل العلم ينبهر يومياً عندما يكتشفها.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

5 × واحد =