هل من الممكن تعزيز تقدير الذات عن طريق الألعاب؟ خلفت الثورة الرقمية الكثير في حياتنا ولا تزال، وأصبح المرء في غنى عن الوقت الذي يقضيه في المكتبة، أو الجامعة، أو عيادة الطبيب، وغيره؛ لأنه صار بوسعه أن يفعل كل شئ من موقعه من خلال مجموعة برمجيات بمحركات بحث وثورة معلوماتية ضخمة، تغنيه عن تشتيت وقته ومجهوده. وفي قسم علم النفس بجامعة ميجل بكندا أصبح تعزيز تقدير الذات ، وغيرها من المفاهيم التي تكتسب عن طريق عيادة طبيب نفسي أو معالج، أصبحت متاحة عبر مجموعة من ألعاب الكمبيوتر. ونحاول هنا أن نرصد ماهية تلك الألعاب وغرضها، وكيفية التعامل معها وتحقيق أكبر فائدة مرجوة منها.
استكشف هذه المقالة
ما هي ألعاب تعزيز تقدير الذات ؟
كان الشاغل الرئيسي للفريق البحثي بقسم علم النفس في جامعة ميجل بكندا، هو تطوير مجموعة من ألعاب الكمبيوتر لتساعد الناس على تقبل أنفسهم واحترام ذواتهم و تعزيز تقدير الذات لديهم . وتم بالفعل تطوير ثلاث ألعاب بواسطة فريق البحث وهو عبارة عن مجموعة من طلبة درجة الدكتوراه بقسم علم النفس. وتم إدراج الألعاب بالتوالي في المجلات والدوريات العلمية للجامعة.
ما هي أسباب فقدان الثقة بالذات؟
راقب الباحثون أن من أهم الأسباب التي تفقد المرء ثقته بنفسه، هو كونه شخص يهتم بظهوره وأداءه ويكون وجهة نظر ما عن نفسه ويخشى أن لا يتم قبوله بين أقرانه ومجتمعه. بينما يتمتع نقيضهم من البشر، بفكرة عامة عن أنفسهم والمجتمع، لا يتم طرقها من قبل تفكيرهم كثيرًا ويتمتعوا بالقدر الكافي من الثقة بالنفس وتقدير الذات بمعزل عن قلقهم من رأي المجتمع فيهم. كما أن الأشخاص فاقدي تقدير ذواتهم، يجنح تفكيرهم دومًا للتركيز على الإخفاقات، الرفض، رغبة المجتمع عنهم، ولا يعطون أنفسهم مساحة كافية للتفكير في الإيجابيات والقبول الذي يلاقونه في حياتهم، والذي بدوره سيقوم بـ تعزيز تقدير الذات لديهم، في حالة اعطوه المساحة الكافية من التفكير.
كيف نشأت ألعاب تعزيز تقدير الذات ؟
من هنا كان مدخل فريق البحث، وهو مساعدة هؤلاء الأشخاص فاقدي تقدير الذات من خلال آلية واضحة. وهي؛ أن هؤلاء الأشخاص بحاجة لتكييف عقولهم على الملاحظة الدائمة للشق الإيجابي في حياتهم، وتعلم تقبلهم لذواتهم. ولذا كان الهدف محدد وهو ابتكار طريق عملية تساعد هؤلاء الأشخاص على تقبل أنفسهم وتفعيل إحساسهم بالأمان والقبول. وكان النتاج النهائي هو ألعاب كمبيوتر تساهم في تعزيز تقدير الذات .
كيف تساهم هذه الألعاب في تعزيز تقدير الذات ؟
نتكلم هنا عن تلكم الألعاب الثلاث وكيف وضع فيها مصمميها خبراتهم ومعلوماتهم عن سيكولوجية البشر، لمواجهة مخاوفهم وتعزيز طرق تقدير ذواتهم من خلال هذه الألعاب. يعتمد الأمر في الأساس على التكرار كما يقول “بودوين” أحد الباحثين. فكما يعتمد الرياضي على الممارسة لتحسين قدراته المهارية، فالأمر هنا مشابه لذلك ويعتمد على الممارسة أيضًا؛ من خلال تعود على ممارسة طريقة إيجابية في التفكير يتم التعود عليها من خلال اللعب حتى تصبح تلقائية في نسق تفكير هذا الشخص الذي يأمل في تعزيز تقدير الذات لديه. ومن خلال التعود وتكرار الألعاب مرات كثيرة يصبح اللاعب قادر على التفكير أوتوماتيكيًا في ردات فعل إيجابية وطرق للتفكير أكثر إشراقًا وتقبلًا للحياة وللذات.
ما الذي تقدمه كل لعبة على حدة؟
كل لعبة تقوم بمهمة محددة تساهم في إكساب اللاعب مهارات معينة وطرق تفكير مختلفة. في لعبة المصفوفات، يقوم اللاعب باختيار الوجه المبتسم من ضمن قائمة لوجوه ممتعضة، وتتكرر القوائم كثيرًا. الفكرة من وراء ذلك أنه ومع تكرار اللعبة ستساعد المرء في أن يكون أكثر ملاحظة واهتمام بالجانب المشرق والإيجابي في الحياة، وعلى استقبال ردود الفعل الإيجابية والتركيز عليها. في اللعبة الثانية “وام” يقوم اللاعب بتسجيل أسمه وتاريخ ميلاده ويقوم في اللعبة بالنقر على أي خانة تظهر فيها بياناته فيظهر له وجه مبتسم. واضح هنا أن المصممون يريدون تعزيز تقدير الذات لدى اللاعب من خلال إشعاره بأنه يتم تقبله والتبسم له من أشخاص كثيرين، مما ينمي لديه استيعابه بإيجابيات الحياة، وشعوره بالتقبل بين الناس. وفي اللعبة الثالثة يتم الدمج بين الأولى والثانية عن طريق تغذية الجانب الإيجابي لذات اللاعب من خلال استقباله لمعلومات إيجابية ونقيضها. مما يساعد في جعله يتعامل بشكل أفضل مع البشر ويقوم بـ تعزيز تقدير الذات لديه.
طرق تعزيز تقدير الذات
كما أسلفنا من قبل فإن سبل تعزيز تقدير الذات تتمحور في تغيير نمط التفكير لدى الشخص المعني، واستبداله بطرق أخرى أكثر إيجابية، وتركيزًا على الأفضل والإيجابي. وتعد هذه الألعاب خطوة هامة في تحوير هذا النمط من التفكير. الأمر يعتمد بشكل كبير على التكرار والتدريب المستمر، الذي اثبت معه الباحثون أنه كفء وساعد أشخاص يعانون من تقزيم أنفسهم، في تعزيز تقدير الذات لديهم.
هل تعمل هذه الألعاب بكفاءة؟
اجتمع كثير من الباحثين لمراقبة تأثير تلك الألعاب على نمط تفكير الأشخاص وقدرتها على تحسين أدائهم، والنتائج كانت مذهلة، جرى اختبار تحليلي لمجموعة من الأشخاص وتم رصد النتائج، بعد عشرة دقائق من لعب هؤلاء الأشخاص للعبة “وام” تم إعادة الاختبارات والنتائج شهدت تغير ملحوظ يوضح اختلاف طرق تفكيرهم وتحسنها نحو طريقة تفكير أكثر إيجابية، تعكس تقبلهم لأشخاصهم والعالم. كما جرت دراسات أيضًا على أكثر من ستين شخص، وتم رصد اختلاف طرق تفكيرهم بعد عدة دقائق على لعبة أخرى، وعكست إجاباتهم، مقدرتهم الناجحة على تجنب الرفض وعدم التفكير فيه، والتركيز على كل ما يشكل دعم لـ تعزيز تقدير الذات لديهم .
هل تكون هذه الألعاب كافية للتغلب على سوء تقدير الذات؟
بالرغم من الدراسات التي أجريت في البداية حتى تعمل هذه الألعاب بكفاءة وتقوم بأداء دورها في تعزيز تقدير الذات على أكمل وجه، وبالرغم من مستوى كفائتها الذي أثبتته التجربة، إلا أن سوء تقدير الذات والتقليل الدائم من وضع الذات يعتبر مشكلة كبيرة تواجه أشخاص كثيرين. وليست الألعاب هذه وحدها الحل الكافي للتغلب التام على تلك المشكلة. وللتأكد من تعزيز تقدير الذات يجب أن يذهب الشخص المعني إلى أحد المتخصصين، ليضمن وسائل علاجية ناجعة بالإضافة إلى التمرن الدائم على مثل هذه الألعاب.
كيفية التغلب على سوء تقدير الذات
بالإضافة إلى ما تقدمه هذه الألعاب من قدرة على التعامل بشكل أفضل مع الأمور، وبشكل إيجابي مع الحياة، ومع وجود طبيب نفسي يساعد المريض على تخطي الأفكار السلبية لديه، يصبح من الأساسي لضمان العلاج أن يقوم الشخص نفسه بخطوات حقيقية تشعره بتحسن ما يظهر، وتجبره على التخلي عن طرق الحياة السيئة القديمة. فالمشترك لدي العديد من الذين يفتقدون لتقدير الذات، هو أنهم يميلون لتجنب أي خسارات، على حساب جني المكاسب. لذا وجب البحث عن طرق ينخرط فيها ويتعامل بها مع الناس. يجب أن يمتلك الشجاعة الكافية لتوسيع دائرة معارفه وتكوين أصدقاء جدد، حتى يتغلب على مخاوفه ويستطيع أن يجد سبله في تعزيز تقدير الذات .
أضف تعليق